شبكة ذي قار
عـاجـل










في مثل هذا من عام 2003 أرتكبت جريمة ضد الحضارة والتاريخ والمدنية والإنسانية، فقد دخلت القوات الأمريكية الى بغداد في هذا اليوم، بغداد حاضرة بلاد الرافدين والشرق كله، بغداد عاصمة الدولة الإسلامية، بكل ما حمله الإسلام من قيم الإنسانية، ودعا للتوحيد لله والمحبة والسلام والتسمح والتعاون بين البشر، وإعتبر البغي والعدوان والتمييز والغلو والتعصب من صفات الجاهلية، ونهى عن الفحشاء وإتباع الأهواء ولجشع والطمع من أعمال المنكر، الإسلام الذي قال الله تعالى عنه أنه هدى ورحمة للناس، الذي دعا لمكارم الأخلاق، وأرسى قيم السماء التي أرادها الرب الرحيم، لتكون قواعد إنطلاق لتعميق القيم الإنسانية والتي دعت لها رسالات السماء السابقة، وأنبياء الله من ذو الخليقة وحتى إكتمال دين الله، بإكتمال القرآن وسنة خاتم النبين.

 

نعم لقد كان العدوان على العراق بمبرراته الكاذبة والتي سنأتي عليها عدوانا على البشرية وحضارتها الإنسانية وقيمها، والأدلة قدمها المحتلون أنفسهم، ولا يجد أي إنسان صعوبة أو يحتاج جهدا لإثباتها، فمع الساعات الأولى لدخول قوات الغزو والإحتلال كان هدفها الأول المتحف الوطني العراقي، والذي يعرف كل البشر أنه يمثل تاريخ التطور الحضاري والمدني للبشرية، حيث أن حضارة العراق وبلاد الرافدين تمثل الخطوات الأولى للتحضر البشري، ومع تقدم قوات الإحتلال في بلاد الرافدين قامت قوات الإحتلال بإتخاذ مقرات الجامعات العراقية معسكرات لقواتها، بدءا من جامعة البصرة ثم الكوفة ثم القادسية ثم بابل وواسط وصولا لبغداد، وهذا له معاني كثيرة ودلالات عميقة، فهو يوضح موقف الإدارة الأمريكية وقواتها من العلم والتعليم، ومن ثم وعند دخول الغزات لبغداد الحضارة والتاريخ يصعد مجند أمريكي ليضع علم الغزاة على صورة قائد العراق وهذا له دلالات لكل حر شريف مؤمن بكرامة الوطن والمواطن، فهو إعلان عن إحتلال العراق، وبدأ إستعماره أمريكيا، وليس إعلانا بسقوط نظام حكم، وعندما أوعزت قوات الإحتلال لمرتزقتها- الذين حرصت على أن يرافقوا قواتها- بنهب موجودات دوائر الدولة والمستشفيات والبنوك، وحتى دور المواطنين ومقرات المنظمات الشعبية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني، فهذا إعلان بأن الهدف تدمير بنية الدولة العراقية ومؤسساتها، البدأ بتدمير المجتمع العراقي كله، وعندما قامت بتصوير ذلك وعرضه من على شبكات الفضائيات المجندة معها، فهو محاولة قذرة ودنيئة ومحاولة ساقطة لتسقيط قيم شعب ومجتمع عرف بأخلاقه وقيمه، فهي بأولئك المرتزقة الذين لملمتهم من قذارات المجتمع العراقي والعربي كانت توحي بأن هؤلاء هم شعب العراق، خسئت أمريكا وكيانها القائم على الجريمة والإنحطاط .

 

ومن قبل عندما إعتمدت المحاصصة الطائفية والعرقية في تشكيل مجاميع من أسمتهم المعارضة العراقية، فوضح بشكل مكشوف أدواتها ووسائلها الدونية والبشعة في تدمير وحدة الشعب، وعند تشكيلها لما سمته بمجلس الحكم إعتمدت ذات الأساس القذر (المحاصصة).

 

ومرت السنين ليثبت ما قلناه قبل وبعد الإحتلال إن أمريكا غزت العراق وإحتلته لعدة أسباب :

 

1.     كونه صار نموذجا لشعوب المنطقة والعالم.

2.     كونه قاعدة الثورة العربية بمشروعه الإيماني الحضاري، وبات يشكل توازنا حقيقيا للقوى في المنطقة.

 3.  كونه صار قوة ردع حقيقية مهددة للكيان الصهيوني، ورادعة للمشروع الصهيوني في الوطن العربي والمنطقة عموما.

 4.  كونه يمتلك ثروات كبيرة، وخصوصا في مجال النفط والغاز والفسفور والفوسفات والكبريت، ويمثل إحتياطه من النفط والغاز حجما فاعلا في مستقبل الإقتصاد العالمي.

 

أما ما أعنته الإدارة الأمريكية المتصهينة وحلفائها من أن الحرب على العراق كانت لأجل :

 

1.  تدمير أسلحة العراق، فقد كذبت بإدعائها وإعترف أركان إدارتها بكذبهم وفي مقدمتهم المجرم الدولي بوش الكلب وبلير التابع.

 

2.  وجود علاقة لنظام الحكم في العراق مع تنظيم القاعدة، وثبت بطلانه وزوره، وإعترفوا هم بأنه بهتان لا أساس له ولا بينة ولا قرينة لإدعاءهم ذاك، وإنما بني على معلومات مخابراتية غير صحيحة (مفبركة).

 

3. بناء نموذج للديمقراطية، فيا لبأس ما فعلوا، لقد كان فعلهم إساءة متعمدة لمعنى الديمقراطية وتشويه لها.

 

4.  حماية حقوق الإنسان ووضع أسس لبناء نظام حكم ملتزم بها، لقد كفرونا بها.

 

وهذا لم يكن غباءا من أمريكا وإدارتها المجرمة، أوسوء إدارة وقلة معرفة ممن ولتهم السلطة في العراق بدءا بقائد جيوشها ثم بريمر الحاكم المدني كما يسموه!!، بل كان بتقصد ولغايات شريرة، يفقهها الواعون والعارفون يخبث أمريكا وحليفتها الصهيونية، وها هي نتائج ديمقراطيتها يجنيها شعب العراق، وإليكم بعض الصور البشعة بالأرقام لديمقراطيتعا وحمايتها وترسيخها لحقوق الإنسان، كأمثلة:

 

قتل يومي بل مجازر إرتكبتها قوات الإحتلال وشركات المرتزقة، وأولها بلاك ووتر وما يسموه القاعدة، وحقيقتها مجاميع من المليشا والمرتزقة المرتبطة بشكل مباشر بقوات الإحتلال وأطرافه الثلاثة، أمريكا والكيان الصهيوني ونظام الصفويين في إيران، ومجازر أخرى ترتكبها الكتل التي نصبها الإحتلال حكومات للعراق، وسجون وزارة الداخلية والسجون السرية وما يجري فيها تؤكد ذلك.

 

 نصف سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر، وربع العراقيين يلجؤن لمكبات النفايات لسد جوعهم وعريهم. 

 ثلث سكان العراق مهجرين في الداخل والخارج. 

 جامعات ومدارس بلا أكاديميين ومدرسين.

 

 عراق بلا كفاءات علمية ولا خبرات في مجالات التنمية كلها، فأساتذته وعلمائه قتل من قتل وهجر وهاجر من بقي حيا، وأطبائه وكفاءاته الطبية تعمل في كل العالم إلا في بلدها، وكذلك مهندسوه وذوي الكفاءات في مجال الفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلوم الأرض والزراعة والصناعة وكافة مجالات العلوم الصرفة، خيرة مؤرخيه ومثقفيه وشعراءه وفنانيه وإعلاميه يعيشون في ديار الغربة،  ويستغلون إستغلالا بشعا من قبل الشركات وأصحاب رؤوس الأموال، وتهدر حقوقهم في داخل بلدهم لشمولهم بالإجتثاث، وفي خارج بلدهم عبر وسائل كثيرة أولها التهديد بعدم تجديد الإقامة وعدم العدالة بالإجور.

 

خمسة ملايين وأكثر من الأطفال الأيتام، فقدوا كل حقوق الطفولة. 

مليون ونصف أرملة تنوء بحمل رعاية أطفالها وتكافح من أجل توفير أبسط مستلزمات الحياة لهم. 

ثلاث ملايين معوق. 

ملايين العوائل التي تعيش في مساكن غير صحية، ولا تصلح لإيواء كائن حي وليس البشر، نتيجة العوز والتهجير الداخلي والتعسف السلطوي. 

أكثر من ستة ملايين أمي أبجدية، وأكثر من نصف الشعب أميين في علوم التقنيات الحديثة والثقافة العامة. 

أربعة ملايين عاطل، بسبب توقف كل التنمية، إضافة للفساد المالي والإداري.

 

فاسدون ومفسدون ولصوص يحكمون البلاد ويتحكمون بالعباد، لاصلة بينهم وبين الشعب، وهم يعلنوا ذلك بكل وقاحة، وكان آخر شاهدين على إعلانهم ذلك صفقة السيارات المصفحة لأعضاء ما يسموه البرلمان، والآخر ما جرى من إجراءات إبان إنعقاد مؤتمر القمة في قصر الفاو بمنطقة الرضوانية القريبة من بغداد.

 

نصف شاغلي المناصب العليا وإعضاء البرلمان وقيادات الجيش والشرطة وأجهزة الأمن وأساتذه في الجامعات هم من حملة الشهادات المزورة، ولا يمتلكون الحد الأدني من التعليم المطلوب.

 

عصابات ومليشيات مختلفة الأجندات والأهواء والتبعيات تتصارع بينها لكي تستولي أكثرها فسادا وتسليحا ومكرا على ثروات البلد عبر تولي مناصب ما يسموه حكومة. 

●  شعب يقتل، ويجبر على الإقتتال بإسم الطائفية والمذهبية والجوع.

 

●  ظهور مافيات عديدة، برعاية وتمويل قوات الإحتلال ومرتزقته ممن يدعون أنهم عراقيون، فيقتل الأطباء والصاغة والتجار والصرافيين وأصحاب السيارات لنهب ممتلكاتهم، ويخطف رجال الأعمال وأبناء العوائل المتمكنة لغرض الفدية، ونشطت تجارة السوق السوداء (السلاح والمخدرات والحمايات الخاصة والدعارة والمتاجرة بالإنسان كاملا أو مجزءا).

 

إنتشار أمراض السرطان وفقدان المناعة وفقر الدم والتدرن الرئوي وشلل الأطفال والأمراض النفسية، نتيجة العدوان وإستخدام الأسلحة المحرمة دوليا، وإهمال اللقاحات الضرورية والمقررة عالميا ووطنيا،والإرهاب الذي يتعرض له المجتمع خصوصا الأطفال والنساء، وسوء التغذية، وعدم توفر الماء الصالح للشرب وإنتشار المواد الغذائية الفاسدة في الأسواق، وغياب الرعاية الصحية وإنعدامها.

 

أكثر من خمسة وخمسون قنبرة ومقذوف غير منفلق، وحاويات عنقودية ومواد مشعة تلوث أرض ومياه العراق، ومناطق ملوثة إشعاعيا، وغيرها ألقتها قوات الإحتلال على أرض العراق توزع الموت على العراقيين.

 

هذه الديمقراطية التي جاءت بها أمريكا، وهذه حقوق الإنسان التي رسختها في المجتمع الجديد، ووكلت بها حلفائها قوات نظام إيران وأتباعه الذي سلمتهم الحكم. سيظل يوم التاسع من نيسان يوما يكشف حقيقة النظام الإمبريالي ومشروعه الشرير، ويسجل بأن فيه أرتكبت أبشع جريمة في تاريخ البشرية وضدها، ودون أن تنتصر البشرية لإنسانيتها ولم تدافع عن نفسها ضد المجرمين وما لإرتكبوه.

 

 

جمعية المهندسين العراقيين المناهضون للغزو والمقاومون للإحتلال

 

 





الثلاثاء١٨ جمادي الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٠ / نيسان / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب جمعية المهندسين العراقيين المناهضون للغزو والمقاومون للإحتلال نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة