شبكة ذي قار
عـاجـل










الحادث //
في حادث بعيد عن القيم والأعراف العسكرية وفي استهانة واضحة لمشاعر أهالي ناحية الجدول الغربي في محافظة كربلاء هبطت في الساعة الرابعة عصر يوم الأربعاء المصادف 20 / 6 / 2012 مروحية عسكرية في الشارع الرئيس وقرب الدور السكنية في المنطقة، مما ولد استياء واستهجان شعبي كبير بين مواطني الدور السكينة التي هبطت الطائرة بالقرب منهم، وبين مصدق ومكذب للخبر تفاجئ الأهالي بترجل أحد الأشخاص وهو يرتدي ملابس " مدنية " أتضح فيما بعد أنه أحد أفراد الطاقم ومنزله يقع في المنطقة .


التعليق //
العقيدة العسكرية مصطلح مألوف في تاريخ الجيوش، وخاصة لدى العسكريين المحترفين، ولكنه في الوقت ذاته مُعقّد في إطاره ومحيطه وتركيبته، فهو موضوع يمتد من أعلى المستويات العسكرية إلى أن يصل إلى الأفراد، والتعريف العام لكلمة ) عقيدة ) في اللغة بأنه ( ما عقد عليه القلب والضمير، ويدين به الإنسان ) مع ملاحظة أن هذا التعريف لا يقتصر على العقيدة العسكرية، وإنما يشمل مختلف العقائد، وفي مقدمتها العقيدة الدينية.


ويمكن تعريف العقيدة العسكرية بأنه ( مجموعة من القيم والمبادئ الفكرية التي تهدف إلى إرساء نظريات العلم العسكري وعلوم فن الحرب وتحديد بناء واستخدامات القوات المسلحة في زمن السلم والحرب بما يحقق الأهداف والمصالح الوطنية ) وهذا يعني ان لها حدود ومفاهيم وخصائص لا يمكن فصلها عن بعضها لأن كل نوع يعد مكملا للآخر، ويمكن القول ان العقيدة تعتبر التاريخ مصدراً فعالاً وناجحاً لبنائها وتطويرها، لكونه حصيلة خبرة وتجارب.


ما قادنا لهذه المقدمة هذه هو ما حصل في كربلاء وتمت أماطة اللثام عنه، حيث يمثل الحدث قمة في الانهيار الاخلاقي والقيمي، ويعني في ما يعنيه تأكلا وانهيارا للمعايير السلوكية وتردي في ثقافة العقيدة العسكريّة خاصة بعد ان أتضح انه حالة متكررة وطبيعية في نظر الاخرين، فتكرار حدوثه سببه الاستهانة بحيث أصبح أمرا روتينيا ولا يثير الخوف من تبعاته القانونيّة، لأنّ العقيدة العسكريّة التي بنيت بمباركة الاحتلال الامريكي لم تنشأ بالأساس على قواعد أخلاقيّة، ولا على أسس ذات صلة بالقيم الإنسانية، بل اعتمدت على فلسفة الفوضى والتخريب.


ان العسكري الحقيقي كغيره من أبناء مجتمعه ابن أعراف وتقاليد وقيم اجتماعية، وهي تشكل بمجموعها منظومة اخلاقية يرتكز عليها السلوك الاجتماعي، حيث انها تغرس لدى العسكريين بحيث تتوافر لديهم السمات الخاصة التي تجعلهم قادرين على التصرف بحسن تقدير وبعد أفق يقود للمحافظة على هيبة واستقلالية المؤسسة العسكرية، حيث ان الأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها العسكري تكون ناتجة عن حاصل ذلك التمازج بين التربية الاجتماعية وما تفرضه من قيم أخلاقية وبين التربية العسكرية وما تستوجبه من التزام بتقاليد وأصول تشكل الأساس لمهنه أضفت عليها خدمة الوطن والشعب طابعاً مقدسا.


هذه الواقعة أظهرت المستوى المتدني للقيم الأخلاقيّة التي يتصف بها الجيش الميليشاوي، ذلك الجيش الذي بني بعيدا عن الاخلاق والتقاليد العسكرية ودون التمعن في كيفية تكوين الشخصية العسكرية، فلا يجوز بأي حال ان تنقل الطائرات العسكرية الافراد المدنيين إلا في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية وفي الحالات الحربية الضرورية إذا كانت الحرب قائمة، وليس من بين هذه الحالات بالقطع إيصال شخص لزيارة عائلته هذا ما نصت عليه الاتفاقيات.


يتضح مما هو حاصل ان الفساد ومظاهر اساءة استعمال السلطة لم تترك مجالا إلا ودخله، وهو ما عمدت على تعميمه تلك الاحزاب الطائفية العميلة المستمرة في نخر جسد الدولة بغية تمزيق النسيج المجتمعي فيها وفق ما موكل لها من مهام، ومنها تشويه وتحطيم أسس العقيدة العسكرية، ولا غرابة في ذلك طالما بدأ يتحكم من لا يفقه من رعاع احزاب الدجل والشعوذة بهذا الواقع المؤلم.

 

 





الاثنين ٥ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / حـزيران / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب متابع كربلائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة