في النصف الاول من عام 1990 تأسس بما يعرف بالمؤتمر القومي العربي في بيــروت وعقد مؤتمره الاول في تونس ليجمع النخب الفكرية والسياسية العربية تحت يافطـة الدفـاع عن امة العرب ومشروعها الحضاري . هذه الفكرة نالت استحسان قطـاع واسـع من المثقفين والسياسيين خارج إطـار المؤتمـر بحسـن الظـن بالمقـاصـد المعلنـة واستبشـروا خيـرا بوجود رافد سيعمـل لانعاش المشروع الحضاري للامـة .

دارت عجلـة المـؤتمر تنتقل بيـن عاصمـة عربيـة واخـرى حتـى اصبـح الامر في تقرير حـال الامـة الذي يصدر عن المؤتمر يشبه حكايات جـدتي عن أيـام زمــان وتلاشـت الامـال بالكـامل من هـذا المؤتمر بعد احتـلال العراق من قبل أمريكـا وإيـران والسبب هـو دفـع المـؤتمر لتبني صراحـة المواقف الايرانية من كـل قضايانا العربيـة وعدم المساس اعتراضا بسياسة ايران واعلنت قيادة المؤتمر الحرب على كـل من يسعى فضح الدور الايراني ومليشياته في لبنان والعراق وسطع هذا الموقف كشمس تمـوز بعد قتـل الشعب السوري على يد النظام ومليشيات ايران كحزب اللات ومليشيات عراقية وافغانية بقيادة ايرانية مباشرة علنية وصريحـة .

استعجب الوسط الثقافي والسياسي والشعبي من مواقف المؤتمر البعيدة جدا عن الادعاءات والشعارات التي حملها المؤتمر بدوراته ، فالعنوان عربـي وقـطف الثمـار لبلاد فـارس. كان النهضوين العرب من اعضـاء المؤتمر عُرضـة لاسئلة كبيرة عن غايـة وجودهـم بمؤتمر لا تستقيم شعاراتـه مع ألام الامـــة وتـدخلات الاجنبـي الايراني والامريكي والروسي في العراق وسوريا واليمن واعلان الفرس عن هيمنتهم على اربع عواصم عربية ، وصمـــت المـؤتمـر صمــت القبــور عن كل ذلك ، لا بل انحاز ضد الامة لصالح المشروع الفارسي . ألامـل في احداث التغيير من داخل المؤتمر كان عـذر بقـاء النهضوين العرب داخل المؤتمر لكـن لـم يسمح لهم ولا يؤخذ بأي رأي ضد إيران واذا ما تابعنا ما كتبـه السادة اللذين اعلنوا انسحابهم والغاء عضوية المؤتمر نكتشـف عمـق التمسـك بالانحياز للفرس ضد الامة العربيــة . رب سائل يسأل كيف لا تستطيع النخب الفكرية والسياسية ان تحمـل المؤتمر لمواقف صريحة ضد الفرس اعداء الامة .

إذا استشرفنـا هيكليـة المؤتمـر منذ تأسيسه سـنرى ان عضويين لبنانيين هما رجل وامرأة تعمل ظاهريا كسكرتيرة هما اللذان يقرران كل شيئ وليس الامانة العامة وهما القائمين والوصيين والمتحكمين بكل مفاصل المؤتمر وتفاصيلــه وهمساته وحركاتــه . ولا يعني شيئ إذا ما انتخـب فلان او عـلان لامانة المؤتمر فذاك يبقـى كما يقال ( لا يهش ولا ينش ) وان يكون معروفا له بالولاء للفرس وكذلك الامانة العامة ، تبقى البيانات والمواقف تصدر من مقر بيروت !!. تنظيم المؤتمرات والدعوات والفنادق فقط من خلالهـم . لا تقبل دعوة عضو جديد حتى وفق النظام الداخلي وان لبى الشروط المطلوبة الا بموافقتهما . وكل البيانات الختامية لكل مؤتمر وما يصدر عنه يخرج من مقر بيروت والقائمين عليه المذكورين . السؤال الواضح والبسيط من إين لهـما هذه القدرة للتسلط على نشاطات المؤتمر ؟؟ لا نحتاج للتبحر اذا دخلت مقرهما في بيروت ستجد بعض الموظفين ايضا ستسأل من يصرف عليهم ومن يعيلهــم لانه لا احد يعرف المصادر المالية للشخصين المشار اليهما فهما لا يعملان في اي مهنة منذ عقود !! ، هل يتبرع لهم اغنياء العرب وهل لهم تجارة ومصدر مالي . أم ينطبق عليهم قوله سبحانه وتعالى؟؟ :

( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) هود .

أن سـخاء الفرس عليهم هو لادامـة الحركة في مكتب بيروت ونشاطاته التي تخدم نظام قــم أبيــب مع توفير الحماية الامنية والسياسية لهما من قبل حزب اللات . وتماشيا مع اسم فيلق القدس أسس الشخص اللبناني ملتقى القدس الدولى بدعم ايراني صريح وكانت زياراتهما ونشاطاتهما الى تركيا بدعم ايراني مطلق لصالح ايران وتزويقها كمدافع عن القدس !. إن سكوت نخبة تدعي القومية عن الغطرسة الفارسية على الامة وتعدياتها الوقحة على عروبة العراق ولبنان ومؤامراتها في اليمن وقتلها لاهلنا في سوريا يعتبر اكبر مكسب فارسي يستحق كل الدعم المادي مهما بلغت التكاليف .

إن دراية مكتب المقر في بيروت في كيفية السيطرة والتسلط على المؤتمر ليست عادية ولا ذكـاء فطـري او مكتسب تراكمي بـل توجــيه استخباري من قبل الفرس . ان المشارك في المؤتمر يلاحظ بقوة هيمنة ثنائي الرجل والمرأة باسم مكتب المقر على قاعة المؤتمر في اي قطر عربي وقرارته وبياناته ويلاحظ حركتهما المنظمة والمدروسة التي لا تغيب عن ذهن المتتبع لهما انهما ملقنــين استخباريا من قبل اجهزة ذات خبرة امنية عالية . وكل حركة وقول ضد الفرس سيكون محل تركيز من قبلهم . وما محاربتهما لاهلنا في الاحواز وعدم قبول دعوتهم في المؤتمر الا لارضاء الممول الفارسي لهما وكذلك رفضهم ادانة حكومات الاحتلال المتعاقبة في العراق لان ايران لا تقبل بذلك .

منذ 2004 كتبنا عن ضرورة اصلاح المؤتمر واشرنا على النقطة الجوهرية المنوه عنها وهي مكان مقر المؤتمر وارتئينا نقله خارج لبنان لابعاد تأثير حزب اللات إلا ان التمادي ساق بالمؤتمر الى الفشل بعد ان اتضحت الصورة المخابراتية الفارسية لادارته وتوجيه بوصلته لصالح المشروع الفارسي ضد الامة العربية .

إن العمـل لايجـاد بديل لتجمـع قومـي عربي شعبي يضم المنظمات المهنية والسياسية والاعلامية والشخصيات القومية هو الكفيل بدفع العمل القومي باتجاه صحيح يدافع عن المشروع الحضاري العربي ويفضح اعداء الامة والمتربصين بها من فرس وصهاينة .وعدم السماح لمثل هؤلاء للتسلل وتشويه العمل القومي العربي مجددا.