شبكة ذي قار
عـاجـل










إن المدخل إلى قراءة ما يجري في العراق من حراك مجتمعي مدني تقوده الإرادة الشعبية المحمية بمدنيتها، ومن ثم المضي في تحليله واستخلاص النتائج منه، لتكون هذه النتائج بمثابة دروس يستفيد منها الحراك المجتمعي في قابل الأيام.

نقول إن هذه القراءة تحتاج إلى قاعدة معلومات نستل منها مجموعة من الموشرات التي توفر لنا الآليات التي نستحضر بموجبها الحراك الشعبي، بوصفه مجموعة الظواهر الاجتماعية السياسية، مركبة ومتساندة وظيفيا فيما بينها، هذه القاعدة من المعلومات نستخلصها من الحياة اليومية الاجتماعية السياسية للمجتمع العراقي.

بداية في أعقاب الاحتلال الامبريالي الأمريكي المدعوم بالعدوانية الغربية، تم تغيير النظام الوطني في العراق بقوة السلاح، وهذه القوة المتوحشة قامت بهندسة النظام السياسي في العراق على هواها، المنقاد بأهداف تريد أن تجعل من هذا النظام مطية لهاً، أي في جعل العراق على الصورة التي تريدها والمتمثلة بالمعالم الآتية :

- نظام طائفي يقوم على المحاصصة السياسية. قاعدة هذا النظام أحزاب دينية طائفية
ثنائية الولاء التي تحدد السلوك ي والاجتماعي والثقافي لهذه الأحزاب، بحيث يتقاسم ويتنازع هذا الولاء الانتماء للعراق مرة ولإيران مرة ثانية، وما بينهما من تدافع ترجح غلبته لصالح إيران بحكم المرجعية الدينية، التي تقاد عادة وتوجه ظاهرا وباطنا بالفلسفة الصفوية، التي تؤسس لإمبراطورية فارسية ظاهرها الإسلام.

- الولاءات الطائفية والجهوية وعصبية القربى العائلية هي المحددات للحصول على المكاسب والوظائف والمناصب والزعامة الاجتماعية .. إلخ.

- الفساد الذي اخترق البناء الاجتماعي العراقي في بناه ذات الولاءات المذهبية، وما في حكمها من انتماءات ومحسوبيات وعلاقات عصابية.

- تهميش فئات كثيرة من أبناء المجتمع العراقي، وخاصة في مناطق الجنوب، بعد أن هدمت داعش بنية المجتمع في بقية المحافظات الأخرى.

ولاشك أن الفساد الذي حاصر بنية المجتمع العراقي وأفقرها جعل تهميش فئات الشباب تحصيل حاصل، أفقدت الدولة العراقية القيام بواجباتها المسؤولة فانتشرت البطالة وصارت معلما متميزا في المجتمع العراقي.

- التدافع ببن وازع المواطنة في العراق المنتمي إلى جذوره العربية، والوازع الشعوبي الذي يجعل العراق يخرج من هويته العربية، وهذا معناه أن العراق سيعيش في تبعية شعوبية تحرمه من أخذ قراراته الناهضة من وطنيته وانتمائه العربي،والمعروف في العلوم الاجتماعية - السياسية أن صراع الولاءات الذي يقود الانتماءات صراع رئيس بين الأمم لا يزال له شأنه ومهامه في معارك المصير والمستقبل.

تفيدنا قاعدة المعلومات السابقة التي حكمت القراءة وبعدها عن البيانات الإحصائية أن المجتمع العراقي يحكمه منطق "الأزمة." هذا المنطق الذي يضع العراق أمام اختيارين :

- لاختيار الأول القبول بالواقع العراقي على علاته.
- الاختيار الثاني مدافعة هذا الواقع بالحراك المجتمعي المنقاد بارادته الشعبية المدنية.

وعن سؤال هل يطول بقاء المجتمع العراقي يحكم ويقاد بقبول الواقع كما هو على علاته، أم صبر الشعوب على قهر القوة بالسلاح مرة، وبالحروب الطائفية مرة ثانية لا بد من أن يكون له أجله الذي تقرره الإرادة الشعبية؟

ما يجري في العراق الآن حراك شعبي مشروع يريد أن يضع العراق على طريق السلامة الوطنية، والعدل الاجتماعي، والوفاء لهويته العربية، وإعادة اللحمة للبناء الاجتماعي العراقي القائم عل مبدأ المواطنة بكل مكوناتها ومحدداتها الاجتماعية والثقافية والسياسية، وقاعدة الانتماء والولاء القومي الذي يبنى على قانون قومي : العروبة تجمعنا.

وتنتهي هذه القراءة لما يجري في العراق ان الحراك الشعبي يشكل المقدمات لثورة شعبية تقودها قوى جماهيرية منظمة لها دليل عملها، وهي موجودة عل الساحة العراقية وفي قلب الحدث العراقي الراهن، وهي بانتظار لحظة الثورة والانتصار لأن الواقع العراقي لم يعد يقبل منطق الحماسة والمغامرة، وخاصة ان هناك قوى عسكرية ( الحرث الثوري العراقي ) يرفع من قوة مدافعته لضرب الحراك الشعبي في مواقعه وساحاته الشعبية الراهنة، ممانعة من أن يشكل مقدمات لثورة تعيد للعراق دوره ومهامه في سياق ما نسميه تبادل الأدوار الحضارية بين الأقطار العربية، بوصف هذا الدور المحدد الموضوعي في استعادة الأمة العربية دورها الحضاري.





الجمعة ١٢ صفر ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / تشرين الاول / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور عز الدين ذياب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة