شبكة ذي قار
عـاجـل










يقول عمار الحكيم حول مراسيم عاشوراء" إننا لا نتماشى مع أي نداء يريد تفكيك الشعائر الحسينية ويريد أن ينظر إلى الشعائر المبتكرة على أنها بدعة ولا تتمتع بالشرعية اللازمة لأدائها، إن من المعيب جدا التشكيك بالشعائر الحسينية لوجود خطأ هنا أو هناك ونسبة الخطأ موجودة في كل مكان وزمان. أن ممارسة الشعائر الحسينية ليست بدعة أو ابتكارا أو مزاجا كما يصفها البعض. بعض الروايات التاريخية دلت على ضرورة الالتزام بالشعائر الحسينية في عاشوراء. فهي ركيزة مهمة من ركائز الإسلام".

 

في مناقشة مع أحد الأدباء حول هذه المراسيم الدخيلة على الإسلام ومذهب الإمامية ذكر بأن الناس أحرارا في معتقاتهم ولا يجوز لأحد أن يكون وصيا على معتقداتهم, فهناك من يعبد الأوثان والبشر والنار والماء والبقرة وغيرها, فهل يجوز لأحد أن يكون وصيا على معتقداتهم؟ بالطبع الجواب هو إن حرية المعتقد مكفولة للجميع وفي القرآن الكريم ما يؤيد هذه الحرية، منها" لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" سورة البقرة/ 25. و" قل الحق من ربكم, فمن شاء فليؤمن ومن شاء ليكفر" سورة الكهف/ 29. و" وأن أتلوا القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين" سورة النمل آية/92. وهناك آيات كثيرة تصب في نفس المعنى.

 

إذن ليس إختلافنا حول هذه النقطة بالذات. ولكن الخلاف هو عندما يحرف الدين وينسب للإسلام ما يسيء إليه ولنا كمسلمين. أعبد الحسين أو التمرة او البقرة لا شأن لنا بك وبمعتقدك! ولكن لا تقل إن هذه العبادة جزء من الإسلام، ولا تدع بأنك تنهج طريق الحق وغيرك لا! ولا تكفر او تحل سفك دماء الآخرين مما يختلفون معك في العقيدة. مثلما ترغب بأن يحترم الآخرون معتقدك يجب عليك أن تحترم معتقدات الآخرين ولا تسيء لهم. صحيح إن قلة من علماء السنة يكفرون الشيعة لكن معظم علماء الشيعة يكفرن السنة وكلا الفريقين على باطل. لكن لم تبلغ الوقاحة بعلماء السنة ما بلغته عند علماء الشيعة سيما الغلاة والصفويين منهم.

 

إستمع إلى هذه النصوص المثبتة في أهم مراجع الأمامية وأحكم بنفسك " إن الناس يدعون يوم القيامة بأسماء أمهاتهم لأنهم أبناء زنا، إلا الشيعة فينادون بأسمائهم وأسماء آبائهم" (الفصول المهمة ص 124). "كل الناس أولاد بغايا ما خلا شيعتنا "(الكافي8/285). عن إبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر بن محمد قال: ما من من ولود يولد إلا وإبليس من الأبالسة بحضرته، فإن علم الله أن المولود من شيعتنا حجبه من ذلك الشيطان، وإن لم يكن المولود من شيعتنا أثبت الشيطان إصبعه في دبر الغلام فكان مأبوناً، وفي فرج الجارية فكانت فاجرة(تفسير العياشي/ تفسير البرهان).

 

يذكر الشيخ يوسف البحراني وهو عالم كبير" من الأخبار المتواترة بتحليل الخمس للشيعة لتطيب ولادتهم وفي بعضها ان الزنا وخبث الولادة انما دخل على المخالفين من جهة الخمس"! (كتاب الحدائق). وعن أبي حمزة عن الباقر قال قلت له: " إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم! فقال لي: الكف عنهم يا ابا حمزة. والله يا أبا حمزة إن الناس كلهم أولاد بغايا ماخلا شيعتنا! (الكافي للكليني/ وسائل الشيعة للحر العاملي/ تفسير البرهان / هاشم البحراني). روى الصدوق عن الامام علي(ع) أنه قال" عدوت خلف ذلك اللعين (إبليس) حتى لحقته وصرعته إلى الأرض وجلست على صدره. ووضعت يدي على حلقه لأخنقه! فقال: لا تفعل يا أبا الحسن فإني من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، والله يا علي أني لأحبك جداً وما أبغضك أحد إلاّ شاركت أباه في أمه فصار ولد زنا فضحكت وخلّيت سبيله"( عيون أخبار الرضا/ بحار الأنوار/ الأنوار النعمانية للجزائري ). كذلك" إن الله يبدأ بالنظر إلى زوار الحسين بن علي عشية عرفة قبل نظره إلى الموقف، لأن في أولئك أولاد زناة وليس في هؤلاء أولاد زنا "( كتاب الوافي ). هذه هي نظرة الصفويين وغلاة الشيعة لأشقائهم في الدين واعدائهم في المذهب.

 

يدعي عمار الحكيم بأن ممارسة الشعائر الحسينية ليست بدعة أو ابتكارا أو مزاجا كما يصفها البعض! فما هي إذن؟ أهي جزء من الفرائض الإسلامية؟ لا مانع مطقا أن يضرب الحكيم رأسه بقامة او سلاسل حديدية أو يضرب رأسه بحجر فهو حر في نفسه إذا كان يستهوية منظر الدماء وإذاء النفس التي حرمها الله. ولكن ما لانقبله منه عندما يدعي إن هذه المراسيم السادية من إلاسلام! سنرد عن زعمه هذا من خلال الأحاديث النبوية الشريفة والمصادر الإمامية فقط كي لا نتهم بالإنحياز. فقد روى مسلم عن النبي(ص) الحديث" اثنتان في الناس بهم كفر: الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت".

 

وجاء في (كتاب عيون الأخبار) عن الإمام علي بن أبي طالب عن رسول الله (ص)" أن لباس الأعداء هو السواد". وروى الكليني في الكافي عن أحمد بن محمد رفعه عن أبي عبدالله إنه قال: "يكره السواد إلا في ثلاث الخف والعمامة والكساء". وروى الصدوق عن الإمام علي(ع) أنه قال لأصحابه" لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون". وروى أبو موسى الأشعري: قيل للرسول(ص) كان يوم عاشوراء يوما تعظمه اليهود، وتتخذه عيداًُ ,فقال النبي (ص) "صوموه أنتم". قال:الصدوق: من ألفاظ رسول الله التي لم يسبق إليها: النياحة من عمل الجاهلية (وسائل الشيعة/ بحار الأنوار). وأيضا في حديث المناهي قال" نهى رسول الله عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها"(وسائل الشيعة). وورد الحديث النبوي الشريف" صوتان ملعونان يبغضهما الله: أعوال عند مصيبة، وصوت عند نعمة" أي النوح والغناء(مستدرك الوسائل للنوري/  بحار الأنوار), وقوله لفاطمة بعد مقتل جعفر بن أبي طالب" لا تدعي بذل ولا ثُكل ولا حزن وما قلت فقد صدقت". (كتاب من لايحضره الفقيه/ وسائل الشيعة).

 

هذه آراء أهل البيت رضوان الله عليهم وهي تتماشى كليا مع نهج الرسول(ص). عن أبي عبد الله قال" لا يصلح الصياح على الميت ولا ينبغي، ولكن الناس لا يعرفون" ( الكافي/ الوافي/ وسائل الشيعة) وجاء في كتاب الإمام علي(ع) إلى رفاعة بن شداد" إياك والنوح على الميت ببلد يكون صوت لك به سلطان". وهذا الامام الحسين(ع)  نفسه يقول لأخته زينب" يا أختاه أقسمت عليك فأبري قسمي، لا تشقي عليّ جيبا جيبا ولا تخمشي عليّ وجها، ولا تدعي عليّ بالويل والثبور إذا هلكت". (مستدرك الوسائل). وعن الإمام الصادق" ولا يقيمن عند قبر ولا يسودن ثوبا ولا ينشرن شعرا" تفسير نور الثقلين/ مستدرك الوسائل). إذن من أين أتى عمار الحكيم بزعمه"فالشعائر الحسينية في عاشوراء ركيزة مهمة من ركائز الإسلام"؟

 

يدعي عمار الحكيم بأن" بعض الروايات التاريخية دلت على ضرورة الالتزام بالشعائر الحسينية في عاشوراء"! ولا نعرف إن كان قصده الروايات الفارسية؟ لأنه لا توجد روايات إسلامية تؤيد زعمه؟ فهذه المراسم لم يك لها وجود قبل العصر الصفوي ماعدا إقامة مراسيم العزاء واللطم(النساء فقط وليس الرجال! فعيب كل العيب ان يلطم الرجال). يذكرعلى ظريف الأعظمي في كتابه الدولة الفارسية في العراق بأنه" في خلافة معز الدين الدولة سنة(352 هـ) في بغداد وخلال عاشورء أصدر أمرا بإغلاق جميع ألاسواق ومنع الطباخين من الطبخ وأمر بإخراج النساء ليلطمن في الشوارع ويقمنً العزاء للإمام الحسين". ويذكر السيد طالب علي الشرقي في كتابه(النجف الاشرف عاداتها وتقاليدها) بإن" أول موكب خرج من النجف عام".

 

ويذكر(روبر فيرني Robert Fernea) بأن" النساء والرجال في انحاء ريف الدغارة كانوا يشاركون معا في مواكب العزاء الحسينية في 10 محرم بأجسادهم العارية حتى الخصر يهتفون ويلطمون ويستخدمون السياط الجلدية". ويضيف إسحق نقاش بأنه" أثناء المواكب ينظر المتسوطون الى النساء الواقفات على السطوح  ليعرضوا بزهو الآثار الدموية على ظهورهم. وكان استعراض الرجولة يستعر كلما شعر المتسوطون بان النساء يراقبنوهم، بل ان صراخهن يدفع المتسوط إلى الشعور كأنه فاتح عظيم يقود جيشا منتصرا".

 

الحقيقة إن العراقيين لم يمارسوا التسويط إلا في القرن(19). وهي مراسيم مأخوذة عن ايطاليا حيث كانت هناك مجاميع تسمى ( جمعيات التسوط الأخوانية  Scuolo di San Rocco)) في أواخر القرن 16 ثم اختفت تدريجيا. ويذكر د.علي الوردي في( لمحات اجتماعية/ الجزء 2) بأن "ممارسة التسويط بالسلال الحديدية دخلت العراق في القرن 19 ويشير البعض بأن الشيخ أسد الله الديزفولي(ديزفول/ إيران) كان أول من ادخل اللطم على الصدور في الكاظمين". وهناك من يذكر بأن "ممارسة ضرب السلاسل ادخلها للنجف عام 1919 حاكمها البريطاني الذي خدم في كرمنشاه قبل النجف وشهد الممارسة هناك وحكاها لشيوخ الطائفة الشيعية فأعجبوا بها وقلدوها. واول من مارسها هم الناس في منطقة المشراق". في حين يرى ابراهيم الحيدري في كتابه( تراجيديا كربلاء- سوسيولوجيا الخطاب الشيعي) بأن" طقوس الزناجيل تعود في أصولها الى الهند وانتقلت الى العراق مع الجالية الهندية التي استقرت في البصرة وكربلاء والكاظمية في النصف الاول من القرن(19)".

 

يذكر نقاش في كتابه(شيعة العراق) حول ظاهرة مماسة التطبير"إن ممارسة التطبير في العراق نقلت في منتصف القرن 19 بواسطة رجل شيعي من أصل تركي وكانت ممارستها تقتصر على الفرس والترك فقط ولم يمارسها العرب". ويؤكد هذه الحقيقة التقرير البريطاني الذي كتبه( توماس لايل) - كان من الضابط البريطانيين في النجف - بقوله " كان مراسيم عاشوراء في النجف المليئة بالفرس تقتصر على الفرس في النجف وأن عدد المطبرين لا يزيد عن (100) شخص معظمهم من تبريز وقزلباش واذربيجان". ويضيف بأنه" أبان الحكم العثماني كان المطبرين والمتسوطين الفرس يستعرضون مراسيم العزء أمام القنصل العام الإيراني لتأكيد هويتهم ومراسيمهم الفارسية. في حين مواكب العرب تؤديها أمام سادن الحضرة. وفي سنة 1921 حضر الملك فيصل مواكب 10 محرم في الكاظمين. وفي الوقت الذي حاول فيه محمد الصدر اقناع المواكب العربية والفارسية بالإستعراض امام الملك فيصل فإن المواكب العربية وافقت لكن المواكب الفارسية رفضت! واستعرضت امام القنصل العام الإيراني لعدم اعترافها بالملك".

 

أما ابراهيم الحيدري فيذكر بأن"هناك وثائق تأريخية عديدة تؤكد على ان أول استخدام للضرب بالقامات حدث في النجف عام 1919 وكانت تمارس من قبل بعض الحجاج الذين يقدمون من أذربيجان التركية لزيارة الامام الحسين في كربلاء وزيارة الامام على في النجف عند عودتهم من الحج من مكة المكرمة. وكانت تلك الطقوس تجري على نطاق ضيق جدا، وتشمل زيارة كربلاء يوم عاشوراء وترافقها مجالس ومواكب عزاء حسينية وتشابيه تمثل فيها واقعة الطف بكربلاء". ويبدو إن الدوافع المالية وليس الروحية كانت وراء إنتشار ظاهرة التطبير. ففي عام 1951 كتب القنصل البريطني تقرارا جاء فيه " كانت مواكب التطبير والتسويط بالسلاسل الحديدية  قبل 15 عاما اكثر حماسية. من الواضح انهم(المتطبيرين والمتسوطين) هذه السنة لم يؤدوا فعالياتهم بصورة جيدة إلا بالدفع نقدا فقط!". ويضيف نقاش" كان المراجع وكبار التجار يشجعون المتطبيرين والمتسوطين بالإعانات المادية، كالمواد الغذائية وقطع القماش. بعدها اخذوا يطالبون بالمعونة النقدية ويرفضون العينية كالسابق" ( كتاب شيعة العراق). ويذكر آية الله الدكتور مرتضى المطهري في كتابه(الجذب والدفع في شخصية الامام علي) بأن " التطبير والابواق عادات ومراسيم جاءتنا من ارثوذوكس القفقاز، وسرت في مجتمعاتنا كالنار في الهشيم".هذه هي الروايات التأريخية من المصادر الشيعية حول اصول ظاهرة التسويط والتطبير وهي تتفق جميعا بأنها دخلت العراق في القرن(19)عن طريق الهنود والفرس والاتراك. فأين أصولها التأريخية العربية والاسلامية التي يتشدق بها عمار الحكيم؟

 

حسنا! لنماشي الحكيم في دعواه ونسأله: إذا كانت هذه الطقوس صحيحة ومن ركائز لإسلام! فلماذا لا يطبر السيستاني والنجفي والفياض ومحمد سعيد الحكيم والصغير والصافي وهمام حمودي رؤوسهم؟ لماذا لا تطبر رأسك أنت لتكون قدوة للشيعة وتكسب الأجر العظيم؟ إني لأعجب كل العجب أن لايسأل الشيعي نفسه: لماذا لايطبرون المراجع أنفسهم أو أبنائهم ؟ ولماذا لايحاججون مراجعهم ويدعوهم للتطبيرمعهم طالما إنهم يقلدونهم؟ ألم يدع عبد الرضا كاشف الغطاء وعبد الحسين الحلي بأن" أذى هذه الطقوس يشبه الصيام في رمضان والحج الى مكة، حيث تسبب أيضا المشقة والأذى لمن يؤديهما".

 

ونسأل الحكيم أيضا إذا كانت تلك الطقوس صحيحة كما يزعم؟ فعلام أصدر أبرز المراجع الشيعية (أبو الحسن الاصفهاني) والسيد(محمد مهدي القزويني)و( السيد محسن الأمين) و(السيد حسن الشيرازي) فتاوى بتحريمها؟ هل الحكيم اكبر منزلة وأغزر علما وفقها منهم؟ ليسمع الحكيم فتاوي المحدثين بهذه المراسم ونبدأها بأقرب الناس له وهو السيد محسن الحكيم حيث ذكر" هي ليست من الدين، وليست من الامور المستحبة، بل هي مضرة بالمسلمين وفي فهم المسلمين", وذكر السيد أبو القاسم الخوئي" لم يرد نص بشرعييتها". ووصفها السيد محمد باقر الصدر في معرض حديثه مع التيجاني خلال زيارة الأخير للنجف" هي من فعل عوام الناس وجهالهم، ولا يفعلها أحد من العلماء", وذكر آية الله العظمى أبو الحسن الأصفهاني" إن إستعمال السيوف والسلاسل والابواق في عاشوراء هو محرم وغير شرعي". بل إن بعض العلماء كالسيد كاظم الحائري، والسيد محمد مهدي الاصفهي، والسيد محمد حسين فضل الله اعتبروها ممارسات شاذة اساءت للمذهب الشيعي. بل إعتبرها السيد محسن الأمين" من تسويلات الشيطان وتزيينه سوء الأعمال"(كتاب المجالس السنية). فأين عمار الحكيم من هذه النخبة؟

 

بالتأكيد سوف لانسمع إجابة من الحكيم! ولكن نقاش أجاب عن الهدف من وراء هذه الممارسات السادية بقوله" كان العديد من العلماء والسادة لهم مصلحة خاصة في إبقاء طقوس عاشوراء حيث ان رزق الروزخونية يرتبط ارتباطا وثيقا بمجالس العزاء وخطب محرم. كما أن مناسك الزيارة توفر دخلا كبيرا للمراجع والعلماء". فإذا عرف السبب بطل العجب.

ولنا وقفة أخرى بعون الله.

 

 





الثلاثاء١٦ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٠ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الكاش نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة