شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد أن أصبح وضع القضية الفلسطينية في حالة تدهور وحاله يرثى لها وخصوصا في زمن التسوية مع العدو الصهيوني , وبعد أن انخفض صوت البندقية المقاوم أخذت تعلوا بالآونة الأخيرة أصوات مزايدة تسعى إلى محو صوت البندقية لتحل مكانه أصوات أناس كانوا في حالة من السبات الطويل واليوم أفاقوا ليركبوا الموجة ويتقدموا الصفوف عازفين على ألام الناس وأوجاعهم تحت شعار " أنا مستقل " !!!!


فلكل إنسان الحق باختيار طريقة تفكيره وأسلوب ومنهج حياته التي يسلكها في التنقل بين صفحات التاريخ , وله الحرية المطلقة بذلك كيفما شاء , طالما أنه لم يخرج عن الثوابت الوطنية والقومية لكي لا يصبح في الجهة المقابلة من صفحات التاريخ التي تخط باللون الأسود والتي سرعان ما تنطوي وتترك للرياح تلهوا بها كيفما تشاء لتلقيها في نهاية المطاف في مزبلة التاريخ.


فمن المحزن جدا أن نسمع في منابر الإعلام الفلسطيني عن طرح مشروع الأولوية للمستقلين وخصوصا في حكومة ما بعد المصالحة الفلسطينية , ومنهم من راح أبعد من ذلك يعلن تبرأه واستقلاله من الأحزاب ومنهم من أخذ يتفاخر بأنه لم ينتمي أو يؤيد أي حزب في حياته !!!! ومنهم من أخذ يدعوا لتبرأ من الأحزاب والثورة عليها , وبالطبع هنا لم نقصد كل المستقلين فقد ذكرنا من قبل انه لكل إنسان حق العيش في الأسلوب والمنهج الذي يراه مناسب وإنما المقصود هي تلك الشريحة التي تتغنى ليل نهار بالمستقلين وتتبراء من المؤدلجين في هذا الفصيل أو ذاك , ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن وهو ماذا تعني كلمة مستقل ؟؟ ومستقل عن ماذا ؟؟ مستقل عن فلسطين مثلا؟؟!! أم مستقل عن النضال الوطني الفلسطيني ؟؟!!!!


لقد لعبت التنظيمات الحزبية في مراحل النضال الوطني الفلسطيني دورا هام وقد حملت رايته لسنوات عديدة قدمت بها التضحيات الجسام وفرضت القضية الفلسطينية على الهيئات الدولية وأخذت تطارد الكيان الصهيوني في كل الساحات الداخلية والخارجية لتفضح جرائمه بحق أبناء شعبنا وتتصدى له وتجبره على تحرير بعض الأسرى الذين يعتقلهم من خلال عمليات التبادل ولا ننسى طبعا العمليات الاستشهادية التي نفذها مقاتلوا الفصائل في عمق الكيان الصهيوني والتي كانت تستنزف موارد العدو وتكبده الخسائر الجسام بالأرواح والأموال , فمن حمل الروح على الراح والبندقية بالكف الأخرى يستحق أن تنحني له القبعات وان اختلفنا معه بالرائي أو بالأيدلوجية الفكرية لان ما يجمعنا هو أكبر من ما يفرقنا , ففلسطين هي أكبر من كل الأحزاب والتوجهات و القرارات , ولكن السؤال الذي يدور في ذهني عندما أشاهد بعض ممن يسمون بالمستقلين وهم يركبون أحدث السيارات ويسكنون في البيوت الفخمة ويرتدون أغلى الملابس أين كانوا عندما كان أبناء شعبنا وفصائله يتصدون للاحتلال ؟؟ ومن أين أتوا بهذه الأموال الضخمة ليسكنوا تلك البيوت الفخمة ويركبوا السيارات في الوقت الذي يعاني منه أبناء شعبنا من الحصار والملاحقة والتضيق عليهم بلقمة العيش ؟؟!!


فمن يركب أحدث السيارات ويسكن في البيوت الفخمة والمعزولة عن بيوت المواطنين وبعيده عن صدى الشارع لا يستطيع أن يمثل أو يعبر عن أمل وطموح شعبنا الذي ناضل وتحدى جبروت الاحتلال , ومن يسكن تلك القصور بكل تأكيد لن يكون صوت لمن يسكن الخيام فمن بقي طوال هذه السنوات منعزل ومنطوي على نفسه وليس له أي دور في مراحل النضال الفلسطيني ولم يتقدم الصفوف ليلقي حتى حجر واحد على المحتل فلا يحق له أن يمثل هذا الشعب المقاوم .


فبكل تأكيد لا نقصد من هذا الكلام أن ننجر خلف الأحزاب والفصائل الفلسطينية وان نصفق لها في كل الأوقات بل يجب علينا جميعا أن نقف وقفة شرف وننتقد وضع بيتنا الفلسطيني وننتقد فصائلنا النقد البناء لإعادة هيكلة الوضع الداخلي وتطويره لصالح قضيتنا , فليس من المعقول بعد أن قدمنا التضحيات الجسام أن نقف اليوم ونتغنى بأمجاد الماضي دون المحاولة إلى نقد الوضع الراهن ومحاولة إعادة هيكلته وترتيبه من جديد .


فلذلك ليس من المهم من سيشكل الحكومة الفلسطينية الأحزاب أم المستقلين بل على العكس يجب على أحزابنا أن تعيد النظر بالماضي و أن لا تنجر إلى الساحة السياسية لتترك ميدان المواجهة وتضيع الوقت في المراوغة التي يمارسها هذا العدو المراوغ والذي أكد وبدون شك والى كل الذين دعوا ورفعوا شعار التسوية أنه لن ينفذ أي وعد أو اتفاقية عقدها مع منظمة التحرير الفلسطينية كونها الممثل لشعب الفلسطيني وإنما هذه الاتفاقيات التي عقدها هذا الكيان الغاصب أثبتت بطلانها على ارض الواقع و ما هي إلا حيلة منه ليسحب منا الاعتراف به كدولة وبذلك نكون قد فرطنا بأرضنا وبحقوقنا التاريخية , بدلا من ان تكون فلسطين لنا بحدودها الطبيعية دون وجود لهذا الكيان الغاصب على أرضها , فلذلك ندعو فصائلنا ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى العمل الجاد من أجل إلغاء كافة المعاهدات والاتفاقيات مع هذا العدو , وان يعملوا جميعا على توحيد الصفوف والخنادق لمقاومة هذا العدو الغاصب الذي لا يتحدث إلا بلغة المدفع والبارود.


ومن يسمون بالمستقلين ما هم إلا عبارة عن مشروع استثماري يفرض على الساحة الفلسطينية لخدمة أهداف من طرحهم ليحققوا له ما لم يستطيع العدو تحقيقه من خلال من تبنوا خط التسوية على مدى سنوات طويلة ومن ثم خرجوا صفر اليدين دون تحقيق أدنى مطلب من مطالب شعبنا , ولكي تبقى الأوراق وأطراف المعادلة بيد أعداء امتنا قرروا إيجاد لعبه بديلة تطرح بالساحة الفلسطينية تمنح العدو الصهيوني فرصه أطول للمراوغة والاستبداد مقابل أن تحصل هذه الفئة الإقطاعية على الحقوق والامتيازات والحصانة الدبلوماسية وان يملكوا مركز القرار ليسهل لهم سن القوانين والتشريعات بما يناسب و يلاءم نشاطاتهم التجارية والربحية بل ويزدادوا توسعا بذلك بالتجارة بدماء شعبنا , وان لم يكونوا كذلك فليكشفوا جميعا عن أرصدتهم و أملاكهم وان يساءلوا عنها أمام شعبنا وبكل شفافية ووضوح وإلا فليتركوا فلسطين لأهلها.
 

 

 





الخميس٠٧ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أسعد عطاري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة