شبكة ذي قار
عـاجـل










Message Bod

ماذا بعد الإفقار والتجويع وتدمير الاقتصاد اللبناني ! 
نبيل  الزعبي  

على ابواب العام الجديد ودخول اللبنانيين في نفقٍ مظلم اشد عتمةً مما واجههم في الاعوام الثلاث السابقة ، 
ماذا تبقى للُّبناني كي يعيش بكرامةٍ وشرف بعد ان انعدمت لديه كل سبل الحياة الكريمة وبات الحد الادنى وما دون الادنى للعيش الكريم بمثابة الحلم لديه ، ولا عجب انه حتى هذا الحلم الهزيل ، ما عاد بالامكان تحقيقه وللاسف ، سوى بشقّ النفس واذلالها ، وهل بعد كل ذلك ، الا الحطّ من الشخصية اللبنانية وجعلها ( الآتون) الأنموذج في كل ما يلزم اعداء الداخل والخارج من ادوات تفجير للبلد والعصف به نحو كل ما يهدد امنه واستقراره وسلمه الداخلي . 
هل هي مصادفةً ، ان يستعر الخطاب الطائفي ويتأجج الاحتقان السياسي الداخلي مع كل تدهور اقتصادي واتساع الفجوة الاجتماعية بين من يملكون رفاهية العيش في البلد ، ومن يبحثون عنه في قمامة هؤلاء ، بعد ان أُذِيبت   الفوارق بين اللبنانيين نتيجة غياب الطبقة الوسطى لتنحصر بين القادرين ، وهم قلّة،  ومن تبقى من اكثرية تمثل شرائح  الشعب اللبناني بمختلف قطاعاته ، وما عادت الطبقة الوسطى وبورجوازية البلد صمام الامان امام الانهيارات الاقتصادية والمحافظة على الاستقرار الداخلي والحدود الدنيا من الامن المعيشي المطلوب . 
ايُ دورٍ مُنتَظَر لل(اكثريات) الجائعة اللبنانية التي تجاوزت في جوعها الحرمان ولم يعد تمثيلها يكتفي بالضواحي واحزمة البؤس، وانما تحولّت الى بؤر غضب وحقد وتمّرُد على كل اراضي الجمهورية اللبنانية ويصعب حصرها في منطقة وبلدة ودسكرة وبناء وبيت ، 
وماذا عن هؤلاء الذين لم تسعفهم ظروفهم بالسفر او تلقي المساعدات المالية من ذويهم في الخارج او العمل في مؤسسات دولية تدفع اجورهم بالعملة الصعبة ، او حتى الذين تشملهم المساعدات الاجتماعية الاخرى ولو بالنذر القليل القليل ، 
اي جحيمٍ ينتظر هؤلاء غير "المحظوظين "، وأية جهات "مشبوهة" ستتلقفهم وقد توزعوا على شرائح متعددة في سبيل تدبير العيش هذه الايام :
-منهم من باع ويبيع ما فوقه وتحته من إرث وبيت واثاث ومقتنيات ليعيش ويحفظ كرامته باقل اشكال السِتْر واحترام الذات ، 
-ومنهم من  ينتظر "الحسنات "من القادرين عليها ، 
-ومنهم من يمدُّ يده للغير ، ولا يجد في ذلك حرجاً امام ضِيق العيش وقساوته ،
- وآخرون ، دفعتهم بؤر البطالة الى ارتكاب الموبقات والنشل والنصب والاحتيال على الناس ، 
-والبعض،  ممّن استقطبته  عصابات تسلب الناس بقوة السلاح وتقطع الطرقات وتفرض الخوّات وتخطف من اجل الابتزاز والفدية ، وتقتل بدمٍ بارد وتستولي على الاملاك العامة والخاصة فلا تراعي حرمةً ولا تخضع لقوانين ،لا تتورع عن التزوير والقوادة وشراء الذمم وبيع المواقف والتلُّون بالوان كل تشكُل طائفي ومذهبي ومناطقي وميليشياوي تحتمي به وتتلحّف باغطيته بهدف اخفاء اهدافها الدنيئة الاجرامية التي قد تتحول الى طور التجسس والخيانة ، واخطر ما فيها ما يُروّج له من دعوات مشبوهة الى تحقيق الامن الذاتي تحت شعار حماية الطائفة والمذهب بعد استثمار "النفير" المناطقي الذي يعمل له امراء الطوائف الجدد ، كلُّ في مناطقه وحدود معازله المرسومة في النفوس قبل النصوص ، وفي ذلك التربة الخصبة لتطويع "القطيع" وصولاً الى مرحلة الاستلاب اللاارادي .  
هل من العجب بعد كل ذلك ان تتلاقى مصالح "الممانعين" "والسياديين" واصحاب نظرية "الرئيس القوي" على نحر هذا البلد ، كلُّ على طريقته ، وان كل ما يصدر عن هذا الطرف وذاك من رفعٍ لسقف الخطاب السياسي المتبادل، لا يندرج الا من منطلق تحسين اوضاعه في  الانقضاض على ما امكن من مقدرّات البلد وتقاسمها  وتكريس التحاصص المشترك ولو ادى ذلك الى اللجوء الى المحرمات الوطنية وكل ما يهدد السلم الاهلي بذريعة حقوق الطوائف ، واستنهاضها ، دون التورُّع عن استحضار مفاهيم مثل ، الفيدرالية واللا مركزية المالية والتشبُّث "الخلّبي" بتفسير الدستور الذي لم يبقَ فيه ما يُفَسَّر بعد ان جنح كل طرف الى تفسيره بما يتناسب ومصالحه الحزبية والسياسية متجاهلين سنوات الحرب التي لم نزل نعيش تداعياتها واتفاق الطائف الذي لم يُطبّق سوى استنسابياً بتوافق من يدعون اليوم الى رئيس توافقي وهم المتوافقين اساساً وعن سابق تصوُّر وتصميم على قتل نسغ الحياة في هذا البلد ومنعه من الارتقاء الى الوطن الموحَّد والموحِّد للبنانيين في سبيل انعاش وانماء مزارعهم الطوائفية وكانتوناتهم ،كل مزرعة وكانتون فيها ، يعتبر نفسه هو الوطن النهائي له بلا منازع ، وقد تحولّت الدولة على ايديهم ، الى دويلات بعد ان صادروا الضرع والزرع وباتوا يتحكمون بالحجر والبشر ، ولا مناص بعد اليوم امام الغيارى على هذا البلد ، سوى دق ناقوس الخطر لما ينتظر اللبنانيين في الايام المقبلة من ازمات ومصائب على ايدي هؤلاء الذين لن يكتفوا بتجويع وإفقار اللبنانيين وانما لن يتورعوا عن احراق البلد واغراقه في المزيد من الازمات واستنفار الغرائز الطائفية بهدف زرع الاسافين بين اللبناني واللبناني وتلك هي الحلقة الاخيرة والاخطر في مسلسل  التهرب من مسؤولياتهم ، وبالتالي ليس امام اللبنانيين سوى التمسك بوطنيتهم ونسيجهم الواحد الذي اثبتت انتفاضة تشرين انهم شعب واحد وقدموا للعالم اجمع الصورة الزاهية عن حضارية انتفاضتهم التي تتعرض اليوم الى الطعن والتشكيك بهدف تيئيس الناس والكفر بها ، وذلك هو العنوان الوحيد الذي لا يتقدم عليه عنوانُ آخر في هذه الحقبة المصيرية ، وربما الاخطر في تاريخ لبنان لنقول :
 ايها اللبنانيون واللبنانيات : 
احذروا مما هو قادم من ايام !




الاربعاء ١٢ جمادي الثانية ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة