شبكة ذي قار
عـاجـل










ما الذي يجري في العراق ،وما الذي ينتظره؟ وهل ما يأمله الشعب من تغيير جاد وخلاص فعلي ونهاية حقيقية لمأساته بعد طول انتظار .. نتيجة الحراك الذي تشهده الساحة العراقية والتطورات المحيطة ؟! الحراك والنشاطات والتطورات هذه تمحورت في ثلاثة اتجاهات بارزة هي :ـ

1 ـ وعود إدارة ( رونالد ترمب ) الرئيس الأمريكي الجديد بتصحيح خطأ ما فعله اسلافه في العراق وذلك بتغيير معالم العملية السياسية والعمل على ابعاد الأحزاب الاسلاموية والتحقيق في عمليات الفساد وتأهيل العراق وإعادة اعماره بعد انكفاء الدور الإيراني المهيمن على الساحة العراقية ، والاعلان عن ان ايران مصدر الإرهاب والراعية له وانها المسؤولة عن عدم استقرار المنطقة ،وانهاء الوجود الإيراني وإخراج ايران والمليشيات المرتبطة بها من العراق حسب ما ينشر من مقالات وما يسرب من انباء .

2 ـ المؤتمرات التي عقدت تحت شعار المصالحة الوطنية برعاية اطراف دولية وإقليمية هدفها الإبقاء على العملية السياسية الحالية صنيعة المحتل رغم فشلها وذلك بتغييرات في المسميات والوجوه، حتى وان أدت الى تقسيم العراق!

3 ـ التشققات التي طالت ابرز التكتلات والتحالفات المشاركة في السلطة وابرزها اعلان عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني ورئيس المجلس الأعلى عن خروجه من المجلس وتشكيل ( تيار الحكمة ) وقيام سليم الجبوري رئيس البرلمان ورئيس الحزب الإسلامي ( الاخوان المسلمون ) بالانشقاق وتأسيس حزب جديد ،وكذا فعل أحمد المساري ! اما حزب الدعوة برئاسة نوري المالكي فقد اصبح اكثر من ثلاثة أحزاب ابرزها .. حزب حيدر العبادي بعد اعلان انشقاقه قريباً والذي سيدخل فيه منفرداً او متحالفاً مع أحزاب أخرى في الانتخابات المقبلة إضافة الى الانشقاقات غير المعلنة ،مجموعة علي الاديب ومجموعة عبد الكريم العنزي وكذلك ما يسمى بحزب الدعوة فرع العراق!وكذا الحال بالنسبة للتيار الصدري الذي يشهد تساقط ابرز قادته بسبب الفساد.

وقد رافق هذه التطورات تهافت وهرولة سياسيي السلطة باتجاه واشنطن وموسكو، والابرز والجديد التحرك صوب السعودية !! والتي اعقبت زيارة ترمب للرياض وحصاده لاكثر من 500 مليار دولارمقابل حمايتهم ودعم الرفض السعودي للتمدد الإيراني ومخاطر وجود ايران في العراق؟! وفي ظل قيام ما يسمى بتفاهمات أمريكية ـ روسية حول سوريا والمنطقة فيما يشدد الكونغرس من عقوباته الاقتصادية وفرض عقوبات جديدة اعتبرتها روسيا حرباً اقتصادية ضدها ،وكذلك تصعيد اعلامي امريكي ضد النظام الإيراني ووجوده في العراق واعتبار ايران دولة إرهابية وراعية للارهاب وهي مسؤولة عن الأوضاع المتردية وغير الامنة في المنطقة وفرض عقوبات جديدة على طهران اعتبرها الملالي مخالفة للاتفاق النووي مهددين بالرد المناسب! وتشكّل محور مناهض من السعودية ومعها الامارات والبحرين إضافة الى مصر والأردن ودول أخرى في المنطقة ،وتداعيات كل ذلك على الوضع العربي بشكل عام ، وما يهمنا ،وهو ما هدفنا اليه تأثير كل ذلك على العراق ونتائج الحراك الجاري في حل الأوضاع المتفاقمة والتي لم تشهد رغم مضي ما يقرب من 15 عاماً،أي تغييرجاد او خلاص حقيقي ،فاذا كانت التفاهمات بين الكبار قد عملت على تهدأة وضع سوريا،ولو مؤقتاً ! وان الازمة الخليجية في طريقها للتسوية على طريقة ترمب الذي يسيل لعابه امام مليارات قطر والخليجيين؟! .. فهل ان سياسة واشنطن إزاء ايران ونظرة ترمب لثروات العراق ! وتداعيات ما يحصل في المنطقة ،والحراك الداخلي سيجد الحل المطلوب للعراق وشعبه ؟

ان ما تشهده الساحة العراقية من حراك ونشاطات ليست جديدة على شعبنا والتي تظهر مع أي تطور يشم فيه المتسلطون ان سلطتهم مهددة، ومع كل حراك شعبي مندد بافعال السلطة ومطالب بادنى الحقوق المشروعة، حيث ينشط حيتانهم وتكثر لعبهم المسرحية وتتنوع أفانينهم ،وما ان يتم امتصاص غضب الشارع وتمييع موجبات انتفاضته بوعود كاذبة وخطب وافاعيل خادعة وحيل ماكرة بالاستخدام المسيء للدين من خلال المعممين وفتاواهم المحذرة للاتباع من فقدان السلطة ومواجهة المصير الاسود ،الى جانب التآمر والغدر من الخلف والقمع باستخدام كل الوسائل البشعة ، حتى تعود "حليمة لعادتها القديمة" فيعود معها الوضع الى ما هو أسوأ وعلى جميع الأصعدة ،وهذا ما حصل عدة مرات ، ولهذا لا يعول كثيراً على الحراك الداخلي لا برز اركان السلطة فهم يختلفون على كل شيء ولكنهم موحدون حول هدف واحد وهو عدم التفريط بالسلطة لانه يعني فقدان المليارات والامتيازات والحضوة لدى الاسياد الفرس وغيرهم! فالانشقاقات والاطاحة بهذا او ذاك والهرولة تجاه هذه العاصمة او تلك "لمصلحة ونفع ذاتي وليس من اجل العراق !"لن يغير شيئاً طالما بقيت نفس الوجوه وبذات الاتجاهات والولاءات، فبروز تيارات وأحزاب جديدة من الأحزاب العتيدة ماهي الاّ لعب تكتيكية لأغراض انتخابية ، وربما ان الاسياد والقيادات قد ادركوا فشل هذه الأحزاب وعدم جدوى استمرارها بتناقص أنصارها ورفضها من قبل الشارع فلابد من حركة خادعة لحين تجاوز المرحلة وضمان البقاء في السلطة بعد الانتخابات ؟! فالاحزاب البارزة المتسلطة والتي تقود العملية السياسية البائسة قد ثبت انها فاشلة وعاجزة ،وان قادتها وحكوماتها المتعاقبة وبرلمانها لم يفلحوا الاّ في تضييع البلاد والتفريط بالأرض والسيادة وبثرواتها ونفائسها والإساءة الى تاريخها وحضاراتها العريقة ليعودوا بالعراق الى عصر التأخر والظلام ! فعم الفقر واضحى العراق الثري والثاني في العالم في امتلاك احتياطي نفطي مديوناً اذ بلغ الدين الخارجي ،حسب احمد حاجي مقرر اللجنة المالية في البرلمان81 مليار دولار لغاية أيلول ـ ديسمبر 2015 ؟!! وساد الجهل والتخلف وانتشرت ثقافة البدع والاباطيل والظلامية وتفشت الامية وصارت الثروة الوطنية نهباً للحكام وللمحتلين ولم تعد هناك بنى تحتية ولا نهضة زراعية ولا ثورة صناعية ولا قيم اجتماعية واستهدف الانسان العراقي بشكل أساس للنيل من شموخه وقوة ارادته فاهدر دمه الطاهر وفقدنا خيرة الأبناء بين مغدور ومعتقل ومطارد ومشرد ، فالاحزاب والتكتلات وسلطة المحاصصة فشلوا تماماً ،والتصدعات والتناحر والانشقاقات امر متوقع وكان من الممكن تسريع انهيار العملية السياسية وسقوطها لولا وجود ايران وحرسها الثوري بقيادة قاسم سليماني واليوم مثيله العراقي ( الحشد ) ،ولولا تدخل دول وقوى أخرى في مقدمتهم الولايات المتحدة ،اذ مازال وضع العراق الحالي هو ما يحقق اجندتها إزاء العرب والمنطقة ووفقاً للمصالح !.

اما الوعود الامريكية والحماسة التي جاء بها الرئيس ترمب لاصلاح أوضاع العراق وما يقال عن العزم في طرد ايران ،هي حتى اليوم عبارة عن تصريحات واقوال دونما أفعال ،وهذا ليس بجديد علينا ،فالامريكان لايتحركون الاّ اذا مست مصالحهم ودون ان يؤثر ذلك على علاقاتهم وألتزاماتهم تجاه الاخرين ، ويلمس من تصريحات اركان الإدارة الامريكية الجديدة تخوفهم من النفوذ الإيراني المتسع والوجود المهيمن في العراق ووضع اليد على 4 عواصم عربية ووفق سياسة توسعية غير مخفية لاقامة امبراطورية فارس الكبرى؟! فايران بهذا التوجه تزاحم واشنطن وتضر بمصالحها ،ومع هذا مازالت أمريكا تتعامل معها بأسلوب ناعم بفرض عقوبات جديدة ودعوة طهران لنبذ الإرهاب والمشاركة في الحرب على داعش في العراق وسوريا والإرهاب بشكل عام! ثم ان ما يهم ترمب وفق نظريته بيع الخدمات .. كم سيكسب من أموال ونفط من العراق ومن السعودية ودول الخليج عندما تخرج ايران ليعود العراق حارساً للبوابة الشرقية للوطن العربي ! ،فايران اليوم تشارك العراق حقوله النفطية الجنوبية عدا ما استولت عليه بعد عام 2003 وجعلت من العراق سوقاً للبضائع والمنتوجات الإيرانية، فضلاً عن هيمنة شركاتها على الصناعة النفطية العراقية بدرجة أساس،استثمارات وتنقيب وصيانة مع تزويد العراق بالمشتقات النفطية ، وبيع حتى مياه الشرب والطاقة الكهربائية ،واغراق الشوارع بسيارات ( السايبة ) الإيرانية والصناعات الفاشلة الأخرى والتي تدر عليها المليارات سنوياً! لذا لا يستبعد ان تتحرك إدارة ترمب تجاه العراق وتعمل على اخراج ايران منه ،ولكن متى ما حصدت الفوائد من الجميع بما فيهم ايران !.

ان خلاص الشعب العراقي وتحرره ليس على ايدي الأحزاب والكتل والسياسيين الفاسدين المشاركين في العملية السياسية الحالية الفاشلة ، وليس بظهور حزب بمسمى جديد وابعاد هذا او ذاك عن الواجهة ،او بالانفتاح والتهافت على بعض العواصم في الازمات .. هو ما سيحل مشاكل العراق ،نعم الانفتاح على الأقطار العربية ،واولها دول الجوار كالسعودية مطلوب اذا كان الهدف هو رفض الوجود الأجنبي والتمرد على النظام الإيراني والخروج عن طوعه ! وهذا ما يفهم من زيارة مقتدى الصدر ووزيري الدفاع والداخلية في حكومة العبادي للرياض! فالعراق عربي وهذا محيطه الطبيعي ومن الخطأ الفادح ان يتوهم حكام بغداد اليوم انهم قادرون على ألغاء هوية العراق العربية والدفع به باتجاه ايران فهواه لم ولن يكون فارسياً والتاريخ يشهد بذلك ، كما ان مؤتمرات ما يسمى بالمصالحة الوطنية التي تعقد منذ عدة سنوات في عواصم منها واشنطن وباريس والدوحة وعمان واستنبول .. هي الأخرى لاتحمل الحلول لمحنة شعبنا ، فدعاتها صنيعة دول وقوى احتلت او شاركت او سهّلت احتلال العراق وتدميره وابادة شعبه وتشريده، ومشاريعهم للمصالحة هي بين المشاركين في العملية السياسية الفاشلة ،وهؤلاء بالتأكيد يخدمون اجندات اسيادهم وحسب منافعهم الشخصية حتى وان أدى ذلك الى تمزّق العراق باسم ( الاقلمة والفدرلة ) !، فاذا ما ارادوا مصالحة وطنية حقيقية فهي في المشروع الوطني الذي قدمه حزب البعث والذي يحافظ على وحدة وسيادة واستقلال العراق وعلى هويته العربية والإسلامية وبما يلغي حالة الانقسام الطائفي والعرقي وسياسة المحاصصة والاقصاء والاجتثاث ويحقق المصلحة الشاملة والعادلة ويعيد بناء العراق بمشاركة الجميع دون استثناء ليمارس دوره الإنساني و يحتل مكانته العربية والإقليمية والدولية .

فالخلاص الحقيقي والتغيير الجذري الشامل لن يتحقق الاً على ايدي ابناء الشعب العراقي وهو امر ليس بالمستحيل رغم هول ما مرّ علينا من مصاعب وكوارث ومحن، وما تشهده الساحة العراقية من حراك سواء على صعيد التناحر والخلافات والانشقاقات بين الأحزاب والقوة المتسلطة ،وهذا النفور والرفض للهيمنة الإيرانية، والتوجه الجديد، وان جاء متأخراً صوب العرب وتحديداً السعودية التي ادركت خطورة ايران، رأس حربة الإرهاب في العالم ومخاطر السياسة التوسعية الإيرانية واحتلال العراق والتمدد من خلاله نحو الخليج العربي ،وما للعراق بعد طرد ايران من أهمية في صدّ الإيرانيين وحمايتهم ،وهذا ما كان ،حسب التسريبات، محور محادثات ترمب في زيارته للرياض! ثم الحزم النسبي الذي ابدته واشنطن إزاء حكام ايران، يضاف الى كل ذلك ما شهدته الأيام الماضية من تظاهرات وانتفاضات شعبية في محافظات الفرات الأوسط والجنوب وتمزيقهم لصور خميني وخامئني والمالكي التي رفض أهالي النجف وكربلاء زيارته للمحافظتين مؤخراً، ومهاجمة مقرات حزب الدعوة وكانت هوسات المتظاهرين " من اللطم ملينا .. صدام رد لينا" .. كلها مؤشرات في ان العملية السياسية تقترب من السقوط وان بداية عملية اخراج ايران ورفض وجودها قد ابتدأ بجدية يدركها شعبنا .





السبت ١٢ ذو القعــدة ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / أب / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. سامي سعدون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة