شبكة ذي قار
عـاجـل










ما بال المستأجرين لم يتحركوا بعد بالشكل المناسب، وكلهم مشمولين بالطرد من بيوتهم فيما لو تم تطبيق قانون الإيجارات الجديد بعدما رد المجلس الدستوري الطعن بشأنه مؤخراً.

وهل تكلست مفاصل الناس وصارت عاجزة عن الوقوف صامدةً، دفاعاً عن حقوقها أو استباق ذلك فتواجه آلية التطبيق الأعوج للقانون، وبعض المؤجرين في طور الاستعجال فلا ينفك أحدهم عن طرق أبواب المستأجرين هذه الأيام وكأن التطبيق حاصل اليوم قبل الغد لا محالة، فيما مشهدية ما عاشه اللبنانيون منذ أشهر لم ينسحب من ذاكرتهم بعد، وهم يرون بأم العين وعلى التلفاز كيف أن أحد أصحاب العقارات في جونية يقتحم مأجوراً له يقطنه عجوز مسن مضى عليه أربعون عاماً في هذا البيت فلم تشفع للأخير كل تلك السنين من أن يصطحب المؤجر العديد من القبضايات الذين استغلوا وجود المستأجر خارج منزله، ليباشروا في تحطيم الأثاث وخرق الجدران وتشويه العقار ليصبح غير صالح للسكن، وبالتالي يدفعون المستأجر إلى المغادرة مكرهاً وبدون سابق إنذار يقتضيه الاحتكام إلى قانون الإيجارات على الأقل، أو حتى التفاهم مع ذلك المستأجر المسن لكيفية الأخلاء والاطمئنان على أنه لن يأوي على أرصفة الشوارع شأنه شأن العديد من اليائسين في هذا البلد، الذين تخلت عنهم الأقدار بعد أن حُرموا من أي صاحب قلب رحيم، قريباً كان ام بعيد، يرأف بشيخوختهم ويتق الله في وضع حدٍ لعذاباتهم.

ومن يتابع الحركة الدؤوبة لبعض الاتحادات النقابية العمالية ولجان الدفاع عن المستأجرين.

لا بد أن يهاله المستوى الضعيف جداً من التجاوب مع مختلف آليات التحرك التي يُدعى إليها المستأجرون وهم المتضررون أساساً من القانون الجائر وكأن لسان حال هؤلاء يخاطب أصحاب الدعوة للتحرك على طريقة: أذهبوا وقاتلوا عنا ونحن ها هنا قاعدون.

علماً أن ليس في هذا التوصيف أية مبالغة كلامية وتحركات بيروت وطرابلس الأخيرة خير شاهدة على ذلك، سيما وأن ما يزيد في المصائب تفاقماً أن قانون الإيجارات الجديد أضحى بالنسبة إلى اللبنانيين عامة، والمستأجرين بشكل خاص، مشروعاً سياسياً بامتياز أكثر مما هو حياتي بعدما بينت شتى أعمال شراء العقارات القديمة بأثمان بخسة ليستعاض عنها بناطحات سحاب، ما يؤكد على أصرار حيتان المال والعقارات الممثلين بالطبقة السياسية المالية الحاكمة على التشبث بالقانون وعدم إيلاء الحراك الشعبي لمواجهته أية أهمية، بل أنها تعمد على جعل هذا الحراك محدود التأثير والفاعلية ودفع الفئات الشعبية إلى الاعتراف بعجزها عن التعبير عن معاناتها وافتقارها إلى الكتلة الوازنة في مختلف المناطق المطلوب فرضها على السلطة لإعادة النظر بالقانون.

وبالتالي استطاعت هذه السلطة بمماطلتها وتسويفها في عملية تظهير هذا القانون، تطويع الناس وتهيئتهم لأية قوانين تفرض عليهم، شأنها في ذلك ما مارسته بحق قوى الاعتراض الشعبي النقابي والمطلبي الأخرى التي صادرت إرادتها وأطبقت على دينامية عملها وأطرها النقابية كما هو حاصل اليوم مع الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية ورابطة أساتذة التعليم الرسمي الثانوي والخاص والحبل على الجرار بكل تأكيد.

ماذا يعني كل ذلك، وهنالك من المستأجرين من ينتظر حبل القانون الإيجاري الجديد ليلتف على رقبته والبلاد في سبات عميق عما يخطط لها في ارتكاب أوسع عملية تهجير جماعي لن تدفع البلاد سوى إلى المجهول وانهيار كل سقوف الأمن الاجتماعي اللبناني لصالح عشوائيات التنك والجدران المنهارة وأيام الصقيع والبرد ولهيب جهنم الواقع المر معاً.

من أجل كل ذلك، ومع الأصرار عل تجديد الدعوة الصادقة والملحة إلى الانكباب نحو تأسيس مؤتمر وطني عام للدفاع عن المستأجرين في لبنان، ينبغي أن يكون نتاجاً لمؤتمرات فرعية تعقد في كل المناطق اللبنانية بمؤازرة ودعم وحضور كل النقابات العمالية والهيئات الشعبية وبالتالي تجميع إرادة المستأجرين أيضاً وجعلها راس حرية كل التحركات المقبلة لإجهاض وإفشال قانون الإيجارات الجديد وإعادة النظر به، والأخذ في الاعتبار مصالح المستأجرين والمؤجرين الصغار المغبونين والمتضررين لصالح كبار تجار العقارات وحيتان المال.

لا بد من التأكيد على الدور القانوني الذي يجب أن يرافق كل تحرك مقبل وتجنيد أكبر عدد ممكن من المحامين المتطوعين لذلك خاصة في منع المخمنين من دخول بيوت المستأجرين والتشبث بالمادة 58 من القانون المزمع العمل به في الإيجارات الجديدة والتي تنص على ما يلي:

خلافاً لأي نص مخالف، يعلق تطبيق أحكام مواد هذا القانون المتصلة بالحساب المساعدات والتقديمات، كما المراجعات القضائية في الأساس أو التنفيذ أو الأحكام التي سبق وأن صدرت والتي تؤدي إلى تحديد بدل إيجار أو إخلاء المستأجر المعني بتقديمات الصندوق المذكور إلى حين دخوله حيز التنفيذ.





الخميس ٣٠ ذو الحجــة ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / أيلول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة