شبكة ذي قار
عـاجـل










الحديث عن الفلوجة والتعريف بها أصبح ضرب من الاجترار للكلام فالفلوجة لا تحتاج لتعريف فهي معروفة للقاصي والداني، هي لم تكن مدينة كبقية المدن بل هي منارة لمقاومة الاحتلال ورفض الظلم والاستبداد، كما وأنها أكاديمية متقدمة لتعليم القيم العليا وكيف يكون الإنسان حراً يستحق الخلافة في هذه الأرض أو يهلك دون ذلك.

منذ ٤ نيسان ٢٠٠٤ لم تغب الفلوجة عن أذهان الأمريكيين أو واجهات الإعلام، وتوالت الهجمات والحروب على المدينة بغية إسقاطها وتدميرها وإذلال أهلها الأحرار.

وإلى وقتنا هذا ما زالت هذه المدينة تشكل رمزاً للعزة والكرامة، والشهامة والإباء، وتمثل ذلك العنفوان المقاوم الذي يرفض كل أشكال الهيمنة والاستعباد وبعد عدة معارك شرسة قامت بها أمريكا بكل جبروتها وترسانتها العسكرية والنخبة من قواتها باءت بالفشل لتبقى الفلوجة مرفوعة الهامة ورأس النفيضة في الهاب الروح الثورية، هذه المدينة الصغيرة بجغرافيتها وعدد سكانها الذي لا يتجاوز سبعمائة وخمسون ألف نسمة لم تتنفس الصعداء وتستريح منذ أيام الاحتلال الأولى فهي على موعد دائم مع أعداء العراق من أغاظهم انتصاراتها وعلو شأنها وجلال مقامها لتستمر حلقات الاستهداف للثأر للمحتل الأمريكي ليتكون حلف ضد هذه القديسة، حلف صهيوصفوي حقود لاهم له إلا الثأر وبأخس الوسائل، وبعد أحداث كانون الأول عام ٢٠١٤ وبعد جريمة الجيش الصفوي الذي قام بالهجوم على المصلين العزل وقتل عدد منهم ليثور أهل المدينة متخلين عن سلمية اعتصاماتهم ليطردوا جيش الاحتلال الصفوي وتحرير مدينة الفلوجة منهم وإعلانها أول مدينة عراقية محررة ومنذ ذلك التأريخ والمدينة تعاني من حصار واستهداف عسكري وحشي مما اضطر أغلبية سكانها للنزوح هرباً من وحشية القصف العشوائي بالبراميل والعنقودي والصواريخ والمدفعية ليتقلص عدد سكانها المتبقين فيها إلى قرابة ١٢٥ ألف نسمة مدنيين عزل لم يستطيعوا الخروج لأسباب إنسانية منطقية، منها عدم المقدرة المادية أو رفضهم للإذلال الذي تمارسه الحكومة الصفوية ضد النازحين، وما إلى ذلك من أسباب، هؤلاء الكرام كانوا أهدافاً لنيران العدو ومن يسلم منهم من هذه النيران فالحصار الإجرامي للمدينة الذي حرمها من دخول الأدوية والغذاء هو كفيل بالقضاء عليه.

كل هذا يحدث تحت نظر وعلم جميع دول العالم ومنظماته التي لم تحرك ساكن لمساعدة وإنقاذ هذه المدينة لأنهم يعرفون أن هذه هي رغبة أمريكا ولا يملكون أمام رغبات هذه العاهر إلا النفاق والصمت المخزي.

إن ما تشهده المدينة اليوم من هجمة نكراء هي امتداد لمعركة الفلوجة الأولى التي تحاول أمريكا وإيران أن تسترجعا هيبتهما التي مرغت بالتراب بفضل الله ثم بسواعد أبطال هذه المدينة الحرة الأبية.

إن سياسة الحصار والتجويع والقصف العشوائي المستمر "جريمة حرب" ترقى لجرائم حروب الإبادة والمتهمين هم أمريكا والحكومة الحالية ومليشيا الحشد وصحوات الذل فهم يشكلون منظومة الانتقام من الفلوجة أرضاً وشعباً .

على الجميع تحمل مسؤوليته اتجاه الفلوجة واستمرار الضغط في سبيل رفع الحصار عنها وإنقاذ أهلها من الموت جوعاً أو لعدم توفر الأدوية، فالموت جوعاً أو لعدم توفر الدواء جريمة لا تغتفر ليس للقائمين بها بل يتحمل وزرها الساكتين عنها.

لن تركع مدينة المساجد لغير خالقها هذه القديسة المقدسة بدماء أبنائها الذي خضب ترابها ولا نبالغ إذا قلنا لا يوجد متر في الفلوجة لم يتعطر بدم طاهر أريق للدفاع عن كرامة أمة، لن يخذل الله شهدائها ولن تهان منائرها ثقتنا بالله هو مولانا ونعم المولى ونعم النصير، وحسبنا الله ونعم الوكيل .





الخميس ١٥ جمادي الثانية ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو مصطفى الخالدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة