شبكة ذي قار
عـاجـل










استكمالاً لما قد بدأناه في الجزء الأول من مقارنتنا غير البسيطة من سردٍ لحقائقٍ حاول المغرضون تشويهها وطمس معالمها، سنقوم في هذا الجزء بإتمام سردنا وتسليط الضوء على ما لم نتطرق إليه من منجزات قيادتنا الوطنية في عراق ما قبل 2003، وبين ما آلت إليه أوضاع البلد بعد الاحتلال على يد الحكومات المتتالية التي عاثت به عبثاً وفساداً.. وهذه هي شهادتنا للتاريخ :

حرية الاديان والمعتقدات, العراق وكأغلب الدول العربية يحوي العديد من الاديان والمعتقدات وحتى القوميات ويختص العراق بتنوعها وتوزعها على اراضيه , لابل ان العراق يعتبر منبعا واساسا لها لما مر على ارضه من حضارات كانت تحمل معها مختلف الثقافات والعديد من الكتب السماوية الاولى, حيث كان يعيش المواطن العراقي مهما كان دينه ومعتقده وقوميته امنا متمتعا بحقوقه كاملة غير منقوصة لايتعرض له احد من ابناء جلدته بسبب انتماءه الديني او الطائفي او القومي ابدا بل كان يعاقب بالسجن كل من يثير اي نعرات طائفية او مذهبية او يتعرض لاي مواطن بسبب دينه او مذهبيه او قوميته , في بلد كان يحفظ حق المواطن مهما كان انتماءه الديني بكل تجرد, والجوامع والمساجد والحسينيات والكنائس والمعابد المنشترة على طول العراق من شماله حتى جنوبه ومن شرقه الى غربه خير دليل على ذلك اضف الى ذلك اصالة الانتماء التي كان يتميز بها ابناء العراق ومن كل الاطياف , واذا اردنا ان نذكر الفرق فيكفي ان نقول ان مليون ونصف مسيحي كان يعيش امنا في العراق قبل الاحتلال حسب احصائيات الفاتيكان تبقى منهم مائة وخمسون الف فقط يعيشون في مناطق العراق من غير المنطقة الشمالية والاحصائية لنفس المصدر, والباقين اما تم تهجيرهم الى المناطق الشمالية او الى خارج العراق وذلك بسبب التهجير القسري والقتل الممنهج لهم, والشئ ذاته حدث مع اليزيدين والصابئة , علما ان مشكلة اليزيدين لم يتم حلها لغاية الان, فأين الحرية والامان التي اتى بها عبيد كسرى وابناء العلقمي اللذين باعوا شرفهم وعرضهم للمحتل حتى ينفوا ابناء العراق الى المجهول.

الزراعة, اولت الدولة والقيادة العراقية كل الاهتمام للزراعة والمزارع , فوزعت الاراضي, والالات الزراعية , وشجعت الاستصلاح الزراعي واعطت حصصا للفلاحين بأسعار مجانية تقريبا لكي تحقق الاكتفاء الذاتي وهذا ماتحقق فعلا, حيث كان العراق ومنذ 1975 لايستورد اي مزروعات او خضراوات لا من الدول العربية ولا من الاجنبية وحتى ساعة الاحتلال , اما بعد الاحتلال فالعراق يستورد الفواكه من سوريا والاردن,ويستورد الخضراوات من ايران وتركيا واهمل المزارع والاراضي الزراعية حتى اصبحت بورا غير صالحة للزراعة واصبح المزارع يطالب الدولة بمبالغ طائلة لاتسدد له وان سددت فأنها تسدد على مراحل متباعدة وحل المستورد بدلا عن المنتج والمصدر.

الفن والثقافة, كان للعراق مسرحا يضاحي المسارح الشهيرة بفنها ورصانتها وكان للشعر منبره حيث تنظم له المهرجانات السنوية التي يدعى لها العرب والاجانب ومهرجان المربد الشعري هو خير مثال على ذلك, اضافة الى المهرجانات الغنائية المحترمة التي كانت تقام سنويا في مدينة بابل الاثرية وتحضرها افضل الفرق الموسيقية العربية والاجنبية والموفدة من الجهات الثقافية الرسمية في بلادها اضافة لاشهر المطربين العراقيين والعرب اضافة لمئات الكتاب والادباء والرسامين والتشكيليين اللذين كانوا قدوة لكل الادباء والمثقفين العرب, اما الاسفاف والانحطاط الذي يحصل اليوم فهو ابعد مايكون عن الثقافة والفن ، حيثُ العشرات من المطربين اللذين ينوحون على مدار اليوم ، وكتاب لايفقهون من الكتابة والثقافة شئ, اما كتاب الامس فهجروا كما تم تهجير العراقيين وهم اليوم في كل بقاع الارض الا وطنهم ، لانهم غير مرغوب بهم فقط لانهم مثقفين وهم لايروجون لازلام كسرى.

العراق ومحيطة العربي, كان العراق وعلى مر الزمان جزءا لايتجزأ من محيطه القومي بل هو الجامع لهم والموحد لكلمتهم كعرب والمدافع عن حقهم وكرامتهم كأمة عربية واحدة, فهو احد المؤسسين للجامعة العربية, وهو المشجع للوحدة بين اقطار الامة والتكامل بين سياساتها واقتصادياتها, فالعراق هو من وحد اليمنين بعد خلافات طويلة في ثمانينيات القرن الماضي, وهو من شكل مجلس التعاون العربي, وهو من دافع عن فلسطين , وشارك بتحرير سيناء, ودافع عن عروبة الجولان وانقذ دمشق, وصد هجوم واعتداء ايران على ارض العرب طوال ثمان سنوات , وبعيدا عن الحروب فكان للعراق علاقات مزدهرة مع كل الاشقاء العرب سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا حتى نيسان 2003, وبعد هذا التاريخ قطعت حكومة المليشيات المنصبة من قبل الاحتلال كل العلاقات , وان كان هناك علاقات فكانت عند ادني مستوى للتمثيل الدبلوماسي, كما اتهمت حكومة المليشيات اغلب الدول العربية انها ضدها فقطعت العلاقات وكالت التهم الكبيرة على وزن المؤامرة والتأمر وارسال الارهابيين , وهي ذات الافعال التي تقوم بها الجارة ايران وتقوم الحكومة المليشياوية بألصاقها بالاشقاء لأبعاد الشبهة.

العراق ومحيطه الاقليمي والدولي, رغم الحصار الجائر الذي كان مفروضا على العراق الا ان التمثيل الدبلوماسي العراقي كان يشمل اغلب الدول الاوربية وامريكا الشمالية والدول الاقليمية , كما كان للعراق حضورا واضحا ضمن المنظمات الدولية الرسمية وشبه الرسمية, ويكفي ان نقول عن عراق اليوم ان سفاراته في كل دول العالم هي دكاكين للسمسرة الشخصية وعقد الصفقات التجارية المشبوهة وتمثيله في المنظمات الدولية منقوص وابسط مثال على ذلك انه وحتى تاريخ كتابة هذا المقال فأن عضوية العراق في منظمة البريد العالمي والتابعة لمنظمة للامم المتحدة معلقة بسبب عدم اعتراف المنظمة بحكومة المليشيات المنصبة من قبل الاحتلال.

العمل الدبلوماسي, الفترة الذهبية التي عاشتها الدبلوماسية العراقية انتهت بنيسان 2003 لان من كان يمثل العراق في المحافل الدبلوماسية هم رجال العراق الفعليين اللذين كانوا يعملون للعراق وارضه وشعبه وعلمه والتي كانت تتميز بأسلوب مهني وراقي ذو كفاءة وخبرة عالية يقابله احترام كبير من الاعداء قبل الاصدقاء والاشقاء, اما دبلوماسية اليوم وحسب اخر احصائية صادرة من وزارة الخارجية العراقية الحالية فأن 61 سفير و قنصل يحملون جنسيات غير عراقية ويخدمون بين ديوان الوزارة وسفارات العراق في الخارج, هذا اضافة للعديد من مايسمى ممثلين العراق في المنظمات الدولية اللذين لايحملون الجنسية العراقية او يحملون جنسية اجنبية غير العراقية وهو مايخالف قانون الخدمة الدبلوماسية العراقي, ويمكن التأكد من السيرة الذاتية للدبلوماسيين والارقام المتضمنة لهذه المقال من موقع الوزارة على الشبكة العنكبوتية, وهنا يطرح السؤال هل هذا الدبلوماسي سوف يخدم العراق ويدافع عن حقوقه ام انه سوف يعمل لصالح البلد الذي منحه جنسيته الثانية, اضف لذلك ان مانسبته تسعون بالمئة ممن يعملون في الدبلوماسية العراقية الحالية هم تابعون لاحزاب الحكومة المليشياوية قبل ان يكونوا تابعين للعراق نفسه , كما انهم يحملون نسبة من الجهل تفوق اي جهل وجاهل تصادفه بحياتك ويكفي ان تزور اي ممثلية عراقية خارج العراق لتكتشف صحة هذا الكلام ومن اول كلمات تتناقش بها مع اي موظف عراقي ضمن تلك الممثلية.

المشاريع والانشاءات, بعد العدوان الثلاثيني على العراق ورغم الدمار الهائل الناتج عن تلك الهجمة الشرسة للبنى التحتية, الا ان القيادة العراقية نجحت وبأيدي العراقيين فقط بأعادة بناء كل شئ مدمر من جسور وطرق وبنايات واتصالات وبريد , كهرباء وماء, ومشتقات نفطية , نعم فقط ستة اشهر وبدون مبالغة, والاكثر من ذلك تم بناء مرافق جديدة في نفس المرحلة مثل جسر الطابقين وبرج صدام وغيرها اضافة لتعبيد الآف الطرق الرئيسية والفرعية في العاصمة بغداد والمحافظات مع توفير الحصة التموينية لكل المواطنين العراقيين والمقيمين وكل ذلك وكان العراق خارجا من حرب شرسة ومفروض عليه حصار خانق, اما اليوم فلا حصار على العراق ومن المفترض ان حكومة المليشيات مدعومة غربيا وايرانيا , ولكن لم يتم تعبيد شارع واحد او بناء وحدة سكنية واحدة او منشاة او بناية , بل الادهى من ذلك ان كل اقطاب واذناب الحكومة المليشياوية يستخدمون الطرق والمنشأت والبيوت والوزارات التي بنتها وشيدتها الحكومة الوطنية وهم بذلك كالسارق الوقح فهو يسرق حلالك ويرعى به امامك.

وحدة العراق وعلمه,منذ ان وعينا ونشأنا ونحن نعرف العراق واحدا موحدا لانعرف له لا اقاليم ولا تكتلات, وعلمنا واحد كنا نحييه كل ما مررنا من جانبه ان لم يكن بأيدينا كما تعلمنا فبقلوبنا, العلم ذا النجوم الثلاثة, ونشيدنا ( وطن مد ... ) وجدنا انفسنا نحفظه عن ظهر قلب مذ ان كنا صغارا بعمر السابعة او ربما قبل ذلك, لم يكن احد يطالب بأقليم ولا انفصال ولا تغيير علم ولانشيد ولارمز, ولم يكن لأحد ان يقول نحن لاننتمي للعراق وارضه, ولم يرفع علم جانب علمنا الشرعي فكلنا عراقيين ننتمي لعراق واحد ونعيش تحت علم واحد ونعرف حدودنا ونحفظ نشيدنا, اما اليوم فيكفي ان تتابع الاخبار لتعرف ان العراق له اكثر من عشرون علما كل علم يمثل فئة او اقليم او قومية او حزب او مليشيا, والنشيد تبدل بأغنية وطنية حتى انها ليست عراقية!, والعلم الاصلي حذفت منه النجوم وحتى تم تغيير الخط الذي تكتب به كلمة الله اكبر, ووحدة العراق اصبحت عبارة عن حواجز كونكريتية وكيانات قومية وطائفية واقاليم تطالب باجزاء من العراق, واجزاء كبيرة يستقطعها الارهاب وينهش بها, وطوائف تطالب بأجزاء من ارض العراق لكي يستقلوا بها وغيرها كثيير على شاكلتها , ويمكن ان نضيف عليها الاستقطاعات التي تقوم بها دولة كسرى المعاصرة كل يوم لارض العراق.

كل ماذكرناه واكثر من ذلك بكثير هو ما اتى به الاحتلال لتدمير العراق واهله, واستهدف كل فئات المجتمع وخاصة الشباب والفئة الناشئة لكي ينتج عنه عراق مشوه لاانتماء فيه ولاقيم ولا موارد بشرية ولاطاقة شبابية. وان كنا قد وضعنا تلك المقارنة فاننا لم نهدف بها أيضاح ميزات الماضي فقط وانما حث الشباب على اعادة تلك الانجازات , فعراق كان قادرا على صنع كل ماذكر هو بالتأكيد قادر على اعادة تلك المنجزات وبناء البلد واخراجه من تحت الركام الذي غطاه به اذناب المحتل وعملاء دولة كسرى.





الاحد ٤ شعبــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / نيســان / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب احفاد حمورابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة