شبكة ذي قار
عـاجـل










كل عام وأنتم بخير


بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، اهدي مقالي المرفق، مع اطيب الأمنيات، الى كل إخوتي القراء الكرام، اينما وجدوا، طالبا من الله ان يكون هذا العيد، مناسبة مباركة في سبيل تقدمهم الروحي الشخصي، وعاملا في سبيل ارساء المحبة والسلام والوحدة بين ابناء الله الواحد، في العالم اجمع، ولاسيما في ربوع وطننا الجريح : العراق، وفرصة خلاص لكل المبتلين بعدوان المعتدين والتحرر من كل نوازع الشر التي تسكن قلوب ونفوس الكثيرين، ضارعـا اليه تعالـى ان يوصل الجميع الى ميناء السـلام والحريـة والإخــاء.


القس لوسيان جميل

 

 

المقدمة :

وبعد ... قد تبدو لشخص أديب ان اضافة صفة الانسانية الى عبارة الأعياد في حياتنا، كما في العنوان اعلاه، اضافة زائدة، ويعدها " حشوا " لا لزوم له، غير ان اضافة صفة الانسانية هذه تأتي في محلها، كون هذه الصفة تُظهر الطبيعة الأنثروبولوجية للأعياد، اي انها تظهر الطبيعة الثابتة والمشتركة بين اعياد كل البشر،الأمر الذي اردت ان اؤكد عليه منذ البداية، حيث ان صفة الانسانية هذه، صفة عامة، تبين للقارئ وجود الأعياد في حياة كل البشر، في كل زمان ومكان، حالها حال كثير من النشاطات الانسانية الأخرى، مثل الفولكلور والفنون بكل أشكالها: الرسم والنحت والموسيقى والرقص وغيرها.

 

شهادة التاريخ : وفي الحقيقة، يخبرنا التاريخ، ان البشر في كل زمان ومكان، يتخذون لأنفسهم أعيادا ومواسم، يعلنون من خلالها عن فرحتم، عما تقدمه لهم هذه الأعياد من ذكريات لأحداث سعيدة ومفرحة مضت، تملأ حياة الانسان تفاؤلا وأملا واطمئنانا. لذلك نفهم ان يحاول الانسان، وبشتى الطرق، ان يجعل من " الحدث " السعيد حاضراPrésent  في حياة هذا الانسان، من خلال رموز وممارسات تعين الانسان على تحضير Actualisation  الحدث السعيد هذا، او ما يراه الانسان كذلك.

 

اعياد تحتفل بالطبيعة : ويرينا التاريخ ايضا ان أعياد البشر كانت في الأزمنة القديمة أعيادا بدائية، تتناسب وحاجة انسان تلك الأزمنة، وعقائده الحياتية منها والأسطورية، حيث كان القدماء يحتفلون بكل ما هو عزيز لديهم، كل جماعة بطرقها الخاصة. وهكذا يمكننا ان  نلاحظ ان اعياد القدماء، كانت محصورة عادة بتكريم الطبيعة، بفصولها الاربعة وظواهرها، وتكريم الآلهة التي كانت لها علاقة بحياة الانسان، بحسب تصور اولئك القدماء، مثل الهة الخصب والآلهة التي تتعلق بمواسم الزراعة وغيرها، علما بأن ما هو جدير بالذكر والاطلاع هنا، هو ان كلمة ( شيرا ) السريانية الدارجة تعني المهرجان والاحتفال الديني، ولكنها بالأصل وقاموسيا كانت تعني القمر، مثل كلمة شهر تماما، مما يدل على ان بعض الأعياد كانت ترتبط بالسنة القمرية وبالإله القمر، كما ان بعض الأعياد كانت تحتفل بالإله شمش ( شمس )، وغيرهما من آلهة الطبيعة.  

 

غير ان الاحتفال بالمواسم وبأعياد الطبيعة البدائية، قد اندثر تقريبا لدى الشعوب المتحضرة،  وبقي مجرد تاريخ نقرؤه في الكتب، اذ لم يبق شيء من هذه الأعياد، الا عند الشعوب المتأخرة في حضارتها، والفقيرة بأحداث الزمن الحاضر، الأمر الذي يدل على ان اي عيد تنتفي الحاجة الانسانية اليه، والى ما يذكرنا به، يضعف تدريجيا ثم يموت ويتلاشى، او ان الانسان المعاصر يبقي على العيد، بعد ان يغير معناه الأساسي بشكل تدريجي، كما يحدث لكثير من الأعياد الدينية والاجتماعية عند جميع الشعوب.

 

الأعياد التاريخية : مما لا شك فيه ان الأعياد التي كانت تحتفل ببعض الأبطال، سواء كانوا ابطالا اسطوريين او تاريخيين، كانت من اول اعياد البشرية، بعد الأعياد التي كانت تتعلق بفصول السنة، وبحياة الانسان البشرية، وكذلك بالآلهة التي كان من المفترض انها كانت تشرف على هذه الفصول، وعلى حاجات الانسان البشرية الأساسية.

 

غير ان التاريخ يقدم لنا ايضا، أحداثا تتعلق بالأديان وبتأسيسها وبتقدمها وبنضالها من اجل الانتشار، كما يقدم لنا احداثا تتعلق بأفراح الأديان والأمم الدينية وبأحزانها وبانتصاراتها على اعدائها، كمناسبة للبهجة والسرور والتأمل الروحي والديني ايضا. وهكذا تحولت اعياد الانسان، من اعياد الطبيعة والأعياد المعتمدة على الميثولوجيا، الى الأعياد التاريخية، الناتجة عن احداث تاريخية مهمة ومقدسة في حياة البشر، ولاسيما في حياة الأديان الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، هذه الأديان التي تسمى بالأديان السماوية، والتي افضل ان ادعوها بالأديان التاريخية، اي المبنية على احداث وانقلابات جدلية تاريخية.

 

الأعياد العلمانية او المدنية : غير انه يظهر ان الأعياد الدينية وحدها، لم تعد كافية لإشباع حاجة الانسان المتوسعة دوما، ولذلك رأى البشر ان يضيفوا الى اعيادهم الدينية، اعيادا أخرى مكملة للأعياد الدينية، اذا لم نقل بديلة لها، في احيان كثيرة، كما يحدث في الغرب، وحتى عندنا في الشرق، بعد ان تقلص دور الأديان في حياة الانسان، الأمر الذي دفع بالإنسان الى ان يرى لنفسه بديلا علمانيا لهذا الدور، مما يجعل العناصر التقليدية من رجال دين وغيرهم، يتذمرون ويشكون من هذه الحالة الطبيعية، بعد ان ضعف الدين في قلوب البشر، وفقد تبشيره الأساسي. ومن هنا لا نتعجب، اذا ما حول البشر مناسباتهم الدينية الروحية المقدسة، الى مناسبات ببعد واحد، وهو البعد الترفيهي، سواء كنا نرى هذا البعد عند الانسان الفرد، او عند الانسان المجتمع. علما بأن الظاهرة نفسها يمكن ان تحدث في الأمور الوطنية والأمور السياسية الحزبية، الأمر الذي يمكن ان يحدث بسبب ما نسميه نقص التحديث Updating، في المؤسسات السياسية والوطنية وبشارتها، أو ما يسمى بـ الآجيورنامنتو Aggiornamento، ومعناه التفكير بحسب يومنا الراهن، هنا الآن.

 

حقيقة الأعياد وطبيعتها : لكي نستطيع ان نتكلم بشكل جيد عن الأعياد، علينا ان نعرف طبيعة هذه الأعياد ومعناها، بشكل علمي، لا لبس فيه. فقد نكون قد أخذنا فكرة عن طبيعة الأعياد، من ممارسة الأديان، لظاهرة الأعياد في الأزمنة الغابرة، ولاسيما في بدايات تكوين دين او مذهب معين، وقد نكون قد تعرفنا على طبيعة الأعياد من ممارساتنا الحالية لهذه الأعياد، وقد يكون قد انطبعت فكرة الأعياد فينا من عهد طفولتنا، ثم بقيت هذه الفكرة راسخة فينا، وقد نكون قد تعرفنا على الأعياد من ممارساتنا التقليدية، دون ان نفهم معناها العميق، غير اننا اليوم، اذ نلجأ الى الأنثروبولوجيا، لكي تعرفنا بماهية الأعياد، نفهم بأن العيد ظاهرة انثروبولوجية تحتفل بها كل الشعوب، كتعبير عن فرحتها بحدث événement  سعيد يملأ قلب انسان هذه الشعوب فرحا، حيث يطيب لهذا الانسان،ادامة وتكرار فرحته هذه، كل سنة مثلا، أو كل خمس وعشرين سنة، او كل خمسين سنة، او كل مئة سنة، حيث يسمى هذا العيد باليوبيل، ومعناه باللغة اللاتينية، الاحتفال والفرح والابتهاج.  

 

وهكذا يكون العيد الديني احتفالا بحدث مقدس سعيد، حدث في فترة سابقة، وكأن هذا الحدث يحدث اليوم بين من يحتفل بالعيد. وهكذا ايضا يكون العيد تنشيطا للذاكرة، ومدرسة فيها يتعلم الانسان من احداث ودروس وعبر، حدثت في الماضي البعيد. وبما ان للأعياد اكثر من وجه وبعد، ومنها الوجه الروحي المقدس، والوجه الانساني الاجتماعي، فإننا نرى ان الانسان المنكوب بحدث مؤلم، عائلي او سياسي، يستطيع ان يستفيد من الوجه الروحي للعيد، مع امكانية بقائه بعيدا عن الوجه الانساني الاجتماعي، وما يرافقه من الأفراح البشرية المعتادة، من تزاور وصنع الولائم وغير ذلك.

 

وهنا، من يدري! فقد يكون العيد في الحالة المذكورة انفع للإنسان من الحالة الطبيعية، لأن هذا الشخص يستطيع ان يعمق في ذاته مشاعر العيد الروحية، ولا تبقى مشاعره اسيرة أمور دنيوية سطحية، مع اني لست ضد الأفراح الدنيوية والاجتماعية، شرط ان لا نبالغ فيها، الى الدرجة التي يمكن فيها، ان تطغى على المشاعر الروحية، وبالتالي يفقد العيد معناه الأساسي وحقيقته.

 

الأعياد والذاكرة : بما ان الانسان معرض للنسيان بطبعه، فان العيد يحاول ان ينشط ذاكرة هذا الانسان الفردية والجمعية، فيما يخص حدثا مفرحا معينا، من تلك الاحداث التي تكلمنا عنها. والحقيقة، وكما يقول علماء النفس الأنثروبولوجيون، ان الانسان في حقيقته الانسانية " ذاكرة " تحافظ على وحدة الانسان، لأن الذاكرة تجعل حاضرا، هنا الآن Hic et nunc ما قد مر وصار تاريخا، حيث انها تربط الحاضر بالماضي، كما تربط هذا الحاضر بالمستقبل ايضا، كون الحاضر والماضي والمستقبل، ابعادا نفسية وأنثروبولوجية للحياة الانسانية. وعليه يمكننا ان نستنتج بأن الانسان بدون هذه الذاكرة الفردية او الجمعية، كان سيكون انسانا بدون تاريخ وبدون مستقبل، وكان هذا الانسان، بالفعل ذاته، يتحول الى حيوان، لا يعيش الا ضمن حاضر فقير جدا بمفرداته، حتى لو كانت لهذا الانسان، حاله حال الحيوان، بعض مشاعر حسية، مرتبطة بماض قريب جدا ( نظرية بافلوف في الاشتراط )، مع تساؤلنا المشروع، عما اذا كان حاضر الحيوان نفسه، كحاضر الانسان، هذا الانسان الذي يعيش ويفكر ويعمل ويحس، ويعرف انه يعيش ويفكر ويعمل ويحس، في حين ان الحيوان، يعيش حاضره دون ان يعرف انه يعيش هذا الحاضر، بمعنى ان الانسان يفكر ويمتد فكره بعيدا جدا، في حين ان الحيوان لا يفكر ولا يتبصر الا بشكل غريزي، اذا اردنا ان نتكلم بشكل مبسط.

 

طرق استحضار الماضي : مما لا شك فيه ان طرق استحضار الماضي كثيرة ومتعددة، وقد لا يكفي مؤلف كامل للكلام عنها. ولذلك نكتفي بتدوين بعض هذه الطرق، التي تجعل الحدث الماضي، مهما كان بعيدا، في متناولنا وبين ايدينا، سواء كان هذا الحدث الماضي شخصيا، او كان ماضيا جمعيا، وسواء كان ماضيا دينيا سعيدا، من النوع الذي يفتح امام الانسان طريق الخلاص والتقدم الروحي، ام كان حدثا انسانيا مدنيا يستحق اعادة ذكراه، من حين الى آخر. اما طرق استحضار الحدث السعيد، فيمكننا ان نختصرها بما يلي:

 

طريق الأعياد والذكريات : بما ان هذا الطريق، طريق الأعياد والذكريات، هو من اسهل الطرق، التي تساعد الانسان على التعبير عن فرحته بحدث ماض سعيد، بكون طريق الأعياد هذا، في متناول كل الناس تقريبا، فانه الأكثر شيوعا ايضا، سواء كانت هذه الأعياد أعيادا وذكريات دينية، ام كانت اعيادا مدنية مهمة لحياة الانسان، متعددة الأبعاد. علما بأن العيد لا يكون عيدا حقيقيا، الا اذا كان هناك ما يبرره، ويعطي له المعنى المفيد للحياة، ولا يكون مجرد هرج فارغ.

 

طريق الكتب المقدسة : اذا علمنا ان الكتب المقدسة تدوين وتأريخ لكلام الله، ولأعماله المخَلصة بين البشر، وأنها بالتالي تشكل مثل العيد تماما، استحضارا لكلام الله، نفهم ايضا عظم فائدة هذه الكتب المقدسة للإنسان، ونفهم لماذا ينحني الانسان امام الكتاب المقدس ويقبل صفحاته الورقية، وفي ايمانه انه يقَبّل ويقبَل كلام الله نفسه. فالله حاضر في الواقع في كل مكان، غير انه لأسباب انثروبولوجية انسانية نقول عن الله انه يكون حاضرا، بشكل خاص، في كلامه المدون في الكتب المقدسة، بحيث ان من يقبل هذا الكتاب بإيمان، يكون وكأنه اصبح حاضرا امام العزة الالهية وكلامها المدون في كتاب. فالتقبيل هنا تعبير بشري ايضا، يعني الحب والاحترام وقبول كلام الله والاستعداد الدائم للعمل بما يتطلبه هذا الكلام. ومن هنا نستطيع ان نقول: إذا كان الله يحضر بين البشر، بواسطة الأعياد السنوية التي يعيدها الانسان بتقوى، فكم بالأحرى يحضر الله في حياة الانسان، في كل وقت، من خلال الكتب المقدسة، طالما اننا نعرف ان الكتب المقدسة تحوي كل احداث الخلاص التي تحدث في دين معين، وليس حدثا واحدا فقط، كما يحدث في الأعياد. وعليه يمكننا ان نجزم بأن اكثارنا من التعامل ( قراءة – استماع – شرح – تطبيق الخ.. ) مع الكتب المقدسة، تعاملا معمقا وغير سطحي، يمكن ان يضعنا في حضور دائم امام الله وأمام احداثه المقدسة التي يجريها بيننا، نحن الشر، من حقبة حضارية الى أخرى.

 

طريق النماذج الانسانية المقدسة : بما اننا نعتمد الأنثروبولوجيا، لكي نتكلم عن الأعياد، وكذلك عن دور الكتب المقدسة في حياتنا، فإننا نعتقد ايضا ان الانسان الصالح، كل انسان صالح، ومن كل الأديان، يتحول الى قدوة والى نموذج حي، لما يؤمن به وما يعيشه، الأمر الذي يجعلنا نرى بأن مطالب الله ليست منقوشة او مكتوبة فقط على الطين او الحجر، كما كانت وصايا الله العشر، ولا هي مكتوبة فقط في كتبنا المقدسة، ولكنها منقوشة ومكتوبة ايضا في حياة انسان مثلنا، عندما تكون حياة هذا الانسان بمجملها قد تحولت الى ما يؤمن به من فضائل، علما بان كثرة الصالحين وتواجدهم في كل زمان ومكان، وتنوع حياتهم الروحية، تسمح لكل واحد من البشر ان يعيش حياته الروحية، بحسب حاجاته الشخصية التي يجدها في نموذجه الذي يرتاح اليه، ولا يستنسخ حياة نموذج واحد موحد.

 

الفنون التعبيرية : وأخيرا وليس آخرا، يمكن ان يتم استحضار الله  واستحضار الحدث المقدس في حياتنا، عن طريق الفنون بكافة اشكالها، مثل فن الرسم وفن النحت وفن التصوير، دون ان ننسى فنون التمثيل والرقص بكافة اشكالها، لاسيما وأننا نعرف ان الرقص انواع، وأن كثيرا من الشعوب، مارست وتمارس حتى اليوم، طقس الرقص المقدس، في مناسبات معينة. فـالمعروف ان "داود " النبي كان يرقص امام تابوت العهد الذي كان يحمل الشريعة او الوصايا العشر، والقبائل العربية كانت ترقص بمناسباتها الدينية التي تسمى كانت ولا تزال تسمى حجا، اي الرقص والاحتفال والعيد. كما اننا نعرف طقسا، في كنيستنا المشرقية، يحمل نفس الاسم ( حوكايا  Hougaya) ويعني الرقص في معناه الأول، ويعني التطواف في معناه الثاني، المشتق من كلمة رقص. اما تفسير ذلك فيعود الى اننا بشر، وأن البشر بحاجة الى لغة الجسد والمشاعر، والى كل امكانيات التعبير البشري، وليس فقط الى لغة الأفكار، لكي يتصل مع الله، بالطريقة البشرية الوحيدة التي يملكها، لكي تكون حياته صالحة في كل المجالات.

 

جعل الله كل ايامنا اعيادا، تساعدنا على الارتقاء في الطريق الروحي والكمال الانساني، الذي يدعونا الرب اليه، بوسائله الانسانية المتعددة، ومنها وسائل الأعياد وطرق التعبير الأخرى التي ذكرناها في هذا المقال.

 

 

fr_luciendjamil@yahoo.com

 

 





الاثنين ٢٧ رمضــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / أب / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب القس لوسيان جميل نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة