شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ
( محمد ٣١ )

في رثاء شريكة العمر

العقيلة التي طافت بكياني ثلاثة واربعين عاما .. هي زوجتي التي نكبت بفقدانها. نعم انها بنت الجشعمي رحمها الله واسكنها فسيح جناته .. بعد حلول الاجل الرباني بوفاتها صعقت رغم ايماني بقضاء الله وقدره، حامدا شاكرا وداعيا لها بالرحمه والغفران.

لقد استعرضت حياتنا التي عشناها والتي لم يطلع عليها الا ثلة قليله من أخص ألاقارب وألاصدقاء وألاحباب وما سأذكره في هذه الكلمات ما هو إلا جزء يسير من سيرتها العطره رحمها الله فهي حملت من ألاوصاف الحميده التي حباها الله بها الكثير حيث الايمان بالله ورسوله وكرم النفس وألام الرؤوم والحنان والصدق في القول والمتواضعه والمتصدقه على المحتاج والناصحه والحسنة الظن .. الخ من الصفات المحموده.

اعلم كما القله من المقربين كم عانيت أيتها الحبيبه في الرفاهة والضيق فقد كنت سندي في عملي الرسمي المرهق الذي اخذ القدرألاكبر من وقتي والذي هو استحقاقك وأولادك ‘وإن كان جله لخدمة الوطن والناس وتحملت ثقل بيتنا المشرع لكل قادم ‘وكنت خير سندا لي حتى الاحتلال الامريكي البغيض لبلدنا العراق الحبيب .. لتبدأ صفحه جديدة من جهادك حيث التخفي والتنقل والتشرد مع أولادك لكي لا تقعوا بيد الأعداء، واكتشفنا من هو صادق ومحب وقت الشده ومن هو جبان ومقصر او ناكر للجميل وعانيت الكثير بسببي ‘ وتحملت بقلب مؤمن ان الجهاد في سبيل الله وهو حق وواجب ودفعتي ثمن باهض لا تحمله الجبال ولم تقبلي استضافة هذه الدوله او تلك رغم العروض التي قدمت لتعيشي وأولادك في رفاه ..

نعم اعترف بذلك فقد فارقت زوجك الملاحق من قبل قوى الشر منذ الاحتلال بعزم وصبر وثبات‘واستشهدت ابنتك وداد وإن لم تكن من رحمك الطاهر يوم 4 / 4 / 2003 بعد أن سطرت ملحمة عظيمه ضد العدو ألامريكي ستحكي بها الاجيال ,كنت فخورة بها كما الخنساء ‘‘وتلاها استشهاد حفيدتنا نور همام برصاص جنود المحتل الامريكي ببغداد يوم 28 / نيسان / 2006 واحتسبت الله في شهادتها ثم تلقيت خبر اعتقال ولدنا احمد والذي لم يعرف مصيره إلى ألان ومنذ سنين خلت ‘ ولا ندري ان كان حيا او شهيدا بقلب مطمئن باالإيمان ‘وتلاه شقيقه محمد الذي قضى سنين في غياهب السجن بعد تلقى أبشع أنواع التعذيب .

لقد تحملت واولادك مالم يتحمله إلا الصابرين المحتسبين حتى اصابك المرض العضال ولم تمتلك ثمن دوائك ورغم ذلك لم تخبريني لأنك لا ترغبين ان تثقلي على زوجك ‘وتعففت من سؤالك أحد حتى الاهل . نعم عشت العوز وعانيت ضنك الحياة المر الزعاف لعدم وجود مورد مادي بعد ان حرمتم من الراتب ومصادرة داركم وكل ممتلكاتكم دون وجه وحق .
لقد كنت عنوانا للجهاد والصبر والوفاء بحق.

ايتها الأبيه الصابره وأنا اسطر القليل من سيرتك ومعاناتك في حياتنا الفانيه استذكر الكثير الكثير من صدق القول بحقك وتذكيرا بوفائك الجميل للدهر كله ثم إنها عبر كبرى لكل من اراد أن يعتبر.

يا أجمل حلم طاف بكياني ثلاثة وأربعين عاما – يا سنا برق وامض في حياتي من علياء الجنان يا اسمآ غدا آخر زهرة أملكها ‘ وجنتي المقفرة‘يابقية عمري المدبر‘وياشفق شمس دفنها المغيب.

غاليتي أم همام : اليوم الذي اسدل فيه ستار الموت بيني وبينك ‘آشعرني بغربه في الدنيا والناس من بعدك غريبه عني ‘ولا يزال ضوضاؤها يلسع فؤادي كأنه قهقهة الشامتين.الذين نعتونا باتهامات ما انزل الله بها من سلطان وبعيدة عن الحقيقه والواقع ولكن الله يعلم والمقربين القله حجم ما لاقينا من أهولا ومعاناة‘وجراح قلبي تنزف بالألم وتغرق في اللهب.لم يطفئها الا قوله تعالى ( حسبنا الله ونعم الوكيل )‘ والناس .. الناس من أقارب وأصدقاء الذين احببناهم واحبونا وقت السلم كثر منهم نسونا وتنكروا لنا إلا القله من الاوفياء الذين لم ينفضوا عني ركابهم .

غاليتي تشرق الشمس من بعدك‘ فلا اراها إلا مدبره عني ‘كاسفه عن بصري‘ فإذا غربت ودعتني بلحن صامت يضرب في اغوار نفسي على قيثاره الموت‘ويمتزج بحشرجة الأنفاس الشارده لحظة وفاتك حيث لم اراك طوال هذه السنين الغابرة ولم أسير خلف جنازتك التي كم كنت اتمنى ان تسيرين انت خلف جنازتي ولكن ( قدر الله وما شاء فعل )

أيتها الغالية المجاهدة كنت ولا زلت أسطورة حياتي حيث شديت ازري ولا زلت اذكر قولك الخالد في ذهني في الشهور الأولى من الاحتلال حين كنت اشتاق لرؤياكم وقلت لي ( عليك ان لا تشغل بالك فينا وتفرغ لعملك فلنا رب كريم ونحن ليس أفضل من غيرنا وعليك أن تكمل رسالتك مع رفاقك من اجل وطنك لطرد المحتل ) وتحملت وعيالك أعباء كبيرة ‘ وعشتم المجهول من بين كل من لحقه اذى المحتل وأعوانه .. انك والله كنت وعيالك رمز للنضال والتضحية.

نامي قريرة العين فدتك روحي وانا بإذن الله وقدرته لاحق بك حين يشاء سبحانه وموعدنا في جنان الخلد إن شاء الرحمن الرحيم يا اسما وأجمل وأوفى أمرأه عرفتها بحياتي.

لا لوعتي تدع الفؤاد ولا يدي .. تقوى على رد الحبيب الغادي
حامد لكم ربي ورغم فجيعتي .. كانت خلاصة عدتي وعتادي
قدرت أن تأخذ أمانه روحها .. افلا رحمت من الأسى أولادي

بسم الله الرحمن الرحيم
( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )
( ٥١ التوبة )
 

الفريق طاهر الحبوش
٢٨ / أب / ٢٠١٧
 





الخميس ٩ ذو الحجــة ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / أب / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الفريق طاهر الحبوش نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة