شبكة ذي قار
عـاجـل










* علينا أن نمنح الاخر فرصة التغيير ما دمنا نطالب بالتغيير . نحن نطالب الانظمة العربية بإعادة النظر في سياساتها ولا يجوز أن ننكر عليها ان ننكر عليها امكانية ان تتغير.

* الله سبحانه علمنا انه غفور رحيم وعلينا ان نتعلم ان نصفح ونغفر.
* علينا ان نفهم بعمق معنى ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

أنجز العراق في حقبة الحكم الوطني علاقات استراتيجية مع روسيا ومع فرنسا كان التعبير عنها رسميا بأنها علاقات صداقة وشراكة متوازنة. فتبادل المصالح ليس عيبا في عالم تحكمه المصالح ويقود فيه الاقتصاد, في معظم الاحيان, القرارات السياسية غير ان صفة الصداقة وبعض ما يمكن للعراق من ضخه من اخلاق ومفاهيم شعبية تحررية في تلك الصلات قد كان أيضا طافيا في تفاصيل وجزئيات تلك العلاقات. والقصد طبعا من رسم وتكريس الملامح الاخلاقية له ابعاد وأهداف هي الاخرى استراتيجية وتصب لصالح ديمومة ونمو العلاقات تحت كل الظروف والاحوال. غير ان سقوط الاتحاد السوفيتي واعادة ترميم بقاياه في الاتحاد الروسي وطغيان كفة الرأسمالية وهيمنتها كقطب أوحد وما تزامن معها من حروب شنت على العراق وكان أحد اسبابها ودوافعها الخفية تلك العلاقات المميزة للعراق وعرب اخرين مع الاتحاد السوفيتي وفرنسا ممثلة للكتلة الاوربية أفرزت في معتركها المرير ونتائجها الكارثية نمطا من العلاقات تخلى تماما عن الاخلاق وتعاطى مع المردودات المادية كحالة نهائية ووحيدة ووجدت روسيا ساحتها الممكنة في ايران وامتدادات ايران لان الاحتلال الامريكي للعراق قد حسم ساحة العراق والخليج ومشرق الوطن العربي برمته لصالحه وسيطر على كل مقدرات المنطقة. وقد كانت ايران مثل كرة تتأرجح في طوفان ما جرى, فمن جهة كانت تمد مخالبها مع الاحتلال الامريكي وتوفر له متطلبات هامة في الساحة العراقية في الوقت الذي تواجه فيه توجهات امريكية ظاهرة ومخفية غير مطمئنة لشراكتها بحكم بعض مظاهر التأزم التي طرأت على علاقات ايران بأمريكا وتكسب الروس من جهة أخرى عبر اغراءات اقتصادية ضخمة ليس بوسع الروس مجافاتها لصالح موقف اخلاقي محسوب لهم وعليهم سابقا.

لقد التقطت روسيا التأرجح الفارسي في لحظة كانت قد بدأت ترتقي فيه على الكثير من علامات وهنها وتخلفها السياسي والاقتصادي الذي رافق محنة سقوط الاتحاد السوفيتي واستفادت في نفس الوقت من بعض مردودات قوة العملاق الصيني فأعلنت هي والصين أول فيتو في مجلس الامن بعد قرابة 20 عام من الانزواء المهين وكان الفيتو حصرا وتحديدا لصالح ايران والدور الذي تلعبه في ذبح الثورة الشعبية السورية.

عمليا فان روسيا قد أسقطت نفسها في أحضان ايران لان ايران مستورد رئيسي لمستلزمات الطاقة النووية من روسيا وربما سلاح روسي أيضا وايران تعتبر من الخمسة الكبار في انتاج وتصدير النفط وغير هذا فان ايران بعد عام 2011م بشكل خاص قد ورثت الساحة العراقية احتلالا وهيمنة كاملة بعد هرب الامريكان المهين اي ان روسيا قد دخلت الان على العراق المحتل وكأنها لم تكن ذاك الشريك الاهم والمستفيد الاكبر من عراق ما قبل الغزو وسحقت كل مقومات الصداقة التي ربطتها بالعراق وتجاهلت كل ما حققه لها العراق من منافع من جغرافية الوطنية ومن جغرافيا الامة وانعكاسات تلك المكاسب على علاقات الاتحاد السوفيتي كلها .

لم تواجه العلاقة الروسية السورية ذات المنحدرات السلبية والمهينة اخلاقيا لروسيا لأنها قد ينظر اليها على انها امتداد له جذوره التي لم تنقطع بسبب توريث النظام الاسدي, غير ان المحنة والكارثة قد وجدت كامل الوانها في العلاقة المهينة لها مع حكومة الاحتلال في العراق ونقول مهينة لأنها قدمت روسيا بلا وازع أخلاقي وجردتها من المسحاة المتوازنة والموضوعية في علاقتها الدولية الموصوفة سابقا بدعم الشعوب وحركات وقوى التحرر في منطقتنا والعالم!. لقد قدمت روسيا نفسها للعالم في علاقتها مع ايران ومنتج الاحتلال في العراق وسوريا المنهكة بالمواجهة بين النظام والشعب على انها دب سقط عنه فروه وهو يتمرغ في جبال الثلج القطبي وما عاد يهمها من شيء غير الدفء المشهود في بلادنا والثروات التي يمكن ان تنهال عليها وهي تحاول اعادة بناء ترسانتها العسكرية والاقتصادية.

لم يعد أحد يجد أي حرج في أن يضع روسيا في كفة التقابل بانتفاء الاخلاق في السياسة والحراك الباحث عن قوة الاقتصاد بل قد يرى البعض انها صارت أخس وأسوء من أميركا الامبريالية. الاشتراكية انقلبت انقلابا تاما الى مناهج اقتصاد يسقط حقوق الشعوب ويلغي علاقات الصداقة الموضوعية ويعبد المال والارباح الاقتصادية.

ويرى بعض العرب بعد هذا التحول الدراماتيكي لروسيا باتجاه البراغماتية في خلق وتوسيع العلاقات على انه أحد أسباب تغول النظام الايراني وأحد عوامل قوته المتعاضدة ضمنا مع كل عوامل تقويض الوجود القومي العربي واعادة تمزيق جغرافيا الاقطار العربية التي تمسك بها الولايات المتحدة الامريكية والصهيونية وتنفذها ضمن خطط معلنة وأخرى تدار في كواليس مظلمة وتدخل فيها ايران طبقا لسياساتها وتوجهاتها الرامية الى توسيع جغرافية نفوذها وبناء سطوتها الاقليمية على حساب العراق والخليج وسوريا ولبنان طبعا.

ان علاقات المصالح الاقتصادية المتقاطعة والمتلاقية للشرق ممثلا بروسيا والصين وللغرب الامبريالي ولوبيات الصهيونية المسيطرة توجيها وتخطيطا جعلت من الامة العربية وثرواتها الطائلة النفطية والمعدنية واسواقها ومواردها البشرية والمائية والشمسية والغازية تبدو وكأنها ذبيحة بين أضراس الوحوش. وهي كذلك بالفعل في وصفها الاجمالي وخاصة بعد غزو العراق واحتلاله وانضواء الانظمة العربية كلها تقريبا تحت مظلة التحالف الاجرامي الذي غزا العراق واحتله ودمره وما زال يوغل. ان الانظمة العربية وخاصة الغنية والمالكة للثروات تجد نفسها تحلب يوميا الى أميركا وحلفاءها وفي نفس الوقت فان ايران تلعب بمقدراتها وتهدد ارضها وشعبها فضلا عن تسليم العراق لقمة سائغة للذئب الفارسي المحمل ضد العراق بأحقاد الطائفية والثأر البغيض والذي شن حربا ضروس عام 1980 -1988 لاحتلال العراق لضمه الى سلطة الولي الفقيه الصفوي. وترى ان يد ايران قد أطلقت عمليا وبغض النظر عن الادعاءات الاعلامية الفارغة والمشوشة في لبنان وسوريا.

ان الكثير من العرب ينظر الان الى اي توجه لأي نظام عربي بغض النظر عن تقييمنا المسبق لذاك النظام باتجاه اعادة روسيا الى ساحة المصالح في الوطن العربي على انه محاولة وتجربة تستحق العناء قد تحقق نتائج مهمة في عدة محاور تخدم الامة سواءا كانت خدمة الامة موجودة في أجندة الدول الساعية نحو روسيا ام انها محض محاولات قطرية لتلك الانظمة لفرض قدر من الموضوعية على الطرف الامريكي واعوانه في التعاطي معها. ان التوجه نحو روسيا يعلن بغض النظر عن تقييمنا سلبا او ايجابا لمختلف جزئياته وحيثياته عن ولادة حالة جديدة قد تفضي الى سحب روسيا المتهافتة على المصالح الاقتصادية من حضن ايران وعلينا ان نقبل بحقيقة عاملة هي ان العلاقات المبنية على المصالح لا تعرف الاخلاق وان اللعاب الروسي قد يسيل كثيفا اذا ما قررت الانظمة العربية كلها او بعضها البدء بمشاريع الطاقة النووية للأغراض السلمية او لتطوير مشاريعها القائمة فنحن نعرف ان هناك عدة مشاريع في عدة اقطار قد غطتها اتربة ما سمي بالربيع او غزوات أميركا والناتو ومنتجاتها الارهابية وجدلا فان سوق التنافس اذا ما فرضت مواليد وبورصات وعقود مختلفة فأنها قد تجبر الغول الامبريالي على التوقف لحظة ازاء ممارسات اذلال العرب واهانتهم المترافقة مع احتكار ثرواتهم وقد تلد فضاءات اقتصادية وسياسية تخرج روسيا من قبضة الحوت الغول الفارسي وتقربها أكثر لمصالح الامة ليس حبا بالأمة بل حبا بخيراتها.

ولعل بعض ما هو ضائع أصلا بكل معاني الوصف يعود ببعض النفع. ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما في أنفسهم والله على كل شيء قدير !.





السبت ١٧ رمضــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / تمــوز / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة