شبكة ذي قار
عـاجـل










يجري تسليط الضوء وبشكل متقصد إعلاميا على لقاءات بين الإدارة الأمريكية السابقة والحالية لخلق نجومية مفتعلة لأشخاص من طائفة معينة وباستغلال خدمات شركات متخصصة في العلاقات العامة، تعمل بأجور مدفوعة الأثمان الباهضة لخلق صور وهالات مفبركة لزعامات تفرض نفسها بقرف على العراقيين، من خلال شراء ذمم الناس والمريدين والأتباع بالمال السياسي، طائفيا وعشائريا وجهويا، وعلى حد تعبير احد أطراف أحد ممثلي هذه الطائفة التي تظن نفسها إنها باتت الفئة الناجية من النار، وهي الفئة المبشرة بجنة الاحتلال القادم وحظوته السياسية، وخصومها صاروا ضمن الفئة الباغية، رغم ان مساكنهم متلاصقة في المنطقة الخضراء، وحراسهم وأفراد حماياتهم الأمنية يتبادلون النوم في مضاجع مشتركة.

بمثل هذه المحادثات الساعية اللاهثة وراء سراب الأماني الطائفية ، يظن أصحابها، إنها ستنهي الهيمنة الطائفية للفئة الباغية الأخرى، التي سادت في حكم الفترة السابقة بفضل تشريعات واجتهادات قاضي الاحتلال مدحت المحمود وتفسيراته لمضمون الأغلبية للكتل المدعومة إيرانيا وبتوافق أمريكي واضح في تنصيب المالكي وبعده ألعبادي.

والمفارقة القاتلة : لا يقول أمثال هؤلاء الساعون لتجديد بيعة احتلال أمريكي آخر جديد: إنهم كانوا وأمثالهم أطرافا في العملية السياسية، ومتشاركين في الحكم والفساد المالي والإداري، ومجموعاتهم بكل مسمياتها قد عاثت مثل أقرانهم في الفئات الباغية الأخرى حكما وفسادا وقتلا بالعراقيين سنة وشيعة .

ولا يريد أمثال هؤلاء التجار الاعتراف بالحقيقة : في ان مثل هذا الحل سيستبدل وجوها طائفية فاشلة بأخرى، لا تختلف عنها سوءاً وفسادا وعمالة وجهالة بالدين والسياسة. وكما عبر عن ذلك ضمنيا مقال الاستاذ الكاتب العراقي د. سعد ناجي جواد الأخير 12/02/2017 في صحيفة رأي اليوم، لا يمكنني ان أضيف أكثر هنا .

رغم انشغال العالم وعلماء البيئة واهتمامه بالجائحات الفيروسية كأنفلونزا الطيور وجنون البقر وأمراض الخنازير، إلا ان الكل يتناسى اجتياح فيروسات العمالة في العراق ، التي تشبه تماما في دورها ووظيفتها فيروس " الايدز" الخبيث، ، هذا الفيروس المسبب لمرض يدعى متلازمة فقد المناعة المكتسبة، أي استهداف خلايا اللمفاويات التائية التي تقوم بمهمة تحصين العضوية ومقاومة الجسم للأمراض والمسئولة عن دفاع الحياة وحفظ الذات ضد اجتياح المستضدات الغريبة والعلل والأسقام للجسم الحي .

من المؤسف جدا، ان مثل هذه الفيروسات السياسية الخبيثة قد عششت ووجدت حواضنها المرضية برؤوس ودماء دعاة الحلول السياسية الطائفية المطروحة في العراق، وهي تسعى إلى تكريس المشاريع الطائفية والاثنية الضيقة، فتمكنوا بفعل توظيف المال السياسي، الذي توفر لديها بملايين الدولارات وتدفقها إلى جيوبهم بغزارة عجائبية، منهم من كانت مصادره المالية معروفة ومفضوحة من سرقات المال الوطني العام في عهود مختلفة، ثم تضخمت حساباتهم بعد الغزو تدريجيا بصورة ملفتة للنظر من خلال عملهم في البزنزة السياسية ، وبتوظيفها سياسيا وإعلاميا مع دعم مالي خليجي مشبوه بات يستهدف بفيروساته السياسية محاولات استمالة واستدراج شخصيات وقوى عراقية نظيفة بغرض إسقاطها أو تلويثها في أفخاخ التسويات اللا وطنية المشبوهة، وبمحاولات جرها للتخلي عن مواقف المقاومة والرفض للعملية السياسية الجارية ولقبول نتائجها الكارثية الوخيمة على العراق .

بعض من هذه الشخصيات كانت تضع نفسها خارج أطر العملية السياسية المباشرة، ولكنها استمرت خفية وعلناً في الاستثمار للمال السياسي في مشاريع ضخمة تخدم مصالحها وأدوارها المستقبلية المنتظرة.

وهي لم تنفصل مطلقاً عن الالتقاء والتنسيق مع حيتان العملية السياسية بطريقة وأخرى، وأدارت ظهرها عن العمل الوطني السياسي والمقاوم ، وعندما حان التحرك المطلوب منها وطنياً ، بعد فشل العملية السياسية وسقوطها تقدمت هذه المجموعات بهدف الاحتماء الزائف بمظلات وشعارات وطنية للوصول إلى مبتغاها، فعملت أكثر من مرة جاهدة نحو استدراج بعض الشخصيات والقوى الوطنية العراقية المعروفة بمواقفها المشرفة ، لجرها إلى مواضع وحواضن مشبوهة تؤمن لها سهولة الإصابة الفيروسية وإضعاف مقاومتها ، ولتمرر بعدها مخططات الغزو الأمريكي الأول والانتقال إلى مرحلة تالية، يجري تنظيمها وتهيئتها للغزو الأمريكي الثاني المرتقب.

ان الإصابة الفيروسية السياسية القادمة تشترط على من سيتقبلونها، مضطرين أو مجبرين، بحكم الظروف القاسية، الاستعداد لقبول الاعتقاد بان مستقبل العراق والحل والربط بات بيد أمريكا وخلفها حليفتها بريطانيا؛ بل يجري الحديث همسا أو فحيحا عن بوح كامل حتى بإمكانية قبول التعاطي والتجاوب في التعامل مع ايران وتركيا وغيرها، وفي مواضع أخرى، حيث تكمن إسرائيل خلف مكاتب استشاراتها المنتشرة في عواصم دول خليجية وعربية معينة وبتنسيق لا يخلو من تفاهمات إسرائيلية وإيرانية وتركية.

ان تجربتنا المريرة، كحركة يسار وطني تقدمي في العراق، ومعنا نخبة مشرفة من شخصيات وممثلي الفصائل الوطنية المؤتلفة في الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية في العراق، ومناضلي المجلس السياسي العام لثوار العراق، ومجموعات وفصائل عراقية أخرى ، رغم حصانتنا ومناعتنا الوطنية ضد الفيروسات السياسية ، فقد علمتنا تلك التجارب والمواقف التي عشناها عن قرب وعن كثب، ان الدعم المالي والإعلامي المشروط على الوطنيين العراقيين الأحرار، عند قبوله بعفوية ودون تمحيص سيكون الثغرة والخطوة الأولى للاستدراج الخطر الذي يقود أصحابه للاستعداد بالإصابة الفيروسية الخبيثة، ولقبول التعاطي مع المخططات التي يجري الترويج لها بعناوين شتى منها "التسوية السياسية" أو "المصالحة المجتمعية" أو "المصالحة الوطنية" أو "المصالحة التاريخية" أو تشكيل ما يسمى بالكتل العابرة للطائفية للدخول في الانتخابات المشبوهة نتائجها سلفا، لهذا سنرفض مثل هذه المشاريع المقترحة علينا، ولنا الحق في رفض المشاريع المشبوهة، والعمل دون كلل للدعوة والعمل الوطني الجمعي والائتلاف العريض في صيغ وبرامج وطنية عراقية تعمل وبحزم على تصفية تركة الغزو والاحتلال وكل نتائج العملية السياسية الجارية في العراق .

وبسبب رفضنا المطلق لأي شرط مسبق لدعم نضالنا الوطني والقومي ، أياً كان نوعه وجهته، يحاول البعض عرضه وتمريره عبر جهات وواجهات عديدة منها، عراقية وعربية وأجنبية فإننا مستعدون في كل وقت لبدء حوار وطني شامل، وإننا نستهدف بكل الوسائل القاسية لعزلنا عن جماهيرنا وأهلنا ونحاط بالعزلة والحصار الإعلامي، وحتى التشويه للمواقف التي نعبر عنها عن ضمير شعبنا وتطلعاته المشروعة ، في حين احتلت واجهات الإعلام العراقي والعربي والدولي أبواق لأصحاب الصفقات المشبوهة، حتى بدت الساحة العراقية ، وكأنها فارغة من فرسان العمل الوطني العراقي والمناضلين الوطنيين الحقيقيين ، فتقدم إلى واجهة سباق المضمار الإعلامي والسياسي والاجتماعي نكرات، لا تاريخ لهم ولا ماضي، أضيفت لهم مجموعة من اللصوص والمختلسين وشحاذي أبواب بعض العواصم العربية التي أغدقت عليهم الدعم بالمال والإعلام والتكليف السياسي للظهور محليا ودوليا فظنوا بأنفسهم إنهم باتوا فعلا قادة العراق.

وبلقائهم بأمثال المطلك والنجيفي والهاشمي والعيساوي والكربولي والجبوري تحت رايات طائفية تسعى لتمزيق وحدة العراق يدعونا الواجب إلى فضح كل شئ دون خشية من عواقب مثل هذه الصراحة.

وها هم يجندون كل ترسانتهم المالية والتعبوية ليترشحوا ويقوموا بمهمة ممثلي ورشامي مقود أحصنة طروادة الجدد أمثال جمال الضاري وخميس الخنجر وسعد البزاز وحسين الخشلوك ، ووكلاء آخرين يعتاشون ويتنعمون بالمال الخليجي الكامن في أكثر من متراس وخندق يدعي تمثيل سنة العراق أو سنته، وهم ينتظرون أدوارهم عند الحاجة والطلب من أرباب الدعم المالي والسياسي الخارجي ليقدموا مبادرات باسم مكوناتهم .

إننا كتيار وطني عراقي مستقل يمثل شخصيات مؤتلفة في حركة اليسار التقدمي في العراق نعبر عن موقف جماهيرنا وقواعدنا النضالية الرافض لكل تحرك طائفي واثني وقومي ضيق ومشبوه الأهداف يضر بوحدة شعبنا الوطنية ، ولسنا معنيين بالسكوت عن مواقف البعض من المتاجرين بالشأن العراقي ، نحن نطرح موقفنا بكل شفافية وإخلاص للمثل العليا والأخلاق التي يتمسك بها شعبنا ، ونؤكد موقفنا الثابت هذا من دون حسابات تكتيكية وظرفية، مهما تكالبت علينا وعلى شعبنا ظروف الحصار والعسر والظلم بكل أشكاله الذي يحيط بعملنا وجماهيرنا المعذبة في داخل الوطن بكل محافظات العراق شمالا وجنوبا وتلاحق مناضلينا ظروف الغربة والتشرد في المنافي.

وفي خضم الصراع المحتدم مع الأطماع الإيرانية وشرورها الخبيثة في العراق والمنطقة قد تلجأ دول عربية معينة إلى دعم بعض العراقيين الذين يترددون على عواصم معينة، أملا منها في تخفيف حدة الاندفاع الإيراني ووكلائه في محاولات التشبث والسيطرة على حكم العراق، لكن هذا الدعم المالي والإعلامي الانتقائي بات يضعف من دور المقاومة الوطنية العراقية والقوى الوطنية والقومية والاسلامية الحقيقية ، المؤمنة بالكفاح لتحرير العراق ومواجهة المد الصفوي الفارسي، ويعزز الانقسام الطائفي ويضعف الوحدة الوطنية وممثلي شعب العراق الأحرار الذين يعانون من مرارة الاضطهاد والحرمان من أي دعم عربي يذكر، فالمقاومة العراقية أدت واجبها ودورها المشرف في طرد قوات الاحتلال الأمريكي وأجبرت البنتاغون على الانسحاب ، لكنها تُركت وحيدة من غير جدار عربي ساند لها ولنضال الشعب العراقي.

ان المؤتمرات المشبوهة الأخيرة وما قبلها ما كان لها ان تظهر وتتمادى في تقسيم العراقيين لولا الدعم المالي المُسلم لأيادي عراقية غير مؤتمنة في توجهاتها الوطنية وحتى القومية، وهؤلاء مستعدون لبيع ذممهم وأوطانهم في سوق النخاسة والمساومات السياسية لكل من يعدهم بالسلطة أو العودة المشروطة عليهم إلى خيمة العملية السياسية الآيلة للسقوط ، بعد إجراء ترميمات طفيفة على هيكليتها وتعديل نسب محاصصاتها بين من التحق بها سابقا أو من سيلتحق بها لاحقا .

ولا مانع لديهم من إعادة تجربة الاحتلال الأمريكي للعراق أو قبول التعايش مع أجهزة ونفوذ وسيطرة النظام الصفوي الإيراني مقابل تقاسم الامتيازات مع عملائه وأدواته الشعوبية المحلية لحكم العراق بعد إعادة تقسيمه وفدرلته في مرحلة ما بعد داعش، ولترتيب خطوط المرحلة التالية لغزو أمريكي مرتقب في عهد دونالد ترامب، لذا سارعوا إلى عقد مؤتمراتهم واجتماعاتهم وحجموا وحجبوا الإعلام والدعم عن أبناء العراق الأحرار المقاومين.

وما لم يجتمع أحرار العراق وقواه الوطنية المخلصة والمُحَصَنة من فيروسات الخيانة والارتداد السياسي فان اجتياح فيروسات الخيانة والعمالة لا تصدها الأيام المقبلة بما تبقى من طعومات وتحصينات الممانعة والمقاومة الوطنية الموروثة في وجداننا كمناضلين أمام هجوم جديد مرتقب على العراق. وقد أُعذر من أُنذر ، وان غدا لناظره قريب.

حركة اليسار التقدمي في العراق
المكتب الإعلامي
 ٢٠ / شبــاط / ٢٠١٧





الاثنين ١ جمادي الثانية ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / شبــاط / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. جواد عون الله نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة