هذه الرسائل أنقلها كما وردتني دون أن أتدخل في تغيير ما ورد فيها لكي تستوضح صورة الواقع العراقي في ظل الاحتلال الأمريكي الفارسي ، وتعرف حقيقة مرتزقة المحتل وعبيده من الخونة والمرتدين.
خاص جدا جدا ... مكتوم ...
ليست للنشر و التوزيع رجاء
حينما امطرت سماء بغداد و بدت المياه تغمر ازقتها ، علم الوالي نوري المالكي بذلك .. فظل في حيرة من امره وما سيصنع ليبعد الماء عن رعيته قبل ان يغمر المزيد من محلاتها .
فأرسل الى امير الجند قنبر يأمره بان يعمل الجيش على بناء الخنادق و عمل السدود ، ولما انصرف قنبر جاءت احدى العاملات في القصر واسمها مه ، وهي مها بنت رويس بنت ابي صفره ، وقد تطينت عباءتها من طين بغداد فلم يكن في عهدهم واقيات .. ففتحت باب غرفة المالكي و انشدت قائلة :
اينَ من يوم الافاضاتِ أفر ؟
يوم ماء المجرى ام يوم المطر ؟
لي عيالُ فاض فيهم المكان ..
اين مآواهم وماءٌ ينهمر ؟
يا مُعزَّ الدين من ذا نشتكيه ؟
انت بعد الله يا نوري المَفَر ..
فلما سمع المالكي منها ما قالت ، شقَّ عليه ذلك ، ولم يدرِ ما يفعل ، ولم يرد ان يبوح بدمعه امام امرأة .. ولما خرجت مها ، بكى المالكي بكاء من اشتدت فاقته ، و اخذ يمسح الدمع بعباءته ، ثم نادى على عاملهِ علي الدباغ و قال له : اريد جزمه ! فلما جاءه بها لبسها المالكي و اخذ معه وزراء و عمال و جند ، وحمل كركاً و قزمه ، وذهب نحو بيت مها وهو يصيح : لبّيكِ ! ثم ضرب بالقزمة امام بيتها و لما ضرب الجند معه الأرض قال لهم بل قفوا ، فإنما الدربونه فاضت بما كسبت يداي ، و أنكم لن تحملوا معي وزري يوم القيامة ، فانا من سوف يسلك المجاري امام بيت هذه الإعرابية ، اذهبوا الى راس الشارع ، وسأبقى انا هنا .
فلما سمعت مها الحديث من رواء الباب خرجت وقد نقعت تماما بالمياه فلما رآها المالكي انشد قائلا وهو يضرب بالقزمة :
ما لهذا الماء منا من مَفَر ..
لو اردنا سوف نشربُ النهر ..
فالعيالُ يا مها فوق الرقاب ..
و الامانات على الراعي كُثُر ..
ليت لي " كاوسكي " كي ابني السدود ..
لطمرتُ النهر يوما و البحر ..
فزغردت مها لما سمعته من فصاحة ولي الامر ، و اعجبت به ، وكانت ارملة بعد ان استشهد زوجها في واقعة الحواسم ،فأمسكت القزمه من يد المالكي و نظرت اليه وقالت :
يا طامساً بالماء قرب محّبهِ ..
مهلا فدعه لنارهِ يطفيها ..
فيّض به بيتي .. وكل ملابسي ..
و احذر على روحي فإنك فيها...
فلما سمع المالكي ذلك .. اتمّ عمله بهمه ، و انجلى الماء ، وطلب يدها و تزوجها واحتفلا ، وكانت الزفة من بغداد الى طويريج ركضا على الاقدام ، و الرعيه تصيح :
فرحنه و اليودنه يفرح ويانه ....
رواه ليث كبّه من كتاب " ميراث الاباء للأبناء في عدل ولاة المنطقة الخضراء ج1