شبكة ذي قار
عـاجـل










إن أكثرية الأكراد موجودة في بلدان غير عربية والقسم الموجود في العراق هم أقلية صغيرة نسبياً، ثانياً واقع الأكراد في البلاد العربية يختلف كل الاختلاف عن واقعهم في البلدان التي هم فيها كثرة: تركيا وإيران. فالأكراد عاشوا قرونا طويلة مع العرب وحتى الآن ما عرف في طول هذا التاريخ أي تمييز بينهم وبين العرب، وبالتالي أي اضطهاد أو ضغط، كانوا كشعب واحد وأبطالهم السياسيون والعسكريون في هذا التاريخ المشترك كانوا هم أيضا أبطال العرب. وهذان الشيئان يُظهران بوضوح كبير ان الحركة الكردية في البلاد العربية والعراق خاصة كانت موضع الاستغلال الاستعماري لأن البلاد العربية هي اقل البلاد ملائمة لظهور الحركات التمردية او الثورة الوطنية الكردية. فإذن كان اختيار العراق للبدء بالتمرد بداية مفتعلة ومقصودة من الاستعمار زمن الحكومات الرجعية والعميلة لخلق مبررات لنزاع مفتعل.


الحركة الوطنية الكردية لا يمكن ان تتناقض مع الثورة العربية، اذا تناقضت فيكون الاستعمار وراء هذا التناقض سواء في خلقه لقيادات عميلة لهذه الحركة أو بدفعه وتوريطه لحكومات عربية رجعية أو إنفصالية للتصدي لتلك الحركة بالأساليب التي تساعدها على التفاقم طوال قرون عديدة. الأكراد هم مواطنون عرب مسلمون كغيرهم من العرب المسلمين لا يوجد أي فرق بينهم، عندما كانت البلاد العربية تشكل دولة أو دولاً عربية إسلامية. وفي العصر الحديث كانت الدول الغربية الاستعمارية هي البادئة بإيجاد الفروق وعوامل التمييز بين العرب والأكراد سواء باضطلاعها بمهمة التنقيب عن المميزات التاريخية واللغوية والعرقية للأكراد لتكوّن من ذلك منطلقاً للانقسام في بلدان المنطقة التي كانت هذه الدول تخطط لاستعمارها منذ القرن الماضي، وسواء بتوجيهها للحكومات والقيادات العربية، بعد دخولها هذه البلاد، كما فعلت في مناطق اخرى من العالم وفي البلاد العربية بالذات حيث حاولت نفس المحاولة مع البربر في شمال أفريقيا وقبائل جنوب السودان. ولكن هذا لا يعني ان الاستعمار يستطيع ان يخلق ظاهرة تاريخية فالظاهرة القومية هي من ظواهر العصور الحديثة ودور الاستعمار يقتصر على استغلالها ومحاولة الانحراف بها عن طريقها السوي وتسخيرها لمصلحته.


وهذا يظهر الفرق بين الاستغلال الاستعماري لمسألة الأقليات القومية وبين الحل الاشتراكي الذي تفادى التصادم بين القوميات المختلفة في دولة واحدة عندما طرح الموضوع على أساس الاشتراك في المصير الواحد بين مختلف القوميات في ظل الدولة الاشتراكية وانتفاء الاستغلال الطبقي والتسلط القومي في آن واحد.


لذلك نعود لنكرر الحقيقة الأساسية التي يجب ان تكون الأساس والمحور للوصول إلى حل لمشكلة الأكراد وهي أنه لا يجوز ان يوجد تناقض بين الثورة العربية والحركة الوطنية الكردية فالشعب العربي في مختلف أقطاره هو منذ أكثر من قرن هدف لهجوم استعماري فريد في عنفه وبطشه وفي هذا الوقت بالذات يبلغ هذا الهجوم على الشعب العربي وأرضه وخيراته ذروة التآمر والعنف مما يجعل طريق الثورة العربية هو الطريق الطبيعي والأساسي لكل ثورة تحررية وتقدمية في العالم الثالث والمعيار والكاشف لكل ثورات وحركات التحرر والتقدم في العالم كله. فالحركة الوطنية الكردية هي جزء مشروع وأصيل من الثورة العربية ضد الاستعمار والصهيونية والاستغلال الطبقي والتخلف والتجزئة. وكل ما ينحرف بالحركة الوطنية الكردية نحو الإلتقاء والتواطؤ مع الامبريالية والصهيونية ويضعها في صف الطبقة الإقطاعية وفي صف الانفصال، يجب ان يكشف ويفضح كتآمر على الثورة العربية والحركة الوطنية الكردية في آن واحد وان تكون تلبية مطالب الحركة الوطنية الكردية في إطار هذا الانسجام بينها وبين مسيرة الثورة العربية.

 

 





الاثنين١٧ جمادي الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / نيسان / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زيد احمد الربيعي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة