بيان في ذكرى الشهيد فرحات حشاد

 
يا جماهير شعبنا العربي في تونس
رفاقنا على درب العروبة

تمر اليوم تسع و خمسون سنة على جريمة اغتيال المناضل الوطني و النقابي فرحات حشاد.  جريمة كان لها صداها في كل أنحاء القطر، إذ خرجت حينها مسيرات حاشدة منددة بالجريمة ومطالبة بالقصاص، كما كان لها صدى في كافة أنحاء الوطن العربي من الدار البيضاء حيث خرجت أكبر المسيرات استنكارا للفعلة و تنديدا بالاستعمار، إلى المشرق العربي حيث أصبح حشاد كما الشابي رمزان للشموخ و رفض الخنوع للاستعمار، كما كان لهذه الجريمة صدى في كافة الأوساط العمالية والتحررية في العالم.

جريمة أثّرت في مجرى الأحداث مع جرائم أخرى مثل اغتيال الهادي شاكر و تصفية صالح بن يوسف و الملاحقات و الإعدامات التي طالت كل من عارض النهج البورقيبي.
تمر الذكرى التاسعة و الخمسون على هذه الجريمة و السؤال لا يزال يتكرر داخل الأوساط المناضلة ودارسي التاريخ و لدى كافة الشعب وهو من اغتال فرحات حشاد و لماذا لم يحاكم، سؤال يستمد مشروعيته لأن هذه الجريمة طُبعت في الذاكرة الجمعية لكل التونسيين، و حشاد لا يزال يُذكر في كل المجالس و البيوت.

سؤال استمر في إلحاح و دون إجابة لأن نظام بورقيبة لم يكن يرغب في الإجابة عنه، لأن الجواب كان سيطرح أسئلة أخرى تنتهي بسؤال شرعية وجود التظام البورقيبي في حد ذاته. وقد أغلق هذا النظام ملف الاستعمار المباشر بمجرد اعتلائه سدة الحكم فغفر للاستعمار كل جرائمه، ما عدى ما تعلق منها بشخص الحبيب بورقيبة و التي كان يستعملها في خطبه للاستعطاف، بل أن بورقيبة تبنى رؤية الاستعمار في تعامله مع من قاوموه مسميا الثوار، ثوار جبال برغو و السرج و عرباطة ....بـ"الفلاقة" بما يحمله هذا المصطلح من شحنة تحقيرية اعتمدها المستعمر الفرنسي و تبناها من تولى أمر القطر بعد 20 مارس 1956 و تواصل نفس التمشي مع حكم بن علي لأن هذا الأخير تبني كل مقولات سلفه و صانِعِه و مثل تواصلا له، حيث حتى حافظ على وزراء بورقيبة إلى أن رحل، بل زاد عليه الفساد المالي و القمع السياسي بـ"حرفية أمنية" اعتمدت القمع المُنتقى ،التشويه الأخلاقي، و التفتيت من الداخل. و بقي سؤال من اغتال حشاد يتردد و لا من تسعي جدي للإجابة  رغم رشوح بعض الإعترافات و التسريبات، و رغم تقادم الزمن.

اليوم وبعد ثورة الشعب العربي في تونس وإنتفاضته ضد القمع و الاستبداد ، يعاد طرح السؤال من جديد هل سيُفتح ملف من اغتال فرحات حشاد و الهادي شاكر و من صفى صالح بن يوسف وكيف تمت أحداث تزركة الأليمة...

و بصورة أشمل هل سيفتح ملف الاستعمار و جرائمه حتى يرقد شهداؤنا مرتاحين في قبورهم و تتم مصالحة المواطن مع تاريخه من خلال إطلاعه على من خدموه و من خذلوه، أم ستتواصل المواربة تعللا بالحفاظ على المصالح مع فرنسا والغرب و يقع الاكتفاء بتمجيد حشاد وإهمال حقه علينا في كشف الحقيقة ثم التبجح بترديد مقولته الشهيرة "أحبك يا شعب"  التي أطلقها صادقا و قضى وهو وفيٌ لها و كم كررتها أفواه الساسة تشبها أو تملقا أو من باب رفع الحرج.

اليوم و في ظل الثورة التي أنجزها شعبنا و نحن على أبواب انعقاد مؤتمر الإتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة التي أسسها و قادها حتى استشهاده، المناضل الشهيد فرحات حشاد  فإن المسؤولية التاريخية تستوجب أن تنهض القوى الوطنية ممثلة في أحزابها و منظماتها و على رأسها الإتحاد العام التونسي للشغل بشكل جدي و عملي بعيدا عن مناورات رفع الحرج بواجبها الوطني للكشف عن الحقيقة عبر مطالبة الدولة المستعمرة بفتح الملف من جديد والاعتذار عن الجرائم الاستعمارية كما تطرح على الجامعة و الباحثين في القُطر فتح ملفات الاستعمار والأضرار التي أحدثها و تأثيرها على صيرورة القُطر حتى يتم القطع مع الفساد الذي تنكر لتضحيات الشهداء و سماهم "فلاقة" و حاصر من تبقى منهم على قيد الحياة، وحتى تقوم العلاقة التي نعتبرها طبيعية وضرورية بين قُطرنا و"أجوارنا من الشمال" على أسس صحيحة وقوية مبنية على الاعتراف بالخطأ و الاعتذار عنه، ومن ثم التأسيس لعلاقات تعاون نحتاجها ويحتاجونها.

•حشاد، لم نتوقف طيلة السنوات الماضية عن المطالبة بكشف الحقيقة و معاقبة المجرمين و لن نأْلُ جهدا في السعي لإحقاق الحق، طالما لم تنعقد محكمة وتصدر حكمها بإدانة القتلة حتى ولو فارقوا الحياة غير مأسوف عليهم .

•عهدا سنستمر على دربك في الجمع بين النضال الوطني و القومي الإنساني و الاجتماعي.
•المجد للشهداء الأكرم منا جميعا

 
 
حركة البعث
تونس في ٥ ديسمبر ٢٠١١