شبكة ذي قار
عـاجـل










بلا شك ان الاحداث التي تلت الغزو الأمريكي للعراق أفرزت الكثير من المؤشرات السلبية على المستوين الداخلي والخارجي. فقد تبين أن التخلف الاجتماعي في العراق اشد وأقوى وأكثر عمقا مما كان عالقا في ذهنية الكثير من المثقفين العراقيين والعرب. فالهياكل الإرتكازية والبنيوية للمجتمع العراقي لم تتطور منذ خمسينيات القرن الماضي عندما شخصها عالم الإجتماع الدكتور علي الوردي رحمه الله بدقة. كأن عقارب الساعة توقفت من حينها! بل بصراحة أكثر تراجعت إلى الوراء. فالأخاء والتسامح والمواطنة والتعايش السلمي بين الأديان والطوائف كان الوجه الغالب في العلاقات الإجتماعية، فبالرغم من قوة الجذور العشائرية والمذهبية وإنخفاض المستوى الثقافي والعلمي وعاملي الفقر والأمية وتفاقمهما. لكنها لم تتفاعل مع بعضها لتؤدي إلى كوارث إجتماعية كما يحصل الآن.

 

بعد الغزو الأمريكي للعراق تم خلق نظام سياسي هجين من قبل حفنة من العملاء والضالين عبر مراحل متلاحقة من التسيب والإنفلات والفساد الحكومي في كل مرافق الدولة, وإستحداث قوى تنفيذية بواجهات أمنية لحماية مافيات الفساد. وقد وجد الفساد بيئته الصالحة في ظل أجواء الإحتلال والجهل والتخلف الإقتصادي والإجتماعي والثقافي والصحي فعشعش في رئاسة الجمهوية والبرلمان ومجلس الوزراء وكل مؤسسات الدولة بلا إستثناء. لذلك كانت مكانة العراق الثالثة على المستوى الدولي وهذه الحالة تحصل لأول مرة في تأريخ العراق.

 

هذا فزاعة البرلمان أسامة النجيفي لا يخجل من الإعتراف بأن"هناك انتهاكات يومية للدستور العراقي، وأن حقوق الإنسان في العراق منتهكة وغير محترمة وهذا من شأنه أن يعقد إنتقال البلاد الى دولة ديمقراطية حرة تحظى باحترام المجتمع الدولي". حسنا! إذا كان صاحب أكبر سلطة تشريعية في العراق يشكو من إنتهاكات مستمرة في الدستور! ومهمته ألاساسية أن يحافظ على روح الدستور ولا يسمح للسلطة التنفيذية بإنتهاك نصوصه أو تجاوزها. إذا كان صاحب أكبر سلطة تشريعية لا يقدر أن يوقف تلك التجاوزات فمن يا ترى يمكن ان يرفعنا من الوحل الذي وصلت إلى رقابنا؟ ثم لمن يشكو رئيس البرلمان بكلامه هذا؟ هل يشكو للشعب أم للسلطة التنفيذية أم السلطة القضائية؟ وإذا كانت السلطة التشريعية مشلولة والسلطة القضائية عمياء فمن يضع حد لإستهتار وعربدة السلطة التنفيذية؟

 

هؤلاء العملاء الذين يحكمون العراق يفتقرون إلى الغيرة والشرف وكل معاني الرجولة وحتى الأنوثة إنهم نوع هجيني متطور من الحيوانات المفترسة لا تضاهيها اي حيوانات أخرى في غدرها وحقدها وسفالتها. وليس الأمر بغريب فمن يبيع وطنه يسهل عليه بيع شرفه وغيرته. وهؤلاء الممسوخين في البرلمان والحكومة هم صنيعة أمريكا وبريطانيا وإيران وإسرائيل. وهم لا ينتمون للعراق إلا بصلة الجنسية فقط ولكن حتى هذه الجنسية تعرضت للإنفصام من خلال جنسهم بجنسيات أخرى عربية كانت أم  أجنبية.

 

إنظروا إلى رئيس الجمهورية فهو يمتلك جنسية سورية وإيرانية ومسعود البرزاني يمتلك جنسية بريطانية ورؤساء الكتل السياسية جميعهم من عمار الحكيم الإيراني الجنسية وأياد علاوي البريطاني الجنسية وإبراهيم أشيقر الباكستاني- الإيراني الجنسية وحتى مقتدى الصدر فهم في الأصل من جبل عامل في لبنان. الوزراء معظمهم بجنسيات أجنبية وكذلك أعضاء البرلمان ومعظم السفراء ووكلاء الوزراء والمدراء العامون.

 

إذن حكومة تزيد نسبة الأجانب والمتجنسين فيها عن العراقيين الأصلاء لا يمكن أن تسمى حكومة عراقية فهذا تجني على العراق وتأريخه وحضارته. ورغم إن الدستور كان صريحا في موضوع التجنس وعدم جواز من يحمل جنسية أجنبية أن يتسنم مسئولية رفيعة في الحكومة، لكن الجميع أحتذوا الدستور بمداساتهم لأنهم أجانب وهذه الفقرة لا تخدمهم. مواد الدستور لا يؤخذ منها إلا ما يتناغم مع مصالحهم الحزبية والخاصة. الإنكى منه إن مبررهم كان ومازال بعدم وجود قانون لتنظيم هذا الأمر وهم صناع القانون! فمن يلوم من ومن يحاسب من؟ وكم من النصوص الدستورية يعمل بها حاليا دون أن ينظمها قانون؟ ولماذا لا ينظم ذلك بقانون رغم مضي أكثر من سبع سنوات منذ صاغ الدستور المفخخ اليهودي نوح فيلدمان وأقره العملاء ومرجعية النجف. يبدو إنه في دولة القانون لا يحترم القانون إلا بمقدار ما يعود بالنفع للبرلمان والحكومة.

 

لكن إذا  كان البرلمان والحكومة لا يحترمان القانون فلماذا يطالبوا الشعب بإحترامه؟ ولماذا يعبئون دوما ترسانتة الفولاذية بذخيرة التشريعات والقوانيين المقيدة لمصالح المواطنين والمحررة لمصالحهم؟ هل هو إنفصام مقرر سلفا بين الحاكم والمحكوم؟ بحيث تصبح الدولة خادمة المجتمع وليس العكس؟

 

لذا أجد من الصعوبة هضم تعبيرالحكومة العراقية على حكومة الإحتلال لأنها ليس عراقية بالكمال والتمام. وأرى من الأفضل وربما المنطق أيضا تسميتها بحكومة الإحتلال أو حكومة العراق وبذلك نرفع عنها صفة التجنس. عندما نقول حكومة العراق فهذا يعني من يحكم العراق وقد توالى على حكم العراق الكثير من الأجانب منذ سقوط الدولة العباسية ولحد الآن. فهناك الحكم البويهي والسلجوقي والفارسي والمغولي والعثماني والبريطاني وأخيرا الأمريكي - الإيراني.

 

وعندما تنتفي الحاجة لذكر أسم الحكومة أو يمكن الإستدلال عنها من خلال الإشارات السابقة في الحديث. يمكن عندئذ إستخدام تسمية حكومة الإحتلال وهي التسمية الأفضل دائما وأبدا.

 

 





الاحد٠٩ شعبان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٠ / تمـــوز / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ضحى عبد الرحمن نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة