شبكة ذي قار
عـاجـل










 

رسالة على بريد الشمس

 من أرض النهرين إلى ثوار تشرين في أرض الرافدين

 

أحمد مختار- السودان

 

منذ حمورابي، وبابل وآشور وأكد، والقادسية والحسين وثورة العشرين وصدام وانطلاقة المقاومة الباسلة وحتى ثورة تشرين، ظل شعب العراق كما نخله مثالاً للصبر والشجاعة والعطاء، وعنواناً للكبرياء والشموخ والطموح. ثباتاً أمام النوازل والمحن والابتلاءات، ويجود بكل ما يملك للقريب والبعيد، وتلك لعمري قيم الذين يصنعون الحضارات الخالدة ويكتبون تاريخها المتجدد ويرسمون بالنضال والنصال قسمات المستقبل.

جاءت محنة احتلال أرض الرافدين والأمة في كل أقطارها مكبّلة اليدين والقدمين، انظمتها مروَّضة وجماهيرها في سجون الفقر والحرمان والقمع والهموم الصغيرة، فكانت ثورة تشرين في العراق تقاوم تنين العصر الاحتلال الامريكي المتصهين من جهة ونيران المجوس في الشرق من جهة أخرى، وفي الداخل تسرب اللصوص وسماسرة الاحتلال والخونة والعملاء، حتى أحتار كتاب التاريخ والأدب والبلاغة في وصف المؤامرة المزدوجة والغدر المعلن وتواطؤ ذو القربى.

عذراً ثوار تشرين في العراق إن عجزت الكلمات والحروف عن دعم ثورتكم ونضالهم وجهادكم، وأنتم تستحضرون في ثورتكم المهيبة عظمة تاريخ هذا البلد وادوار أبطاله الخالدين. ماذا تقول الكلمات عن شناشيل البصرة وهي تقاتل وعن الناصرية وهي تناضل والمسيب وهي تصابر وديالى وكركوك والموصل والفلوجة وهي توزع الصبر والإيمان وآمال النصر على القصبات والأحياء الصغيرة.

ماذا تضيف الكلمات للغة المقاومة والإصرار العنيد ودجلة غاض ماؤه وجفَّت ينابيع الجمال والأزهار في الأعظمية، وتغيرت وجوه الناس في باب المعظم ومناطق بغداد الاخرى، وغادر يوسف الصايغ وعبد الرزاق عبد الواحد وحميد سعيد، وليلى العطار، وسلام الشماع سماء بغداد وغاب عن سنوات العراق مهرجان المربد واحترقت ونُهِبَت المتاحف وبيوت الثقافة والفنون، وحدائق بابل المعلقة جفاها الحمام واليمام والعشاق.

لستم وحدكم وإن تعددت الساحات وتنوعت المعارك وتلون الاعداء. ألم يقل القائد الشهيد صدام حسين: الكرمك والبصرة سيان؟ ألم يقتسم العراقيون وهم يخوضون غمار القادسية الطويلة، مع كل العرب الخبر والنفط والثقافة ومقاعد العلم والمعرفة؟

لستم وحدكم وإن بدا العدو بألف وجه ووجه، ثقوا أن قلوب الملايين من العرب وأحرار العالم معكم، ومعكم الله والتاريخ والحق والمستقبل. معكم مواويل ماجدات العراق ودعاء حرائر تونس وليبيا والبحرين وموريتانيا والمغرب وكنداكات امدرمان وشرق النيل.

لستم وحدكم وإن ظهرت الخيانة تمشي على رجلين في شوارع بعض المدن العربية، وغابت شموس الحق في ليالي بيروت وصنعاء ومدن الملح المغطاة بالشموع.  معكم قلوب أهل القدس في فلسطين وشوارعها المفتوحة على الثورة والثوار. معكم وعي هذه الملايين في مليونيات مواكب الخرطوم واعتصامات مدن السودان التي آمنت بجدل وحدة الثورة في كل الأرض العربية، التي افصحت عنها حديثاً الانتفاضة الشعبية العربية في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن قبل حرفها، وتجددت في السودان ولبنان ولم تستكين وقدّمت شعارها للبشرية (إن الشوارع لا تخون، والشعب اقوى والردة مستحيلة)، وكانت ثورتها السلمية المُلهِمة التي حملت عطرها لكل أصحاب القضايا في العالم، الحالمين بأوطان ترفرف فيها أعلام الحرية والعدالة والسلام والدولة المدنية الديمقراطية، والتي تعبر هبة الشعب الايراني في العديد من مدنه، وبكل قوميّاته، نضح من معين مخزونها الثوري المشِعّ، والمتخطي لتروس القمع والإفقار المتستر بالدين.

 






الاحد ١٣ ربيع الاول ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / تشرين الاول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والإعلام القومي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة