شبكة ذي قار
عـاجـل










المواطن وسيلة ثورة 17 – 30 تموز وغايتها

الدكتور سلمان الجبوري

 

 

وضعت ثورة 17 - 30 تموز ومنذ اليوم الأول لانطلاقتها المواطن العراقي منذ ولادته وحتى وفاته في مقدمة أولوياتها وذلك لأهمية الدور الذي يلعبه في تكوين ذاته وتطوير مجتمعه ولذا فإن الثورة أولت هذا الأمر جل اهتمامها للوصول بالمواطن إلى درجة من الرقي لكي يكون عنصراً إيجابياً في مجتمعه ويحقق في النهاية السعادة التي يرجوها من خلال دوره الفاعل في البناء والنهوض الاقتصادي.

 

وعليه فإن أول خطوات الثورة هو بلوغ هدف خلق الإنسان الواعي الحريص على بناء وطنه والدفاع عنه فكان لابد من التركيز أولاً على البناء القيمي وتعزيز روح المواطنة لديه. وكان البعثيون قدوة في ذلك بدءاً من إشاعة روح العمل الجماعي والتطوعي والحرص على أمن العائلة فانتقلت بالمواطن ليكون قائداً ومنتجاً في أن واحد. وسنتناول في مقالنا هذا ما تحقق في هذا المضمار في عدد من المجالات:

 

أولاً: المجال الوطني

دأبت الثورة ومنذ الأيام الأول لها على تحرير المواطن العراقي من كل القيود التي كبل بها والتي كانت تعتبره متلقياً وغير مبادر فأطلقت طاقاته ليكون عنصراً فاعلاً من خلال تحرير وتثوير طاقاته في مجالات تواجده فأصبح مبدعاً ومشاركاً في اتخاذ القرار وليس فقط منفذاً كما كان قبل الثورة. والأمثلة على ذلك كثيرة إذ اندفع المواطن للمساهمة الفاعلة في إنجازات الثورة سواء في العمل الشعبي لجني المحاصيل الزراعية أو بناء المدارس والبنى الخدمية أو تعبيد الطرق في المناطق السكنية. وقد تجلى دور المواطن في التفاعل مع الإجراءات والخطوات التي اتخذتها الثورة في تنفيذ وحماية قرار تأميم الثروة النفطية الخالد وفي المشاركة تطوعاً في العمل القومي في الأقطار العربية التي كانت القيادة ومن منطلق ممارسة دورها القومي ترى ضرورة تأدية الواجب هناك. وقد تجلى تفاعل المواطن مع الثورة في قادسية صدام المجيدة والتي بذلوا فيها كل غالٍ دفاعاً عن الوطن والأمة. كل ذلك كان بسبب نجاح الثورة في اعداد المواطن اعداداً ثورياً وخلق الحس الوطني لديه للدفاع عن المكاسب التي حققتها الثورة له بدءاً من إطلاق سراح المحكومين وتعيين العاطلين عن العمل وإعادة المفصولين إلى أماكن عملهم إضافة إلى نمو درجة الوعي الذي تحقق لديه من خلال القضاء على الأمية ومن خلال الدور الذي لعبته الهيئة الجماهيرية كمجالس الشعب والنقابات والاتحادات المهنية والتثقيف الإعلامي المستمر وغيرها الكثير بعد أن أوصلت الثورة تلك الوسائل ومستلزماتها إلى اقصى نقطة في الريف العراقي كالطرق المعبدة والتي ساهمت في تسريع التواصل بين الريف والمدينة وإيصال الكهرباء وتوزيع أجهزة التلفاز مجاناً على سكنة الريف. 

 

ثانياً: مجال الأسرة والمجتمع

أولت الثورة الأسرة العراقية كونها الخلية الأساسية المكونة للمجتمع وصلاحها هو صلاح المجتمع، فعملت على توفير كل متطلبات الحياة الآمنة والسعيدة بتأمين الأمن سواء بواسطة الأجهزة المختصة أو من خلال الجهاز الحزبي وتوفير الفرص لتأمين دخل مناسب يحقق ظروف عيش متقدمة فأصبحت الأسر العراقية قادرة على تأمين سكن حديث وتوفير مستلزمات الحياة اليومية من خلال توفير البضائع بواسطة الأسواق المركزية الحديثة والجمعيات التعاونية وفي أسواق القطاع الخاص بأسعار ملائمة لكل الطبقات. كما أصبح المواطن العراقي قادراً على السفر للاطلاع على العالم بسبب ما توفر لديه من فائض في الدخل ورغبة في الاطلاع على التقدم الحضاري الذي وصلت إليه العديد من دول العالم.  

 

ثالثاً: مجال التربية والتعليم

قامت الثورة بإحداث انقلاب جذري في مجالي التربية والتعليم من خلال إلزاميته ومجانيته وتوفير العناصر الأساسية للعملية التربوية والتعليمية فبما يخص الجانب التربوي تم تأمين البنى التحتية للعملية التربوية بدءاً من الحضانة إلى غاية الثانوي وتهيئة المناهج الحديثة الهادفة لبناء مواطن صالح بعقل متفتح وكذلك تم رفد العملية التربوية بكوادر متخصصة وقديرة على إدارة وتأمين العملية التربوية السليمة بما تشمله من الظهور اللائق للمعلم والمدرس ليكون قدوة لطلابه وعدم استخدام العنف مع التلاميذ كل ذلك بهدف تخريج مدخلات سليمة للعملية التعليمية اللاحقة. ونفس الشيء ينطبق على التعليم المهني والعالي فإضافة إلى ما تقدم تم رفد المؤسسات التعليمية بكوادر وطنية عالية التحصيل من خلال التوسع في الابتعاث إلى الخارج والتوسع في فتح الدراسات العليا في الكثير من التخصصات بما أوصل العراق إلى الاكتفاء الذاتي من تلك الكوادر بوقت قياسي. إضافة إلى إشاعة الأجواء السليمة بين الطلبة من خلال تطبيق أسلوب اختيار الطالب القدوة. 

 

رابعاً: المجال الزراعي

قامت الثورة بتطوير هذا المجال بهدف خلق اكتفاء ذاتي يضاهي في جودته المنتجات الأجنبية وذلك بتثوير هذا القطاع الحيوي ذا التماس المباشر مع المستهلك الوطني بالدرجة الأساس. فتم إعادة تنظيم هذا القطاع بدءاً بالملكية ومروراً بتنظيم العمل بتأسيس الجمعيات التعاونية ومزارع الدولة والمزارع الرائدة ومزارع النساء وكذلك دعم الدولة الكبير للمنتجين في هذا القطاع من خلال ما وفرته لهم من وسائل إنتاج وتقاوي وأسمدة ترتقي بالإنتاج إلى مستويات عالية هذا إضافة إلى دعم التسويق لتلك المحاصيل مما عظم الناتج الزراعي وزاد في رفاهية القائمين على هذا القطاع الحيوي.

 

خامساً: المجال الصناعي

قامت ثورة 17-30 تموز بأحداث ثورة في هذا القطاع من خلال إعادة الاعتبار للقوى العاملة بدءاً من تحويل العمال إلى موظفين واشراكهم في اختيار الإدارة من خلال ممثليهم في مجالس الإدارات واشراكهم في إعداد وتنفيذ خطط الإنتاج وإعطائهم حصص من الأرباح المتحققة. وما ندوة الإنتاجية التي رعاها الرفيق صدام حسين رحمه الله إلا دليلاً على إصرار الثورة على تنمية الصناعة وإطلاق قدرات العاملين الذين أصبحوا يشعرون بأهمية دورهم في الإنتاج من خلال ما وفرته الثورة من رعاية لهم.

 

سادساً: في المجال المهني

من خلال الدور الذي لعبته النقابات والاتحادات المهنية حرصت الثورة على بناء الإنسان العراقي ليكون عنصراً فاعلاً ومؤثراً في المجتمع  حيث قامت تلك المنظمات بوضع البرامج للنهوض بالإنسان العراقي منذ بداية حياته أشعرته من خلالها بأهميته في المجتمع، فعلى سبيل المثال أوكل إلى اتحاد الشباب رعاية الأطفال فتم تنظيمهم في تشكيلات الطلائع والفتوة وقيام الاتحاد الوطني لطلبة العراق بزج الطلبة خلال العطلة الصيفية في معسكرات العمل الشعبي، وقيام الاتحاد العام لنساء العراق بفتح دورات لتعليم النساء بعض الأعمال اليدوية وكذلك في إقامة مزرعة النساء التي أثبتن فيها جدارة فائقة في التخطيط والإدارة والإنتاج وغير ذلك الكثير.


يتضح مما أوردنا أعلاه حرص قيادة الثورة على بناء الإنسان العراقي بناء حضارياً متقدماً ولتشعره بأهمية دوره في المجتمع انطلاقاً من مبدأ الإنسان وسيلة الثورة وغايتها. 






الاثنين ١٩ ذو الحجــة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / تمــوز / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور سلمان الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة