شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يحتاج التّطرّق لواجبات العمل القوميّ لكثير من الاجتهاد والتّأويل والتّباين في الآراء حوله، إذ أنّه يحمل في جنباته كلّ مقتضياته وشروطه ومرتكزاته كافّة سواء التّعريفيّة أو الفلسفيّة أو الاجتماعيّة أو غيرها. فالعمل القوميّ هو أساسا خدمة القضيّة القوميّة وضمان بلوغ أعلى الدّرجات الممكنة على سلّم تحقيق انتظارات الأمّة ورهاناتها المصيريّة والدّفاع عن حقوقها ووجودها أصلا والذّود عن أمنها وسلامتها ومعالجة أمراضها وتجاوز مكامن الوهن ومواطن العلل فيها ناهيك عن صدّ المخطّطات الخارجيّة والأطماع الاستعماريّة التي تستهدفها. وقد يجوز هنا اختصار كلّ المجهودات لتبسيط المسألة بتعريف العمل القوميّ على أنّه في نهايته يتمحور حول نقطة أساسيّة ومصيريّة هي ردم الهوّة الواسعة بين الأمّة العربيّة وغيرها من الأمم الأخرى التي حقّقت رقيّا وقوّة وازدهارا فكريّا وعلميّا وتقنيّا وبلغت بالتّالي مراتب متقدّمة من الاستقرار الاجتماعيّ يتكفّل بتسريع بنائها الحضاريّ، بينما ظلّت أمّتنا تعاني التّخلّف والتّشرذم والانقسام ما جعلها عرضة لأعنف الاعتداءات وأشدّها وحشيّة وتتهدّدها مختلف الأخطار النّاجمة عن ذلك وأحالها للقمة سائغة لأعدائها التّقليديّين والمستحدثين.

إنّه من باب المسلّمات أنّ الهمّ القوميّ العربيّ لم يقتصر على جزء من العرب دون آخر ولم تختصّ به فئة بعينها بل لقد شمل العرب جميعا من المحيط إلى الخليج العربيّ ولحدود الأحواز العربيّة، وإنّ ما يتردّد كثيرا على أنّ القوميّة العربيّة وجذورها ومنبعها إنّما هي اختصاص العرب المشارقة قول فيه كثير من الإساءة للمشروع القوميّ العربيّ برمّته من جهة وسعي خبيث لتطويقه ومحاصرته وتجريده من مدياته الجغرافيّة وحرمانه من عناصره البشريّة بما يحمله ذلك من عرقلة وتقليص آفاق التّضامن الجماهيريّ من جهة أخرى وبالتّالي هو حكم مغلوط يعكس ما تعرّضت له القوميّة العربيّة ومشروعها من استهداف مبكّر تزامن مع بداية تعبيرها عن نفسها.

ويعود هذا السّبب سواء البريء أو المتعمّد لحكر المشروع القوميّ العربيّ على العرب المشارقة لخلط استبدّ حتّى ببعض القوميّين أنفسهم وجوهره عدم التّمييز بين حمل الهمّ القوميّ العربيّ وإرهاصات الإعلان عنه وبداياته. فحمل الهمّ القوميّ العربيّ مسألة روحيّة وتعبيرة ثقافيّة واجتماعيّة وتحسّس وإدراك لانتماء قوميّ أصيل بعينه بينما الإعلان عن التّأسيس هو الحالة التّنفيذيّة والتّرجمة العلميّة والفلسفيّة الشّاملة لذلك الوعي وهو بالتّالي نزوع لعقلنته وتنظيمه ووضع آليّات تطبيقاته تمهيدا للنّجاح في مهمّة السّير فيه وملحمة بنائه.

لقد رفعت جماهير أمّتنا في المشرق لواء القوميّة العربيّة وبذلت في سبيله تضحيات جساما ودماء غزيرة وعانت من أجله ويلات تشيب الولدان ولم يختلف ما قدّمته ماديّا وجسديّا ومعنويّا عن إسهاماتها الثّرّة فكريّا وثقافيّا، وبالقدر ذاته لم تتخلّف جماهيرنا في المغرب العربيّ والشّطر الإفريقيّ من الوطن العربيّ عن تلبية نداء الواجب ومؤازرة نظيرتها في المشرق لا من حيث المدد البشريّ والدّعم الماديّ ولا من حيث الكفاءات والعقول.

وتأكيدا لهذا يعتبر مثلا تأسيس مكتب المغربيّ وهو الذي سبق حتّى تأسيس حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ دليلا قاطعا على مدى امتلاك الجماهير ونخبها في الأقطار المغاربيّة للهمّ القوميّ العربيّ علاوة على ما يشكّله ذلك من وعي متقدّم منها بواجباتها القوميّة وانخراطها في النّضال القوميّ والاستجابة لمتطلّباته وتنبّهها والتقاطها لما يترصّد المشروع القوميّ العربيّ بل والوجود العربيّ ذاته من تحرّشات ومؤامرات منذ زمن مبكّر.

إنّ واقع الأمّة العربيّة اليوم وما بلغته من منعطف بالغ الخطورة الذي تراوح فيه وما تعانيه من تردّي شامل وما تشهده من انهيار واسع بفعل تكرّر الاعتداءات الوحشيّة الأجنبيّة عليها وتنامي الأطماع الاستعماريّة فيها والتي بلغت مداها بعد الخطيئة الامبرياليّة الأفظع الممثّلة بغزو العراق وما ترتّب عنه ناهيك عن المخلّفات المأساويّة لزرع الكيان الصّهيونيّ المصطنع في قلب الوطن العربيّ بفلسطين وتصاعد الحملة الاستيطانيّة التّوسّعيّة الشّعوبيّة الإيرانيّة الفارسيّة انتهى بالعرب للدّخول في متاهة وجوديّة حقيقيّة تعقّدت معها إمكانيّات مواجهتها بالطّرق التّقليديّة أو على الأقلّ تلك التي توفّرت عليها الأمم الأخرى.

وأمام هذا السّواد المسيطر على الأجواء العربيّة في ظلّ التّدخّلات الخارجيّة العدوانيّة المتواصلة والانقسامات التي تنخر المجتمع العربيّ فإنّ الحلّ الممكن والمتاح للأمّة العربيّة وسبيلها الأوحد للخلاص هو حتما ضرورة تراصّ الصّفوف وتوحّد كلّ الجهود الصّادقة والخيّرة المخلصة للعروبة انتماء وإطارا ثقافيّا ومصيرا مشتركا جامعا لأبنائها والتّسامي فوق الاختلافات بصرف النّظر عن عمقها واستعصائها، وهنا تبرز الضّرورة القصوى الحاجة والملحّة لوحدة النّضال القوميّ بين شطري الأمّة العربيّة في المشرق وفي المغرب.

وفي هذا السّياق، نجد أنفسنا أمام تحدّ جديد وجوهره أنّه لم يعد ممكنا اليوم تناول وحدة النّضال من باب ما تعنيه تلك الوحدة أو كما نصّت عليه التّوصيات والتّعاليم القوميّة مع بدايات التّأسيس.

وينبغي علينا لتناولها - أي هذه الوحدة - تناولا دقيقا وسليما متلائما مع الواقع في عصرنا هذا بتحدّياته وإكراهاته أن ننطلق من حقيقة قد تبدو غريبة للوهلة الأولى، ومضمون هذه الحقيقة أنّه آن الأوان كما لم يحدث ذلك سابقا، أن يتكفّل الشّطر المغاربيّ والإفريقيّ من الأمّة العربيّة بريادة مسيرة الدّفاع عن المشروع القوميّ العربيّ والوجود العربيّ من الأساس وتحمّل مشقّاته وعيا وإدراكا يتناسبان مع ما أشرنا إليهما آنفا، ولن يكون مفهوما من هذا الدّور الجديد إعفاء الإخوة في المشرق العربيّ أو تخلّيهم عن دورهم ولكن بالنّتيجة سيكون لزاما علينا تقليص العبء عليهم لأقصى حدّ ممكن، بحيث تصبح وحدة النّضال في هذه المرحلة وحدة تناوبيّة يسمح تنقّل الدّور للشّطر الغربيّ من الوطن العربيّ بمنح أكبر قدر متاح من الرّاحة لإخوتنا المشارقة هم في أشدّ الحاجة إليها، دون أن يفسّر ذلك على غير مضامينه الحقّة والدّواعي القائلة به ودون الاستئناس بتجربتهم والأخذ بها والتّدبّر فيها، فإذا طبّبت الجراح عاود الإخوة اللّحاق مجدّدا بركب النّضال والبناء والتّعمير وهم لن يغادروه أصلا في الواقع.
فنحن حين نقول بوجوب نهوض المغرب العربيّ والشّطر الإفريقيّ من الأمّة لمهمّة الذّود عن العروبة بما تحمله من معاني قوميّة وجوديّة وثقافيّة وحضاريّة وروحيّة فلا يعني هذا أبدا أنّ هذا الشّطر الإفريقيّ من الوطن العربيّ قد تخلّى عن دوره أو تقاعس أو تخاذل فيه، ولكن وبإطلالة سريعة على الجغرافيا والرّقعة المشرقيّة من وطننا العربيّ الكبير، ستحاصرنا مئات الآلاف من المشاهد المأساويّة غير المسبوقة في التّاريخ البشريّ كلّه، وستبرز بشدّة تلك الفواجع التي حلّت ببلادنا العزيزة هناك سيّما في العراق وفلسطين وسوريّة والأحواز العربيّة وستمزّق ضمائرنا وتدمي أفئدتنا معالم الدّمار والخراب التي ضربتها، وستتعمّق وحشتنا بفعل حملات الإبادة الجماعيّة والتّهجير القسريّ للسّكّان الأصليّين وسياسة التّغيير الدّيموغرافيّ التي ينفّذها الثّالوث الشّيطانيّ بأضلعه الأمريكيّة والصّهيونيّة والإيرانيّة الفارسيّة بما تخلّفه من ويلات يرزح تحتها شعبنا العربيّ يوميّا سواء في المعتقلات المزرية أو مخيّمات اللاّجئين شديدة الامتهان للذّات البشريّة وفائقة الاستهتار بأبسط حقوق الإنسان أو قوافل المشرّدين واليتامى والأرامل الفارّين خارج الحدود وهم يخيّرون مواجهة المصير المجهول والغرق في قوارب الموت على التّعرّض لما يفرضه عليهم أعداء الحياة والإنسانيّة ويسومونهم سوء العذاب وقد فاق كلّ مقدرة البشر على التّحمّل.

غرق المشرق العربيّ في الدّم لحدّ مروّع وفاقمت من منسوب الدّماء فيه الصّراعات الطّائفيّة والنّزاعات المذهبيّة والقوميّة، وأذكى الأعداء الوالغون في الدّم العربيّ وأجّجوا فتيل الاقتتال تحت أكثر من يافطة وبأكثر من وسيلة.

لقد أٌنهك مشرقنا العربيّ إنهاكا وأصبح أحوج ما يكون وأكثر من أيّ زمن مضى لوقت طويل من الرّاحة والهدوء ليتمكّن من معاودة التقاط أنفاسه وترميم المعنويّات وقد دمّرت تدميرا ممنهجا، وقتّلت ورمّلت ويتّمت وشرّدت وهجّرت همجيّة القوى الامبرياليّة والاستعماريّة مع حليفتيها الصّهيونيّة والإيرانيّة الفارسيّة ملايين العرب فيه.

ولم تتوقّف سلسلة الجرائم المرتكبة بحقّ المشرق العربيّ عند هذا الحدّ بل لم تكن هذه الحروب وما تبعها من خسائر مدويّة في الأرواح إلاّ ظاهر المخطّط الاستعماريّ، حيث وبالنّظر للإصرار على الإمعان في إذلال العرب وتقتيلهم وإبادتهم وتغيير حدودهم وتدمير معالمهم الأثريّة والحضاريّة ونسف مخزونهم الفكريّ والرّوحيّ فإنّنا نقف عند حقيقة بالغة الخطورة متمثّلة في اجتثاث العروبة ووأدها.

وفي الحقيقة فإنّ اجتثاث العرب يعبّر عن نفسه من خلال تركيز الحروب المتصاعدة والمستمرّة في ثلاث نقاط أساسيّة هي بغداد ودمشق واليمن ذلك أنّ هذا المثلّث يشكّل مهد الحضارات الإنسانيّة ومعقلا لتفتّق قريحة البشريّة، وعليه سيكون ضربا من العبث تصوير الحرب المستعرة هناك على أنّها مجرّد بحث عن إشباع أطماع محورها الوحيد الموارد الطّاقيّة مهما كانت أهمّيتها القطعيّة.

إنّه وإزاء هذا الوضع الدّقيق والفارق، تبرز الحاجة الملحّة بل الضّرورة الحياتيّة ليستفيق المارد العربيّ في الشّطر الإفريقيّ من الوطن الكبير ليردع المخطّطات الشّرّيرة الآثمة التي تستهدف العرب والعروبة ككلّ، وتضاعف مسؤوليّة المغرب العربيّ والشّطر الإفريقيّ من الوطن العربيّ إذا أخذنا بعين الاعتبار عددا من العوامل الحاسمة التي كان المفروض أن تجعل دور هذا الشّطر الحسّاس والاستراتيجيّ دورا طلائعيّا بزخم أوسع وعطاء أكثر ونضال أشدّ غزارة.

فمن البديهيّ أنّ الشّطر الإفريقيّ من الوطن العربيّ وخاصّة المغرب العربيّ يمتاز عن المشرق العربيّ بخاصيّة فريدة هي مدى الانسجام والتّناسق القوميّ والمجتمعيّ حيث تغيب فيه مظاهر الانقسام على المستويات الطّائفيّة والمذهبيّة وحتّى العرقيّة ( فحتّى المحاولات اليائسة من طرف مخابرات الدّول والقوى المعادية للعرب لاختلاق أزمات وافتعال صدام بين المسلمين والمسيحيّين في مصر باءت بالفشل وهو ما ينطبق تماما على التّلويح بالورقة الأمازيغيّة في المغرب العربيّ )، ومن شأن هذا الاستقرار أن يعود بالنّفع الكبير على النّهوض للواجب القوميّ العربيّ ويدفع بالتّالي دفعا متأنّيا وفعّالا نحو تعزيز فرص النّجاح في كفّ الأذى وما يتربّص بالأمّة العربيّة من مخاطر وتداعيات ستكون كارثيّة حتما إذا ما استمرّ هذا النّزيف.

وبناء على ما تقدّم فإنّ رهان الأمّة العربيّة على هذا الجزء منها رهان كبير، وإنّ الانتظارات والآمال المعلّقة على إسهاماته وفعله أكبر بكلّ ثقة. فالمغرب العربيّ والشّطر الإفريقيّ من الوطن العربيّ يمثّل وحدة بشريّة هائلة زاخرة بالطّاقات والسّواعد والعقول المفكّرة وتعجّ بالمبدعين في شتّى المجالات، وفي هذه المنطقة يتركّز الثّقل البشريّ الأهمّ عربيّا على الإطلاق ذلك أنّ أكثر من ثلثي تعداد الأمّة العربيّة موجود فيها علاوة على أهمّية موقعها الجغرافيّ شديد الأهمّيّة ذلك أنّ المغرب العربيّ ومصر والسّودان يطلّون على قارّة إفريقيا بأسرها بما تحمله بدورها من أهميّة قصوى سواء من حيث مدّخراتها وثرواتها أو من حيث فرص الاستثمار فيها أو من حيث ما يمكنّه الانفتاح عليها وتعزيز العلاقات معها من كسب أنصار وأصدقاء للأمّة العربيّة التي باتت مهدّدة جدّيا في وجودها، كما يشكّل الشّطر الغربيّ من الوطن العربيّ بوّابة وجسرا يربط بين العرب وبين أوروبّا شمال البحر الأبيض المتوسّط.

إنّ الانطلاق من هذه المميّزات والخصائص النّوعيّة للشّطر الغربيّ من الوطن العربيّ واستغلالها الاستغلال الجيّد وتوظيفها التّوظيف المحكم، سيمكّن العرب من استثمار واستغلال طاقاتهم كافّة، وسيمنحهم فرصة تاريخيّة للتّوقّي من المخطّط الجهنّمي الذي تسرّع الجهات المعادية بتنفيذ بنوده ومقرّراته.

وفي كلّ هذا الخضمّ، يتضاعف الرّهان على التشّكيلات التّقدّميّة وخاصّة القوميّة في الشّطر الغربيّ من الوطن العربيّ. وإنّه من أوكد المهامّ العاجلة الملقاة على عاتق هذه النّخب هو تصعيد النّضال الجماهيريّ السّلميّ ضدّ محاولات فصل هذا الشّطر الغربيّ عن الوطن العربيّ وتوعية الجماهير وتثويرها وتحفيز وعيها القوميّ وتنشيطه لتفوّت الفرصة على من يسعون لتثبيت الافتراءات وتزييف التّاريخ بادّعاء هويّة قوميّة غير الهويّة العربيّة وهي الهويّة الأصيلة التي نافح في سبيلها مفكرّون نوعيّون ومناضلون أفذاذ ومبدعون كثر لعلّ تسابق المغاربة والجزائريّين والتّونسيّين والمصريّين والسّودانيّين للدّفاع عن فلسطين إبّان اغتصابها من طرف الصّهاينة وتسابقهم كذلك للدّفاع عن بوّابة الأمّة الشّرقيّة زمن العدوان الفارسيّ الصّفويّ على العراق إحدى أبرز مؤيّداتها وأبلغ الشّواهد على مدى تشبّع جماهيرنا بعروبتها واعتزازها والتصاقها بها.

ومن بين ما يؤكد تلك المهامّ على الإطلاق المحافظة على التحفّز الشّعبيّ الجماهيريّ ورفضه الواسع لأيّ منفذ للاعتراف بالكيان الصّهيونيّة وذلك بمزيد نشر ثقافة المقاطعة وتبيان معالم الصّراع العربيّ الصّهيونيّ وفضح الدّسائس والألاعيب التي يرنو أصحابها من خلالها لخرق هذا الإجماع الشّعبيّ الصّارم حول الطّبيعة الإجراميّة والإرهابيّة للصّهيونيّة العالميّة وكيانها الغاصب المزروع في قلب الأمّة، وبالقدر ذاته، يتوجّب على النّخب التّقدّميّة والقوميّة أحزابا ومنظّمات وجمعيّات وأفرادا ضرورة التّصدّي الحازم للمخطّطات الإيرانيّة الفارسيّة الصّفويّة واستباق برامج تمدّدها النّاعم والمخاتل المسموم في هذه الرّقعة المهمّة والحسّاسة من الوطن العربيّ وذلك بكشف بيادقها وتعرية أساليبهم في اختراق النّسيج المجتمعيّ وضرب السّلم الأمنيّ بانتهاج المسالك الشّعوبيّة ذات العقيدة العنصريّة الحاقدة البغيضة لما لمثل هذه المخطّطات من تبعات مدمّرة ليس أقلّها تهيئة الظّروف والعوامل لبثّ تربة الصّراعات الطّائفيّة ما يحرم هذه الجماهير من لحمتها وتماسكها وهما ورقة استراتيجيّة من ورقات الأمّة العربيّة لا ينبغي التّفريط فيها تحت أيّ ذريعة كانت.

إنّ مصر بجيشها العربيّ العقائديّ العظيم صاحب المآثر والمفاخر والبطولات في محاربة الصّهيونيّة والدّفاع عن العروبة ببسالة نادرة وبقنبلتها البشريّة حيث من المرجّح أن يبلغ تعداد سكّانها مائة مليون في حدود 2020، والسّودان بأراضيه الخصبة والمتنوّعة التي يكفي استصلاحها واستخدامها للصّالح القوميّ وما يدرّه ذلك من مغانم تكفي بالمراكمة عليه لتحقيق الاكتفاء الذّاتي الغذائيّ العربيّ، وليبيا بصحرائها الغنيّة القادرة على توفير أرقاما خياليّة من مستويات الطّاقة مجانا، وتونس بعقولها ، والجزائر بثرواتها وبثورتها الملحميّة الجهاديّة الخالدة التي وصفها المفكّر ميشيل عفلق بأنّها " مفاجأة العروبة لنفسها "، والمغرب بمقدّراته ومبدعيه، وموريتانيا بسواحلها وغيرة أهلها على هويّتهم العربيّة.. كلّ هذه المميّزات والخصائص إذا ما تجمّعت وانصهرت فيما بينها وتفاعلت تفاعلا إيجابيّا سيكون لها عظيم الأثر لا على مستوى تخليص الأمّة من واقعها المأزوم وتأمين قارب النّجاة لها فحسب، بل وستعدّل أوتارا كثيرة في العالم بل وستجبر معسكر الطّغاة والمتغطرسين على الانكفاء وحسر شرورهم.

 

( نٌشِر في العدد الرّابع من مجلّة ألق البعث الصّادر يوم الجمعة 15 / 09 / 2017 )
 

أنيس الهمّامي
نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في ١٢ / ٠٩ / ٢٠١٧





الثلاثاء ٢٨ ذو الحجــة ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / أيلول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة