شبكة ذي قار
عـاجـل










هل حقق مؤتمر بغداد 1 مكاسب ملموسة للعراق...تدعو إلى التفاؤل من نتائج المؤتمر بنسخته الثانية

أ. د. مؤيد المحمودي

 

 

محاولة تسويق رؤساء الحكومات العراقية إلى المحيط الخارجي هي فكرة إيرانية بدأتها مع عادل عبد المهدي في محاولة منها لتعويض فشله السياسي في الداخل الذي أدى الى انطلاق انتفاضة تشرين الاحتجاجية. وكذلك كانت حكومة الملالي تسعى من خلال هذا المنفذ الانفتاحي لمد نفوذها الى دول عربية أخرى عن طريق تغلغل أذرعها الموجودة في العراق. واعتمادا على هذا التوجه الايراني سعى عادل عبد المهدي لإقامة تكتل  اقتصادي مع كل من الاردن ومصر أطلق عليه تحالف الشام الجديد الذي تمخض عنه العديد من الاتفاقات الاقتصادية لصالح تلك البلدان بما فيها مشروع الربط الكهربائي مع العراق. كما أبدت السعودية أيضا استعدادها للمشاركة في هذا المشروع للربط الكهربائي ، بالإضافة الى تنفيذ مشاريع زراعية وانتاج الألبان في العراق. ولكن ايران عمدت بعد ذلك الى عرقلة تنفيذ هذه المشاريع الاقتصادية مع تلك الدول العربية لأنها تتعارض مع مصالحها الاقتصادية في العراق. ولكي تبرهن أيضا أن تشجيع العراق على الانفتاح نحو الدول العربية كانت مجرد فكرة شكلية ومشروطة بتأمين المصالح الايرانية أولا.

وعندما استلم الكاظمي الحكم  كانت طموحاته أكبر في الانفتاح على الدول الخارجية فسعى الى عقد مؤتمر موسع في بغداد بشهر أب 2021 أطلق عليه “مؤتمر التعاون والشراكة” وشاركت فيه كل من السعودية ، الامارات، الكويت، قطر، مصر، الاردن، تركيا، ايران وفرنسا، إضافة إلى الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي. وكانت أحد أهدافه الرئيسية هو ايجاد نوع من التقارب بين السعودية وايران بعد القطيعة السياسية بينهما ، ولكنه ناقش أيضا قضايا تتعلق في اسناد العراق بمواضيع الأمن ومكافحة الارهاب والفساد والبنية التحية وملفات التعاون الاقليمي ذات البعد الاقتصادي  والتي تشمل على اعادة اعمار العراق وتعزيز مكانته في محيطه العربي . وبغض النظر عن الضجيج الاعلامي الذي صاحب مؤتمر بغداد فانه فشل في خلق تقارب ملموس بين السعودية و ايران بسبب مواقف ايران العدوانية المعروفة وعدم ثقة السعودية في نوايا هذا النظام الخبيثة في المنطقة. أما القرارات الأخرى مثل مساندة العراق في محاربة الفساد ومكافحة الارهاب فقد بقيت حبرا على ورق ، بل على العكس من ذلك فان حالة الفساد ازدادت أكثر من السابق.

. وبالرغم من النتائج السلبية لذلك المؤتمر،   فان السوداني أصر على المضي قدما في نفس خطى غريمه الكاظمي فأقدم على اقامة النسخة الثانية من مؤتمر بغداد ولكن لأسباب أمنية عقد في عمان عوضا عن بغداد. ولقد ضم مؤتمر عمان عضوين جديدين هما البحرين وعمان إلى جانب مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر وتركيا وإيران  وفرنسا والعراق. وكما هو الحال في المؤتمر الأول ، فان مؤتمر عمان لم ينجح في خلق أي تقارب بين السعودية وايران . أما الأهداف الأخرى التي تتعلق بمساعدة العراق على تخطي مشاكله الأمنية والاقتصادية فكانت مجرد خطب انشائية قدمت للاستهلاك الاعلامي ولا يتوقع لها أن تغير شيئا من واقع العراق المأساوي.

الأشياء الايجابية الوحيدة التي  أفضى اليها مؤتمر عمان تتلخص في التجاهل التام الذي قوبل به رئيس الوفد الايراني المتمثل في وزير خارجيتها في داخل أروقة ايران من قبل العديد من الوفود المشاركة .والنقطة الايجابية الأخرى تتعلق بكلمة الرئيس الفرنسي في المؤتمر والتي قالها على مسمع ومرئ من الوزير الايراني ودعا فيها إلى السماح للعراق باختيار طريق لا تمليه عليه قوى أجنبية. وقد كرر ماكرون هذه الدعوة بشكل صريح عند لقائه السوداني شخصيا ونصحه فيها بالابتعاد عن النفوذ الايراني. الا أن السوداني المدعوم من قبل الاطار الولائي حتما سوف يتجاهل مثل هذه النصيحة المهمة.

وعليه فان العراق قام بصرف أموالا طائلة على مؤتمرين فاشلين هما بغداد 1 و2 رغم وجود حالات من الفقر وألاف اللاجئين في الخيم الذين هم بأمس الحاجة اليها . لا لسبب وجيه بل لمجرد تسويق رؤساء الوزارات لأنفسهم في الخارج أو لتقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران.






الاحد ٢ جمادي الثانية ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / كانون الاول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ. د. مؤيد المحمودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة