شبكة ذي قار
عـاجـل










تفجيرات باريس في 13 تشرين ثاني / نوفمبر الجاري .. تأتي للمرة الثانية خلال العام الحالي والتي صاحبها تلاحم وانتفاض غربي وتداعي لتوسيع نطاق التحالف الدولي للحرب على الارهاب اذ يتواصل قصف طائرات التحالف الدولي بقيادة اميركا ، وبمشاركة روسية على مواقع المنظمات الارهابية في سوريا وكذلك ضربات اقل في العراق .. والتصعيد في الحملات المناوئة للعرب والمسلمين والتي لم تخلو من اللائمة والتهديد والشتائم والوعيد والاساءات باعتبار انها فصيل يتخذ من الاسلام شعاراَ وهوية ،واتهام الدين الاسلامي بانه راع للارهاب وهو ما يخالف الحقيقة وما معروف وثابت من ان الاسلام دين رحمة وسلام وانسانية وهو بعيد كل البعد عن اعمال العنف وكل افعال هذه التنظيمات المسيئة والمعادية للاسلام الحنيف ، فما يحدث من اعمال عنف في اوربا، يقيم الدنيا ولا يقعدها!

بينما تمارس دول وسلطات وانظمة حكم واحزاب وميليشيات اعمالاَ ارهابية افظع واشنع واكثر دموية وتكاد تكون يومية ومنذ عدة سنوات وهو ما يحصل ، بشكل خاص في العراق وسوريا وقبلهما فلسطين على يد الصاينة المغتصبين ولعدة عقود وحتى اليوم ،وفيما يحصل، بشكل عام في اكثر من عاصمة عربية آخرها تفجيرات هذا اليوم في فندق في العريش المصرية راح ضحيتها عدد من القضاة ورجال القانون !وتفجير في باص للامن الرئاسي في العاصمة التونسية حصد الكثير من الارواح ،والغريب ان هناك تجاهلاً لما يحصل في المنطقة العربية من اعمال عنف وحروب وتدخلات واعتداءات عسكرية لم تتوقف ،وهذا الارهاب لم يحرك العالم الغربي ؟! فمن اوجد المنظمات الارهابية ؟ ولماذا استهداف باريس مرتين ( تفجيرات مجلة "شارل ابو" مطلع العام الحالي والتفجيرات الستة الاخيرة ) ولصالح من تأجيج الخلاف والتصعيد والاستعداء الغربي ضد العرب والمسلمين، وماهو الهدف الابعد للحرب على الارهاب ؟ .

الولايات المتحدة الاميركية ومنذ قيامها قوة استعمارية باغية بدأت بابادة سكان اميركا الاصليين ولن تتورع عن ابادة البشرية من اجل مصالحها واستمرار تسيدًها وطغيانها ،ولهذا بنت سياساتها على انها في حرب دائمة وفي مواجهة عدو كبير حتى وان تطلًب اختلاقه موهمة العالم وبالذات الغربي الحليف بمخاطرهذا العدو على الديمقراطية والانسانية والامن والسلام العالميين!! وفي الحرب الباردة كان عدو المعسكرالغربي بزعامة اميركا.. هو المعسكر الاشتراكي الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي، وقبيل انهيار القطب الدولي الثاني مطلع التسعينات وانفراد اميركا كقوة عظمى وحيدة في العالم ..راجت نظريات وصدرت بحوث عن قوى، يزعمون، انها المنافسة والمهددة للاميركان والغرب والتي يجب التخلص منها،ومن ابرزما صدر ( صراع الحضارات ) للمفكر الاميركي ( صموئيل هينتغتون ) تحدًث عن هذه الحضارات ومنها ( الحضارة العربية والاسلامية ) ووقتها صنعت مطابخ المخابرات الاميركية ودعمت تنظيم القاعدة وزعيمها ( اسامة بن لادن ) لمحاربة الروس الكفرة بعد غزو الاتحاد السوفيتي افغانستان ، وبعد خروج الغزاة الروس عام 1989 وما تلا ذلك من انهيار للاتحاد السوفييتي ومعسكره الذي اذهل العالم، وخروج بن لادن عن طاعة اميركا اعتبرت واشنطن ان ارهاب ومخاطر القاعدة وابن لادن وكل من عدًته ( خارجاً على القانون الاميركي ) هو العدو الذي يجب التصدي له وهي بهذا تستهدف الحضارة الاسلامية وبدأت حربها بالعرب القاعدة الاساسية للاسلام والحضارة الاسلامية والتي تحتل دولها مناطق ستراتيجية فضلا عن غناها بالثروات النفطية ، فبعد غزو افغانستان باعتباره ملاذ الارهاب ومكان تواجد مسلحي تنظيم القاعدة ، شنت عدوانها الاثم على العراق عام 1991 وفرضت حصاراً جائراً استمر 13 عاماً بزعم " علاقة العراق بابن لادن والتعاون مع القاعدة" وتواصل تآمرها باختلاق اكذوبة امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل وتهويل مخاطره على العالم اجمع ، وبعد احداث 11 ايلول عام 2001 والتي يجمع الكثيرون ان للولايات المتحدة يد فيها لتقنع العالم بانه مهدد بالارهاب!! وسمت انذاك ( محور الشر ) الارهابي المتمثل بايران والعراق وكوريا الشمالية .. لتشن حربها المدمرة على العراق انتهى باحتلاله عام 2003 واقامت سلطة عميلة وسلمته لنظام الملالي في طهران ،

واذا كانت الولايات المتحدة قد صنعت القاعدة وانها المسؤولة عن مجيء داعش الفصيل الذي انشق على القاعدة ،فان النظام الايراني الحليف والشريك للولايات المتحدة في احتلال العراق وتنفيذ مخطط تفتيت العالم العربي برسمة جديدة لخارطة الشرق الاوسط .. اصبحت الراعي الاول للمنظمات الارهابية وفتحت اراضيها لتواجد قادتها وتدريب عناصرها فضلاَ عن مدَهم بالمال والسلاح وهنا ألتقت مصالح واشنطن مع طهران وفق اجندتهما الطامعة في العالم العربي ، وقد عملا معاَ على احتضان التنظيمات الارهابية وبالذات داعش لتتغَول وتصبح بهذه القوة والامكانات حيث تبسط سلطتها وتواجدها على مساحات واسعة داخل العراق وسوريا!

وبعد هزيمة اميركا في العراق وانسحاب قواتها اواخر عام 2011 وبالتنسيق وسياسة مفضوحة اطلقت فيه يد ايران في المنطقة لتتمدد في 4 عواصم عربية فضلاً امتداداتها هنا وهناك وهذا ما يخدم السياسة الاميركية في تفتيت واضعاف العالم العربي ،وان ايران خير من ينفذ سياسة طائفية تزيد من الشرخ بين بلدان العالم الاسلامي وبين ابناء البلد الواحد وبما ينسحب مستقبلاً على العالم الاسلامي اجمع ، لهذا سهلًت واشنطن لايران احتفاضها ببرنامجها النووي وفق اتفاق فيينا وبما يحرر اقتصادها من العقوبات ويعطي لايران دوراً اكبر في المنطقة .. اذن من اوجد الارهاب هي اميركا ومن خلفها الغرب اضافة لايران وان هؤلاء هم المستفيدون من استشراء ظاهرة الارهاب التي ستبقي المنطقة في فوضى وعدم استقرار وفقدان للامن ، ووفق ذلك تأتي العمليات الارهابية في دول مختارة اما لمواقفها السياسية، وهو الارجح،او كونها سهلة الاختراق امنيا او من خلال التنوع في تركيبتها السكانية وهذا ما ينطبق على فرنسا التي استهدفت مرتين خلال هذا العام وذلك لانها كانت اكثر مجموعة 5+1 تشدداً في المفاوضات النووية مع ايران وموقفها من نظام بشار الاسد في سوريا ، فضلاً عن انها لم تنضم للتحالف الدولي الذي تقوده اميركا في الحرب على الارهاب ،

وربما لموقفها الايجابي من التدفق الكبير الاخير للاجئين وبالذات لاجئي سوريا والعراق رغم وجود جالية ضخمة للعرب والمسلمين ( اكثر من 6 مليون مسلم غالبيتهم من العرب ) اذ انها فتحت ابوابها امام عشرات الالاف منهم ، وفعلاً ،وبعد التفجيرات الاخيرة ، اعلنت باريس انضمامها الى التحالف الدولي في الحرب على الارهاب ،وانها لانت في موقفها المتشدد ازاء نظام الاسد في سوريا، فاهداف العمليات الارهابية على الاراضي الفرنسية او اي بلد غربي هي لدفع هذه البلدان على اتخاذ مواقف متشددة ضد العرب والمسلمين ، وهو ما يشفي غليل العنصريين والمناوئين ،

ولهذا كانت وزيرة خارجية السويد مصيبة في اتهامها للكيان الصهيوني ، فالصهاينة هم ألد اعداء العرب والمسلمين وان افتعال حرب صليبية هو ما يخدم سياستهم ومشاريعهم في المنطقة، فالحرب على الارهاب هي الشرارة التي ستشعل حرباً صليبية جديدة بعد ان تأكل الحرب الطائفية قوة العالم الاسلامي بتصعيد الخلافات واشعال حرب واسعة بين الشيعة والسنة وقد اوكلت هذه المهمة بالنظام الايراني الحاقد ونتائج ذلك واضحة فيما يجري على الساحتين العراقية والسورية والذي اضعف وادي عملياً الى تقسيم هذين البلدين !

وبدلاً من ادانة ايران وتجريمها كونها دولة راعية للارهاب ومصدراً له، دعا عدد من المفكرين والكتًاب والمحللين الاميركان والغربيين بعد تفجيرات باريس الى التحالف الاقوى مع ايران وكان اخر هذه الدعوات دعوة ( هنري كيسنجر ) للولايات المتحدة بالاعتماد على ايران في الشرق الاوسط " وذلك تفادياً لخطر سقوط المشروع الاميركي في المنطقة "فيما اعرب ( رون بروسر ) السفير الاسرائيلي في واشنطن اثناء حضوره حفلاً لتكريم ( قورش ) الملك الفارسي الذي دمرً الحضارة البابلية العراقية قبل 2500 عام "عن امله في ظهور قورش جديد ليعيد امجاد الامبراطورية الفارسية"!! فالهدف الابعد للحرب على الارهاب الذي تقوده الولايات المتحدة هو اشعال حرب عالمية لاتقل بشاعة ودموية من الحروب الصليبية ضد العرب والمسلمين ، .





الثلاثاء ١٢ صفر ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / تشرين الثاني / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. سامي سعدون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة