شبكة ذي قار
عـاجـل










رحم الله الشهيد الخالد صدام حسين رمز كل وطني غيور أينما يكون على هذه المعمورة حينما قال مرة ( ان المناضل يكره السلطة ) ..

وكان قصد الشهيد الخالد في حينها وحسب الموقف والمشهد والمناسبة التي قيلت فيها هذه المقولة ( ان السلطة ومسؤولياتها ومتابعاتها ومنظومة قيمها ومبادئها وامتيازاته ( تلهي ) المناضل عن هدفه الانقلابي على الواقع وأهدافه التي آمن بها وناضل من أجلها لانها تجبره على ان يتعامل مع ( تقاليدها الروتينية ) والخالية من نبض الشعب في أحيان كثيرة وبحكم التركات المتعاقبة ونوع الموظفين القائمين على تسييرها ولهذا حذر رحمه الله المناضلين من ( عدم نقل تقاليد السلطة الى الحزب بل نقل تقاليد الحزب الى السلطة )  ) ..

 

ولم يقصد رحمه الله بكلمة ( يكره ) في حينها المعنى المجرد لها بل كان القصد ( أن المناضل خلق للانقلاب على ما يعطل ويعيق ويؤخر مصلحة الشعب لا للقبول بها و ( النزوع لتقاليد السلطة ) والابتعاد عن تقاليد الحزب النضالية ) ..

 

وهكذا كان وسيبقى الالتصاق بالسلطة وما يرافقها من جاه وتحكم وخدر ما يجعل المناضل يتعود عليها تدريجيا ويميل لها وينحاز ..لذلك ترى المناضل الحقيقي يميل الى العمل الحزبي أكثر من بهرجة ورخاء وخدر السلطة بكل أشكالها ..

 

وتعودنا في سابق مسيرتنا وتأريخنا على نماذج مناضلة كانت تؤخر نفسها عمدا في القبول بالتكليف للإنتقال من النضال الحزبي وسط الجماهير الى مركز وظيفي مهم في الدولة ..تماما كما كنا نرى العديد من الحزبيين القياديين في الحزب يتوسطون للذهاب لكراسي السلطة !..

 

كما كان هناك العديد من الانتهازيين والوصوليين واللاهثين وراء المنصب والشهرة والجاه والتسلط والكسب السريع حيث كانت السلطة غايتهم ومطلبهم وهدفهم وهي ليست وسيلة عندهم على الاطلاق كما حددها الحزب وكانوا يقومون دوما بتسخير كل شيء متيسر أمامهم بما فيها كرامتهم كوسيلة للوصول الى السلطة.

 

وبذلك كان كل المناضلين الحقيقيين في صفوف حزب البعث مدربين ومؤمنين ومبدعين في العمل السري قبل الثورة..ولم يقم الحزب  بالثورة بهدف الوصول الى السلطة وانما كانت بهدف استثمار السلطة كوسيلة من وسائل النضال لتحقيق اهداف الحزب والتي تمثل اهداف الشعب في العراق والامة العربية.

وكانت وما تزال وستبقى هذه الصفة هي ميزة البعث التأريخية ..

 

فقد نشأ البعث وترعرع وخلق كوادره وصنع ركائز منهجه العملية وهو في النضال السري وتحمل الرفاق الاوائل في الحزب ما تحملوا لكي يبقى الحزب متماسكا وقويا وشامخا رغم كل الهجمات وكل العواصف والمحن ..

 

وفي العراق لم يكن يمر يوم على الحزب قبل شباط 1963 وبعد ردة تشرين 1963 الا وفيه محنة أو عاصفة ولم يكد هذا اليوم يمضي الا والحزب يخرج منها منتصرا واكثر قوة وصلابة وتجربة ليواجه محنة جديدة حتى أصبحت المحن والازمات والمؤامرات عليه والدسائس والملاحقات والاعتقالات والتعذيب الذي يتعرض اليه المناضلين كلمات مرادفة لنضال البعث في العراق وهي تذوب امام ارادة وصلابة وصبر وايمان وشجاعة المناضلين .

 

وعندما اندلعت ثورة 17-30 تموز 1968 واجه الحزب محن من نوع جديد توزعت بين التركة الثقيلة وبناء الدولة والدفاع عن الثورة وبناء منظومة حمايتها والحفاظ على الحزب ومناضليه وترسيخ مفاهيمه وتقاليده النضالية وتدريب كوادره على كيفية التعامل مع ما كان يعرف بالنضال الايجابي ..وهو العمل في الضوء من خلال وجود البعث في السلطة..

ووجد البعث الذي خبر كل اسليب العمل السري وسياساته وخباياه نفسه في مواقع السلطة ..وفي قطر مثل العراق حيث سبقته تجربته عام 1963 ومارافقها من سلبيات..

 

وواجه الحزب والثورة منذ اليوم الاول لتسلمه السلطة أعداءا غير اولائك الذين خبرهم وعرف أسليبهم ووسائلهم وكيفية التعامل معهم ..اعداءا من نوع جديد ..من كان يتجسس لصالح الاجنبي ومن يتقاضى المال والتوجيه منه للقيام باعمال تخريبية ضد الشعب والثورة وقوى دولية كبيرة وأعداء الامة العربية التقليدين الذين وضعوا العراق بقيادته الجديدة وفكر الحزب الذي ينتمون اليه في دائرة الضوء والتحليل والعداء..

 

وهكذا ومنذ اليوم الأول..دخلت الثورة الفتية والحزب الذي ظهر للعلن في مواجهة مباشرة مع هؤلاء الاعداء وشباب ومناضلي البعث لم يجلسوا بعد على كرسي الحكم ويستفيدوا من امتيازات السلطة ..

 

وبدأت هذه المواجهات تتخذ أشكالا متعددة ..سياسية وأمنية وإقتصادية وعلمية وتربوية ومالية وعسكرية ليجد الحزب نفسه أمام مهمة من نوع جديد ..ففي الوقت الذي كان نضاله وعمله في العمل السري يتركز على إدامة وجود التنظيم والمحافظة عليه وعلى تقاليده وإستعداده لمواجهة إستهداف السلطة والقوى الاخرى وبناء قدرته الذاتية للهجوم المقابل فهو اليوم وجد نفسه أمام حالة دفاعية شاملة تتركز في إيجاد وإدامة خنادق الرد والتصدي لإستهداف دولي ومحلي واقليمي لكل العراق وشعبه ووجوده وتأريخه..

 

ودفع الموقف والموقع الجديد للحزب للتمسك بتقاليده النضالية ومنظومة المباديء والقيم التي كانت تسود العلاقاتنا الحزبية وإدارة طبيعة المهمات التي كانت تقتضي العمل بإتجاهين :

 

الاول .. إرساء مباديء وقيم الحزب..

والثاني .. هو المحافظة على مؤسسات الدولة كافة وتطوير قدراتها وكوادرها ورعايتها واستبعاد العناصر السيئة والمشخصة فقط ..وكان كل ذلك يحدث والحزب والثورة في حالة إشتباك مباشر وغير مباشر مع الإعداء الجدد والتحديات الجديدة..

 

وفي تلك الفترة بالذات تحمل رفاق البعث مسؤولية التصدي لإنتزاع نصر جديد في الصراع مع الاعداء من جهة ومن جهة أخرى كان عليه أن لايسمح لهذا التداخل المرن الذي يجعل من الحزب قوة فاعلة في أن يمس جوهر العملية الادارية لكل المؤسسات الاعلامية والدبلوماسية والصناعية والزراعية والتعليمية والعسكرية وغيرها..

وقد نجح الكثير من الرفاق بإمتياز بذلك وتعثر البعض وخرج من المسيرة البعض الآخر..

 

ومثلما تعاون الكثير من الاشخاص والمسميات والمناصب التي لم تكن منتمية للحزب فقد تردد البعض في هذا التعاون..فقد بقي البعض الآخر متفرجا وهو يرى القادمين الجدد للسلطة وهم يتحركون ويعملون كخلية النحل ..فيما ناصب البعض من هؤلاء العداء المخفي للمسيرة الجديدة  والذي تفاعل مع الزمن اما يجابيا واما تدهورا ليفضي الى ما يعرفه الكثيرون..

ومثل هذا التحدي والاستعداد كان يتطلب أعلى درجات الاستنفار ..

 

ويتذكر رفاق البعث كيف عندما كان البعث والثورة ينتصران في منازلة كانت تنتظرهم مواجهة اخرى..مواجهة جديدة من أعداء لا يستكينون..

وهكذا دخل الحزب الى السلطة عام 1968 مستنفرا ..

 

وبقي يدافع عن العراق مستنفرا الى يوم 9 نيسان 2003 لينتقل مرة اخرى ويعود الى  بيئته واسلوبه وتقاليده التي خبرها في العمل السري ليجد نفسه مرة اخرى امام تحدي جديد ..وايضا من نوع جديد ..

 

كان هذا التحدي كالتنين ذو الاربع رؤوس تنفث السم والنار وهي ( وحدة وسلامة الحزب ضمن حملات التصفية والاغتيال والملاحقة ، وجود الاحتلال غير الشرعي والسلطة المنصبة من قبله، الهجوم الاعلامي والسياسي العدائي على الحزب وتأريخه وحملات التشويه والتزوير ، وظهور فصائل في الميدان وهي تواجه او تدعي مقاومة المحتل وتناصب الحزب العداء ) ..

وبغض النظر عن المسؤولية ومن يتحملها وكيف حدثت كان على الحزب لن يتصدى لهذه المخاطر وكما يلي :

 

- العمل فورا على إعادة ترتيب الوضع الداخلي للحزب وتنظيم صفوفه والحفاظ على الرفاق والمناضلين وتعبئتهم وتدريبهم وتثقيفهم والتأكيد على توحدهم وتكاتفهم والصمود بوجه الحملة الشاملة ضدهم من اغتيالات واعتقالات وملاحقات ..

 

- مقاومة الاحتلال والسلطة من الادلاء وناقصي الذمة الذين نصبهم المحتل ..مقاومة مسلحة ووفق النهج الذي تم إعداده والخطط التي تدرب عليها الحزب قبل بدء العدوان ..والسعي لبناء جبهة وطنية عراقية واسعة لمقاومة المحتل .

 

- التصدي للهجمة الاعلامية العدائية المركزة والمنظمة ضد الحزب وتأريخه وماضيه وفكره وإنجازاته وهذه الحملة التي تتلقى الدعم والتأييد والتمويل بلا حدود.

- كيفية التعامل مع القوى التي تقاتل المحتل وتناصب الحزب العداء السافر.

 

وقبل ان نتحدث عن المهمات الجديدة للحزب ومناضليه ..لنا عودة على اولائك الذين تسلقوا سلم السلطة باتباعهم مختلف الوسائل في زمان الدولة والبعث ..

وتحولوا فجاة بعد الاحتلال الى مظلومين ومهمشين في زمن النظام السابق ..وخبراء ومحللين ومنفذي منهج المحتل والحكومة العميلة هذه الأيام!...

 

 

 





الاحد٠٥ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٩ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د.محمود عزام نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة