شبكة ذي قار
عـاجـل










ترعبنا كل صباح أخبار العراق التي تنشرها المواقع العراقية والعربية والأجنبية لما تورده يوميا من أعداد مخيفة عن القتلى والجرحى بعد ثلاثاء دام وأربعاء دام وجمعة دامية لم تتوقف منذ الغزو الهمجي ومجيء عصابات الاحتلال الى يومنا وفي كل محافظات القطر بينما لا نرى لكل هذه الجرائم بحق الشعب العراقي أي رد فعل او اهتمام من حكومة الاحتلال لا من شرطتها ولا من أمنها ولا من جيشها الذي بلغ تعداده بحسب الأعلام ما يقارب مليون فرد!


بل ان نوري المالكي باعتباره قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع وللداخلية ومسؤولا مباشرا عن الأجهزة الأمنية الأخرى واجه في شمال العراق رفض مليشيات البرزاني بدفع قوات عسكرية من لوائين نحو الحدود العراقية السورية قرب الموصل لدعم نظام الرئيس بشار الأسد فتصدت له مليشيات البيشمركة وأدى ذلك الى بعض المناوشات بين الطرفين بحسب الأنباء وكالعادة تدخل المحتل الأمريكي لفك الاشتباك بينه وبين المليشيات الكردية ولم نعلم أذا ما عاد اللواءا ن المرسلان الى بغداد أم ان المالكي 'أستخدم صلاحيات' الحكومة المركزية بشأن تواجد القوات العسكرية للحكومة الاتحادية في بعض مناطق الشمال التي تتحايل على تطبيقها الأحزاب الكردية الحاكمة وتحاول في كل موقف يشي بضعف الحكومة بقضم مزيد من الأراضي لضمها بالقوة دون ان يتحرك هذا الجيش للجم مثل هذه التحركات؟


هذا ما أل أليه حال جيش العراق الجديد الذي يتلقى أوامره من المحتل الأمريكي.فهل مثل هذا الجيش هو سور للوطن أم سور للمحتل؟ هل أن شرطة العراق الجديد هي في خدمة الشعب أم للأجندات التي تسير بها حكومة العراق عن بعد وعن قرب ؟


بقى الجيش العراقي الوطني حتى الغزو جيشا مدافعا عن العراق وعن أمنه كجيش للدولة العراقية وليس فقط جيش حزب يحمي النظام القائم ضد معارضيه ويسيطر على المراكز المهمة خوفا من أي انقلاب. وصان الجيش الوطني وحدة العراق ووحدة شعبه وأمنه، صان حدوده وصد الهجمة عن الحدود العربية ولم يتجرأ على العراق من يتجرأ عليه اليوم.


فشتان ما بين الجيش العراقي الوطني الذي أجتث وسجن وهجر وأبيد مع سبق الإصرار على يد حاكم الاحتلال الأمريكي بول بريمر ووكلائه في العملية السياسية وبين جيشه اللاوطني الجديد،هذا الجيش الذي يطلق عليه المدمج لأنه خليط من المليشيات المتعصبة والحاقدة والأمية ونسبة كبيرة باحثة عن الرزق فقط غير مدربة أدخلت إليه ، تفتقد الى العقيدة والتكوين مما يليق بالجيش الوطني. ما يراه الشعب العراقي من جيش وشرطة وأمن بريمر الذي يرأسه نوري المالكي هو زحف أعداد كبيرة من المراتب الصغيرة على كل مناطق بغداد السكنية المتوسطة والراقية وشراء الأراضي والبيوت بأسعار خيالية وبناء بيوت باذخة يستغربها البغداديون، أما الضباط والمراتب العليا فهم يشترون ليس فقط في بغداد وغيرها بل في عمان وبيروت والقاهرة ، ويملأون جيوبهم بملايين الدنانير العراقية في كل شهر اذا يجبون إتاوات من الأحياء السكنية المسؤولين عنها، وفي دوائر الدولة يرى المواطن تفشي وترسيخ التعامل بالرشاوى وإجبار المواطنين على دفع مبالغ لا طاقة لهم بها لمعاملات تصدر مجانية من الجهات الإدارية للدولة العراقية في دوائر الجوازات والأحوال المدنية والجنسية على سبيل المثال لا الحصر.أما الكبار فسرقاتهم بالمليارات والملايين وخاصة اولئك الذين يعقدون صفقات أسلحة لجيش بريمر اليوم مع الشركات الأمريكية مثل صفقة طائرات F16 ويقبضون العمولات الطائلة دون الكلام عن ما خرج من فضائح حول شراء وتعاقد الدولة لإعادة الحياة الى المرحوم دولة الكهرباء المعلق بالتأكيد بأمر من غرفة العمليات العسكرية التي تحكم العراق وليس لفخامة ودولة نوري المالكي اي صلاحية في البت بمثل هذه الشؤون لا هو ولا برلمانه العتيد.


ورغم أن مصادر الإرهاب في العراق أصبحت معلومة وواضحة ومنظمة من المحتل ومن أحزابه في العملية السياسية وباعترافهم، فإن ضباط جيش بريمر يتسابقون مع وكلاء المحتل في العملية السياسية في سرقة الشعب العراقي وابتزازهم اذ وبحسب معلومات نشرت مؤخرا فأن ضباط بعض الفرق يستلمون أموالا طائلة تصل الى الملايين مقابل ما يسمونه حماية المحلات التجارية في بعض مناطق بغداد ومنهم من يسمح بسرقة الوقود من المحطات والتلاعب بمخصصات الجنود والمراتب واختلاسها وآخرين يطلبون رشاوى إجبارية في مراكز الشرطة ومكافحة الإرهاب والمرور والجوازات.


هذه هي العقيدة الجديدة لجيش بريمر وبمثل هذه المواصفات يريد المحتل الأمريكي جيش العراق الجديد ،جيشا على شاكلة رجالات العملية السياسية التي تشترى فيها المناصب والتعيينات وتباع ليكون الولاء ليس للوطن بل لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ولا يتناقض مع ذلك تسليح أمريكي لهذا الجيش وبيع سلاح بعضه متطور له.


لن تسمح الولايات المتحدة الأمريكية ليكون للعراق جيش وطني يدافع عن العراق وهي من نصب فخ الكويت مع تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية لتدمير الترسانة العراقية بعد نهاية الحرب مع إيران وهي من حلت الجيش العراقي على يد بريمر الذي صرح ان حل الجيش العراقي ليس خطأ لتسرق أسلحته ومعداته من مرتزقتها ومليشياتها الطائفية والعنصرية بل تبني جيشا يحمي وجودها ومصالحها واستمرار بقائها في ارض الرافدين ولذا فهي تدرب القوات العراقية التي اختيرت بشكل طائفي وتعتمد على عسكريين كبار تعاملوا معها قبل الغزو وأعادت تكوين الفرق اللازمة التي يعتقد أنها قد وصلت اليوم الى ست وعشرين فرقة يعمل قائدها العام الذي هو بنفس الوقت رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية - وهو الذي تفاخر على الهواء بأنه ليس طائفيا قتل الشيعة في البصرة ثم أعتقل بنفسه 522 شيعيا في النجف ليفوز برضا وإعجاب الغزاة -. تحت أمرة جيش الولايات المتحدة ومخابراتها واستخباراتها الخاصة بها في العراق بموجب الاتفاقية الأمنية SFA.


ويخضع هذا الجيش للجنة المشتركة لتنسيق العمليات العسكرية JMOCCالتي أنشئت بموجب هذه الاتفاقية وتتبع مباشرة القيادة العامة للقوات الأمريكية USETCOM التي تنسق عمليات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.


أبقاء هذا الجيش في العراق هو جزء من إستراتيجية الولايات المتحدة العسكرية للسنوات 2012-2020 وخاصة مع اندلاع الثورات العربية 'تعزيز قيادة الولايات المتحدة وأولويات دفاع القرن الواحد والعشرين'.ولعل تشكيل الولايات المتحدة في العراق قوات استخباراتية وأمنية مدربة تدريبا صارما مثل قوات الذئب والعقرب وربما غيرها لا نعرفها تساعد القوات الأمريكية لقمع أي مقاومة وانتفاضة ضد حكومة الاحتلال أستخدمها نوري المالكي ضد متظاهري ساحة التحرير المطالبين بإسقاط الحكومة وخروج المحتل قبل عام هو من ضمن توسيع الولايات المتحدة صلاحيات ونفوذ وحدود فرق العمليات الخاصة والسرية والتدخل السريع وحروب الظل التي نجح في الحصول عليها الأميرال وليام ماك رافين احد اهم المنظرين للحروب الجديدة مع الجنرال بتراويس قبل أشهر من الرئيس اوباما ومن وزيره ليون بانيتا.


من تونس الى بغداد الى كابول وفلسطين تتأقلم القوات العسكرية الأمريكية واستخباراتها وأمنها بتأثير هزائمها من الشعوب ومقاوماتها وتتهيأ لحروب جديدة ـ بحسب تصريحاتها ـ بعد دراسات مؤسساتها العسكرية لإخفاقاتها في مواجهة المقاومة العراقية والأفغانية ووضع خطط لحرب تسميها الحرب SYMMERTRIC WARFARE وحروب الظل للقضاء على المقاومات في الشرق الأوسط يعتقد جنرالاتها بأنها ستغير تاريخ الحروب؟


أقوال جنرالات الولايات المتحدة هذه ودراساتهم وتوصياتهم بالمرونة والتأقلم في التعامل مع الأهداف المعادية للولايات المتحدة ومصالحها الحيوية في العالم للإبقاء على هيمنتها وسطوتها تبقى مجرد نظريات مرتبة ومعقولة كأفكار لأن نفس هؤلاء العسكريين يعلمون جيدا عمليا ونظريا أيضا بأنه وعلى مدى التاريخ وفي كل الحضارات والأزمان يبقى الإنسان هو العامل الحاسم في المعارك وليس التكنولوجيا مهما أرتقت وتطورت وألا فلماذا يصرح ليون بانيتا بأننا نفعل ما نستطيع في أفغانستان واضطروا الى الهروب من العراق وما بقي يحتمي بالقواعد المحصنة خلف التحصينات في المنطقة الخضراء؟

 

 

 





الاثنين٠٩ شــوال ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / أب / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة