شبكة ذي قار
عـاجـل










الفوضى المنظمة تزحف تدريجيا نحو قلب بغداد .. كيف ؟ (ح-3)

د. أبا الحكم

 

تحدثنا في الحلقة الثانية عن وضع المستشفيات المزري والعلاقة غير الطبيعية الكائنة بين الطبيب والصيدلي وبينه ومذاخر الادوية والمستلزمات الطبية، تلك الروابط التي تسود معظمها علاقات مريبة وشكوك مدعمة بشهادات العاملين فيها من الذين لم تمت ضمائرهم بعد، كما تحدثنا عن واقع التجار والتجارة والتسويق والتحويلات المصرفية ومبيعات البنك المركزي الكارثية، التي تبدد ثروات الشعب العراقي وتستنزف ثرواته الطبيعية، وبلغنا تاسعا في بحث الموضوع الجدير بالمتابعة، طالما يمس العراق والعراقيين ويمس مستقبلهم واجيالهم ويمس هويتهم الوطنية والقومية .

تاسعا- البلدية في مناطق بغداد وضواحيها:  ما الذي يحصل على ارض الواقع؟ وللإجابة، يشتمل البحث على ثلاثة مدخلات تشكل البنية التحية التي هي على تماس مباشر مع حياة المواطنين يومياً :

المساحات السكنية الكبيرة (600- 700) متر مربع، تقسم إلى واجهات منازل بعرض (5) امتار وعمق لا يتعدى (10) امتار في أماكن كثيرة و (6) امتار بواجهة لا تتعدى (12) مترا .. الأمر الذي صَيَرَ مساحات المنطقة السكنية الى كومة من دكاكين للسكن، تنعدم فيها ابسط المتطلبات الصحية .. وتترتب على هذا التقطيع الهمجي نتائج لا تفكر فيها البلدية المزعومة ولا المسؤولين عنها 1- ضغط الحاجة الى الماء 2- ضغط الحاجة الى الكهرباء 3- ضغط الحاجة الى الخدمات 4- ضغط الحاجة الى رعاية مجاري الأزقة السكنية هذه ومتابعتها وخاصة في فصل الشتاء حيث الامطار وانسدادات المجاري وطفحانها على بيوت المواطنين في العاصمة وفي محافظات الجنوب على وجه الخصوص .. فالمياه تقطع لفترات طويلة يومياً، والكهرباء يكاد ان يكون معدوما, والمواطنون يعتمدون على (جشع اصحاب المولدات) في مختلف مناطق بغداد. والخدمات لا تلبي الحاجة نتيجة لعدم المبالاة وانعدام الرقابة البلدية كليا.. والطامة الكبرى ان هذه البلديات تعطي اجازات الفرز غير النظامي والتقطيع خلافا للقانون الذي لا يجيز الفرز لأقل من (100) متر مربع للمساحة السكنية الواحدة .. فمن المسؤول عن هذه الفوضى؟ هل هي بلدية المنطقة؟ نعم ، هل هي أمانة العاصمة؟ نعم، هل هو وزير الصحة ووزير الماء ووزير الكهرباء ووزير الاسكان  ووزير العمل والشؤون الاجتماعية؟ نعم، جميعهم مسؤولون، كل ضمن اختصاصه مسؤول عن هذه الفوضى .. منطقة سكنية وادعة وخضراء ونظيفة في شوارعها ومساحاتها تحولت في غضون عشرين عاماً الى كارثة سكنية وبيئية حلت بها وبساكنيها في الكثير من مناطق بغداد العاصمة وضواحيها .. اما المساحات الخضراء والبساتين التي تحيط ببعض الاحياء السكنية وخاصة في منطقة (العطيفية) و (الكاظمية) فنخيل هذه البساتين قد تحولت إلى مجرد جذوع نخيل ميتة وهي واقفة .. من هو المسؤول الأول والمسؤول الأخير عن هذه الكارثة؟

عاشراً-  التجاوزات على اراضي الملكية العامة : حيث اخذت هذه الظاهرة تستشري كالسرطان في جسد الانسان.. التجاوز على الاراضي العامة للدولة يأخذ اشكالا متنوعة منها 1- بناء بيوت على طرفي سكك الحديد وعلى امتداد هذه السكك، وبعضهم يفتتح محالا (عطارية) الى جانب مسكنه العشوائي والى جواره يستقر راعي غنم يبيع أغنامه التي يجمعها في دائرة تتشكل من اطارات السيارات القديمة تلتف حولها للعلف 2- الفضاءات الامامية للمنازل، وهي كملكية عامة تعود الى الدولة تستغل في البناء وبعضها يتمدد ويبني سياجات وبوابات امامية ضخمة، 3- والبعض الآخر يصطنع امام بيوتهم بواجهة لا تتعدى (5) امتار (أكشاًك) من الحديد كمدخل يتجاوز فيه على رصيف الطريق ولا خيار للسابله إلا النزول والمشي في الشارع، حيث سيارات الطيش المتسارعة، وحوادث هذا الواقع المؤلم بالعشرات من الشباب ضحايا .. من المسؤول عن هذه الفوضى؟ هل هي بلدية المنطقة؟ نعم ، هل هو امين العاصمة؟ نعم، هل هو الوزير المعني؟ نعم، هل هو رئيس الوزراء؟ نعم، كلهم مسؤول عن هذه الفوضى الكارثية التي يعاني منها المواطن .. ملاحظة: تأتي عناصر من البلدية الى اصحاب التجاوزات لكي تتم تسوية الأمر بدفع الرشا والسكوت على التجاوز.. وحين تراجع البلدية حينئذِ يتم تمييع الموضوع بطريقة إحترافية قذرة (الموضوع لا يعنيك فهو من اختصاصنا، هكذا أكدَ محدثي).

أحد عشر- مولدات الديزل لتوليد الكهرباء في مناطق بغداد السكنية وضواحيها منتشرة هي وأسلاكها القبيحة المتدلية بكثافة على طول الازقة وشوارعها ومحلاتها واعمدتها الكهربائية الخالية من الطاقة كالعادة وحتى بعض اشجارها .. هذه المولدات تشتغل على الديزل ويديرها أناس لا يعرفون سوى ما يجنونه من مبالغ طائلة في نهاية كل شهر على حساب الموظف البسيط والمتقاعد وعموم المواطنين.. ويمكن تخيل كم يدفع المواطن وكهرباء (الوطنية) لا يتعدى ساعتين في اليوم، وفاتورتها في بعض الحالات تتجاوز الـ(250) الف دينار عراقي، أي اقل قليلا من ثلاثة دولارات، فيما يجني صاحب المولد (الديزل) مبالغ طائلة، وهو بعيد كل البعد عن الرقابة . وقال محدثي ان اصحاب المولدات يرتبطون بعلاقات متينة مع وزارة النفط ووزارة الكهرباء .. فأردفت قائلا، دعك من السياسة الآن، لم يحن الوقت بعد للحديث عن تلك الرابطة الحميمة القائمة بين اصحاب المولدات ومحطات تعبئة النفط وبين الادارات المعنية في الوزارتين لتصريف جني الاموال بطريقة الـ(تخادم).. فلا تستعجل الأمور.

إثنا عشر- العمالة الاجنبية والعاطلون العراقيون عن العمل : معضلة المشاكل الاجتماعية هي البطالة التي تستشري بين الشباب من خريجي الكليات والمعاهد واصحاب الشهادات العليا .. إن التعيين في الوظائف يتم عن طريق عدد من الوسائل 1- دفع مبالغ طائلة بالدولار لكي يتعين الخريج (جندي) او (شرطي) او (خدمي) في دائرة خدمية لا تتناسب وشهادته العلمية 2- يتعين اشخاص بقوائم احزاب السلطة، بغض النظر عن شهاداتهم، وقوائم التعيين رسمية وعلى الوزارة المعنية تنفيذ امر الحزب الذي يتولى مسؤولية الوزارة المعنية وعلى اساس توزيع الحصص، ولا احد يعترض او يتلكأ في تنفيذ الأمر 3- عن طريق التطوع للمليشيات .. وهذه الطريقة تستقطب الشباب، بعد ان تغلق الوزارات والاحزاب السياسية في السلطة ابواب التعيين بوجه الشباب وتفتح لهم (منفذا واحداً للتطوع بين صفوفها وتقوم بإرسالهم كوقود الى سوريا واليمن وتدمير سكان المدن بدعوى وجود داعش). 4- تعيين اعداد ليست قليلة من جنسيات اجنبية كمخبرين في بغداد ومحافظات الجنوب ومن بين الجنسيات الاجنبية (البنغلاديشية) و (الإيرانية) وبرواتب مجزية، فيما تصل معدلات البطالة بين صفوف الشباب من العراقيين إلى اكثر من 27% من السكان، في ظل ارتفاع الاسعار بصورة متصاعدة . من هو المسؤول عن هذه الفوضى؟ وزير العمل والشؤون الاجتماعية؟ نعم ، هل هو وزير الداخلية؟ نعم ، هل هو وزير النفط؟ نعم، هل هو وزير الكهرباء؟ نعم، هل هو وزير التخطيط؟ نعم، وهل هو رئيس الوزراء؟ نعم .. كلهم مسؤولون من الرأس حتى الوزير حتى صاحب الاستعلامات.. ولكن من يعيد الرؤوس إلى اعناقها ويحدد المسؤولية، ليس في رأس واحدة إنما في كل الرؤوس، من أعلى القمة إلى أسفل السفح الغارق بالقيح ... الآن، لا حاجة للحديث في السياسة ، فالنبيه تكفيه الإشارة.!!

تمت ...

  

     

 






الاحد ٢ جمادي الثانية ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / كانون الاول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة