شبكة ذي قار
عـاجـل










ليست الثورة وروحها التي اشتق منها مسمى ( الثورية ) قفزا مجنونا ولا هستيريا على الواقع وتوظيف الغضب الشعبي بشكل عنف يراه الثوريون عنفا مقدسا لاستعادة حقوق أو تغيير حال بائس فحسب، بل هي ممارسة لضرورة حياتية تفضي الى إعمار وحضارة وتمدن وسياقات أسلم وأكفأ للحياة وتأثيث للأنظمة التي تبني دول القانون والمؤسسات والديمقراطية.

ولم يكن العرب لا أول ولا آخر الشعوب التي تنتج قوى ثورية وثوارا وتستهدف واقعا يستدعي الاستهداف والتغيير، فللفرنسيين مثلا ثورة عملاقة لم تغيير وجه فرنسا فقط بل نفذت بعفوية وقوة إلى شعوب أوروبا والعالم، ولفيتنام ثورتها الخالدة، وللأمريكان حرب شرسة لها ما لها وعليها ما عليها، وللعرب ثورات عدة غيرت وجه التاريخ العربي ونفذت بقوة واقتدار إلى العالم القريب من الجغرافيا العربية والبعيد عنها كالثورة الإسلامية المحمدية المجيدة الخالدة ورسالة الختم الربانية المعجزة المباركة.

والموضوعية تعني النظرة العلمية الهادئة المتفحصة للواقع ومعطياته القائمة، وبهذه النظره تفرز الإيجابيات عن السلبيات، وبها وعلى ضوئها تقرر الخطوة الثورية ودرجة العنف أو السلمية التي سيتم تبنيها من قبل القوى الثورية لإحداث التغيير .

فالموضوعية لا تعني الركون والسكون عند حالة معرفة مسبقا كأن تكون حالة التصدي السلمي ولا نقيضها العنيف بل إن الموضوعية تعني أن يكون القرار بالتصدي والمواجهة سلميا أو بالثورة المسلحة طبقا للفهم العلمي ولمقتضيات تعريف الحالة القائمة.

الانسحاب إلى السلام أو الاستسلام في فلسطين ليس موضوعية بل هروبا منها، لأن الموضوعية تقتضي تحرير فلسطين من الاحتلال الاستيطاني الصهيوني الذي حصل في زمن وظروف محددة معروفة.

والموضوعية في فلسطين هي الثورة العنيفة والكفاح المسلح في خط مقاومة لا تهدأ ولا تتوقف حتى يطرد المحتل ويصار إلى استعادة فلسطين.

فليس موضوعيا أن يخضع الفلسطينيون والعرب إلى واقع فرضته القوة الغاشمة، بل إن استخدام الموضوعية هنا هو انهزام وهروب وتحايل على الموضوعية ذاتها قبل غيرها وهروب من الثورة والمقاومة إلى جهة التسليم بحق الباطل في سلب الارض وتشريد الإنسان.

والموضوعية في العراق تقتضي أن تتأجج روح الثورة و تستدام عواملها لطرد الحالة التي نشأت بعد غزو عام 2003 وتقتضي أن تتوحد كل الإرادات الوطنية والقومية والإسلامية لتصعد العمل المقاوم وترسم طرق التحرير الناجز .

ليس من الموضوعية في شيئ الاستسلام لمخرجات الغزو ومنها بل وأخطرها العملية السياسية الفاسدة الفاشلة المجرمة.

إن ركون البعض إلى ما يسمونه موضوعية وعقلانية عندما يقررون الانضمام إلى العملية السياسية لأسبابهم الخاصة هو بمثابة لي لعنق الصدقية وتوسل بالمصطلحات بما يخرجها من معانيها ودلالاتها الصحيحة. والهم الأساسي بالأعم الأغلب لهؤلاء بتهريجهم السفسطائي الأجوف هو زراعة فجوات قاتلة بين الثورة والمقاومة والكفاح المسلح وبين الموضوعية ويسقطون الناس في معمعة خلط متعمد للأوراق يظنون أنها تستكمل عمليات استبدال دلالات الحق بالباطل فتصير الموضوعية مصطلحا للتغييب وإلهاء الناس وتخديرهم تماما كما استخدم مصطلح ( التحرير ) من قبل الخونة كبديل لواقعة غزو العراق واحتلاله.

إن توضيح العلاقة العلمية والجدلية بين الثورة والمقاومة وبين الموضوعية هو جزء من تحشيد الجماهير وتعبئتها من أجل المقاومة والتحرير، لأن تغيير دلالات واستخدامات الاصطلاحات والكلمات الدارجة في حياة الناس خطير ولا يقل خطرا عن الأعمال العدوانية والباطلة ذاتها.

وبوسعنا أن نعكس الأضواء ذاتها التي ذكرناها أعلاه على ( موضوعية ) أو عدم ( موضوعية ) الاحتلال الإيراني الفارسي لأرض العرب في الأحواز، وهنا نلاحظ أن الموضوعية من جانب إيران والتي تريد لها أن تستقر في أفواه وضمائر الآخرين هي أن الأحواز إيرانية في حين أن الحقيقة الثائرة والبندقية المجاهدة الأحوازية المقاومة لغرض تحرير الأحواز تعتبر أن ( الموضوعية ) هي التي تستند إلى حقائق الوطن الاحوازي والأرض والإنسان والتاريخ.

إن محاولات استخدام مقاربة محبوكة بين الموضوعية والعقلانية بهدف تغييب وتبشيع الثورة والكفاح المسلح في مقاومة الاحتلال ومنتجاته هو تدبير للمستسلمين والخانعين والذين هانت عليهم كرامتهم وكرامة أوطانهم وشعبهم وانجروا إلى الرذيلة والسحت والمساومات المادية القذرة.





الثلاثاء ١٩ ربيع الاول ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة