شبكة ذي قار
عـاجـل










شهدت الصحافة العراقية تحولات مهمة في مهنة الصحافة بعد الغزو الامريكي للعراق ففي الوقت الذي كانت عليه الصحافة قبل الاحتلال متمثلة بعدد قليل من الصحف يعمل فيها صحفيون أكاديميون و مهنيون يعرفون تماما واجباتهم التي كان البعض لا يؤديها بما يجب نظرا لاختلاف الظروف السياسية و الامنية التي عاشها العراق العقدين الاخيرين من القرن الماضي ، إلا أن عظمهم كان يعرفها و قد درسها في الجامعات العراقية المختلفة و منها كلية الاداب العريقة التابعة لجامعة بغداد و الكليات الاخرى التابعة للجامعات العراقية و التي كانت تخرج سنويا العشرات من الصحفيين و الذين أصبح البعض منهم مدارس صحفية يفخر بهم شعبنا العزيز و البعض الآخر تعلمها عن طريق الموهبة و الممارسة لسنوات طويلة.


لكن هذه المهنة التي يجب أن تكون السلطة الرابعة قد ألتحق بركبها بعد الاحتلال كل من هب و دب و رأينا بسبب الكم الهائل من الصحف التي صدرت و التي تزداد يوما بعد يوم مما أدى الى تردي المهنة الصحفية بشكل كبير جدا و عدم الالتزام بمعاييرها الاخلاقية و لا نستثني من ذلك إلا العدد القليل من الصحف و وسائل الاعلام الأخرى التي يقوم عليها صحفيون عراقيون مهنيون و متمرسون بالرغم من أن نقابة الصحفيين قد شهدت تحولا كبيرا استطاعت أن تثبت وجودها و تشق طريقا صعبا لها في بحر من المخاطر حيث قدمت الصحافة العراقية ثمنا لمسيرتها و صراعها مع هذا الواقع المزري الذي أفرزه الاحتلال أكثر من 300 شهيد من خيرة الصحفيين العراقيين يقود ركبهم نقيب الصحفيين السابق المرحوم شهاب التميمي .. استشهدوا بسبب تمسكهم بكلمة الحق و بأخلاق المهنة الصحفية و حبهم للعراق و الدفاع عنه .. مما ترك الساحة الصحفية ملعبا لهواة الصحافة و من يدعيها ، و آخرون لا زالوا يضعون العراق و قيم الصحافة و أخلاقها نصب أعينهم متحدين كل المخاطر التي يواجهونها و في مقدمة هؤلاء هم قادة نقابة الصحفيين العراقيين الحالية حيث استطاعت أن تحصل على بعض من الحقوق و المكاسب للصحفيين العراقيين و من أهمها هو العمل على أصدار قانون للصحافة العراقية و كذلك استطاعت و في هذا الوسط المظلم الذي يعيشه العراق العزيز أن تنتزع حقوقا أخرى أو في طريق الحصول عليها هو حق الصحفيين لامتلاك دار يسكن فيها و يأوي عائلته التعبة ماديا و نفسيا بسبب ضعف الدخل الذي يحصل عليه من هذه المهنة ..


و مثلما انتزعت هذه النقابة حقوقا لصحافييها عليها أن تراقب أدائهم المهني ، فلا زال البعض منهم يخالف جهارا نهارا العرف الصحفي و السلوك المهني و يسيئ أليها عند كتابته لخبر أو عند تنفيذه لتقرير أو تحقيقا صحفيا أو تلفزيونيا و غيرها من النشاطات الأخرى بعضها ركيكا وفاقدا للأمانة الصحفية حيث أن أحد الصفاة التي يجب أن يتحلى بها المحرر أو المراسل الصحفي هي الأمانة في نقل المعلومة و إلا فأن الخبر أو التقرير او التحقيق سيكون منحازا و محرفا و يفقد صفته الحيادية الصحفية و بهذا فأنه يعكس وجهة نظره استنادا الى انتماءاته السياسية أو العقائدية و غيرها و هذا ما شاهدناه كثيرا من خلال الكم الهائل من الصحف أو عبر المحطات التلفزيونية و الإذاعية المختلفة و خير دليل على ذلك هي الزيارة التي قام بها عدد من الصحفيين الى مدينة أشرف الجمعة الماضية أو خلال ايام الجمع القليلة المنصرمة و معظمهم يمثلون قنوات فضائية و وسائل أعلام لأحزاب أو كيانات سياسية لها مصلحة في نقل الخبر المحرف حول هذه القضية حسب مصلحة هذا الكيان أو ذاك لتخرج الينا تقاريرهم و تحقيقاتهم تمثل رأيا واحدا و تنقل صورا للمواطن العراقي هي غير الصورة الحقيقية الموجودة على ارض الواقع ، ففي الوقت الذي لا زالت جثث سكان أشرف الـ 35 محفوظة بثلاجات لعدم السماح بدفنها ، و دخول القوات العراقية الى المدينة و استقطاع أجزاء كبيرة منها و الاستيلاء على كافة ممتلكات اللاجئين و التي كانت موجودة في ابنية و مرافق المدينة و نقل الاثاث و الاجهزة المنزلية من مخازنها و البنايات الموجودة فيها الى خارج هذا المخيم و كذلك لا زال أكثر من 300 مكبر صوت تبث الشتائم و التهديدات بالويل و الثبور ليلا و نهارا ضد السكان و في الوقت الذي يتواجد في المناطق و الابنية التي سيطرت عليها القوات العراقية في 8 نيسان الماضي و الذي لم يظهر من هذه المعلومات أي شيئ عنها فيما انتجوه من تقارير و تحقيقات لأنهم صوروا و ذكروا ما تم أملائه عليهم و في نفس الوقت لم يسمحوا لأحد من سكان هذه المدينة أن يرد على ما أدعاه أفراد القوات الامنية أو من المدنيين الايرانيين الذين يدعون بأن أولادا لهم أو أقرباء محتجزين داخل اشرف ، و في حقيقة الأمر ما هم إلا أفرادا من قوة القدس الايرانية أو من المتعاونين معهم و الذي لم توضح تلك التقارير حقيقة تواجدهم و الجهة الساندة لهم و المتعاونة معهم ، كما أن هؤلاء الصحفيين لم يوضحوا لنا بتقاريرهم و تحقيقاتهم كيف يعيش هؤلاء اللاجئون و ماذا يأكلون أو يشربون و بماذا يتطببون و كيف هي حالة مئات الجرحى الذين اصيبوا في عملية اقتحام القوات الامنية في 8 نيسان الماضي للمدينة ؟؟ و أسئلة كثيرة أخرى لا متسع لذكرها في هذه السطور .


و أن أغفال هذا الامر يعتبر خرقا فاضحا للأعراف و أخلاق المهنة الصحفية و سلوكياتها و من أمثال هؤلاء الذين ينقلوا مثل هذه الاخبار و التقارير عليهم أن يتركوا العمل الصحفي و يعملوا لصالح أحزابهم و فليفعلوا و يقولوا ما يقولوا و أذا كان متمسكا بهويته الصحفية عليه احترامها و بخلافه فأن على نقابة الصحفيين العراقيين انتزاعها منه تقديسا و احتراما لهذه المهنة و التي من أهم واجباتها حمايتها و حماية اعضائها من الصحفيين و الاعلاميين ،


بالإضافة الى ذلك فأن الخبر المشوه و المفبرك و المحرف قد يؤثر على مستوى الامني في الشارع العراقي و خاصة في و ضع كهذا يشهد صراعا سياسيا محموما و تدخلات اقليمية و دولية في شأن بلدنا الممزق و المنهار و تنخر مفاصله الجريمة و الفساد و السرقات و حصد الارواح يوميا في كل شوارع و مدن العراق و في نفس الوقت يزود المسؤول عن الحالة معلومات مغلوطة مما يسبب ارباكا في وضع علاج لها.


و لغرض وضع حد لمثل هذه التصرفات و رحمة بعراقنا الذي نال من التعب أكثر مما يستحق أقترح على لسادة نقيب و أعضاء نقابة الصحفيين المحترمون أن يرسلوا فريقا من النقابة الى أماكن الحدث الذي شمله هذا التقرير او غيره للتحقق من صحة الخبر و المادة الاعلامية المقدمة للمواطن العراقي في أي موضوع يبرز فيه خلاف و أدعاء بعدم الامانة في النقل الصحفي و الاعلامي و تقديم المعلومة الصحيحة للشعب ، و بذلك فأن النقابة ستخطو خطوة جادة نحو تصحيح مسار بعض وسائل الاعلام العراقية أو أبعادها عن عائلة الاعلام العراقي ليكون حرا و نزيها و حتى تكون صحافة العراق هي السلطة الرابعة بحق .

 

 





الثلاثاء٢١ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب احمد الدليمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة