أَيُّهَا اَلسِّنْدَانُ أَمَّا
آنُ اَلْأَوَانِ
د . وَائِلْ اَلْقَيْسِي
بَعِيدًا عَنْ اَلتَّنْظِيرِ وَالْفَذْلَكَاتِ اَلْكَلَامِيَّةِ وَالشِّعَارَاتِ
اَلْجَوْفَاءِ اَلَّتِي تَعِجُّ بِهَا اَلْبَيَانَاتُ وَالْخِطَابَاتُ اَلْحَمَاسِيَّةُ،
لِدُعَاةِ إِصْلَاحِ مَا لَا يَنْصَلِحُ، إِلَّا بِالْفِعْلِ وَالْإِقْدَامِ وَالْعَمَلِ
، وَاَلَّتِي أَثْقَلَتْ عُقُولُ اَلنَّاسِ اَلْمَفْجُوعَةِ بُكْمَ أَيُّهَا اَلْمَتْسَيَسُونْ
.
لَقَدْ أَمْسَى اَلْعِرَاقِيُّونَ بَيْنَ فَكَّيْ كَمَّاشَةِ اَلْمِطْرَقَةِ
وَالسِّنْدَانِ ، أَمَّا اَلْمِطْرَقَةُ فَهِيَ : عِصَابَاتٌ تَسَلَّطَتْ عَلَى مُقَدَّرَاتِ
اَلْعِرَاقِ وَشَعْبِهِ ، وَحَظِيَتْ بِشَرْعَنَةٍ وَدَعْمٍ مِنْ اَلصَّادَاتِ اَلثَّلَاثِ
، فَصَارَتْ حُكُومَةٌ ، أَعْقَبَتْهَا حُكُومَاتٌ ، مُنْذُ اَلْغَزْوِ اَلْأَمِيرِكِيِّ
( اِئْتِلَافٌ أَمِيرِكِيٌّ _ غَرْبِيَّ بِمُبَارَكَةِ وَإِسْنَادِ دُوَلٍ وَحُكُومَاتِ
وَمَحْمِيَّاتِ تَابِعَةٍ لَهَا ) عام 2003 ، وَانْتِهَاءُ بِالِاحْتِلَالِ اَلْإِيرَانِيِّ
اَلْفَارِسِيِّ . . .
وَان هَذِهِ اَلْعِصَابَاتُ
( اَلْحُكُومَةُ ) ، مُتَعَدِّدَةً اَلْوَلَاءَاتِ ، بَيْنَ تَابِعٍ لِإِيرَان اَلشَّرَّ
وَبَيْنَ مُمَثِّلٍ لِمَصَالِحَ أَمِيرِكَا وَالْغَرْبِ بِكُلِّ مُسَمَّيَاتِهِ، وَطَائِفَةٍ
ثَالِثَةٌ تَمْتَهِنُ اَلْأَجْرَامُ وَتُطَبِّقُ قَانُونَ اَلْغَابِ ، وَهِيَ جَمِيعِهَا
تُضَحِّي بِالْعِرَاقِ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَمَقْدِرَاتِهِمْ وَثَرَوَاتِهِمْ وَحَيَاتَهُمْ
وَكَرَامَتَهُمْ وَسِيَادَةَ بَلَدِهِمْ ، خِدْمَةٌ لِأَسْيَادِهَا وَتَحْقِيقٍ لِمَآرِبِهَا
اَلنَّفْعِيَّةِ وَالْمَصْلَحِيَّةِ، مِنْ أَجْلِ اِمْتِلَاكِ اَلْقُوَّةِ وَالسُّلْطَةِ
وَالرَّفَاهِيَةِ وَجِنِّيِّ اَلْمَالِ بِكُلِّ اَلطُّرُقِ اَللَّاشَرْعِيَّةِ .
وَهَذِهِ اَلْعِصَابَاتُ تَتَّخِذُ أَوْجَهَا مُخْتَلِفَةً بَيْنَ وَقْتٍ
وَآخَرَ ، ظَاهِرُهَا أَحْزَابُ وَجَوْهَرُهَا مِيلِيشْيَاتٍ إِجْرَامِيَّةٍ، وَلَدَيْهَا
كُتَلٌ بَرْلَمَانِيَّةٌ فِي مَا يُسَمَّى بِالْبَرْلَمَانِ ، وَتَفَرَّعَتْ عَنْهَا
أَمِيبْيَا ، أَحْزَابٌ وَشَخْصِيَّاتٌ تُسَمَّى زُورًا وَبُهْتَانًا وَاسْتِغْفَالاً
بَالِيًا ( مُسْتَقِلَّةً ) ، وَلَا فَرْق فِي طَرَائِقَ وَأَسَالِيبِ فَسَادِهَا وَإِجْرَامِهَا
سَوَاء فِي لِبَاسِ اَلْعِمَامَةِ أَوْ اَلْأَفَنْدِيَّةِ وَرَبْطَةِ اَلْعُنُقِ، فَهَذِهِ
مُجَرَّدَ عِدَّةٌ لِلْعَمَلِ وَالنَّصب والاحتيال .
وَكَّلَ هَذِهِ اَلْفِئَاتِ اَلضَّالَّةِ، اَلْمُضِلَّةِ تَطْرُقَ عَلَى
رَأْسِ اَلْعِرَاقِيِّينَ بِلَا رَحْمَةٍ وَلَا شَفَقَةً، فَاسْتَبَاحَتْ اَلْأَعْرَاضُ
وَالْأَمْوَالُ وَالْأَرْوَاحُ وَأَهْلَكَتْ اَلزَّرْعَ وَالضَّرْعَ .
أَمَّا اَلسِّنْدَانُ
وَتَعْرِيفُهُ : كُتْلَةُ حَدِيدِ صُلْبٍ مُرَكَّزَةٍ فَوْقَ قَاعِدَةٍ
يَطْرُقُ اَلْحَدَّادُ عَلَيْهَا اَلْحَدِيدُ ، هُوَ بَيْنَ اَلْمِطْرَقَةِ وَالسِّنْدَانِ
: وَاقِعُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ كِلَيْهِمَا شَرّ .
وَالْمَقْصُودَ هُنَا هِيَ اَلْأَحْزَابُ
وَالْجَمَاعَاتُ وَالْمُنَظَّمَاتُ وَالْجَبَهَاتُ وَالْمَجَالِسِ وَالْهَيْئَاتِ وَالشَّخْصِيَّاتِ
اَلَّتِي تَدَّعِي اَلْوَطَنِيَّةَ وَتُعَارِضُ ( اَلْمِطْرَقَةُ ) ، وَبَاتَتْ تُطْلِقُ
عَلَى نَفْسِهَا ب (اَلْمُعَارَضَةُ اَلْوَطَنِيَّةُ). وَإِذَا كَانَتْ بَعْضُهَا،
قَدْ حَمَّلَتْ اَلسِّلَاحَ وَعَارَضَتْ وَقَاوَمَتْ الغَازي اَلْمُحْتَلَّ، وَقَدَّمَتْ
اَلدِّمَاءُ اَلزَّكِيَّةُ وَالشُّهَدَاءُ وَالْمُعْتَقَلِينَ ضِدَّ اَلْغُزَاةِ اَلْأَمِيرِكانِ
، فَإِنَّهَا اَلْيَوْمَ قَدْ تَخَلَّتْ عَنْ اَلسِّلَاحِ بِحُجَّةِ خُرُوجِ اَلْأَمِيرِكانِ
كَجُيُوشٍ ، رَغْمَ أَنَّ أَمِيرِكَا كَانَتْ غَازِيَّةً، وَسَلَّمَتْ اَلْعِرَاقُ
إِلَى إِيرَان، لِيَكُونَ بِذَلِكَ اَلْعِرَاقِ مُحْتَلًّا اِحْتِلَالاً فِعْلِيًّا
مِنْ قِبَلِ إِيرَان ، فَمًا حَدًّا مِمَّا بَدَا ؟ ! .
وَالْيَوْمُ ، لَا دَوْر لِقُوَى اَلْمُعَارَضَةِ اَلْوَطَنِيَّةِ عَلَى
اَلْأَرْضِ، فَأَغْلَبهَا تَتَوَسَّد وَتَلْتَحِفُ بِذَاتِ دُوَلِ اَلْغَزْوِ ، وَجَلَّ
نَشَاطُهَا هُوَ اِمْتِلَاكُ مَوْقِعٍ عَلَى اَلْإِنْتَرْنِت ، أَوْ حِسَابٍ عَلَى
وَسَائِلِ اَلتَّوَاصُلِ اَلِاجْتِمَاعِيِّ ، أَوْ لِقَاءَاتٍ يَتِيمَةٍ وَخَجُولَةٍ
عَلَى اَلْفَضَائِيَّاتِ ، وَبَيَانَاتُ رَنَّانَةٌ ، طَنَّانَةً تَصُمُّ اَلْآذَانُ،
لَا تَقِي بَرْدًا وَلَا تُشْبِعُ جَائِعًا وَلَا تَحَرُّر أَوْ تُنْقِذُ وَطَنًا،
أَمَّا عَلَى اَلْأَرْضَ، فَلَا وُجُود مَلْمُوسٍ لَهَا .
إِنَّ جَمِيعَ قُوَى اَلْمُعَارَضَةِ اَلْعِرَاقِيَّةِ اَلْمَوْجُودَةِ
اَلْآنِ، أَصْبَحَتْ مُجَرَّدَ دَكَاكِينَ لَا دَوْرَ لَهَا سِوَى إِصْدَارِ اَلْبَيَانَاتِ
اَلْفَضْفَاضَةِ. وَهِيَ تَدْعُو اَلشَّعْبَ اَلْعِرَاقِيَّ لِرَفْضِ مَا يُسَمَّى
بِالْعَمَلِيَّةِ اَلسِّيَاسِيَّةِ اَلْحَالِيَّةِ، وَالثَّوْرَةِ عَلَيْهَا، دُونَ
أَنْ تَضَعَ بَرْنَامَجًا ثَوْرِيًّا مُحَدَّدًا، وَبِلَا قِيَادَةٍ وَاضِحَةٍ وَمُعْلَنَةٍ
، لَا بَلْ إِنَّ أَغْلَبَهُمْ لَيْسَتْ لَدَيْهِ اَلْجُرْأَةُ وَالشَّجَاعَةُ عَلَى
إِعْلَانِ اِسْمِهِ إِنَّمَا يُذْكَرُ ب ( أَبِي فُلَانٍ ) .
إِنَّ مِنْ يَتَصَدَّى لِلْقِيَادَةِ عَلَيْهِ رُكُوبُ اَلْخَطَرِ وَالْإِيمَانِ
اَلْمُطْلَقِ بِقَضِيَّتِهِ وَالِاسْتِعْدَادُ اَلْحَقِيقِيُّ لِلْمَوْتِ مِنْ أَجْلِهَا
، فَالشَّعْبُ اَلْعِرَاقِيُّ شَعْبٌ شُجَاعٌ وَفَطِنٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقْبَلَ
إِلَّا اَلشُّجْعَانُ ، وَهُوَ صَبُورٌ كَثِيرًا ، وَلَكِنْ نِهَايَةِ صَبْرِهِ لَا
يُمْكِنُ اَلتَّكَهُّنُ بِعَوَاقِبِهَا .
اَلسُّؤَالُ اَلْمُحَيِّرُ هُوَ لِمَاذَا لَا تَتَّفِقُونَ فِيمَا بَيْنَكُمْ
كَقُوًى وَطَنِيَّةٍ مُعَارَضَةٍ، وَلَوْ عَلَى اَلْحَدِّ اَلْأَدْنَى مِنْ اَلْمُشْتَرِكَاتِ،
وَأَهَمَّهَا اَلْإِيمَانُ بِصَوْنِ اَلْوَطَنِ وَخِدْمَةِ اَلشَّعْبِ، وَاسْتِرْجَاعِ
اَلْكَرَامَةِ اَلْمُسْتَلَبَةِ ، أَمَّا اَلْأُمُورُ اَلْخِلَافِيَّةُ فَيُمْكِنُكُمْ
تَرْحِيلُهَا إِلَى مَرْحَلَةِ تَعَقُّبِ تَحْرِيرِ اَلْوَطَنِ .
إِذَا كُنْتُمْ صَادِقِينَ بِوَطَنِيَّتِكُمْ ، يُمْكِنُكُمْ اَلِاتِّفَاقُ
فِيمَا بَيْنَكُمْ، وَتُوَحِّدُونَ اَلْجُهُودِ وَتَقُومُونَ بِتَشْكِيلِ قِيَادَةٍ
مُوَحَّدَةٍ مِنْ رُؤُوسِ أَحْزَابِكُمْ وَهَيْئَاتكُمْ وَجَمْعِيَّاتكُمْ وَجَبْهَاتكُمْ
، كَخَيْمَةٍ تَنْضَوِي تَحْتَهَا كُلُّ مُسَمَّيَاتِكُمْ ، وَبِذَلِكَ تُقَدِّمُونَ
هَذِهِ اَلْقِيَادَةِ لِلشَّعْبِ وَالْعَالَمِ عَلَى أَنَّهَا اَلْمُمَثِّلُ اَلْحَقِيقِيَّ
والشَّرْعِي لِلدِّفَاعِ عَنْ اَلْعِرَاقِ وَشَعْبِهِ . عِنْدَهَا سَتَكْسِبُونَ ثِقَةَ
اَلْجَمَاهِيرِ وَسَتَحُضُّونَ بِاحْتِرَام اَلْعَالَمِ لَكُمْ .
أَمَّا آنُ اَلْأَوَانِ أَنْ تَتَخَلَّوْا عَنْ اَلْفِرْقَةِ وَالْعُنْجُهِيَّةِ
وَالٍ ( أَنَا )، وَتَتَنَازَلُونَ عَنْ أَبْرَاجِكُمْ اَلْوَاهِيَةِ مِنْ أَجْلِ اَلْوَطَنِ
وَالشَّعْبِ . . .
اِعْلَمُوا
أَنَّكُمْ قَدْ أَكَلَ اَلتُّشْظي مِنْ جُرِّفَكُمْ كَثِيرًا، وَلَمْ تَبْقَ لَكُمْ
مِنْ حَظوَة تُذْكَر ، لَا بَلْ إِنَّكُمْ أَنْ بَقِيتُمْ هَكَذَا، فَسَتُكَوِّنُونَ
بِمَثَابَةِ اَلسِّنْدَانِ اَلَّذِي يُعِينُ اَلْمِطْرَقَةَ عَلَى سَحْقِ اَلْعِرَاقِ
وَشَعْبِهِ، وَبِهَذَا لَا تَجِدُونَ نَاعِيًا يَنْعَاكُمْ عِنْدَمَا تَحِينُ سَاعَةُ
اَلْحِسَابِ.