شبكة ذي قار
عـاجـل










كاسترو مناضل أممي حفر اسمه في سجل التاريخ الإنساني ، وفي خندق نضال البشرية ضد الظلم والطغيان ، وكل الذين أرادوا بيع أنفسهم وشعوبهم لخدمة مصالحهم ، فقد كان باتيستا عميل بامتياز للولايات المتحدة الامريكية ، وكانت جزيرة كوبا مزرعة أمريكية تعيث فيها كل أنواع الفساد ، وإستطاع كاسترو مع مجموعة صغيرة من رفاقه أن يجتازوا الطوق الذي كانت أمريكا تحيط به الجزيرة من خلال نظام باتيستا العميل .
عزم كاسترو ورفاقه على التصدي للظلم والطغيان والعمل على إنقاذ بلاده من شرور الامبريالية الامريكية ، ومع خسارة هجوم الثوار الفادح في بداية إختراق أسوار الجزيرة إلا أن العزم والتصميم والإرادة كانت ديدن الجميع على تحقيق أهدافهم في تحقيق الحرية والعدالة على أرض الجزيرة ، فكان لهم ما أرادوا بعد صراع مرير مع الإمبريالية الأمريكية وعملائها على الأرض .

شكل كاسترو مع غيفارا المناضل الأممي ثنائياً متميزاً في النضال ليس من أجل كوبا فحسب ، ولكن من أجل نشر الحرية والعدالة في كل مكان تغزوه أقدام الإمبريالية ، ومع توطد أقدام الثورة بعد إنجاز إنتصارها على الأرض رحل رفيق دربه لموقع نضالي آخر في جنوب القارة الأمريكية ، وناضل هناك حتى واجه مصيره وهو واقف على الأرض التي تتطلع أن تتخلص من عبثية الإمبريالية في الخلاص من كونها المزرعة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية .

كان كاسترو إماماً للعديد من المناضلين من أجل الحرية ، وكان ملهماً لهؤلاء الذين أمعنت الإمبريالية قتلاً وتدميراً في حياتهم وحياة بلادهم ، فقد كان نجاحه في مواجهة أعداء الحرية دافعاً لهؤلاء المقموعين والمحرومين أن الحياة ليست بلا مستقبل ، وأن النضال الحقيقي ليس عبثاً، وأن معركة المناضلين تنتهي بدحر هؤلاء الطغاة ، فالنضال ضد الإمبريالية وعملائها واجب ليس وطنياً فحسب ، بل واجب إنساني يجب أن يمارسه كل من يتطلع لحياة حرة كريمة .

قام كاسترو بإعادة بناء كوبا على النمط الإشتراكي الأممي ، متحدياً بذلك كل الصعاب والمشاكل والعقبات التي واجهت كوبا التي كانت مسيجة بالمؤامرات والدسائس من الكوبيين العملاء الذين رحلوا إلى الولايات المتحدة ، وحظوا بدعمها ومساندتها لإسقاط النظام الوطني الثوري الأممي ، ولكنهم باءوا بالفشل الذريع ، فصمدت كوبا منذ خمسينيات القرن العشرين والجزيرة في مواجهة أعتى امبراطورية حقد وظلم وطغيان ، وأسوأ حركة حصار في تاريخ الإنسانية إلا أن الكوبيين رفضوا تسليم جزيرتهم وأنفسهم ، فصمدوا وناضلوا حتى تحقق للجزيرة ما كانت تناضل من أجله.

كوبا وكاسترو قصة تضحية وعطاء ، قصة نضال ضد الطغيان البشري ، قصة نجاح أمام إرادة التحدي والصمود ، قصة مناضلين نسجوا تاريخ حياتهم لخدمة شعبهم فصنعوا المجد ، وبنوا الحياة الحرة الشريفة التي يتطلع إليها كل إنسان على وجه هذه الأرض ، التي ما وجدت إلا لتكون فراشاً وثيراً لبني البشر ، بعيداً عن معاناة القهر والذل والعبودية .

كاسترو قصة نضال لكل زعامات العالم ، وكوبا باتت قلعة نضالية ، وملاذاً لكل الأحرار ، وسنداً لكل المظلومين ، فقد صنعت كوبا مجدها ، وحفرت تاريخها بأيدي أبنائها الذي ما بخلوا على العطاء منذ تاريخ وجودها حتى يومنا هذا .

لقد فرضت كوبا وجودها وفرضت ارادتها حتى أذعنت أخيراً الإدارة الأمريكية على الإعتراف بحقها في الحياة ، بعيداً عن التهديد منذ أزمة الصواريخ مع الاتحاد السوفييتي وكوبا مهددة أرضها وسماؤها وأبناؤها من الغول الامبريالي على بعد خطوات من أسوارها .

كوبا بقيادتها الأممية التاريخية قصة مجد وصراع بين الحق والباطل ، وقد إنتصر الحق على الباطل ، وإنتصرت الإنسانية على الهمجية البشرية ، وكوبا النضال أهزوجة نضالية لكل شعوب الأرض المقهورة ، ودرساً في التضحية ، وأن الشعوب لاتقاس بحجمها ولا بعدد مواطنيها ، ولكن تقاس بارادتها وتصميمها على تحقيق ما تصبو إليه ، فقد تمكنت كوبا وبقيادتها الأممية أن تبني مجداً لجزيرة صغيرة على حواف حدود الشيطان الإمبريالي ، وإمتلكت إرادة التحدي وأنجزت إستقلالها كأفضل ما تطمح إليه شعوب الأرض .

كاسترو بطل وطني وقومي وأممي ، نموذج لابد وأن تكون قصة نضاله عبرة لنا جميعاً ، وخاصة نحن أبناء الشعوب المقهورة ، الشعوب المستهدفة من الإمبريالية والصهيونية والرجعية والدينية المتخلفة ، وأبناء أمتنا الذين تكالبت عليهم كل قوى الشر لابد وأن يجدوا في تاريخ كاسترو النضالي ما ينير طريقهم لإختراق نفق الظلام الدامس الذي يخيم علينا في ظل العهر السياسي والإجرام الإمبريالي الصهيوني ، والتجاوز على الحق والحقيقة، وقيم الحق والخير والإنسانية ، فالنضال ضد الإمبريالية والصهيونية والطائفية والعرقية والدينية الرجعية نضال إنساني ، يعني كل أحرار العالم حتى يتخلص العالم من شرورها ، وتعيش الإنسانية بأمن وطمأنينة .

كاسترو منارة طريق لكل المناضلين في سبيل الحرية والعدالة ، وبشكل خاص لنا نحن العرب من أجل قيام وحدتنا وتحقيق الحرية والعدالة على أرضنا ، بعيداً عن الهيمنة الإمبريالية والصهيونية والإقليمية الفارسية والعثمانية .

عاشت كوبا قلعة للحرية والنضال ، وعاش إسم كاسترو منارة لكل المناضلين في سبيل الوحدة والحرية والعدالة في وطننا العربي من المحيط الاطلسي حتى الخليج العربي .

dr_fraijat45@yahoo.com
 





الثلاثاء ٢٩ صفر ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / تشرين الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة