شبكة ذي قار
عـاجـل










ما العبرة التي نستلهمها من قرار العراق في الاول من حزيران عام 1972 ، الخاص بتأميم النفط ، وامتلاك العراق لثروته الوطنية ، فقد كان العراق قبل قرار التأميم لا يملك في خزينته رواتب لموظفي الدولة ، رغم ما يملك العراق من ثروة نفطية هائلة، وصلت حد امتلاكه لثاني احتياط نفطي عالمي ، تضيع كلها لصالح الشركات الامبريالية الاستعمارية ، ولا يستفيد العراق من ثروته النفطية ، وكانت الثورة تملك طموحات وطنية لبناء الوطن المنهوب ، والدولة المتهالكة على نفسها ، والمخترقة من قبل مجموعات الجواسيس من كل لون .

قرار التأميم كان من القرارات الصعبة والجريئة والشجاعة ، فقد كانت تجربة مصدق في ايران ماثلة أمام قادة العراق ، وفي مقدمتهم السيد النائب الذي كان ينتظر فشل المحادثات مع شركات النفط ، التي يقودها عدنان حسين بتوجيه من سيادته ، وهو يؤكد على ضرورة فشل هذه المحادثات لتتحمل الشركات مسؤولية فشل المفاوضات، حتى جاءه الخبر اليقين أن شركات النفط ترفض المطالب الوطنية العراقية ، وهي تتعامل مع الدولة العراقية بنفس الدول التي تمتلكها ، مما يعطي الحق للدولة العراقية باعلان قرار التأميم .

بعد امتلاك العراق لثروته النفطية استطاع أن ينهض بالتنمية في جميع جوانبها سواء أكانت صناعية أم زراعية أم عسكرية أم علمية ، لأنه امتلك عنصر التنمية المتمثل بعنصر توفر الموارد المادية ، وهو في أمس الحاجة أن يعمل على توفر الامكانات البشرية المتمثلة بالانسان المتعلم والمتدرب ، وهو ما مكنه لامتلاك الثروة المالية من العمل على الانفاق على جميع المجالات ، وخاصة في جانبها العلمي التعليمي الجامعي ، والذي بدا واضحاً في فتح الجامعات في جميع محافظات القطر من جهة ، وارسال الطلبة العراقيين إلى جميع الجامعات العالمية الغربية منها والشرقية.

توفرت للعراق مستلزمات التنمية وعنصريها الاساسيين هما الموارد المادية والموارد البشرية ، وفي زمن قياسي بدت نتائج التنمية تظهر في عموم أنحاء البلاد، وتمكن العراق بدفع الغزو الايراني حد اجبار قادتهم على تجرع كأس سم الهزيمة ،في الوقت نفسه بنى جيشاً من العلماء إلى جانب قوته العسكرية ، وقد أسقط في أيدي الامبريالييين والصهاينة ما دبروه للعراق من خلال ملالي الفرس ، فجاء الملعوب الكويتي الاماراتي الذي تعمد محاصرة العراق اقتصادياً، من خلال التلاعب بأسعار النفط ، الثروة التي من خلالها يريد العراق أن يعيد البناء ، ويستمر في التنمية التي شغله عنها السنوات الثماني من عدوان ايران .

تم تدبير الغزو الثلاثيني بعد أن سدت كل طرق حل القضية الكويتية ، وجاء العدوان تحت ذريعة تحرير الكويت ثم تلاه الحصار الجائر ، وعندما فشلت كل هذه المحاولات للسيطرة على القرار الوطني جاء الغزو والاحتلال تحت ذرائع واهية ، بات العالم يتندر إلى حجم الكذب الذي ساقته الامبريالية الامريكية من أجل الغزو والاحتلال .

قرار التأميم كان السطر الاول الذي كتب فيه استهداف العراق ، ولما فشلت كل المحاولات لتدجين القرار الوطني ، وصل أعداء العراق من امبرياليين وصهاينة وفرس مجوس يضاف لكل هذا الثالوث غير المقدس النظام العربي الرسمي الذي يسير في الفلك الامبريالي الصهيوني أن لاخيار أمامهم إلا الغزو والاحتلال المباشر فكان لهم ذلك في العام 2003 .

قرار التأميم يؤكد أن المواجهة هي السبيل الوحيد لإنتزاع الحقوق المنهوبة في الثروة والارض المحتلة ، فالاعداء لا يقدمون لك الحقوق على طبق من ذهب أو فضه، هم لا يفهمون إلا منطق القوة في اتخاذ القرار السياسي والقتالي ، وامتنا لا يعوزها أن تكون في خندق المواجهة .

قرار التأميم كان قراراً وطنياً شجاعاً أعاد للعراق ثروته المنهوبة ، رغم الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الثورة العراقية ، إلا أنها اتخذت القرار ونجحت في تنفيذه، وتمكنت من توظيف نتائجه لبناء دولة وطنية تقدمية ، كادت أن تخرج من دائرة العالم الثالث ، وهو ما يؤكد أن لا بديل عن المواجهة مع أعداء الأمة ، وهو ما يجب أن يفهمه كل الاحرار الشرفاء في هذه الامة ، ورغم أن البعض من القومجيين الدائرين في الفلك الفارسي المجوسي ، والمتمركسين الإنتهازيين الذين غيروا كعبتهم من موسكو إلى واشنطن بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في تحالفهم مع الفرس المجوس ، هؤلاء السائرون في نفس الخط الامبريالي الامريكي الصهيوني ضد اهداف الامة ومصالحها ، لذا تجدهم يتخندقون في خندق الملالي رغم احتلال الملالي للعراق ، وهم يعلنون ذلك بكل صراحة ليأتي هؤلاء القومجيين لينفوا ما يعلن أسيادهم وأولياء نعمتهم في طهران .

قرار التأميم كشف حجم عداء النظام السوري ، وارتباطاته المشبوهة منذ زمن طويل، فبعد قرار التأميم العراقي وامتلاك العراق لكل ممتلكات الشركات الأجنبية، فقد لجأ النظام السوري لتأميم إنبوب النفط العراقي المار من سوريا بعد أن بات هذا الإنبوب من ممتلكات الدولة العراقية ، وهو ما كرره في موقفه أثناء العدوان الايراني في الثماني سنوات ، وبعد الغزو والاحتلال ، وفي تحالفه اليوم مع نظام المنطقة الخضراء في بغداد .

dr_fraijat45@yahoo.com





الاحد ٣٠ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / حـزيران / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة