شبكة ذي قار
عـاجـل










تواجه دول الخليج العربي تحديات كبيرة جداً ، وأزمات خطيرة ، من شأنها أن تهز كيان دول وتطيح بحكوماتها ، إلا أن الانظمة الحاكمة تتكتم على تخوفاتها وتحاول قدر الإمكان التقليل من شأن تلك التحديات بغض البصر عنها أو بالمناورات السياسية وتقديم التنازلات ، تلك التحديات والازمات بدأت ترمي بأحمالها على روابط "مجلس التعاون الخليجي" ، الذي توقع له الضعف منذ بداية تأسيسه عام 1981 ، بسبب الأستغناء عن عضوية العراق واليمن ، فقد كان من شأن تلك الدولتين أن تلعبا دوراً كبيراً في تعزيز ثقل مجلس التعاون الخليجي أقليمياً ودولياً ، وبلا شك بأن انضمام العراق واليمن إلي المجلس كان سيمنح الدول الاعضاء حصانة لا تمنحها لهم أكبر أتفاقية أمنية مع الغرب ، وهذا ماجعل موافقة تأسيسه مشروطة بإستبعاد العراق واليمن!!، ليصبح هذا المجلس ضعيفاً ومخترقاً ، لكن بعد أن تغيرت الأحوال ، وأصبح العراق بين مطرقة أمريكا وسندان الولي الفقيه ، ضعيف ، مقسم داخلياً ومكشوف للقاصي والداني ، بالإضافة إلى غياب الفكرة القومية التي يخشاها الغرب ، أقترحت أمريكا على لسان وزير دفاعها "روبرت غيتس" ، انضمام العراق لمجلس التعاون الخليجي لتعزيز الأمن في منطقة الخليج!!، الأمر الذي واجه رفضاً قاطعاً من دول الخليج ، لأن وضع مجلس التعاون الخليجي لايحتمل ضغوط أكثر وأختراقات أوسع ، فكيف سيكون الحال مع عضو جديد مصاب بشلل رباعي لايحرك رأسه إلا بأوامر إيرانية؟!، أمريكا ليست مشكلة فهي الحاضر الغائب في المجلس منذ تأسيسه ،

 

لكن العراق اليوم محكوم من قبل الولي الفقيه ، وبالتالي فأن إيران سيكون لها صوت وحضور (فعلي) في المجلس بعد أن ظلت متوارية خلف الكوليس من خلال حلفاءها ، هذا تحدي أخر يهدد أمن دول الخليج التي تحاصرها أطراف الأخطبوط الفارسي من كل صوب ، ومعلوم أن إيران هي أكبر التحديات التي تواجهها دول الخليج العربي ، بل هي كابوس مرعب لايفارق الإنظمة الخليجية ، بعض الانظمة استسلمت وأصبحت خاضعة خضوع تام وكامل ، مثل سلطنة عُمان ، التي تتقي شر إيران بالتملق والتزلف وتقديم التنازلات ، حتى أصبح "قابوس" حليفاً لسياسة إيران ومؤيداً لمواقفها ، وفي بعض الأحيان يتخذ جانب الصمت ليتجنب التعارض مع إيران ، وهذا ما هو عليه الحال في موقف السلطنة من الثورة السورية والمذابح التي يجريها الجزار "بشار العلوي" بحق الشعب السوري ، السلطان "قابوس" يرتعد خوفاً من إيران ويحسب لها ألف حساب ، فهو يرى فيها قوة كبيرة طامعة في المنطقة ، لكنه يقبل التعايش مع هذه الحقيقة بوجود أمريكا بالأفق ، وهذا نص الكلام الذي حملته رسالته إلى قائد المنطقة الأميركية العسكرية الوسطى "ويليام فالون" ، وعلى الصعيد الاقتصادي فأن "قابوس" قدم مصلحة إيران على مصلحة بلاده ، فقد أبرم أتفاقات ووقع عقود غير منصفة مع إيران ، تحملت فيها السلطنة تكاليف باهضة لمشاريع تعود عليها بالفتات ، مقابل حصة الاسد لإيران ، أما على المستوى الخليجي فقد رفض "قابوس" الإنضمام للأتحاد الخليجي وعارض توحيد العملة الخليجية ، لأن هكذا مشاريع ستثير غضب إيران ، وهو لا يريد أن يثير غضبها عليه والسلطنة على بعد مرمى حجر من إيران!!، ورغم أن الإمارات والكويت تحفظت على مشروع الاتحاد الخليجي ايضاً ، إلا أن السعودية اثارها أكثر مواقف "قابوس" الضعيفة المتكررة إمام إيران ، الأمر الذي جعلها تلوح بإيقاف مساعدات مجلس التعاون الخليجي المقدمة لعُمان.


 

بلال الهاشمي

باحث في الشؤون الإيرانية والتاريخ الصفوي

alhashmi1965@yahoo.com

 ٢٥ / نيســان / ٢٠١٤







الجمعة ٢٥ جمادي الثانية ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / نيســان / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال الهاشمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة