عندما انطلقت اشعة النور لحزب البعث العربي الاشتراكي الاولى في القطر السوري كأول حركة قومية تحررية حتى بادروا بالدعوة الى التطوع لحمل السلاح وتشكيل حركة ( نصرة العراق ) عام ١٩٤١ دفاعا عن الانتفاضة التحررية للشعب العراقي الأمر الذي ألهب حماس الشباب والطلبة الجامعيين وأدى الى اقبالهم على الندوات التي يعقدها الحزب ممثلا بالرفيق ميشيل عفلق مؤسس الحزب ورفيقه الاستاذ صلاح البيطار وهذا مما شجع الرفيقان القائد المؤسس مشيل عفلق وزميله الاستاذ صلاح البيطار على ترك عملهم بالتدريس واحتراف السياسة والعمل الثوري والتنظيمي مما اعطاهم مزيدا من الوقت للتفرغ للحركة الجديدة التي انطلقت في اجواء النضال ضد الاستعمار في سوريا واستطاع الحزب ان يربط الاستعمار والطبقة الحاكمة البرجوازية والاقطاعية والتي عمدت الى افراغ الاستقلال السياسي من مضامينه القومية والديمقراطية التقدمية لتكون واجهة للاستعمار بشكل جديد..

وفي ٢٤تموز ١٩٤٣ اصدر الحزب بيانا يصف به الاتفاق الذي عقدته الكتلة الوطنية في القطر السوري مع الانجليز والفرنسيين بإجراء الانتخابات بقوله ان ذلك لا يمثل انتزاع السيادة من المستعمر بقدر ما هو عكس ذلك ,على الرغم من ان الحزب شارك في الانتخابات حيث رشح مؤسس الحزب وحقق الحزب نسبة محترمة من الاصوات الا ان ذلك كان من باب استقلال الانتخابات كمنبر لطرح افكاره وبرامجه للشعب حيث كان بيان الحزب بيانا يوضح فيه افكاره السياسية والاساليب الجديدة التي يريد السير على اساسها ومميزا نفسه بشكل واضح عن الطبقة السياسية الحاكمة التقليدية التي فقدت ثقة الشعب (( ان الآلام عميقة والامراض مستفحلة لا ينفع معها حيل السياسة وبراعة السياسي بل يتطلب جيلا عربيا جديدا واعيا منظما مناضلا مؤمنا برسالة امته )).

ومن اهم مشاركات الحزب ومعاركه النضالية على الساحة خلال هذه المرحلة التأسيسية ..

- استنكار العدوان الفرنسي سنة ١٩٤٣ على الشعب اللبناني عندما طالب بالاستقلال ودعا المواطنين لاعتبار قضية لبنان قضية عربية عامه وقضية سورية بشكل خاص

- العمل على فضح الكتلة الوطنية الحاكمة وفضح سياستها الرجعية وضعفها امام الاستعمار الفرنسي وانتشار الرشوة والفساد والمحسوبية مما ادى الى تزايد النقمة الطلابية وتصاعدها على الكتلة الوطنية وقيام التظاهرات الطلابية

- كان عام ١٩٤٣ عاما حافلا بالنشاط الفكري والتنظيمي لحزب البعث حيث كتب الرفيق المؤسس العديد من المقالات التي توضح شروط الجيل العربي الجديد , والعلاقة التاريخية بين العروبة والاسلام , والنظرة الحية الى التراث , ومن ابرز تلك الموضوعات والمقالات ما القاه القائد المؤسس في الجامعة السورية في ذكرى المولد النبوي الشريف في نيسان ١٩٤٣ م

- اهتم الحزب بالقضية الفلسطينية بشكل واضح وبعث عدة رسائل احتجاج الى المسؤولين الأمريكيين الذين يساندون الهجرة اليهودية الى فلسطين .

- حدد الحزب موقفه من الجامعة العربية ففضح ميثاقها وأسسها الواهية التي كرست واقع التجزئة , واهمالها لدول المغرب العربي , وعدم وجود موقف ثابت من القضية الفلسطينية , وايهام الشعب العربي بأنها الوحدة الحقيقية .

- فضح الحزب الشيوعي نتيجة تأييدهم للحلفاء الفرنسين والانجليز وتعاونهم مع الاتحاد السوفيتي .

- انتصار الحزب للشعب الجزائري الذي تعرض لأعنف مجازر العصر الوحشية عام ١٩٤٥ عندما احتفل الشعب الجزائري بانتهاء الحرب فجوبه بالرصاص من قبل المستعمر الفرنسي .

- طالب الحزب بقطع المفاوضات مع الفرنسيين والكتلة الوطنية لتخاذلها أمام المستعمر الفرنسي

- تم تنظيم فرق الجهاد الوطني لتعبئة قوى الشعب سنة ١٩٤٥ م لمقاومة العدوان الفرنسي على دمشق وكانت تجربة رائدة في مجال الكفاح المسلح.

- الدعوة الى الإضراب عند قدوم لجنة انجليزية امريكية الى فلسطين لإدخال مئة الف يهودي صهيوني إلى فلسطين حيث قال القائد المؤسس (( لا ينتظر العرب ظهور المعجزة ، فلسطين لا تنقذها الحكومات بل العمل الشعبي .

- تمكن الحزب (( البعث )) بعد نضال طويل من اصدار جريدته (( البعث )) في27 /1 / 1947 م عقد اعضاء الحزب اجتماعا للتحضير للمؤتمر التأسيسي الأول للحزب .

- انعقد المؤتمر الاول للحزب التأسيسية في ( ٤-٦ ) نيسان ١٩٤٧م بعد التمكن من اظهار ملامح الحزب الفكرية والسياسية والتنظيمية واصبح رصيده النضالي في الوحدة والحرية والاشتراكية , واصبح واسع الانتشار بين الشباب والمثقفين العرب.

- في مساء السادس من نيسان وفي ساعة متأخرة من الليل تم انتخاب الاستاذ ميشيل عفلق عميدا للحزب بالتزكية , كما تم انتخاب الهيئة التنفيذية من ثلاثة اعضاء شكلوا مع عميد الحزب أول قياده رسمية للحزب .. وفي صبيحة يوم الاثنين السابع من نيسان ١٩٤٧ م دخل الحزب بتكوينه الجديد مرحلة غنية من مراحل النضال العربي ضد التخلف والمرض والاستعمار والرجعية المتحالفة معه وضد التجزئة وضد الاستغلال والظلم والدكتاتورية .