شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

( أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ماكوا يفترون * لا جرم أنهم في الأخرة هم الأخسرون )

صدق الله العظيم

 

 

قلنا مرارا في كتاباتنا، أن الإسلام تشريع رباني لنقل البشر من الجهل والتوحش والأنانية الى الخلافة الحق لله تعالى، التي خلق الله تعالى الإنسان لأجلها، (إني جاعل في الأرض خليفة)، وليس عبادات مفروضة، وهو ليس أحكام الطهارة وعقود الزواج والنكاح والإرث و...إلخ، فهو قبل كل هذا ومعه هو تبيان للمعاملة الإنسانية العميقة بين البشر، وهو جهاد للنفس والغير بكل الوسائل لخلاص الإنسان الفرد والبشرية جمعاء من معاناتها، فكم من الذين يتعاقبون الى المساجد ويؤدون الحج والعمرة كل عام لا يفقهون من الإسلام شيءً، أو هم يخالفون الدين ولكنهم يراءون، وهؤلاء الذين وعدهم الله عز وجل بالويل، (ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون* الذين هم يرءون ويمنعون الماعون*)، للأسف لا يرون في الإسلام غير إداء الشهادتين والصلاة والصيام والحج والزكاة، لأنهم جهلة بدينهم، إن كانوا بجهل يفعلوه فهم جاهلون بدينهم وهو إثم، أو بعمد وهنا يكونوا منافقين، فالإسلام شيء فوق هذا كله، وما هذه الأركان إلا ليدخل المرء الى الإسلام، وليس كل من يدخل في الشيء صار منه، فقد يدخل لص الى المسجد ليسرق حذاء مصلٍ، أو قد يدخل للذهاب الى الحمام لقضاء حاجته دون أن يؤدي حتى تحية المسجد.

 

 فلنتعرف على الإسلام الحق في جانب من جوانب الحياة، والإسلام هو منهج الرسول الكريم وآل بيته عليهم الصلاة والسلام، ومن خلال هذا التعرف سنجد كم من المدعين والمنافقين والمتسترين بلبوس الدين هم أبعد الناس عن الدين ومنهج الرسول وآل بيته وصحبه الغر الميامين عليه وعليهم صلاة ربي وملائكته والخلق أجمعين، فلنتعرف من خلال هذا القول العظيم (لو كان الفقر رجلا لقتلته) على الإسلام، وكيف يناقض المتوارون خلف الإسلام ومدعوا محبة آل بيت رسول الله منهج الإسلام كله.

 

لقد جاء الإسلام لتصيح مسار البشرية وهدايتها إلى طريق الحق، فهو تأكيد للهدي الرباني للإنسان منذ خلقه والمتمثل بالتوحيد لله والعمل الصالح والإيمان بيوم الحساب، وبعث الرسول ليعلم البشرية ذلك، وقد بدأ بمن إتبعه وآمن معه، فكان صلى الله عليه وآله وسلم قد تصدى لواحدة من مشكلات البشر ألا وهي الفقر والفاقة والحرمان، فهما من أشد أسلحة الشيطان وأخطرها على الإنسان، وهما سببان رئيسيان في كثير من الأمراض الإجتماعية الخطيرة كالإنحراف الديني، فقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا ما يربط الفقر بالكفر: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر)، والإنحراف الأخلاقي، والإنحراف القيمي والسلوكي، والأمراض النفسية، والأمراض الإجتماعية.

 

مؤمن بمستوى إيمان سيدنا علي عليه السلام يقول: (لوكان الفقر رجلا لقتلته)، ولا أريد أن أخوض في الأحكام، ولكن مما درسناه في القرآن وعرفناه من الأحكام فإن قتل النفس لا تجوز إلا في حالتين، النفس بالنفس أو الإفساد في الأرض، وقد يتفلسف بعض القانونيين ودعاة الحقوق في الدفاع عن الفقر فيقولوا من الذي ثبت الإدانة بالدليل على أن الفر قاتل، ففيها مجال للتفيقه، ولكن الحكم الثاني ثابت قطعا، فالفقر فساد في الأرض، وعلى هذا الحكم قال علي عليه السلام لو كان الفقر رجلا لقتلته، فلا يصح أن نحكم أن سيدنا علي عليه السلام يوافق على أن يرتكب المعصية بسبب قتله لرجل هو الفقر دون سبب، وكلنا يعرف عليا كرم الله وجهه، الذي يقول في إحدى مناجاته لربه: (عبدتك لا خوفا من نارك، ولا طمعا في جنتك، ولكني وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك)، تجسيد لمعنى الإيمان الحقيقي يتجلى في هذه المناجات، فلا الخوف من عذاب النار رغم معرفته الكاملة بهولها، ولا الطمع في الجنة وهو العارف بنعيمها، ولكن يعبد الله لأنه يدرك أنه أهلاً ليعبد دون سواه، إذن إستعداد الإمام علي عليه السلام لقتله لابد أن يكون عن قناعة تامة بأن الفقر فساد كبير في الأرض، وهنا نأتي لمحور مقالنا وغايته، بلد موارده السنوية أكثر من مائة مليار دولار ويعيش نصف الشعب حالة فقر وعوز!!!؟؟؟، ويعيش ربع أبنائه تحت خط الفقر أي العوز التام والفاقة!!!؟؟؟، ويدعي حكامه أنهم إسلاميون ويتبعوا نهج آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ماذا نسميهم؟؟؟

 

يقول الإمام علي عليه السلام في صفات الحاكم أو الأمير: (وأيم الله يميناً لأَرُوضَنَّ نفسي رياضةً تهِشُّ معها إلى القرص إذا قدرتْ عليه مطعوماً، وتقنع بالملح مأدوماً، ولأدعَنّ مقلَتي كعينِ ماءٍ، نَضَبَ معينُها، مستفرغةً دموعَها، أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرُك؟ وتشبع الربيضةُ من عشبها فتربِض؟ ويأكل عليٌّ من زاده فيهجَعْ ! قرّتْ إذاً عينُه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة، والسائِمة المرعيّة.. ).

كم من متأسلموا هذا الزمان ودعاة الورع والتقوى يطبقوا هذا على أنفسهم وخاصة الحكام؟ أليس هكذا يا برلمانيوا الإحتلال وحكومته، وبعكسه تكونوا قد خالفتم شريعة الله وسنة رسوله ومنهج آله وصحبه الطاهرين المكرمين؟

 

ويقول أيضاً: (ولو شئت لاهتديتُ الطريق إلى مصفى العسل، ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له في الشبع، أَوَ أبيت مبطاناً وحولي بطونٌ غرثى وأكبادٌ حرّى أو أكون كما قال الشاعر:

وحسبُك داءً أن تبيت ببطنةٍ     وحولك أكبادٌ تحنّ إلى القدِّ.

 

هذا منهج الإسلام وقول أحد أبرز ولاته ودعاته فأين أنتم منه، أيها اللصوص الفاسدون؟

 

ويقول عليه السلام: (أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوةً لهم في جشوبة العيش، فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها أو المرسلة شغلها تقمُّمها، تكترش من أعلافها وتلهو عمّا يراد بها...).

صفات للحاكم المؤمن في الإسلام، ومن لا يعمل به فهو كالبهيمة، حقا أن من يحكمون العراق اليوم لا يرتقون عن أن يكونوا كالبهائم إن لم تكن البهائم خير وأنفع منهم.

 

(إن الله تعالى فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضَعَفًة الناس كيلا يَتَبيَّغ بالفقير فقره). أي أن يلزم الحاكم أو الأمير نفسه بأن يكون كأضعف الناس دخلا، فهل من يدعون أنهم يتبعوا منهج الإسلام وسيرة آل البيت ويعملوا به؟ ومن يخالف مع علمه به ودرايته هل هو مسلم ؟ أيحب الله ورسوله وآل بيته ويتبع دينه من يفقر الناس وسرق حقهم؟.

 

ويقول  الخليفة الراشدي الرابع علي بن أبي طالب عليه السلام للأشتر عند توليته له على مصر: (ولا تقطعن لأحد من حاشيتك وحامّتك قطيعة ولا يطمعنّ منك في اعتقاد عقدةٍ تضر بمن يليها من الناس... وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج)، لاحظوا كم مخالفة لهم وتناقض مع حقيقة الدين، وكم يكذبون على الله ورسوله وأولياءه،

 

أ‌-   المالكي يتخذ من مال الشعب وثروات البلد مغنما، خاصا يقطعه لهذا (أي يعطيه دون وجه حق) ويمنعه عن ذلك، يعطيه للاهثين وراء السحت الحرام ومن لا دين ولا موقف لهم ليكسبهم به مؤيدين له.

 

ب‌- ويضر الشعب الذي يعيش تحت خط الفقر.

 

ت‌-   ماذا فعل هو وحكومته وحزب الفتنة في الأرض؟ تركوها تبور وتتصحر وهم ينهبوا واردات النفط ، التي يفترض أن تستثمر في إصلاح الأرض وإعمار البلد ليكسب الشعب قوته ورزقه منها.

 

ويقول الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه: (عجبت من لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج إلى الناس شاهراً سيفه). ثم يستنكرون لماذا تكثر الجريمة ويعم الفساد والإنحراف، وهم المسببون له بتجويع الناس، وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الحياة، يسكنون في الخيام وأحياءٍ بنيت من التنك والطين، ثم يقولوا لهم أنتم متجاوزين ويهدموا تلك العشش التي تؤويهم، لا كهرباء ولا ماء صالح للشرب، ولا فرص عمل ليكسبوا رزقهم، ولا أمان في بلدهم، ولا تكفل الدولة علاج مرضاهم وتعليم أبنائهم، ويتشدق أطراف العملية الخيانية بأن العراق بلد ديـــــــــــــــــــمقراطي، تبا لكم وسحقا لديمقراطية القتل والفقر والجوع والمرض والجهل والأمية.

 

يتقاضى أقل عضو مجلس وتني بدون مخصصات الحمايات والنثريات 8000دولار أمريكي شهريا، أي ما يساوي تقريبا= 8000 دولار*1250=10000000 دينار (عشرة ملايين دينار عراقي)، ومخصصات حماية 22000دولار شهريا أي ما يساوي 30000مليون دينار، فيكون المجموع(40) أربعون مليون دينار، غير مخصصات النقل والسيارات والنثرية والمنافع. وكل وزير يتقاضى 12000دولار أمريكي شهريا طبعا كذلك عدا مخصصات الحمايات والنثريات 12000*1250=15000000دينار عراقي، أضف له مبالغ الحمايات المعلن تقريبا:22000*1250=27500000 سبعة وعشرون ونصف مليون دينار عراقي، أي أن راتب كل وزير خمسة وأربعون مليون، والشعب جائع، ناهيك عن رواتب الرئاسات الثلاث ومستشاريهم وحماياتهم ومنافعم ومخصصاتهم ونثرياتهم، ويتبعها رواتب المحافظين ورؤوساء مجالس المحافظات وقادة الجيش والشرطة ورؤساء الجامعات وكلهم من أمثال المالكي وعصابة الفتنة. وعد الله تعالى ورسوله جامعوا المال والثروة الويل والحطمة، فليقرؤا سورة الهمزة، ولا نقول لهم أكثر مماجاء فيها.

 

يتبع لطفاُ

 

 





الاربعاء٣٠ رجــب ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / حزيران / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله سعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة