شبكة ذي قار
عـاجـل










لولا بارقة امل ضئيلة ومتواضعة يشعّ بها اللبنانيون في الخارج بما يقدمونه لذويهم في الداخل ،
لكان الوضع الاقتصادي قد لامس قعر الهاوية في احتضاره وترك الجميع امام حقيقة عريّهم من كل ما يمس الحياة الآدمية بصِلَة ،
ويجعلنا الى الغابة بكل موحشاتها ،اقرب من المدنية التي بدأت تبعد عن حياتنا اليومية باشواط غير قياسية ،لا ينفع فيها مؤشرات التضخُم الدورية في العيش التي كان يقيمها الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية شهراً بعد شهر ،

للوقوف على القدرة الشرائية لللُبنانيين في الحصول على السلة الغذائية الشهرية بعد ان تلاشت هذه القدرة بتحوُل الغالبية الساحقة من الشعب اللبناني الى مشروع متسولين ،
وباتت سلتهم الغذائية بمثابة أُعطيات تقدمها لهم الجمعيات الخيرية التي تتسول بدورها من الخارج ومن المقتدرين في الداخل ،
في دوامةٍ قاتلة من الفقر والعَوَز مرشحة ان لا تتوقف حتى إشعارٍ آخر.

تلك هي المشهدية القاتمة التي تطل علينا ونحن ننتقل من عامٍ الى آخر ولم يعد ينفع معها الركون الى ما يطلقه ( الطوباويون ) في هذا البلد من تطمينات اعلامية او تنظيرات اقتصادية ،فيما مدّخرات الناس في المصارف اضحت الى مصيرٍ غير معلوم ،والساسة يعيدون الى الذاكرة الجمعية ،السجالات اليومية التافهة الدائرة بين بعضهم البعض في جدالٍ ( بيزنطي ) كفيل ُ باسقاط ما تبقى لهذا البلد من مقوّمات لن يبقى بعدها من سقفٍ وطني جامع وانما هو المجهول الذي يصعب على القلم تحديد شروره التي نعيش نُذُرُها ساعة بساعة والسمع مشدودُ بين هذا الموقف وذاك الصادر عن المقلب هنا والآخر هنالك.

ماذا عساه العام ٢٠٢١ ان يقول لسابقه العام ٢٠٢٠ وقد اورثه من المعضلات والكوارث ما جعل البلد برمته يعود عقوداً من السنين الى الوراء مترحماً على ايامٍ ولّت وبحبوحة عيشٍ حملت فيما مضى الحد الادنى من الكرامة الآدمية كقاعدة للمطالبة بما يجب ان يتحقق من برامج اقتصادية ومطلبية تتنافس على تبنيها قوى ومكوّنات سياسية ونقابية وعمالية تجد نفسها اليوم مأزومةً وعاجزةً عن التغيير فيما الاحتواء والتدجين يطوّقها من كل جانب ليتضخم معها السؤال : الى اين!

الى اين ،وقد تقزّمت الطموحات وتلاشت وما عاد سوى رغيف الخبز الهدف الاساسي الذي يسعى اللبناني لتأمينه صباح كل يوم كي لا يرى اولاده يتضوّرون جوعاً وقد غابت عن وجبة غذائهم اليومية الكثير من الاصناف التي اعتادوا عليها ولم يعد بمقدوره شرائها واسعارها قفزت الى اضعافٍ مضاعفة وباتت اللحوم والالبان والاجبان من الكماليات لا الاساسيات على سبيل المثال لا الحصر في زمن العهد القوي الذي لم يترك من القوة سوى الجبروت للصوص الهيكل والفِرّيسين وبائعي الوطن بالاثمان القليلة من الفضة؟

الى اين ،واشباه الرجال لم تتوقف خناجرهم المسمومة حتى الآن ، من غرز انصالها في جسد الوطن المنهك الممزق فلم يعد يكفيهم تجويع الناس وموتهم البطئ ،وانما يعملون على مصادرة ولاءاتهم ايضاً لمصلحة متاريس طائفية ومذهبية تنتشر وترتفع كل يوم تحت ذريعة حماية الدستور والحفاظ على ميثاقية الطوائف بينما الوطن لم يعد يجد حتى المساحة الضئيلة من الامل للملمة جراحه ومداواتها.

انها سوريالية المشهد القاتل الذي وصم سنة البؤس والشقاء اللبناني في عامها ال٢٠٢٠لتجعل الايام القادمة من العام الجديد مثقلة بكل القلق والخوف على المصير المجهول واللبنانيون ينظرون الى السنة المنصرمة وهي تودع شقيقتها القادمة ولسان حالها يقول :

تصبحين على وطن.

١ / ١ / ٢٠٢١





الجمعة ١٧ جمادي الاولى ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / كانون الثاني / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة