شبكة ذي قار
عـاجـل










حركة البعث القطر التونسي من الحركات السياسية التونسية التي كانت لسنوات تعمل في السرية وتحت الأرض زمن الحكمين البورقيبي والنوفمبري وربما كان هذا هو السبب المباشر في عدم معرفة بعض الجماهير في تونس لمنطلقات وأطروحات ومبادئ ورجالات هذه الحركة السياسية .

 

ولتسليط الأضواء على ما خفي من تاريخ البعث في تونس  إلتقت جريدة الرسالة التونسية بالأستاذ عزالدين القوطالي الناطق الرسمي بإسم حركة البعث وكان معه الحوار التالي :

 

س : أستاذ عزالدين لو تعرّف حركة البعث القطر لتونسي في كلمة ماذا تقول ؟؟؟

ج : كما هو واضح من التسمية نحن نمثل حركة سياسية قومية عربية تقدمية حملت على عاتقها مهمة بعث الأمة العربية وتجديد إرادة التحدي لديها والتطلّع الى إحتلال المكان الطبيعي الذي يليق بإسهامات من سبقنا من رموز عقائدية وتاريخية وفكرية وثقافية كان لها شرف حمل راية الحرية والعدل والحق والكرامة والحداثة والعلوم والعصرنة الى البشرية جمعاء .

 

فنحن إذن نعتبر أنفسنا حاملين لرسالة حضارية تجسّد عنوان المرحلة التاريخية الراهنة ولقد لخّصنا مضمون رسالتنا في شعار الوحدة والحرية والإشتراكية  ذلك أن الأمة العربية وعبر تاريخها الطويل حملت الى العالم والى البشرية رسائل حضارية متعددة بداية من رسالة الكتابة والتعدين مرورا برسالة التوحيد والإسلام وصولا الى رسالة البعث التي إستوعبت المضامين الإيجابية الحيّة في الرسائل السابقة لتقدّم في المحصلة النهائية الحلّ الحديث لمشكلات التجزئة والتخلف والإستعباد والإضطهاد والإستغلال التي تعاني منها أمتنا والأمم المجزّئة في بلدان العالم الثالث بإفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية .

 

فرسالة البعث والحالة تلك هي رسالة عربية المنشأ إنسانية الأفق والمدى تماما كما كانت رسالة الإسلام زمن البعثة المحمدية ولهذا نعتقد في حركة البعث أننا الحاملين الحقيقيين للواء الإسلام كثورة ثقافية حضارية تستهدف الباطن لا الظاهر والأصول لا القشور والمعاني لا الأماني ثورة عقلانية حداثية تحررية تستهدف القيم الفاسدة التي علقت بالذات العربية فعطّلت حركة الإجتهاد والتفكير الحرّ والإبداع الخلاّق ليحلّ محلّها جمود فكري وإنحطاط ثقافي وعلمي وحالة من التخلّف الناتج عن التقليد المؤسس على إستبعاد الدور المركزي للعقل العربي في الفعل الحضاري .

 

س : طيّب ماذا عن رصيدكم السياسي والنضالي كحركة وجدت بعد ثورة 14 جانفي وهل يمكن الحديث أصلا عن رصيد نضالي لحركتكم السياسية ؟؟؟

ج : أولا وقبل كلّ شيء أودّ أن ألاحظ  أن حركة البعث في تونس تعتبر من أقدم الحركات السياسية العاملة إن لم أقل أقدمها على الإطلاق ذلك أن التواجد البعثي في القطر يرجع الى أواسط الستينات وبالتالي فإن ربط وجود الحركة بثورة 14 جانفي فيه بعض من التجني وإقتطاع لجزء مهمّ من تاريخ الحركة في تونس .

 

البعثيون في تونس كانوا أوّل من قاوم سياسة التغريب والفرنسة والإنبتات التي مارسها النظام البورقيبي وهم يعتبرون أنفسهم الإمتداد التاريخي لحركة صوت الطالب الزيتوني وما مثّلته من خطّ نضالي عروبي كما أننا نعتبر أنفسنا وريثا شرعيا للحركة اليوسفية التي حملت هموم أبناء شعبنا في الوحدة والتحرر والخلاص من نير الإستعمار والإستغلال والرجعية ؛  والبعثيون في تونس كانوا أول من تصدى لمحاولات بورقيبة عزل البلاد عن محيطها العربي وأوّل من ناضل ضدّ التنظير للحلول الإستسلامية والتفريطية في قضية فلسطين وأوّل من فضح العمق الرجعي لنظام بورقيبة سياسيا وأقتصاديا وثقافيا ولهذا تمّ إستهداف الوجود البعثي في تونس منذ أواخر الستينات وكان بورقيبة لا يفوّت فرصة دون التطرّق الى البعثيين والتنبيه الى ضرورة ملاحقتهم وإجتثاثهم ولقد وصل به الأمر الى حدّ إصدار ما سمي حينها بالكتاب الأبيض تحت عنوان : الفتنة البعثية وما تبعه بعد ذلك من محاكمات شهيرة لرموز البعث في تونس سنة 1968 .

 

وعلى إثر تلك المحاكمات وبعدها مباشرة عمل البعثيون في تونس تحت واجهات سياسية متعددة كان أهمّها منظمة الطليعة العربية في تونس وجناحها الطلابي المسمّى بالطليعة الطلابية العربية وقد نجحت منظمة الطليعة العربية بقيادة الرفيق الشهيد الأستاذ الصادق الهيشري في فرض نفسها على الساحة السياسية كطرف فاعل ومؤثر من خلال تواجدها المكثّف في الإتحاد العام التونسي للشغل والجامعة التونسية ومنظمات المجتمع المدني وكان لها إسهامها في جميع الإنتفاضات الجماهيرية التي عرفتها تونس في 1967-1968 -1978 و1984 .

 

كلّ ذلك دون أن ننسى الدور المركزي الذي لعبه البعثيون في تأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و جمعية المحامين الشبان وفي التأسيس لثقافة ديمقراطية تقدمية عبر بعث مجلة الباحث الفكرية والمشاركة في الهيئة التأسيسية لمجلة الطليعة العربية الصادرة بباريس وإنشاء دار الرياح الأربعة للنشر بتونس .

إذن حركة البعث في تونس ليست وليدة ثورة 14 جانفي وإن إرتبط هذا التاريخ عمليا بحصول الحركة على تأشيرة العمل القانوني العلني .

 

أما عن الرصيد النضالي للحركة فإنه يكفي أن نشير أن حركة البعث بالقطر التونسي تعتبر ثاني تنظيم سياسي من حيث عدد الشهداء أثناء الحكمين البورقيبي والنوفمبري والحركة الوحيدة التي قدّمت شهيدين في ثورة 14 جانفي هما الرفيقين الشهيدين وليد سعداوي من القصرين وشوقي النصري من منزل بوزيان الذين لحقا بركب الشهادة والإستشهاد في سبيل مبادئ البعث العظيم وقيمه الخالدة المسطّرة بدماء رفاقنا الشهداء القادة عمر السحيمي والصادق الهيشري وحسن المباركي وفوزي السنوسي ومنوّر المصباحي وعزالدين باللطيفة ومنير جعيدان ورشيد البحري وعمر شطورو .

 

س : ذكرت في ما سبق من حديث أنكم كبعثين تعتبرون الحاملين الحقيقيين للواء الإسلام فهل هذا يعني أنكم حركة دينية ؟؟؟

ج : بالتأكيد نحن لسنا حركة دينية بل ونتناقض جملة وتفصيلا مع الحركات المغطاة بغطاء الدين والبعثيون هم الوحيدون الذين قاوموا المدّ الظلامي العنصري الحاقد القادم من بلاد فارس ولولا البعث لكانت جحافل الدّجل والشعوذة والتخلّف والتعصّب والظلامية على أبواب تونس اليوم ولا تنسى أن البعث العربي الإشتراكي هو الذي أوقف المدّ الشعوبي عند حدود البوابة الشرقية في الخليج العربي وجرّع الخميني سمّ الهزيمة النكراء في قادسية الشهيد البطل صدام حسين .

 

فالمسألة بالأساس هي مسألة فهم لدور الإسلام في بناء مقومات الأمة وتحقيق وحدة العرب السياسية والجغرافية وهي كذلك مسألة فهم للإسلام كثورة حضارية ثقافية علمية تؤمن بالفكر وتشجّع العقل على الإبداع والخلق وتحمي قيم التسامح والإخاء والمساواة وترفض التعصّب بأشكاله وألوانه وتجلّياته .

 

الإسلام الذي نؤسس له هو ذلك الإسلام التقدّمي المتحرر المتفاعل مع العالم فكرا وثقافة وعلما وعدلا إسلام عمر إبن الخطاب وأبو ذرّ الغفاري وأهل الرأي من معتزلة وإخوان الصفاء وأبن رشد وأبن خلدون وغيرهم إنه الإسلام الذي يجرف سدود التقليد الأعمى ويقطع مع الجمود الفكري والعقائدي ويضع حدّا مع الماضوية المقيتة والقوالب الجاهزة وبكلمة فإن الإسلام عندنا هو تجدّد العروبة وتكاملها ذلك أن العرب كما قال مؤسس البعث يوما قبل أن يفتحوا الأرض فتحوا أنفسهم وسبروا أغوارها وخبروا دخائلها وقبل أن يحكموا العالم حكموا ذواتهم وسيطروا على شهواتهم وملكوا إرادتهم ولهذا فقط نعتقد في حركة البعث بأنه سوف يأتي يوم يجد فيه البعثيون أنفسهم المدافعون الوحيدون عن الإسلام .

 

س : على ذكر العروبة والإسلام وفي خضم هذا الحراك السياسي القائم في تونس اليوم حول مسألة الهوية كيف تنظرون في حركة البعث الى هذه القضية ؟؟؟

ج : والله إنه لمن عجائب ثورة الكرامة والحرية في تونس أن تظهر في هذا الوقت بالذات أصوات مشككة في هوية تونس العربية الإسلامية والحال أن المسألة محسومة ثقافيا وتاريخيا وحضاريا نحن لا ننكر طبعا مرور أقوام وشعوب وثقافات مختلفة بتونس ولكننا نعتبر أن الحصيلة النهائية لتلاقح تلك الثقافات والحضارات هي ما يمكن تسميته بالثقافة السائدة والحضارة السائدة وطالما أن أهمّ مقومات الثقافة والحضارة هي اللغة والمصير المشترك فإن هوية شعبنا في تونس لا يمكن أن تكون إلاّ عربية إسلامية ومن يقول غير ذلك يكون كمن ينفخ في قرب مقعور فيصدق فيه قول القائل وصفا للتعنّت في الخطأ والتمادي فيه : عنز ولو طارت ...

 

س : ولكن مسألة الهوية في تونس تزامت مع طرح مسألة أخرى لا تقلّ أهمية وهي قضية التطبيع مع إسرائيل فما هو موقفكم من ذلك لاسيما وأن هناك إتهامات لعناصر في الهيئة الوطنية لتحقيق أهداف الثورة بتطبيعها مع إسرائيل ؟؟؟

ج : نحن أولا لسنا طرفا من الأطراف المشكّلة لما يسمى بالهيئة الوطنية لتحقيق أهداف الثورة ولو كنّا طرفا لما رضينا مطلقا بأن يتواجد معنا من لا يستحي من الإعتراف علنا بتطبيعه مع العدوّ الصهيوني .

 

يا سيدي مسألة التطبيع مع العدو الصهيوني مسألة مصيرية بالنسبة لجماهير شعبنا في تونس مسألة حياة أو موت لا مساومة فيها على الإطلاق شعبنا في تونس قال كلمته في مناسبات متعددة لا صلح ولا إعتراف بكيان الغصب الصهيوني ومجرّد وجود تطبيع سياسي أو ثقافي أو علمي أو أكاديمي مع الكيان الصهيوني في إعتقادنا يعتبر خيانة عظمى توجب المحاكمة الشعبية خيانة لدماء شهداء تونس على درب تحرير فلسطين وخيانة لدماء شهداء مجزرة حمام الشطّ وخيانة أيضا لدماء شهداء ثورة الكرامة والحرية ومنهم رفاقنا الشهداء وليد سعداوي في القصرين وشوقي نصري في منزل بوزيان .

 

ولهذا فإننا في حركة البعث القطر التونسي نطالب بإدراج بند أو مادة في الدستور تنصّ صراحة على تجريم التطبيع مع العدوّ الصهيوني ونعتبر أن خلوّ ما يسمى بالميثاق الجمهوري من أيّة إشارة لهذه المسألة هو دليل قاطع على أن الميثاق لا يرتقي أصلا لأن يكون معبّرا عن طموحات وطلبات وآمال جماهير شعبنا هذا فضلا عن أنه شكّل محاولة لفرض تصورات الأقلية على الأغلبية والأقلية هنا هي تلك التنظيمات المكوّنة للهيئة الوطنية لتحقيق أهداف الثورة أمّا الأغلبية فهي جماهير شعبنا المنتظمة عمليا في لجان حماية الثورة على أمتداد مدن وقرى القطر ومن هذا المنطلق دعونا في حركة البعث القطر التونسي الى تأسيس هيئات شعبية لمقاومة التطبيع تكون مهمتها الأساسية تطهير الهيئة الوطنية لحماية أهداف الثورة من كلّ من ثبت تورّطه مباشرة أو بطريقة غير مباشرة في التطبيع مع العدوّ الصهيوني .

 

 





الجمعة٠٧ شعبان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / تمـــوز / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة