شبكة ذي قار
عـاجـل










ان كل متتبع للتاريخ ومتابع للأحداث السياسية يعلم بما لا شك فيه ان اطماع الاستعمار الفارسي على الاراضي التي كانت تشكل يوما ما جزءا من مستعمرات امبراطورية ( كسرى ) لاتزال مستمرة لأستعادة مجدها الزائل حتى وقتنا الحالي وخير دليل على ذلك هو التدخل الايراني المباشر او غير المباشر في الشأن العربي بل والاقليمي في الشرق الاوسط .

وحيث ان العراق قد عانى من نير الاحتلال الفارسي يوما ما يمثل بموقعه الجغرافي البوابة الشرقية او المدخل الشرقي للوطن العربي وارتباطه برا بالدول المحيطة به , جعل منه هدف للمخططات الاستعمارية التي ترسمها السياسة الخارجية الايرانية , اضافة الى ان رغبة ايران في اعادة مجدها الفارسي غير ممكن الا بإجتلال ارض العراق بأكملها.

وبما اننا نعيش في زمن المخططات , حيث من غير الممكن ان تحتل دولة دولة اخرى بشكل صريح , ألا لأسباب تتعلق بأمن الدولة كحماية نفسها او جاليتها او رعاياها , نرى ان كل ما يجري اليوم على ارض الواقع هو بالفعل ما اشرت اليه , حيث ان التدخل الايراني في العراق قد اتخذ الاشكال الثلاثة الغطاء الامثل لنواياه التوسعية , حيث برر وجوده العسكري داخل العراق مدعيا الحفاظ على استقراره الداخلي من التهديدات الخارجية التي فرضها تنظيم داعش الارهابي , وحماية الجالية الفارسية المستوطنة في مناطق الوسط والجنوب العراقي بالاضافة الى حماية رعايا الدولة من خطر الارهاب الداعشي , اضافة لسعيهم الحثيث في السيطرة على اضرحة ومراقد ال البيت الموجودة في العراق معتبرة نفسها المرجع الاعلى للشيعة حول العالم , هذا الامر الذي لا تكتمل اركانه الا بالسيطرة على هذه المقدسات .

وان من المعلوم ان الحكومة التي اسسها الاحتلال الامريكي هي انما تابعية ايرانية تشبه الى حد ما سفارة من سفارات ( الجمهورية الاسلامية ) تأتمر وتنتهي بحسب ما يوجهه لها اسيادها في طهران .

والحكم هنا ليس على حكومة بشكلها او رئيسها ومرؤسيها ولكن بمنطق المنجزات والمشاريع التي بدأت بتفيذه بعد أن تسنم وجوهها المعروفة السلطة وكمثال على ما ذكرت من ناحية السياسة الداخلية فكثرة الازمات التي حلت بالبلاد من تفجيرات وجرائم القتل الطائفي وحرب نكاد ان نسميها بالاهلية وتسلم السياسي الواحد اكثر من منصب وبإختصاصات مختلفة بذات الحكومة ( المنتخبة ) وبراتب يفوق مقدار ما يتقاضاه الرئيسين الامريكي والروسي معا , في حين لم ير الواقع العراقي اي تحسن او تقدم يبرر هذه الرواتب الخيالية .

كما ان بعض الامور قد خرجت من سياقها كتحويل نظام الحكم من دولة علمانية الى نظام اسلامي ذا نهج صفوي على غرار الجمهورية الاسلامية مع ان العراق يحوي مختلف الطوائف والمكونات الدينية من مسيح وايزيديه وصابئة وغيرهم هذا ولم نتطرق للاسلام بفرعيه حيث من غير الممكن ان تفرض معتقدات طائفة على الاخرى حتى ولو كانت الغالبية هي السائدة على شكل الحكومة .

اما على الصعيد الخارجي فإن قطع العلاقات بالمحيط العربي وحصره بعلاقات دبلوماسية سطحية بعيدة عن الشؤون الاقتصادية والامنية والتركيز على اقامة علاقات وثيقة مع دول اخرى كالصين من الناحية الاقتصادية وامريكا من الناحية الامنية اضافة الى ايران في كافة النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية بل وحتى الخدمية , هذا الامر انما يشير بوضوح على انتفاع رؤوس السلطة من القيادة الايرانية لدوافع ذاتية بعيدة عن مصلحة الشعب والوطن .

لذا فإن ( الإشاعة المشهورة ) التي تتحدث عن سيطرة النفوذ الايراني خلال فترة قياسية على كل ما يتعلق بالسياسية العراقية ليس محض افتراء بل وعلى العكس فإن جميع الادلة تشير بوضوح الى الخيوط التي تُسير السلطة وتحرك شؤونها ليس كإستشارية وانما كملكية بحتة او قد نسميها كأقليم تابع لحكومة مركزية قائمة في طهران .

وقد عقدت على مدى السنوات الماضية العديد من المؤتمرات الداعية الى استقلال العراق من النفوذ الفارسي و تقريبه من واقعه العربي ولكنها بنفس الوقت لم تلق رواجا بين الشعب لسببين اولهما التعتيم الاعلامي على مثل هذه المؤتمرات وثانيهما كثرة القلاقل والتغيرات في الخارطة السياسية والامنية العراقية , الامر الذي دفع بغالبية الشعب نحو منحدر العزلة والخوف .

وبعد ان كانت الحلول سهلة في بداية الازمة اصبحت اليوم اصعب مما يمكن تصوره , مع هذا فإن كافة المؤشرات تشير الى ولادة وعي جديد بدأ يدرك الواقع كما هو , مع ان هذه الولادة قد جاءت متأخرة ولكنها بنفس الوقت تنبأ بصراعات جديدة ربما يبزغ خلفها فجر جديد على ارض الرافدين .





الثلاثاء ٢٨ رجــب ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / نيســان / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مهند الدوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة