شبكة ذي قار
عـاجـل










الإحساس بآلام الأمة وحمل همومها والتفكير العميق فيما آلت اليه اوضاعها وما لحق بها من أذى وخطورة جراحها هي أخلاق الثوار وطليعة المجتمع الذين يؤمنون بالتغيير ويرفضون هذا الواقع مهما كلفهم ذلك من تضحيات . فالأمة العربية عاشت عقود من الزمن وهي متعطشة لفكر وهاج ينير لها الطريق ويقودها نحو التطور والإبداع ، فسلمت أمرها لحكام يتصرفون بمصيرها وفق أهوائهم الشخصية املاءات من يحمي كراسيهم وعروشهم ، فبدل أن يحكم هذه الأمة المفكرين والعلماء المتشبعين بحضارتها أصبح الجهلة والمتخلفين هم الناهون والآمرون المتسلطون ، فسارت الأمة على هذا الحال سنين طويلة الى أن و صلنا الى هذا الواقع بأموالنا وأبناءنا . فعندما يغيب الفكر والعلم يحل محله العنف والجهل فالإسلام جاء ليطوي صفحة الجهل ويفتح صفحة العلم والفكر ويعيد للإنسان دوره الحقيقي في هذه الحياة واليوم باسم الاسلام نقتل بعضنا البعض ونولي أمرنا للغرب أعداء العروبة والإسلام وباسم الدين أسئنا الى الدين وعدنا الى عصر الجاهلية فتم احياء الصراع العرقي والطائفي والقبلي والمذهبي .

عندما نتكلم على الواقع بهذه الصراحة لا يعني أننا من دعاة التشاؤم او من دعاة التشكيك في قدرات الأمة ولكن لندق ناقوس الخطر لتنهض الأمة من غفوتها ولكي يتحمل كل عربي غيور على أمته مسؤوليته التاريخية وخاصة الطبقة المثقفة التي يقع عليها الحمل الأكبر . اذن على ابناء الأمة أن يضعوا نصب أعينهم أحداث ومواقف عظيمة مرت على العرب في العقود الثلاثة الماضية نعيش نتائجها المرة اليوم . فمنذ العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991 والأمة العربية تعيش تحديات متتالية وتزداد خطورة يوما بعد يوم الى أن وصلنا الى هذا الحال . فمنذ ذلك الوقت قلنا أن هذا العدوان وعدوان على الأمة العربية وأن أهدافه لن تقف عند حدود العراق وإنما هو مشروع أمريكي صهيوني فارسي يستهدف كيان الأمة من خلال اضغاف الأقطار اقتصاديا وأمنيا ثم تجنيد قوى من داخل الأمة لتنفيذ مشروع التفتيت وضرب كل فكر وحدوي الذي يحمله كل الخييرين والوطنيين والبعثيين .

وهكذا يعتبر العدوان الثلاثيني عام 1991 هو حرب عسكرية اعلامية فكرية على البعث باعتباره يمثل روح الأمة وحضارتها وتاريخها ورصيدها الفكري والرسالي فما انتجه البعث من فكر متطور ضمن مشروع حضاري يعيد للأمة حضورها كأمة محورية يضمن لها القوة والتقدم لم تنتجه لحد الآن أي حركة فكرية في القرن الماصي ما عدا بعض المفكرين العرب الذين حاولوا أن يعطوا الحلول لمعضلات التخلف التي ورثتها الأمة من الاستعمار من خلال ما أبعدوه من فكر وأدب . فمشروع الوحدة العربية الذي حدده البعث كهدف استراتيجي وحضاري لم يطرح ضمن النضال السياسي التقليدي الجاف أو كشعار كما يرفع شعار الدين عند الحركات الآسلاموية ، وإنما يعتبر البعث أن الوحدة العربية ضرورة تاريخية لبقاء العرب كأمة قوية محافظة على موروثها الحضاري وكمشروع يواجه مشروع التجزئة الذي أوجده الغرب الاستعماري وها نحن اليوم نعيش وبكل مرارة نتائج التجزئة بحيث أن مشروع تفتيت القطر الواحد سار على قدم وساق من خلال تشجيع القوى الطائفية والعرقية والدينية للتطاحن وغرس بذور الفتنة .

وبالتالي على القوى الوطنية والقومية والشخصيات الوطنية وكل ما له حضور وتأثير أن يضموا جهودهم جنبا الى جنب مع ، المناضلون البعثيون الدين ينحازون للوحدة العربية على حساب حزبهم لأنهم يدركون جيدا أن مصلحة جميع العرب في الوحدة العربية . كذلك على للبعثيين أن ينشروا ثقافة الوحدة العربية داخل المجتمع العربي . فالبعث يحتاج الى وعي وفتح حوار مع أبناء الأمة في قضية مشروع الوحدة العربية ، فالذي يحمل هذا الهدف عليه تحمل كل تبعات هذه الدعوة ويصبر ويفتح صدره للناس فمن يخالفك في الرأي ليس بالضرورة ضدك فمن يحمل هدفا عظيما عليه أن يكون كالبحر ليروي كل الناس فبقدر ما ارتقى وعينا الفكري كلما تلذذ الناس حلاوة كل ما نطرحه وكلما اقتربوا منا . فالأمة في وحشة تحتاج لمن تأنس اليه . فكل ما يطرح اليوم على العرب من أفكار وإعلام هو ضغط وإرهاب فكري جعل كل واحد ينزوي في بيته أو يدخل في دوامة العنف أو الانحراف. ففي ظل هذا الكم من الحشد الاعلامي الممنهج والمبرمج الموجه لتلويث عقول الشباب عن طريق الطرح الديني المتخلف للتشويش على الدين الحقيقي المعتدل الهادف والبناء أو الطرح العروبي المزيف الذي اساء للعروبة من خلال السلوك الغير حضاري لعرب الجنسية أو دعاة الديمقراطية المفسدة التابعة للغرب من خلال تشجيع الفساد وثقافة الالحاد . وعند الرجوع الى فكر البعث نجد أنفسنا في راحة بال واطمئنان وحب لأن الفكر الذي ينبذ التعصب وسواء التعصب الديني او العرقي و ينبذ التبعية لأي فكر لا ينبع من حضارتنا وهويتنا وثقافتنا المتنوعة الغنية الجميلة يجد كل واحد نفسه فيه . فكر البعث يمنح لكن من يعيش على هذه الأرض الممتدة من المحيط الى الخليج فضاء واسع للبروز والمساهمة في عملية الخلق والإبداع والبناء وأن يشعر كل الناس أن هذه الأرض هي ملكهم . العروبة عند البعث هي الخيمة الكبيرة التي تعيش تحتها كل الثقافات والديانات والأطياف . فلا يمكن تحقيق الوحدة العربية خارج هذه الخيمة.

كما يعلم الجميع أن ما يجري على أرض العراق هو صورة حقيقية لبشاعة الطرح الطائفي الديني والمذهبي والقطرية الضيقة وهو خلاف ما كان عليه العراق في عهد البعث عندما كان العراق قويا مهابا محترما بعلمائه ومنجزاته الصناعية والثقافية والعسكرية . اذن أمام الأمة صورتان مختلفتان صورة سوداء صنعها الجهلة والمتخلفين وصورة ناصعة مشرقة صنها المفكرون والعلماء والقادة العظماء .





الجمعة ١٥ شــوال ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / تمــوز / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب س . ع الجزائر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة