شبكة ذي قار
عـاجـل










ميلاد البعث مسيرة نهوض وجهاد

د حسن طوالبة

 


عندما نستعرض الأعوام التي مرت على مسيرة البعث، فإننا نشاهد شريطا حافلا بالأحداث، صنعها أجيال من الرواد، ممن ذاقوا مرارة المعاناة مع آلام الأمة، ونذروا أنفسهم من أجل غد مشرق لهذه الأمة.

ولأن ميلاد البعث استجابة علمية ثورية لمعاناة الأمة، ولأن المناضلين هم من بين صفوف هذه الأمة، ولأن الأمة لم تعش تاريخها دفعة واحدة، فإن البعث أيضا لم يكن قفزة في زمن ومكان معينين، ولم يكن صيحة تنتهي بمجرد زوال رنين الصدى، كما هو حال الأمة، فقد كان وما زال يعبر عن ضميرها الحي، فقد شهدت سنوات نضاله حالات من المد والجزر، انتصارات واخفاقات، ولكن هذه الحركة إنما كانت تعبر عن هوية الأمة واندفاعها نحو الأمام.

ولأن البعث نشأ من معاناة الأمة، فقد كانت أفكاره وأهدافه الجواب الصحيح لما عانته الأمة منذ زمن وما تعانيه الآن. فلم تكن أهداف البعث طوباوية، بل هي واقعية من نوع خاص. ولذا فإن البعث وجد َمنذ نشأته، أن الطريق الذي يسير عليه المناضل، إنما هو الطريق الصعب الشاق. ومع هذا فالجماهير اعتبرت مبادئ البعث وأهدافه هي المعبر الحقيقي عن مسارها نحو العزة والكرامة الإنسانية.

إن قبول الجماهير لمبادئ البعث جاء بفعل حيوية تلك المبادئ والأهداف، وازاء هذا القبول فإن الكثيرين ممن غاضهم شيوع فكرة البعث وأهدافه، حاولوا تقمص تلك الأفكار، وتبنيها، إلا أنهم لم يتمكنوا من الاستمرار في تلك الطرق الشاقة، ولم يستطيعوا ان يكونوا البديل عن البعث، لأنهم أخذوا الأفكار كنتائج جاهزة ولم يدخلوا الى المعاناة الفكرية والنفسية والاخلاقية التي ولدتها. فالأفكار قد تكون ذات قيمة وتأثير، ولكنها لا تصبح فكراً خلاقاً بلا حركة حية إلا بتلك المعاناة التي لا تفتعل ولا تقلد ولا تستعار.

اننا بعد هذه المسيرة الطويلة نجد ان مسيرة البعث، رغم كل النكسات وما واجه من دس ومؤامرات، فما زال يمثل طموحات جماهير الأمة.

إن هذا الكلام لا يعبر عن حالة من الغرور، بل يعبر عن حالة الاعتزاز والثقة بالنفس، لأن قوتنا ليست تلك القوة المنظورة المحدودة، بل هي تتفجر بين حين وآخر، كلما جادت كوادر البعث برفاق يتسمون بالإيمان الخلاق الصادق، والعزيمة الفذة، والتي تضع الأمة وطموحاتها في حدقات عيونهم، بعيدين عن مباهج الدنيا.

كثيرون هم الذين راهنوا على زوال البعث عندما كان وليدا ولكنه حاول شق طريقه وسط الأعاصير السياسية في مرحلة النشوء، وقالوا ان هذا الحزب خيالي، وافكاره وأهدافه مثالية يصعب تحقيقها. واليوم وبعد العدوان الأمريكي الغربي على العراق، وما أفرزه من هجمة صهيونية وفارسية على البعث وعلى البعثيين، وقتلهم واعتقالهم وتصفيتهَم في السجون والمعتقلات، إلا أن البعث صمد وقاوم المحتلين بكل جرأة واباء.

ورغم معرفة البعثيين بهذه المسيرة الطويلة، فقد تعرض البعث فكرا ومسيرة حزبية إلى حالات انقسامية وانشقاقات مدمرة، كما تعرض إلى مؤامرات داخلية وخارجية مريرة، عملت على تشويه مبادئه وأهدافه، وكان يخرج منها أقوى من السابق، ويتدفق حيوية وعطاء. إذ لم يعرف المؤرخون في العالم حزبا تعرض لمثل هذه المؤامرات المدمرة، وظل موجوداً وقوياً ومعطاءً. مثل حزب البعث.

لقد اصيب البعث بضربات فنية حاقدة كثيرة، وقد أثرت على مسيرته الطويلة، وشوهت مبادئه وأهدافه في اذهان المرتدين والحاقدين من عملاء الصهيونية والفرس الحاقدين على العرب والاسلام معا.

ولأن البعث هو حزب الجماهير بحق، فسوف يتجدد ويخرج كالضياء من قلب الرماد، ليضيء درب النضال، ويسير بالأمة نحو أهدافها ولو طال الزمن.

وكما خرج الحزب بعد ردة ٢٣ شباط ١٩٦٦، سوف يخرج سالما من سطوة الاجتثاث الطائفي الذي ينفذه اتباع ملالي إيران. وسوف يخرج من معاناته الداخلية، انطلاقا من وفاء المناضلين لمبادئ بعثهم الأمين على وجود الأمة.






السبت ٧ رمضــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / نيســان / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د حسن طوالبة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة