شبكة ذي قار
عـاجـل










الآن تنطوي صفحة من تاريخ نهضتنا العربية وصفحة جديدة تبدأ, تنطوي صفحة الضعفاء الذين يقابلون مصائب الوطن بالبكاء وبأن يقولوا " لا حول ولا قوة ألا بالله ",صفحة النفعيين الذين ملأوا جيوبهم ثم قالوا ( لا داعي للعجلة , كل شي يتم بالتطور البطيء ), صفحة الجبناء الذين يعترفون بفساد المجتمع أذا ما خلوا لأنفسهم حتى أذا اخرجوا إلى الطريق كانوا أول من يطأطئ رأسه لهذه المفاسد ..... وتبدأ صفحة جديدة , صفحة الذين يجابهون المعضلات العامة ببرودة العقل ولهيب الأيمان , ويجاهرون بأفكارهم ولو وقف ضدهم أهل الأرض جميعا , ويسيرون في الحياة عراة النفوس . هؤلاء هم الذين يفتتحون عهد البطولة . عهد البطولة وأكاد أقول عهد الطفولة , لان النشئ الذي يتأهب اليوم لدخول هذه المعركة له صدق الأطفال وصراحتهم , فهو لا يفهم مايسمونه سياسة , ولا يصدق أن الحق يحتاج إلى براقع , والقضية العادلة إلى تكتم وجمجمة . حياة هؤلاء ستكون خطا واضحا مستقيما لا فرق بين باطنها وظاهرها ولا تناقض بين يومها وأمسها فلا يقال عن أحدهم "نعم.. انه سارق ولكنه يخدم وطنه" ولا يقودون في الصباح مظاهرة ويأكلون في المساء على مائدة الظالمين .

الصلابة في الرأي صفة من أجل صفاتهم , فلا يقبلون في عقيدتهم هوادة ,ولا يعرفون المسايرة فإذا رأوا الحق في جهة عادوا من أجله كل الجهات الأخرى, وبدلا من أن يسعوا لإرضاء كل الناس اغضبوا كل من يعتقدون بخطئه وفساده. أنهم قساة على أنفسهم ,قساة على غيرهم ,إذا اكتشفوا في فكرهم خطأ رجعوا عنه غير هيابين ولا خجلين , لان غايتهم الحقيقة لا أنفسهم .وإذا تبينوا الحق في مكان أنكر من أجله الابن أباه وهجر الصديق صديقه .

هؤلاء اليوم قليلون وربما أصبحوا في الغد أقل أذا اصطدموا بالمصاعب التي تنتظرهم ,ورأوا الويلات تنزل بهم واللعنات تنصب عليهم .ولكن المستقبل لهم لأنهم يفصحون عن مشاعر ملايين الناس الذين قص الظلم ألسنتهم . إن الأسلحة التي تهدد هذا النشئ كثيرة مختلفة , وثمة سلاح أمضى من السجن والتعذيب ,هو سلاح البرودة التي يقابله بها بعض مواطنيه , والابتسامة الساخرة التي يجيبون بها على ندائه وحماسته . أنهم سيقولون "دعوا هؤلاء الأطفال يلعبون برهة من الزمان ويحاولون تناول القمر بأيديهم القصيرة ,إن الواقع كفيل بإرجاعهم إلى العقل ", ولكن واجب هذا النشئ إن تزيده برودة مواطنيه غيرة وأيمانا , وان يذكر إن بقاء بلاده حتى الآن في تأخرها المعيب هو من جراء هذه الابتسامة الساخرة التي يتسلح بها الضعفاء كلما دعاهم الواجب واستيقظ في ضمائرهم صوت الحق , ليست البطولة دائما في المهاجمة ,بل قد تكون كذلك في الصبر. والثبات ,وليست الشجاعة في محاربة العدو الظاهري فحسب , بل إنما هي أيضا- وعلى الأخص- محاربة العدو الباطني أي إن يحارب المرء في نفسه اليأس والفتور وحب الراحة . في هذا العهد الجديد الذي بدأت تباشير صبحه تختلج في الأفق , نريد أن تكون النهضة والاستيقاظ في كل عواطفنا الشريفة ومواهبنا العالية لا ان تنحصر اليقظة في عاطفة واحدة ضيقة .

لم يعد يرضينا أن نسمع أن ذلك الشخص وطني إذا لم يكن في الوقت نفسه إنسانيا, عفيف النفس ,كريم الخلق ,فالعاطفة الوطنية إذا لم تكن مصحوبة بهذه الصفات قد لا تكون غير مجرد كره للأجنبي . وهذه ليست غايتنا . لسنا نطلب الاستقلال لننعزل عن بقية الشعوب , ونقيم سدا بيننا وبين الحضارة الإنسانية .لسنا نصبوا إلى الحرية لنعيش في الفوضى ,أو نرجع إلى ظلام القرون الوسطى . أننا نطلب الاستقلال والحرية لا نهما حق وعدل قبل كل شيء ولأنهما وسيلة لإطلاق مواهبنا العالية وقوانا المبدعة , كي نحقق على هذه البقعة من الأرض التي هي بلادنا غايتنا وغاية كل إنسان – الإنسانية الكاملة .





الاحد ١٤ ربيع الثاني ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / كانون الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب خالد ابن الوليد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة