شبكة ذي قار
عـاجـل










تعقد في كل عام مؤتمرات في مختلف بقاع العالم يناقش فيها المشاكل الحاصلة ومحاولة ايجاد الحلول المنطقية للخروج من الازمات , تعقد هذه المؤتمرات وسط تطلع الجماهير لها , وخير مثال على ذلك مؤتمرات القمة الاوربية التي تحتل اخبارها العناوين الرئيسية حتى قبل انعقادها , الا المؤتمرات العربية فنادرا ما يتحدث عنها او تسمع اخبارها ربما لعلمنا بما يدور في واقعنا العربي من تجاهل للمطاليب ومدى الضغوط والتدخلات الخارجية المفروضة على الحكومات العربية وفي مثل هذه الاوقات الحرجة اختتمت فعاليات مؤتمر القمة العربية الـ(27) في العاصمة الموريتانية نواكشوط .

وكما تيقنا ان هذا المؤتمر لن يقدم الحلول الملموسة التي يطمح اليها الشعب العربي وان يقيننا هذا ليس نتيجة لتشائم او علم للغيب نؤمن به وانما جاء لمعرفتنا المسبقة باللعبة السياسية المبتدعة في بلداننا , وقد حصل ما كنا نتصوره حيث اختتم المؤتمر اعماله بأصوات قليلة عبرت عن مشاكل الامة وسط جمع صامت مكتفي بموقف المتفرج.

وربما كان الصوت الاقوى المعبر عن الامال هو صوت دولة موريتانيا الشقيقة الذي عبر عنه بأكثر من طريقة ابتداءا من التطوع السريع لإقامة المؤتمر على ارضها بعد انسحاب المغرب وعملها الجاهد لتذليل كافة الصعوبات امام انعقاد المؤتمر ونجاحه وصولا الى السعي الحثيث لتدويل الازمات الحاصلة والدعوة لحلها , كما ان الموقف المشرف للشباب الموريتاني الذي اطلق الحملات الهادفة دليل على اخلاصه للأمة وتعبيرا عن مكنون المجتمع الموريتاني ومبادئه النضالية الاصيلة.

ما الذي كنا نأمله من المؤتمر بالطبع لن يرتقي الى مصاف امال الدول المتقدمة ولكن في ابسط الحدود املنا كان معلقا بإيجاد حل لواحدة من مشاكل امتنا فالطريق المؤدي الى النجاح يأتي خطوة بخطوة .

ما حصل في المؤتمر اثار حفيظتنا فبدلا من التعبير عن صوت الشعب من خلال قواه الوطنية والقومية تم تمثيل العراق من قبل حكومة الاحتلال متمثلة بوزير خارجيتها ابراهيم الجعفري وتصريحاته الفلكية حيث اشار الى ان الميليشيات الصفوية ( حافظة لكرامة العرب ) وما اشد بعدها عن العرب وما اشد بعد حكومة الاقزام عن صوت الشعب فكيف يحمي كرامة العرب من لا عزة لهم , في حين ان هناك تمثيل شرعي للشعب العراقي يعبر عن كل اطيافه ومكوناته معتزا بعروبته تم انعقاد المؤتمر بمشاركة صفوية دخيلة على العروبة والامة , انسحب عدد من الاعضاء وعبروا عن استنكارهم لهذه التصريحات في حين كنا نأمل ان نجد الرد الوافي عليها والتنديد بأعمالها واقصائها من المشاركة بتوفر الادلة التي تدين حكومة الخيانة اللاعراقية واثبات عمالتها للفرس وابراز جرائمها امام انظار العالم لقطع يدها بدلا من الانسحاب الذي لا يجدي ولا ينفع ، ان هذه التصريحات انما تعبر عن توجهات الحكومة العميلة الفاسدة ومدى التغلغل الصفوي في صفوفها وسعيها الحثيث من اجل احجام الدور العراقي ضمن محيطه العربي واعادة ديمغرافية التوزيع السكاني ليتلائم مع مخططاتهم المجوسية , لذا فنحن ندين هذا الحضور الذي انما يزيد العراق بعدا عن بيئته وتعميقا للخلافات بين الاشقاء .

وفي الوقت الذي تعاني منه الاقطار الشقيقة من ويلات التدخل الاجنبي لم يذكر من معاناتهم شيئا وبدلا من التنديد بعمليات القتل والسلب جراء التغلغل الصهيوفارسي في هذه البلدان وما ادت اليه والوقوف بوجه هذه التهديدات وايقاف محاولاتهم التوسعية في شرقنا العربي , لم نجد من ذلك سوى مزايدات وارهاصات فانية . اما قضية العرب فلسطين فلم ينادي بها سوى قلة من بينهم رئيس المؤتمر الذي دعى بشدة الى حلها واعتبارها حل لجميع مشاكل العرب والتنديد بأعمال الحكومة الاسرائيلية وما تقوم به نشر الدمار داخل الاراضي المحتله وبقية الاراضي العربية .

كما ان الوضع في سوريا لم يجد له محل في مؤتمرهم سوى تنديد من هنا وتصريح من هناك ولا تزال ازمة سوريا مشتعلة على اوجها يعوث بين جمالها الاغراب وتنشر الافاعي فيها سمها بدلا من ترفه ابنائها بين خيراتها وحضارتها , اصبحوا اليوم ما بين البلدان نازحين ولاجئين .

كذلك هو الحال بالنسبة لقضية الاحواز وما تعانيه من جور الاحتلال الفارسي , واليمن وقد استغرب عن واقعه والسودان انقسم في داخله ومصر التي تشتد عليها العواصف وليبيا والضياع المحتمل , لم يبد ان لها مكان في جدول اعمال المشاركين سوى اشارات بسيطة لا تغني ولا تسمن من جوع .

ونحن هنا نقف موقف الناقد لحرصنا على قضيتنا ومحاولة النهوض بواقع الامة للوصول الى ساحل النجاة , وكل تاخير يؤجج الصراعات والتدخلات كالطين اذا ازداد بلة حتى لم يعد بالامكان السير عليه , ومركب العرب واحد فأما الغرق واما ان نرسي قضيتنا على بر النجاة , فلم التجاهل ولم تأبى الحكومات ان تخرج بأزمتها لشمس الحرية .

وكما اشرت فإن نتائج هذه القمة فشلت في تحقيق ابسط ما يصبوا اليه المواطن العربي وان التجاهل الذي تم يعبر عن النزعة الفردية والبعد عن الافكار الوحدوية , فشلت القمة العربية بكل ما للكلمة من معنى ولكن نجحت موريتانيا بوحدتها وتراصف شعبها المؤيد لحكومته ولتعبيرها الصريح عن حق الامة في العيش بسلام وتساؤلنا اين بقية الدول واين القوى العربية من قضاياهم. واقعنا لا زال يعاني من ليل مظلم منتظر بزوغ فجر جديد يعيد امجاد ماضي عريق , وتطلعنا المستمر لمستقبل بلا ضباب . وربما كاد الحلم ان يتحقق يوما ولكن لم يجد له مخرجا لنور شمس العروبة .





الجمعة ٢٤ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مهند الدوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة