شبكة ذي قار
عـاجـل










تكلمنا في ختام الجزء الثاني أن بغداد تعرضت لعدة حروب وغزوات، لكن تبقى هي بغداد العرب بغداد المنصور والرشيد،
قال أحد المؤرخين الاجانب لو أن مدينة إخرى غير بغداد تعرضت لما تعرضت له بغداد لازالت عن الوجود ولم يلقى إلا أسمها..


وأول أحتلال حصل لبغداد منذ نشأتها كان في عهد الخليفة المستعصم بالله من قبل المغول وبدأ بالحصار
عام 1258 بعد أن هزم جيش الخليفة بقيادة مجاهد الدين أيبك بالقرب من بغداد، أستمر الحصار 12 يوماً انتهى بدخول المغول بغداد وأستباحتهم للمدينة وقتلهم للخليفة المستعصم وبمقتل الخليفة العباسي أنتهت الخلافة العباسية ودمرت بغداد وقدر من قتل من أهلها ومن حولهم بمليوني قتيل.. وما أشبة الليلة بالبارحه.

 

بداية الحرب:
قاد الجيش المغولي هولاكو خان ومعه القائد الصيني جو خان نائبه بالقيادة المخصصة لبغداد في نوفمبر من سنة 1257م. ولم يكن هولاكو وحده بوذي المذهب ولكن معظم كبار قادة جيشه كانوا كذلك.


بالإضافة إلى الجيش الرئيسي من غير المسلمين, كان معه من ضمن الجيش قوات مسلمة شاركت معه هجومه على بغداد
. لكن يجب أن ناخذ بالاعتبار أن المسلمين المنضويين تحت إمرة هولاكو كانوا ذوو مذاهب متعددة ومن جميع الطوائف الدينية الإسلامية وهكذا لا نرى فقط أن "زهرة الإسلام تذوى" كما قال(ستيفن داتج), بل تتمزق وتنقسم إلى عداوات مميتة منذ البداية, نفس الشيء الذي يحصل هنا فهو موجود بالديانات الأخرى كالبوذية والمسيحية, فقد مزقتهم الحروب والمنافسات. فقد حصل بتلك الفترة من التاريخ العالمي مالم يحصل أبداً بتاريخ البشرية: حوادث يندي لها جبين الإنسانية, أخ يحارب أخاه, أحداث دموية طاحنة, أخوة يشربون دم أخوهم.


سار هولاكو بأضخم جيش مغولي على الإطلاق وبأمر من منكو خان, واحد من كل عشرة مقاتلين بالإمبرطورية كلها يجب أن يذهب مع هولاكو (ساندرز 1971) وأنضم إليهم جيوش من جورجيا الذين كان لهم دور نشط بتدمير المدينة, ألان ديمورجيه قال بأن هناك قوات من الفرنجة من إمارة انطاكيا الصليبية كانت لهم مشاركة بالهجوم, وحسب أقوال عطاء الملك الجويني قال بأن هناك ألف من خبراء المتفجرات الصينيين بالإضافة إلى جيوش من الأرمن والجورجيين والفرس والترك الذين شاركوا بالحصار.


طالب هولاكو الخليفة بالاستسلام ولكن الخليفة العباسي رفض محذرا المغول بأنهم سيواجهون الغضب الرباني إن هم هاجموا الخلافة, والكثير من المؤرخين يقولون بأن الخليفة فشل بالتجهيز لهذا الهجوم فلم يستطع أن يكوِن جيش بسبب طرد الجنود وشطبهم من ديوان الجند من قبل وزير الدولة الخائن ابن العلقمي الذي لم يقو أسوار المدينة أيضا. ويقول ديفيد نيكول بأن الخليفة بالإضافة لفشله بتجهيز ماسبق فإنه أساء كثيرا لهولاكو بتهديده إياه, إضافة إلى وثوقه المبالغ به لوزير الدولة ابن العلقمي وهذا مما ساعد على تدمير المدينة مع أن مونكو خان أمر أخاه هولاكو بالمحافظة على الخلافة إن وافق الخليفة على الخضوع لسلطة المغول.
لاكن الخونه هم من أراد سحق الخلافة.


قبل التوجه لبغداد دمر هولاكو قبائل اللور, وبمجرد السماع به استسلمت طائفة الحشاشين عندما حاصر قلعتهم المنيعة المسماة قلعة ألموت بدون أي مقاومة، ولكنه قضى عليهم تماماً باستثناءالخائن نصير الدين الطوسي الذي لحق هولاكو عام 1256, ثم تقدم صوب بغداد.


على مقربة من بغداد قسم هولاكو قواته قسمين شرقي وغربي نهر دجلة حتى يحكم الحصار. استطاع جيش المسلمين أن يصدوا بعض القوات المهاجمة صوب الغرب ولكنهم هزموا بعد ذلك. القوات المغولية دمرت بعض السدود وأغرقت الأرض خلف جيش الخليفة لإيقاعهم بالكمين, مما أدى بالكثير من العسكر إما ذبح أو مات غرقاً. وبأمر من جوخان فإن الوحدات الصينية من الجيش المغولي طوقوا المدينة وبنوا الحواجز والخنادق وأحاطوا المدينة بآلات الحصار من المناجيق والمقالع وبدأ الحصار وكانت المعركة سريعة بواسطة الحصار المحكم. وبتاريخ الخامس من شباط كان المغول قد احاطوا بكل أسوار المدينة, وحاول الخليفة المستعصم المفاوضة ولكن الوقت قد تأخر على المفاوضة فبغداد محاصرة, بتاريخ العاشر من فبراير دخل المغول المدينة وبدؤوا إسبوع من المذابح والنهب الإبادة. وما أشبه الليله بالبارحه.


تدمير عاصمة الخلافة:
أتمنى من القارئ التركيز على اوجه الشبه بين المغول وماحصل ٢٠٠٣


العديد من المقالات التاريخية فصلت وحشية المغول الغزاة فمثلاً:


بيت الحكمة: كان يحتوي على عدد غير محدود من الوثائق والكتب التاريخية النفيسة من المواضيع التي تحتوي من الطب إلى الفلك وجميعها دمر, الناجين من البشر يقولون بأن دجلة كان أسود من الحبر بسبب الكميات الهائلة من الكتب المرمية بالنهر. الكثير من الأهالي حاولوا الفرار ولكن المغول يعترضونهم ويقتلونهم بشكل عشوائي, عدد القتلى كان حوالي 90,000 عند بعض التقديرات ولكن تقديرات أخرى أعطت أعداد أكبر بكثير من هذا الرقم, أي من 200,000 إلى المليون أو المليونين شخص قد قتل المساجد والقصور والمكتبات والمستشفيات نهبت ثم دمرت. الأبنية الكبيرة التي كانت تعمل لأجيال نهبت وأحرقت ثم سويت بالأرض.


قبض على الخليفة وأجبر على رؤية الدمار الحاصل للمدينة والقتل للناس ونهبت كنوزه كلها. معظم الروايات تكاد تتفق على أن الخليفة قتل دهسا بالخيل, لف بواسطة السجاد وجعلوا الخيل تدوسه حتى الموت, وكانوا يعتقدون بأن الأرض ستغضب كثيرا إن مسها دم ملكي. وقتل جميع أبنائه ماعدا واحد منهم أبقوه حياً وأرسلوه إلى منغوليا.


اضطر هولاكو بنقل مخيمه عكس الريح عن المدينة بسبب رائحة الموت والدمار الذي ينبعث منها.
كان المغول يدمرون كل مدينة تبدي أي مقاومة لهم, والمدن التي تستسلم مباشرة لهم يمكن أن يتركوها لتنجوا. تدمير بغداد كان نوع من التكتيك العسكري لكي يجعل المدن أو الولاة الآخرين يستسلمون دون قتال, وقد نجح ذلك مع دمشق ولكنه فشل فشلا ذريعا مع المماليك الذين بدلا من أن يقاوموهم فقد هزموهم بعين جالوت, وهي المعركة الأولى التي لم يستطع المغول الانتقام لها.


تدمير شبكات الري:
يعتقد بعض المؤرخين بأن غزو المغول قد دمر الكثير من البنى الأساسية للري والتي كانت موجودة منذ حضارة ما بين النهرين قبل آلاف السنين. قطعت قنوات الري بسبب التكتيك العسكري, وكانت أعظم الأعمال التهديمية التي ارتكبها هولاكو هي التخريب المتقن في السدود والأنهار ونواظم الإسقاء ولم ترمم بعد ذلك, تسبب قتل أناس كثيرون وهروب غيرهم إلى عدم تصليح نظام الري ولم تقم بذلك أيضاً أي هيئة أخرى لهذا إما أن تكون دمرت أو ملئت بالطين والطمي. تلك كانت نظرية المؤرخ سفاتوبلوك سوجيك بكتابه: تاريخ آسيا الصغرى, وأيده آخرون مثل ستيفن داتج.


وأما عن طور الخائن أبن العلقمي:
يقول أحد الكتاب وهو ريوفان أميتاي بريس ان المغول تلقوا المساعدة من المسلمين الشيعة الذين يحملون الضغينة ضد المسلمين السنة.اما ابن كثير فقد ارجعها إلى فتنة عظيمة حدثت بين الشيعة والسنة نهبت فيها الكرخ ومناطق الشيعة في المدينة ووصل السلب والنهب حتى بعض اقارب الوزير ابن العلقمي قبل عام من سقوط بغداد مما زاد حنقه على الخليفة خاصة والسنة عامة ونتيجة لذلك سهل لهولاكو دخول بغداد وأصبح ابن العلقمي وزيراً لهولاكو، لكن كاتب آخر وهو ديفيد نيكول زعم بأن معظم الشيعة الذين انضموا إلى جيش المغول لم يكن بدافع الخوف من أن يقتلهم المغول, مع أن من قاومهم قد لاقى مصير الموت, فهم استسلموا لهم مباشرة وأغلبهم من جنوب فارس وأيضاً ما يعرف اليوم بشمال العراق وقد سمح لهم بأن يعيشوا ولكن بما أنهم يخضعون لحكم المغول فيجب عليهم أن يمدوا الجيش المغولي ( و سمي بعد ذلك بإلخانات ) بالرجال. ولينظم هولاكو ذلك أدخل تلك القوة بجيشه مع أن الغالبية الساحقة من جيشه كانوا مغول ( واحد من كل عشرة من المغول ينضم لجيشه ) والقبائل التركية الخاضعة للمغول.


بعد سقوط بغداد بعام عين هولاكو عطاء الملك الجويني حاكماً لبغداد وجنوب العراق وخوزستان.
بتدخل من زوجة هولاكو النسطورية دوكوز خاتون لم يتعرض أحد للسكان المحليين المسيحيين.وعرض هولاكو قصر الخلافة للنسطوري مار ماكيخا وأمر له ببناء كاتدرائية النتائج اللاحقة تتعلق بالاختلافات التي حصلت لهولاكو بالنسبة لديانته البوذية.


وهذا أول أحتلال لحبيبتنا بغداد سبحان الله ماأشبة الليلة بالبارحه نفس الغزاء ونفس الخونه والخطة والنتائج..

تابع الجزء الرابع أحتلال بغداد١٨٣١

 

 





السبت٢٨ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٩ / أيــار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو بعث العتيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة