شبكة ذي قار
عـاجـل










الافتتاحية

العراق المصان والعراق المهان

 

نجح الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق بتعرية نفسه وفضحها كما لم يحصل في أي احتلال سابق. لقد تناقضت منتجات الغزو تناقضاً وتقاطعت تقاطعاً تاماً مع ما سوقته أميركا وحلفها الغبي من أهداف وغايات ومسوغات وبين ما حصل فعلياً على الواقع خلال عشرين سنة بين ٢٠٠٣ و٢٠٢٢ م.

لم تجد أميركا أسلحة دمار شامل في العراق، ولم تثبت له أي علاقة بالإرهاب ولا بالهجوم على أبراجها، ولم تتحقق الديمقراطية التي بشرت بها ولا زالت تتغنى بها، إلا ديمقراطية نهب وسلب الأرواح والممتلكات والثروات العامة والخاصة، فتحققت بل وازدهرت، ولم يتحول العراق إلى جنة الشرق بل صار جهنم الشرق.

كان العراق قبل الغزو ورغم ما فرض عليه من حروب وحصار مصاناً يعيش بكبرياء وكرامة، ولا يستطيع كائن من يكون أن يعتدي عليه دون أن يرد له الصاع صاعين.

كان للعراق قبل غزوه قوات مسلحة تحمي سيادته، ويحسب من يفكر باجتياز أرضه أو مياهه أو سماه ألف حساب قبل أن يقدم على فعلته.

كان للعراق وزن معروف في الإقليم وفي العالم، وسياساته معروفة في التصدير وفي الاستيراد وفي الصناعة والزراعة والخدمات المختلفة.

بعد الغزو، تحول العراق إلى بؤر لإرهاب إيران وأحزابها وميليشياتها ومخابراتها وحرسها ومنهجها التوسعي الفارسي الطائفي البغيض، وتتدخل في شؤونه دول مجهرية تحرك فيه فصائلاً وأحزاباً فئوية وعرقية تمزق كيانه، وتقطع عنه دول الجوار المياه بعد أن صار سوقاً لبضائعها ومسرحاً لإبراز عضلات تركيا الإقليمية وقدراتها في حماية أمنها على حساب العراق وسيادته ودماء شعبه.

إيران تحتل العراق عملياً منذ ٢٠١١، وتتحكم بقراراته كلياً وتسيطر على حكومة الخضراء بكل دكاكينها المحاصصاتية، وتقتل علماءه وضباطه وطياريه وكفاءاته العلمية والإدارية، وتنهب نهاراً جهاراً مليارات الدولارات التي تحولها بنوك أميركا كميزانية عامة والباقي تتقاسمه أحزابها وميليشياتها وعفاريتها ومرتزقتها وشركاتها السياحية.

هذا هو العراق بعد غزوه واحتلاله، لا حكومة تمثله وتقرر مصالحه، ولا جيش يرد عنه أهوال الاحتلال والتدخلات التخريبية، وليس له غير حراك شعبي تمثله ثورة تشرين الباسلة التي ينزف شبابها دماءً على يد الحكومة وميليشياتها وعصابات أحزابها المجرمة.

إنه العار الذي وضعت فيه أميركا وحلفها، وتقبل الآخرون أن يلبسوه بلا حساب لإنسانية ولا لعزة ولا كرامة، ويبقى... الله أكبر ناصر المؤمنين الصابرين. 




الثلاثاء ٢٧ ذو الحجــة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / تمــوز / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الافتتاحية نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة