شبكة ذي قار
عـاجـل










أطلّ الرّفيق القائد شيخ المجاهدين عزّة إبراهيم الأمين للعام لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ والقائد الأعلى للقوّات المسلّحة العراقيّة البطلة وقائد المقاومة العراقيّة الباسلة والأمين العامّ لجبهة الجهاد والتّحرير في تمام السّاعة العاشرة مساء بتوقيت بغداد على قناة الكرامة المجاهدة ليلقي خطابا تاريخيّا استثنائيّا شاملا ومتوافقا مع طبيعة المرحلة الدّقيقة والعصيبة التي تعيشها الأمّة العربيّة وظروفها غير المسبوقة من جميع النّواحي، وخطب في جماهير الأمّة ومناضلي الحزب كما توجّه في كلمته الفارقة للنّظام العربيّ الرّسميّ والقوى الإقليميّة والدّوليّة الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وبسط رؤية البعث وقراءته للأحداث كافّة سواء على الصّعيد العراقيّ أو القوميّ العربيّ أو الدّوليّ جامعا بين الرّصد التّاريخيّ والتّشخيص ثمّ اقتراح الحلول الممكنة.

بادر الرّفيق القائد عزّة إبراهيم في مستهلّ كلمته بالتّأكيد الواضح على طبيعة المرحلة التي يمرّ بها العراق والأمّة والحزب، ووصفها بالمرحلة الاستثنائيّة من حيث مخطّطات الشّرّ المتربّصة بالعرب وتطبيقات أجندات الاستعمار الامبرياليّ والاحتلال الإيرانيّ التّوسّعيّ الحاقد وما تعتمده من وسائل وتكتيكات وسياسات تروم من ورائها تذبيح العرب ووأد العروبة وتفتيت وطنها على أسس طائفيّة وعرقيّة شدّد على أنّها أسس موهومة مغلوطة لا علاقة لها بطبيعة الأمّة العربيّة، كما افتتح كلمته بالتّركيز على الإسهام الفعّال والدّور الرّياديّ التّاريخيّ الذي اضطلعت به هذه الأمّة في المسيرة الإنسانيّة الكونيّة.

وبالنّظر للتّوصيف الصّارم والصّريح لأوضاع الأمّة الذي ارتقى لمرتبة المنعطف التّاريخيّ الأبرز والتّحدّيات بالغة الخطورة التي تشهدها الأمّة، فلقد شدّد الرّفيق القائد عزّة إبراهيم على ضرورة ارتقاء أداء طلائع الأمّة وعلى رأسها حزب البعث لمستوى الرّهان ووجوب تلاؤمه معه في كلّ ربوع الوطن الكبير وخاصّة في العراق والأحواز العربيّة وفلسطين وليبيا وسوريّة واليمن، واعتبر الرّفيق القائد أنّ إدراكه وإدراك الحزب معه وخلفه لهذه الخطورة يحتّم عليه أن يتوجّه لجماهير الأمّة بخطاب المصارحة والمكاشفة من أجل التّفاعل مع الجماهير والإصغاء لصوتها والاستجابة لإرادتها لأنّها جميعا تمثّل معيار صواب مواقف الحزب وسياساته في المواقف الصّعبة و لفهم قراءة الحزب لما يجري اليوم ثمّ طرح خطط مواجهتها لأنّ ذلك يعدّ من صلب مقوّمات النّصر.

وإنّ الدّعوة للمصارحة والمكاشفة تدليل جليّ لا لبس فيه ولا تردّد، على مدى التصاق البعث وقائده بهموم الأمّة وآلامها وركوبهما لكلّ الأخطار وطرقهما لكلّ الأبواب الكفيلة بتضميد تلك الأوجاع وتطبيبها وتجلية الغمّة عن الجماهير وتمكينها من التقاط أنفاسها بتخليصها من سياط العذاب القاهرة المسلّطة عليها من أكثر من جهة خارجيّة ممثّلة في الاستعمار المركّب والمتلّون أو داخليّة ممثّلة في التّمييز الطّبقيّ والاضطهاد والغبن وغير ذلك. وإنّ مصطلحي المصارحة والمكاشفة لم يتجرّأ قائد عربيّ قبل الرّفيق القائد شيخ المجاهدين عزّة إبراهيم على الخوض فيهما بمنتهى الوضوح والصّراحة والإسهاب وتنزيلهما منزلة مهمّة وعالية، كما بيّن الدّواعي الملحّة لانتهاجهما لعلّ أهمّها على الإطلاق دقّة المرحلة وخطورة المنعطف وإيمانه بأنّه لا خلاص للأمّة ما لم تتصارح وتتكاشف طلائعها الثّوريّة ونخبها السّياسيّة مع الجماهير وتعيد لها وهج الانتماء وتواجهها بالحقائق كما هي بلا تغليف أو تزييف أو تقليل أو تهاون.

وتمثّل هذه النّقطة تحديدا لوحدها، مسوّغا معتبرا ومركزيّا للارتقاء بكلمة الرّفيق القائد في عيد الحزب وذكرى تأسيسه العطرة لمصافّ الإبداع الخلاّق والابتكار المبهر في وقت ظنّ فيه الكثيرون سواء من الأعداء المعلومين المكشوفين أو المتلوّنين الحربائيّين أو حتّى المتساقطين من مسيرة الحزب والمرتدّين عنه أنّ البعث تآكل بفعل الضّربات المتعدّدة التي تلقّاها ليردّ شيخ المجاهدين هذا الزّعم والتّرويج الأفّاك بقولته المدوّية " إنّ نيران الأزمات تصلّب عود القوى المناضلة بدل القضاء عليها " لتحمل هذه العبارة الحبلى بمعاني الشّموخ والتّحدّي بشرى لمناضلي البعث ولجماهير الأمّة كافّة مفادها أنّ الحزب بخير وانّه يواصل صموده وتنظيم صفوفه وتطوير قدراته ويصعّد من وتيرة الاستعداد لرهانات المستقبل ليظلّ بذلك صمّام أمان الأمّة وبصمة خلودها وبقائها ووقوفها بوجه كلّ الأهوال والمؤامرات المستحدثة وغير المسبوقة.

لقد ذكّر الرّفيق القائد في خطابه وفي حديثه عن الحزب بالتّضحيات الجسام وبالملاحم الخالدة وبالعطاء الغزير الذي أبداه مناضلو البعث الفرسان الشّجعان، واستعرض عدد شهدائه وأسراه وأبطاله الذين حرموا من مظاهر الحياة جميعا بفعل الاجتثاث والملاحقة كما حيّي الصّمود الأسطوريّ للجهاز الحزبيّ وكافّة كوادره ومناضليه بوجه قانون الاجتثاث لا باعتباره مجرّد قانون فقط بل ولكونه فكرة عنصريّة استهدف محو الحزب وتفسيخه والإجهاز عليه وتبشيعه وتنفير الجماهير منه وهو ما قوضّه البعث بقيادته المجاهدة الخبيرة المجاهدة وبفضل إيمان رجالاته وماجداته وإبائهم وشموخهم وأصالة انتمائهم. كما حيّى بطولات البعث والبعثيّين من خلال استعراض خسائر الغزاة وخصوصا أمريكا وما خلّفته ضربات المقاومة الغرّاء من تداعيات كارثيّة تكاد تعصف بالاقتصاد الأمريكيّ وحدّد ذلك بالأرقام ليضفي على كلامه –وهو الصّادق الصّدوق بطبعه – مزيدا من الصّدقيّة والموضوعيّة.

إلاّ أنّه لم يغفل في معرض حديثه عن صمود الحزب ومقاتليه الشّجعان واستبسالهم، على تحديد أحد اهمّ أسباب هذا الصّمود الملحميّ الأسطوريّ، ولم يبخس الجهة المغذّية له حقها حيث حيّى بإجلال الدّور المحوريّ الذي لعبه الشّعب العراقيّ في ذلك من خلال إيمانه بمشروع الحزب المقاوم التّحرّريّ الوطنيّ والقوميّ والإنسانيّ حيث شكّلت جماهير العراق الجهة الدّاعمة الوحيدة للمقاومة وللبعث. وإنّ الإصداح بهذه الحقيقة والاعتراف بها وتثمينها كلّها تؤكّد على مدى نزاهة البعث ورأسه الرّفيق القائد المجاهد عزّة إبراهيم.

ويأبى الرّفيق القائد أن يكتفي بهذا القدر الهائل من الصّدقيّة والموضوعيّة من خلال تثبيت الفضل لأهل الفضل، فيعترف بشعور البعث رغم كلّ ما قدّمه من ملاحم ومفاخر بطوليّة لا نظير لها في التّاريخ البشريّ كلّه، وإقراره بالتّقصير تجاه العراق والأمّة العربيّة. وإنّ هذا الاعتراف من شيم عظماء التّاريخ وعناوينه وصانعيه، وهو من سمات المبدئيّين الثّابتين النّزهاء، وهو حتما من خصال الرّجال المنافحين عن شرف أمّتهم والذّائدين عن حرمة أراضيهم، وهي كذلك صفة الأحزاب الطّلائعيّة الثّوريّة الانقلابيّة وهو ما لا ينطبق على غير حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ.

لقد أفرد الرّفيق القائد عزّة إبراهيم حزب البعث بحيّز مهمّ تطرّق فيه لمنجزاته في قيادة الدّولة من خلال تجربة نظام الحكم الوطنيّ والتي شملت تحقيق نقلة نوعيّة في حياة المواطن العراقيّ والارتقاء بالدّولة العراقيّة على جميع الصّعد ناهيك عن دوره الرّياديّ في صدّ أطماع نظام ولاية الفقيه المتخلّف في إيران ومساعيه الخبيثة لتصدير الثّورة للعرب وما حقّقه ذلك الرّد اللاّجم من إطار مكّن من تأخير الزّحف الفارسيّ الصّفويّ الخمينيّ ومخاطره التي تكشّفت معالمها لكلّ العرب اليوم في مشرق وطنهم ومغربه.

أمّا في حديثه لجماهير الأمّة في العراق وفي باقي الأقطار العربيّة الأخرى وكذلك للمجتمع الدّوليّ فلقد انطوى الخطاب على ثلاثة محاور شاملة ومهمّة :

1- العراق : الغزو ومخلّفاته وآليّات معالجة قضيّته.
تحدّث الرّفيق القائد شيخ المجاهدين بدقّة متناهية لما تعرّض له العراق من اعتداءات متكرّرة انطلقت مطلع ثمانينات القرن الماضي باعتداء إيران الخمينيّة الغادر عليه، وصولا لقرار أمريكا بغزوه وتدميره، وفصّل الدّواعي التي حملت الولايات المتّحدة وحلفاءها وعلى رأسهم بريطانيا بمؤازرة الصّهيونيّة العالميّة تفصيلا متناهي الدّقّة لعلّ من أهمّها الأحقاد والعنجهيّة والعنصريّة ناهيك عن النّزعة الاستعلائيّة والرّغبة في الهيمنة على خيرات العرب ومنع وحدتهم وقبر أحلامهم في بناء دولتهم القوميّة وسلبهم حقّهم الطّبيعيّ والشّرعيّ في تسيير أمورهم دون وصاية أو تدخّلات أجنبيّة. وشرّح الرّفيق القائد ما سمّاه بمنتهى الوضوح الجريمة الأكبر التي ارتكبتها الولايات المتّحدة من خلال غزو العراق وتدميره وتخريب منجزات دولته الوطنيّة، بل لم تكتف بذلك حيث ولمّا اضطرّت للهرب من العراق قامت بتسليمه للعدوّ اللّدود للعراق وللعروبة إيران.

وفي الحديث عن إيران وجرائمها الإرهابيّة قسّم الرّفيق القائد المجاهد كلامه لجزئين:
أ‌- جرائم إيران في العراق :
عدّد الرّفيق القائد عزّة إبراهيم جرائم إيران في العراق من خلال احتلالها له باتّفاق مع أمريكا، ووضّح الأساليب الإرهابيّة الحاقدة التي طبعت سياسة إيران في بلاد ما بين النّهرين حيث أطلقت العنان للعصابات الإجراميّة والميليشيّات الطّائفيّة لتثخن جراحات العراق وتوغل في تذبيح شعبه وتعمل فيه القتل على الهويّة ليبلغ شهداء العراق نتيجة الاحتلال الإيرانيّ أضعاف عدد الشّهداء بفعل الاحتلال الأمريكيّ. كما استعرض جرائم إيران المختلفة الأخرى والتي تتوزّع بين تهجير العراقيّين وانتهاج سياسة التّغيير الدّيموغرافيّ عبر توطين مستوطين فرس وأفغان مكان السّكّان الأصليّين. واعتبر الرّفيق القائد أنّ أشدّ الأسلحة الإيرانيّة خطرا بعد التّغيير الدّيموغرافيّ هي الورقة الطّائفيّة وإثارة الفرقة على أسسها بين أبناء الشّعب الواحد واستبدال انتمائهم الوطنيّ والقوميّ الأصيل بهويّة مصطنعة ومتخلّفة وذلك بتقديم الانتماء الطّائفيّ والمذهبيّ، وهو ما أفلحت فيه إيران للأسف وألحقت خسائر مؤذية لعموم العراقيّين وللبعث بصورة أخصّ.

ب‌- جرائم إيران في الوطن العربيّ
نبّه الرّفيق القائد إلى أنّ الخطط الإيرانيّة المعتمدة في العراق تطبّق هي ذاتها من قبل الفرس الصّفويّين في الأحواز العربيّة وفي سوريّة واليمن ناهيك عن مساعي الفرس لخلخلة أمن الخليج العربيّ والتّوغّل في الشّطر الغربيّ من الوطن العربيّ الكبير وخاصّة في أقطار المغرب العربيّ. وحذّر الرّفيق القائد العرب من التّخاذل والتّهاون والتّراخي في صدّ الأطماع الفارسيّة ودعا العرب جميعا للتّوحّد ورصّ الصّفوف لمجابهة الخطر الفارسيّ الزّاحف ولفت انتباههم إلى الحقيقة التي تحدّث عنها البعث طويلا ومفادها أنّ أطماع الفرس لن تتوقّف عند حدود العراق والأحواز وسوريّة واليمن قائلا " يكفي المرء النّظر لما حصل بالعراق وسوريّة واليمن وليبيا ليدرك أنّ النّار قادمة لكلّ البلدان العربيّة "

أمّا عن سبيل معالجة القضيّة العراقيّة جاء كلام الرّفيق القائد شيخ المجاهدين عزّة إبراهيم صارما وحازما وحاسما حسما لا يحتمل تلكّؤا أو جدلا، فلقد أوضح أنّ المشروع الوطنيّ الشّامل لحلّ قضيّة العراق وهو المشروع الذي أطلقه الحزب مؤخّرا كتتمّة لمبادرات ورؤى كثيرة سابقة هو الضّامن الوحيد لمعالجة كلّ أزمات العراق، ناهيك عن الضّرورة العاجلة والملحّة لوجوب طرد إيران من العراق وكنس أذرعها ومخلّفاتها كافّة وهو أيضا ما حمله مشروع الحلّ الشّامل الذي أطلقه الحزب.

وحمّل الرّفيق القائد شيخ المجاهدين عزّة إبراهيم في هذا الغرض الإدارة الأمريكيّة المسؤوليّة الكاملة في استمرار معاناة العراق وشعبه بفعل الغزو وبفعل تسليم العراق لإيران والسّكوت عن جرائمها المخزية وأعمالها الإرهابيّة المتنامية بحقّ العراق أرضا وشعبا وتاريخا وحضارات.

2- الأمّة العربيّة والموقف من النّظام الرّسميّ العربيّ
أسهب الرّفيق القائد شيخ المجاهدين في خطابه التّاريخيّ الفارق بمناسبة الذّكرى السّبعين لتأسيس حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ في تبيان طبيعة المرحلة المعقّدة التي تعيشها الأمّة بفعل مزيد تكالب القوى الاستعماريّة سواء التّقليديّة أو الحديثة وهي رأسا الامبرياليّة وقطبها الأقوى أمريكا والغرب الاستعماريّ والصّهيونيّة العالميّة وإيران الفارسيّة الصّفويّة. وأوضح الرّفيق قتامة المشهد العربيّ بفعل ما تعيشه أقطار الأمّة من اعتداءات سافرة سواء في العراق أو الأحواز العربيّة أو اليمن أو سوريّة أو ليبيا وما تعانيه جماهير الأمّة من تذبيح وتقتيل وتشريد وتفقير وقمع وغير ذلك، كما شدّد على ما يعتري الأمّة والعالم أيضا من انهيار أخلاقيّ وتردّي قيميّ رهيب وذلك بأن انحسرت كلّ العقائد شرقيّة وغربيّة لتثبت وتتألّق عقيدة البعث وهي العقيدة المستوحاة من الموروث العربيّ ورصيد العرب القيميّ والأخلاقيّ والعقائديّ داعيا الجماهير لضرورة التّنبّه لهذه النّقطة الفاصلة تحديدا وذلك لدورها في تعزيز الصّمود وتثبيت المواقف وتدعيم المقاومة وتصعيدها بوجه اجتثاث العروبة وهو أعلى ما يهدّد الأمّة ويتربّص بمصير أجيالها القادمة سوءا.

وتعرّض الرّفيق القائد لجملة من المتغيّرات والخطوب التي تعصف بالعرب حيث لم تعد فلسطين مأساة العرب وحدها، بل وللأسف أصبحوا أمام أكثر من فلسطين بل إنّ في كلّ قٌطر من الأقطار الذين تردّد ذكرها زهاء عشر مرّات كاملة وهي العراق وليبيا والأحواز واليمن وسوريّة فلسطين جديدة بحالها، وهو الأمر الذي جعل العرب بحكم المتطوّرات الكارثيّة في العقدين الأخيرين أمام أخطار مضاعفة حيث لم يعد صراعهم مع العدوّ الصّهيونيّ مهمّتهم الوحيدة بل أضحوا أمام الخطر الفارسيّ الصّفويّ الذي فاق خطر الصّهيونيّة وذلك لأنّ الفرس استنسخوا ما طبّقه الصّهاينة في فلسطين في تلك الأقطار المشار إليها سابقا، وهكذا غدا التّحدّي المفروض على العرب في العراق وليبيا والأحواز واليمن وسوريّة أكبر من التّحدّي المفروض عليهم في فلسطين، دون أن ينسى التّشديد على ريادة البعث في نضالاته وتضحياته المشهودة من أجل فلسطين.

وفي ظلّ هذه الأوضاع، عرّى الرّفيق القائد شيخ المجاهدين عزّة إبراهيم النّظام الرّسميّ العربيّ وفضح تخاذله وتهاونه وبالتّالي ضلوعه في مآسي العرب، واستغرب واستهجن أداء هذا النّظام وعدم ارتقائه لمستوى المسؤوليّة القوميّة الملقاة على عاتقه والمنتظرة منه، ووصّف الرّفيق القائد هذا النّظام توصيفا واضحا وأطلق عليه حكما جذريّا بالقول " أقول وللأسف على أمّتنا وجماهيرنا، إنّ أغلب الدّول العربيّة بسبب خضوعها وخنوعها لأمريكا تتعامل مع قضيّة العراق وفق ما يخدم مصالح أمريكا حسبما جاء في القمّة العربيّة الأخيرة " ولم يتوقّف عند هذا الحدّ بل اتّهم صراحة الأنظمة العربيّة بقوله " الأنظمة العربيّة تقوم بتنفيذ أجندا المحتلّ "، هذا وأعرب الرّفيق القائد شيخ المجاهدين عن استياء شعب العراق واستياء البعث واستيائه شخصيّا استياء شديدا من سياسات النّظام العربيّ فيما يخصّ العراق حيث أكّد على أنّ " النّظام العربيّ يتعامل مع حكومة الاحتلال في العراق" بما يفنّد ذلك صحّة مزاعم تلك الأنظمة حول عزمها التّصدّي للمدّ الفارسيّ الإيرانيّ من جهة وما يسبّبه ذلك التّعامل غير المسؤول من دعم لحكومة الاحتلال وهو أمر يعيق نضالات البعث والمقاومة والشّعب العراقيّ ضدّ الاحتلالين وأعوانهم ويشكّل دعما بطريقة غير مباشرة لإيران من جهة ثانية.

ولم يغفل الرّفيق القائد في هذا الصّدد لتجديد مطالبته لعموم العرب جماهير ورسميّين بضرورة رصّ الصّفوف واستجماع القوى للعمل على منع المدّ الفارسيّ وصدّه بإخلاص النّوايا في ذلك كما لم يستثن الجامعة العربيّة من التّقريع لتخاذلها في نصرة العرب والعراقيّين مستغربا عن عدم تجرّئ الجامعة ولا أيّ نظام عربيّ على إدانة جرائم إيران بحقّ العرب والعراقيّين، وذكّر بإحدى مجازر الموصل التي هزّت العالم وتردّدت وتواترت أخبارها في الإعلام الغربيّ وتحدّث عن إحصائيّة إحدى القنوات الغربيّة لخمسمائة شهيد في الموصل الحدباء وهي الحادثة التي تحدّثت عنها تقديرات من أهالي المدينة لتبلغ خمسة آلاف شهيد، لكنّ هذه المجزرة لم تحرّك الوجدان والغيرة العربية في النّظام الرّسميّ العربيّ ولفّها الصّمت المخزي.

ومواصلة في إبراز الخطر الفارسيّ على الأمّة العربيّة، حذّر الرّفيق القائد من مغبّة اتّخاذ جهات عربيّة كثيرة فلسطين شمّاعة يعلّقون عليها إمّا تخاذلهم في صدّ أطماع إيران أو الانخراط في أجنداتها مباشرة والتّرويج لجرائمها وتبريرها، مشدّدا في هذا الصّدد على أنّ " من سيفرّط في العراق والأحواز واليمن وسوريّة لن يصدق في خدمة قضيّة فلسطين " في تكذيب وتسفيه كبير لمكر هؤلاء البيادق والخونة والمرتدّين.

3- المجتمع الدّولي والولايات المتّحدة تحديدا:
ركّز الرّفيق القائد في حديثه للمجتمع الدّوليّ وللولايات الأمريكيّة على وحشيّة الجريمة الأمريكيّة بغزو العراق وما تلاه، وحمّل أمريكا رأسا المسؤوليّة المباشرة في كلّ ما لحق شعبه ومقدّراته من تدمير وتخريب وتقويض وعبث انبنى على الأحقاد والثّارات والعنصريّة، واتّهم المجتمع الدّوليّ باعتماد سياسة المكيالين وهو ما يبيّن كذب شعارات الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان والحريّات وغيرها.

وطالب الإدارة الأمريكيّة الجديدة بضرورة تطبيق وعودها وخصوصا تلك التي أطلقها ترامب أثناء حملة الانتخابات وبعد تسلّمه للرّئاسة والمتعلّقة بإيران من جهة وبنظره لغزو العراق كأكبر خطأ استراتيجيّ ارتكبته الولايات المتّحدة الأمريكيّة في تاريخها كلّه. ودعا ترامب لطرد إيران من العراق ومن الوطن العربيّ كاملا ذلك أنّها رأس الإرهاب في المنطقة والعالم وهو ما يتوافق مع تقييمات ترامب نفسه وما نضحت به خطابات كثيرة ألقاها على مسمع العالم برمّته.

وذكّر الرّفيق القائد بأنّ العراق الحرّ الموحّد المستقلّ طيلة التّاريخ، كان أحد المساهمين مساهمة فعّالة في تأمين استقرار العالم أجمع، كما نبّه الأمريكان وترامب رأسا إلى أنّ " السّلام واحد لا يتجّزأ " وهو ما يستوجب طرد إيران ولجم جماح إرهابها فيه، لأنّه لولا أمريكا ما كان للفرس أن يتجرّؤوا على العراق وشعبه وأرضه، كما لفت انتباه ترامب لمدى ارتباط مصلحة أمريكا بطرد إيران من العراق.

أمّا في خصوص الإرهاب فلقد تحدّث عنه الرّفيق القائد بمنتهى الوضوح معبّرا على أنّ جذوره الحقيقيّة هي الحيف والتّمييز الطّبقيّ والطّائفيّ والاضطهاد وانتهاك الحرمات واستباحة السّيادة والاستعلاء على البشر وعدم احترام إنسانيّتهم وإنكار حقوقهم المشروعة في كلّ المجالات وعنون ذلك بقولته العبقريّة "القضاء على الإرهاب ومصادره يبدأ بإزالة التّسلّط والظّلم على الشّعوب والأمم".

وفي نهاية الخطاب التّاريخيّ بمناسبة الذّكرى السّبعين لتأسيس حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ، خاطب الرّفيق القائد شيخ المجاهدين عزّة إبراهيم رفاقه البعثيّين وجماهير الأمّة العربيّة مستنهضا الهمم لضرورة الإبقاء على الجهوزيّة العالية لمجابهة المراحل القادمة مشدّدا على أنّ حزبهم الرّياديّ الطّلائعيّ العملاق نجح نجاحا باهرا في التّوقّي من الاجتثاث ومقاصده رغم الثّمن المكلّف الذي قدّمه، وفنّد كلّ المزاعم المغرضة التي يعمد مروّجوها لمزيد خنق البعث حيث طمأن الجميع على الجسم الحزبيّ وسلامته وأمنه حيث أعاد الحزب بناء نفسه وتنقيتها من بعض الشّوائب ناهيك عن شروعه في تعزيز تقاليده الحزبيّة وفي مقدّمتها القيادة الجماعيّة حيث لا مكان للفرديّة بعد اليوم، والدّيمقراطيّة المركزيّة والنّقد والنّقد الذّاتي بالإضافة لتأكيد النّاموس البعثيّ الأصيل والمحافظة عليه حيث " الأفضليّة في الحزب لمن يعمل ويتقدّم الصّفوف في الجهاد والنّضال " كما زفّ بشرى لكلّ الغيارى وأحرار العروبة وفرسانها بأنّ حزب البعث لم يكتف بكلّ هذه الانتصارات وحسم معركة المصير الوجوديّة في أحلك الظّروف بل إنّه خرج أقوى شكيمة وأصلب عودا وأعدّ العدّة للاستمرار على نهج المقاومة بنفس الوهج وذات الألق والتّفرّد والصّمود، وتوعّد الاحتلال أيّا كان عنوانه بأنّه سيبقى ملاحقا من طلائع البعث العملاق لحين تحرير العراق تحريرا ناجزا بإذن الله وهو ما سيكون بوّابة لحصد مزيد من الانتصارات.

وختم خطابه التّاريخيّ المبهر بأن جرّم امتهان الذّات البشريّة وركّز على نقاء العقيدة البعثيّة القائمة على احترام الإنسانيّة والدّاعية لبعث عالم متوازن آمن يسوده الاحترام المتبادل والتّنافس النّدّي والجّدي بما يخدم البشريّة بلا تفرقة أو استنقاص، ليجدّد التّأكيد في هذا التّاريخ الذي يتزامن مع حلول ذكريين حزينتين أولّهما ذكرى الغزو الغادر وذكرى مجزرة حلبجة التي أدانها بكلّ شدّة وبكلّ جرأة بغضّ النّظر عن الجهة التي ارتكبتها.
هو خطاب تاريخيّ جديد متجدّد إذن، وهو بمنتهى الاختصار والوضوح استراتيجيّة جديدة وخارطة طريق أخرى يهديها عملاق البعث والأمّة الرّفيق القائد شيخ المجاهدين عزّة إبراهيم للعرب انطلاقا من مسؤوليّته القوميّة ومقتضياتها وإيمانا بحقّ العرب في العيش الحرّ الكريم بلا تسلّط ولا تدخّل في شؤونهم، بارقة أمل وهّاجة ستعيد للعرب أمجادهم شريطة تلقّفهم لها تلقّفا سليما حريصا واعيا ومسؤولا.

وإنّها لأمّة عربيّة واحدة
ذات رسالة خالدة

أنيس الهمّامي
نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في ٨ نيسان – أفريل ٢٠١٧





الثلاثاء ١٤ رجــب ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / نيســان / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة