شبكة ذي قار
عـاجـل










جاءت ثورة 17-30 تموز ثورة شعب بقيادة طلائعه المؤمنة الصادقة والشجاعة العفيفة التي لا تبحث عن مجد شخصي ولا غاية حزبية أو فئوية، بل هم فتية أمنوا بربهم فزادهم إيمانا، وشعب حباه الله أن يكون طليعة للبشرية ورائدا لها وحاديا للبشرية للخير والعمل الصالح مع قومه وأمته، فإلتقي هذا الشعب شعب العراق مع تلك الطليعة المؤمنة الصادقة فكانت ثورة 17-30 تموز القومية الإشتراكية، وكان ذلك السفر العظيم والضخم من الإبداع والتضحيات والجهد المخلص، الذي سجله شعب العراق بقيادة البعث، سفرا خالدا لن يستطيع كل ظلام الليل القاتم أن يحجب نوره، وليس قوى غاشمة أغواها الشيطان أو تلبسها بالتعبير الأدق فتحالفت لتقتل جند الرحمن، الذين وعد بهم كل فاجر كفر، فالصهاينة يعرفون من هم جند الله أولي البأس الشديد، والذين بهم كان للكافرين المغالين المجرمين الوعيد، إسألوهم هؤلاء الفاجرين المجرمين المحرفين للكلم والذين قست قلوبهم فصارت أشد من الحجر، إن الحجر ليتفجر منه الماء، هذه القوى الباغية وجدت نفسها تمتلك أسلحة الدمار الشامل بكل أنواعها، فغزت هذا الشعب العظيم لتدمر بنائه، وتقتل رجاله، وتنهب ماله، وتيتم أطفاله، فهي تمتلك أسلحة القتل الجماعي والإبادة الجماعية، وتمتلك القدرات المالية الضخمة التي تستطيع أن تغذي العدوان، وتمتلك وسائل إعلام قادرة على فبركة الحوادث، وتزوير الوقائع، وقلب الحقائق، وتضليل العقول، وشراء الذمم، ومسخ المتطلعين للمال والمناصب، وتجنيد الشذاذ واللصوص، وتحشيد كل شرير ليشارك معها بفعل الشر.


وفاء لتضحيات هذا الشعب العظيم، وشهادة لله العظيم الذي إعتبر من يخفي الشهادة فيكون قد إرتكب أكبر أنواع الظلم والإثم، فقد تطوع مجموعة من الرجال ليكتبوا الحقائق كما عايشوها وكما تفاعلوا مع غيرهم لتنفيذ بعضها، رغم أنا واثقون أن التاريخ قد تزوربعض حقائقه، وقد يدس فيه كثير من الأباطيل، ولكن لا يمكن تحريفه كاملا، مهما كانت قوة وقدرات الخصوم المالية والفكرية، فالله تعالى لا بد أن يظهر الحق ويبين شواهد الحقائق وإن كره الكافرون، والحق يعلوا ولا يعلى عليه، وزنحن واثقون أننا كنا على الحق ونعمل بالحق وسنظل على العهد بالإلتزام بالحق والعدل، وأن لا نفعل الباطل ولا نداهن الباطلين.


في ظرف عراقي وعربي يعاني من تدهور وإنهيار كبير، ففي الوطن الكبير كانت هزيمة حزيران وتداعياتها المهينة للأمة، وفي العراق كان الوضع الإقتصادي العراقي قد وصل لحافة الإنهيار، فلازلت رغم كوني كنت طالبا في ذلك الوقت أتذكر أن الحكومة تؤجل صرف رواتب الموظفين على شحتها أشهرا، فراتب الجندي كان ثلاثة دنانير وسبعمائة وخمسون فلسا، وراتب الشرطي سبعة دنانير وراتب المعلم ثمان عشر دينارا وراتب خريج الجامعة ثمانية وعشرون دينارا وراتب الطبيب أربعون دينارا، لاحظوا أن الرواتب لا تتعدى الدنانير ولا تحسبوا أني أخطأت في الأرقام، كان لي أخ عين مدرسا في لواء ( محافظة ) البصرة عام 1967 وكان أهلي يعطوه مصروفا منهم ليغطي إيجار سكنه ومصاريفه لأن الدولة تأخر الرواتب أشهر لعجز الموازنة، وكان كثير من خريجوا الجامعة التي لم تكن تتعدى جامعة بغداد وجامعة البصرة والموصل اللاتي إفتتحن في عام 1963 أبان حكم الحزب للعراق عام 1963 بعد ثورة 14رمضان المباركة، وكذلك أفتتحت الجامعة المستنصرية بدوام مسائي ولعدد محدود من الكليات هي الآداب والقانون والتجارة ( الإدارة والإقتصاد ) ، وكان دوامها مسائيا كي يغطي أساتذة جامعة بغداد ملاكها لمحدودية عدد الأساتذة، نعم كان خريجوا الجامعة يمتهنون مهنا لا تناسب تحصيلهم الدراسي، لعدم تنمية العمل في مؤسسات الدولة لإستيعابهم رغم محدودية أعدادهم، فكان البعض منهم يقوم بأعمال تعلن الإحتجاج، مثل يقوم بتنظيف وصبغ الأحذية في الشوارع الرئيسية في بغداد ( شارع الرشيد وشارع المحيط في الكاظمية وعند مداخل الكليات وقرب أضرحة الأولياء والدوائر الرئيسية ) ، وشوارع مراكز المحافظات ولكنه يتقصد بوضع شهادة تخرجه من الجامعة على صندوق الخشب الذي يستخدمه في عمله، والبعض يبيع الحلوى على الأطفال ويفعل كما فعل زملائه بوضع شهادته على عربة بيع الحلوى وهكذا...


نعم كانت ثورة تموز 17-30 تموز القومية الإشتراكية ثورة شعب أراد الحياة فكسر القيد، وأرغم الظرف، وفجر الطاقات، وسخر الإمكانات، وصعد وتائرالإبداع، وقدم التضحيات، سهرا وصبرا وعملا شاقا وحتى جوعا ولكن بإرادة وشموخ، بعيدا عن الغرور أو الكبرياء، عبر تطبيق المباديء العظيمة التي نهلها البعثيون من دستور الأمة المحفوظ كتاب الله الذي جاء مصدقا لما قبله ومهيمنا عليه القرآن المجيد، وعملوا في هدي سنة المصطفى عليه وعلى آله وصحبه أفصل الصلاة والسلام، وليكتب مجدا جديدا للبشرية ويعطيها درسا آخر كما عودها، وليبين للناس عموما معنى رسالتها الخالدة ( الإسلام ) ، وليقول بالعمل لا بالكلام إن الدين هو الإيمان والثقة بالله ونصره، والعمل الصال لخدمة الناس وأولهم الأهل، فقد قال لنا الحبيب المصطفى ( خيركم خيركم لأهله ) ، وهو الذي لا ينطق عن الهوى، نعم نحن بعثيون وهذا شرف لا تخشى فيه لومة لائم، أو غضب ظالم، ولكن فليعرف العرب وعموم المؤمنين وعموم أحرار العالم، وحتى أشرار الكون ومجرميه وفجاره، أننا وأقصد البعثيين لم نفكر يوما في مكسب أو مغنم، ولا في منصب أو وجاهة في الدنيا كلها وليس في الحكومة والسلطة، نعتبر كل واحد منا هو نفسنا، لأننا مجتمعين نحن واحد ومتباعدين كل منا يمثل رفاقه في الففكر والسلوك والعمل، وفي هذا لا أقصد كل من دخل في تنظيم الحزب هو بعثي، ونحن ندري بذلك، ولكننا كنا نأمل أن نرتقي بهم ليصلحوا أنفسهم ويقتربوا من البعث كخلق ومباديء، ولنا في شرع الله ورسوله وسنته أسوة في ذلك، فكم كان يعطي للمؤتلفة قلوبهم متأملا أن يزكوا أنفسهم فيؤمنوا بحق، نعم نحن من هذا المجتمع وعندما يكون الحزب في السلطة فإن البعض يتصور أن الإنتماء للحزب سيهيء له سبيلا أسهل وأبسط للفائدة التي يبحث عنها، فدخل في الحزب من مثل هؤلاء ولكن هل تلوث البحر جثة ميتة أو حوت نافق؟ أوهل يتنجس ماء نهر جارٍ عند ولوغ كلب أو خنزير فيه؟ فالبعث كالبحر والنهر العظيم الجاري لا يهم أن يدخل فيه أو يخرج منه اللا مؤمنون بل هذه فائدة له.


فالبعث ليس حزبا كباقي الأحزاب التقليدية، ولا هو كمنهج ومباديء ومشروع وأهداف أمرا حصريا لمنتسبي الحزب المنتظمين في خلايا ومنظمات، بل هو إيمان راسخ بحق هذه الأمة في الخلاص من العبودية والتحكم الأجنبي أو الداخلي من قبل أناس تحالفوا مع الأجنبي وخانوا الأمة والشعب وتواطأوا عليه ليتحكموا به، ويتخذوا أهله خول ( عبيد ) ، وثرواتهم مغنما، وهو أي البعث رسالة إنسانية تحكمها مباديء عظيمة هي حب الخير لكل الناس وإحترام خصوصياتهم القومية والدينية والأسرية والفكرية، وأن تكون العلاقة بين اللأمم والشعوب قائمة على المحبة والتعاون في العمل الصالح النافع لعموم البشر ورفض العدوان والبغي، فنحن قوم محمد العظيم الذي قال: ( لا فضل لعربي على أعجمي ألا بالتقوى ) ، وليت قومي والناس يفقهون ما هي التقوى؟ إنها الإيمان المطلق بالله والعمل بما شرعه لخير الناس ومنفعتهم، وهو فرض الفرائض لتحي القلوب وتدل على العمل الصالح لا لحاجة له فيها، وإن شاء الله العلي العليم نحن مدركون لمعناها كبعثيين، وهو حق لكل مواطن شريف ومؤمن ومخلص لهذه الأمة، وبضوء هذا الفهم قال الرفيق الشهيد صدام حسين في أحد اللقاءات مع المواطنين: كل مواطن مخلص حريص يعمل بكل جهده للوطن والأمة هو بعثي وإن لم ينتمي، وبهذا الفهم جاءت دعوة الرفيق المجاهد عزت إبراهيم كل أبناء الأمة وقواها المجاهدة والمناضلة لجبهة قومية جهادية لتحقيق خلاص الأمة وتحررها وإنعتاقها.


أنا متأكد أن كل بعثي يحب رفيقه كما يحب أهله وأبنائه، ولكن لو يرانا من لا يعرف علاقتنا وحرصنا على تحقيق الواجب الوطني لخدمة الشعب يتصور أن بعضنا يتصيد للآخر، فهو لا يشكره على إنجاز واجب، فجميهم يؤمن بأن لا شكر على واجب، لكنه يلومه وبقسوة إن أخفق أو قصر في عمله لخدمة الشعب والأمة، لا لأن اللائم يتوخى مكافئة أو مكسب معنوي عن تنفيذ الواجب، ولكن حرصا على إنجاز العمل وتقديم أفضل خدمة للمجتمع هذا أولا، ولكي لا يقول أحد أن فلان قد قصر أو أخفق في عمله، فغيرة الرفاق على بعضهم تجعلهم يلومون من يقصر حرصا عليه وعلى سمعته وهو الأمر الثاني، فالبعثيون الحقيقيون ينطبق عليهم قول الله تعالى رحماء بينهم أشداء على الكافرين، ونحن نفهم أن الكافر من يضر الشعب والناس ويخونهم أو يسرقهم بالمال أو عدم إتقان العمل أو هدر المال أو الوقت فكل ذلك سرقة للشعب، عندما نبين للناس مباديء البعث فنحن لسنا طامعين في أن يكونوا جميعا منتظمين في الحزب، لكننا حريصون أن يعمل كل مواطن مخلص بوعي وفهم وحرص ونية صادقة من أجل أن يخدم الشعب والوطن وعموم الإنسانية، بهذا المنهج الأخلاقي والمباديء الوطنية إنتمينا للبعث وبهذا الفهم العميق فجر البعثيون ثورة 17- 30 تموز القومية الإشتراكية، لم نكن باحثين عن سلطة ولا مناصب بل كما قال رفيقنا الشهيد صدام حسين: نحن خدم الشعب وأنا أول الخدم.

 

 





الثلاثاء ٢٧ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله سعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة