شبكة ذي قار
عـاجـل










في ذكرى عيد الجيش العراقي الأغرّ

 

الجَّيش العِرَاقيّ الوَطنِيّ البَاسِل

مَآثرُ تَاريخيَّةٌ في الشَّهامَة والبُطولَة والتَّضحِيَة

د. محمد رحيم آل ياسين

 

في الحديثِ عن الجَيش العِرَاقيّ الوَطني المِقدام نَكهةً خاصةً، ولوناً مُمَيَّزاً في اختيارِ الكلمات والجمل والأُسلوب، ويَتطلَّب تَقديماً مُطوَّلاً مَصحوباً بالإشادة والتَّثمين لدور هذا الجيش الوطني والقومي العظيم، غير أنَّنا ولضِيق المَجال هنا سنضغط الكلمات والأسطر ونعصرها عصرا، كيما نُطيل على القارئ العزيز.

إنَّ العراقَ والأمة العربيةِ كانت قوَّتُهما وتَمكُّنهما من خلال قوَّة وتَمكُّن الجَيش العراقي الباسل، وتُطلعنا الحقائق التاريخية قَديمها وحَديثها ووَقائع ومُعطَيات سِيرة هذا الجيش الأغرّ، أنَّه كانَ صادق الانتِماء والولاء للعراق وطناً وشعباً ولأمته العربية شعباً وأرضاً.

وقد كانَ الجَيش العِراقي على مدارِ تاريخهِ الطويل كامتداد تاريخ العراق الغائر في القِدَم وحتى الاحتلال الأمريكي الغاشم لأرض الرافدين الطاهرة، هو الحامِي لإرادة الشعب العِراقي والمُدافِع الشَّرس عن حدود الأمة في بوَّابتها الشرقية وعدوّها في الشرق مُمَثَّلاً بالعدو الإيراني الفارسي، وعدوّها في الغرب يُمثِّله العدو الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين والأراضي العربية المحتلة. وأثبتَ هذا الجَيش البَطل على مدار تاريخه بأنَّه جزءٌ لا يَتجَزَّأ من شعب العراق العظيم، وأمته العربية العريقة. وعلى مرِّ العصور حَظى جيش الأمة هذا بمكانةٍ عظيمةٍ، وتقديرٍ واحترامٍ وامتِنانٍ عراقيٍّ وعربيٍّ ودوليّ، لتاريخه العريق، وسمعته الطيِّبة المتألقة، ودوره الوطني المُشرِّف، والقومي المُشرِق على الساحة العربية.

 

الجَيش لغةً ً

وقبل أن نسلِّط الضوء على تاريخ الجيش العراقي الباسل ومآثره المُدوّنة بأسطرٍ من نورٍ في صفحاتِ التاريخ، والمَحفورة في ذاكرة العراقيِّين وأبناء الأمة جميعاً، نَمُرُّ سريعاً على تَعريف الجيش كما ورد في لسان العرب لابن منظور،ج6،ص333-334:

جَيَّشَ ويُجيِّش تَجيِّيشاً، فهو مُجَيِّش، وجيَّش الجُيوش: جمعها، وجَيَّش: جمع الجيوش...جَيش والجمع جُيوش..

اصطلاحاً

الجَيْش: الجُند: وهو جماعة من الناس في الحرب، وطائفة من الناس يسيرون إلى الحرب، نقول: جيَّش الجُيوش بمعنى جمعها وأعدَّها للمعركة.

 

الجيش العراقي عمره أكثر من ستة آلاف عام

عندما نغوصُ في أعماق التاريخ القديم، فإنَّنا نكتَشف أنَّ الجيشَ العِراقي كانَ قد تأسَّس منذ آلاف الأعوام قبل تأسيسه الحديث في السادس من كانون الثاني عام 1921م، أي بعد مرور سنة واحدة على تأسيس الدولة العراقية في العصر الحديث، فهل هذا هو بالفعل تاريخ تأسيس هذا الجيش، بما يعني أنَّ عمره قَرناً واحداً فقط!، والحقيقة فهذا اليوم هو التأسيس الحديث والثاني للجيش العراق، كيف؟...كان التأسيس الأول في عهد الدول والممالك العراقية القديمة السومرية والآشورية والبابلية، فالجيش العراقي من أقدَم الجيوش في العالم، بل هو أقدمها. وكان العصر الذهبي لهذا الجيش في تاريخه القديم في ظل مملكة بابل الكبرى، وفي تاريخه الحديث في ظل ثورة البعث المباركة في السابع عشر من تموز عام1968م. وكان من أقوى الجيوش في العالم أنذاك، وقد شارك بشكلٍ فاعلٍ في تحديد وجود العراقيين ومستقبلهم، وفي تحديد مصير الأمة كلّها في مراحل تاريخية متعدِّدة. من هنا فالجيش العراقي لم يَكُن جَيش الصُدفةِ أو جيشاً مَقطوعِ الجُذور، فقد كانَ العصر الذهبي لهذا الجَيش العظيم في عهد البابليِّين وخاصةً في زمن الملك البابلي العظيم نبوخذ نصَّر، حيث كانَ تعداده مئات الألوف من المقاتلين، وبفضلِ هذا الجيش العَرَمرَم تَوسَّعت مملكة بابل العظمى على مساحاتٍ واسعةٍ لتَضمّ دولاً وأقاليمَ شاسعةٍ. استطاع البابليون تَجيِّيش الجُيوش والتي كان تعدادها كما أشرنا يبلغ مئات الألوف من المقاتلين الأشِدَّاء، ويزداد هذا العدد بأكثر من ذلك بكثير عندما تكون هناك حملات حربية لفتح وضمّ بلاد وأقاليم مجاورة، وهذا العدد يشمل أيضاً الحاميات (الثكنات) العسكرية التي تنتشر في أرجاء المملكة أو الامبراطورية. وقد تميَّز الجيش البابلي (العراقي) القديم بالتنظيم والانضباط، ولم يكن هذا الجيش عبارة عن جماعاتٍ من الرجال (الفلاحين) المُتَعطِّشين لسَفك الدماء، أو المُقاتلين الذين لا هَمَّ لديهم سوى الغنائم. بل كان الجيش البابلي كنموذج لجيوش العراقيين القدامى، منظمة أو هيئة مُعَقَّدة تَضمُّ وحدات مُتَخصِّصة من عدة أنواع، وكان نواتها الجيش المرابط (جيش النُخبة من المقاتلين الأشدَّاء ذوي البأس الشديد)، وكان هذا الجيش مُكلَّفاً بعدةِ مهّامٍ وواجباتٍ على أُسُسٍ دائِمةٍ وليست عشوائيةٍ أو عبَثيَّة. وكان يَستلزم تزويد الحاميات الدائمة في أنحاء المملكة بالرِّجال والعِتاد وبشكلٍ دائم، ولم يكن يُجَنَّد فيها سوى الرجال المُحتَرِفون ليكونوا قادرين على تأمين هذه الواجبات بكلِّ قُدرة وكفاءة. حتى أنَّ بعض تلك الحاميات كانت تقع تحت اشراف ومسؤولية المَلِك نفسه مباشرةً، وليسَت مسؤوليتها تقع على عاتق الوُلاة المَحليِّين، وكانت هناك تقارير عن عمل هذه الحاميات تُرسَل الى المَلك من قبَل قُوّاد هذه الوحدات، وهذا يؤكِّد ما ذهبنا اليه بأنَّ الملك مسؤولاً عنها.

ونشير هنا إلى أنَّه لم يكن هناك تَميِّيزاً عنصرياً في بابل أو آشور، فلم يكن جيشا المَملكتين مقتصراً على السومريين أو الآشوريين أو البابليين، فقد أدخلوا الشعوب التابعة لهم في جيوشهم، واعتبروهم على قدَم المساواة مع الآشوريين والبابليين الأصليين، وهذا ما كان عليه الجيش العراقي منذ التأسيس الثاني وحتى الاحتلال الأمريكي الغاشم. ولتبيان الإرث التاريخي للجيش العراقي، وكيف كان أسلافه منذ آلاف الأعوام في غاية التقدم والحرفية العالية، تَعرضها لنا الاثار العظيمة من لوحات النقوش الطينية أو الرُقَم الطينية حيثُ نجد صوراً لمجموعاتٍ من رُماةِ السِّهام، ورُماة المَقاليع، والسَيَّافين، وفُرَق المشاة الخفيفة، وفُرَق المُشاة الثقيلة الذين يَتمَيَّزون بأحذيتهم الثقيلة، وملابسهم وأغطية رؤوسهم فضلاً عن أسلحتهم، وهناك دعم تَقَني خاص من قِبَل وحدات تَقنية مُتَخصِّصة، في وقتنا الحاضر تُدعى بكتائب الهندسة العسكرية. وكانت هُناك عرباتٌ حربيةٌ تُستَخدم في ميدان المعركة، وهي تُرافق الجيش المُتَحرِّك، وعرباتٌ أخرى لنقل المعدات اللازمة التي كانت تشمل الطعام والخيام وقِطَع خاصة من المُعدّات مثل آلات الحِصار والمَنجَنيقات. وكان فتح الطريق للجحافل المتقدمة من واجبات ومُهمَّات جنود الاستطلاع، والمُجَهَّزِين بالفؤوس البرونزية والنحاسية، وعندما يصادف الجيش المُتَقدم نهراً لايمكن الخوض فيه وعبوره، فإنَّ ذلك يقتضي انشاء أطواف (مفردها طوَّافة) أو جسوراً كان يضعها جنود الاستطلاع. أمَّا الجسور فكانت من القوارب المصفوفة عبر مجرى النهر، المغطاة بالألواح الخشبية لعبور العربات الحربية. وعندما يصل الجيش البابلي(العراقي) الى احدى المدن المُراد حصارها، يُستَعان بجنود الاستطلاع ثانيةً لوضع المنجَنيقات والسلالم وأعمال حفر الخنادق.

ومما يجب أن نذكره هنا أنَّ الجيش العراقي القديم كان يعمل فيه عدد من الموظفين المدنيين من الكتَبَة الذين يسجلون تفاصيل الحملة والغنائم والجنود القتلى والجرحى، اضافةً الى ملاكٍ من الموظفين الذين يُؤدّون مهمة دينية أو توجيه ديني ومعنوي، وقد لعبوا دوراً مهماً في التعبئة المعنوية والحفاظ على الأخلاق العامة وتعزيزها لدى المقاتلين.

وهكذا كان جيش العراق القديم بمستوى راقٍ من القدرة والحِرَفيَّة والتَّمَكُن، فأصبح من أقوى الجيوش في العالم آنذاك، حتى جاس ديار بني صهيون في أورشليم، وجاء بالآلاف منهم أسرى الى مدينة بابل العظيمة عاصمة المملكة

 الكبرى، وهو الجيش الذي تصدى للفرس منذ أيام الإخمينيين والساسانيين، ووقف كالسَدِّ المَنيع يُدافع عن حدود العراق والأمة الشرقية لمئات السنين.

 ونود الاشارة هنا أنَّه كان هناك في الجيش العراقي القديم قانون خاص بالتعبئة العامة أو الشاملة، والاستدعاء العام في حالة تعرّض البلاد الى عدوانٍ خارجي.

 

 الجيش العراقي لا يعرف الهزيمة أو الاستسلام     

يَمتَاز الجَيش العِراقي الباسل بأنَّه تَربَّى على قواعد وقوانين وقيَم في مقدمتها أنَّ حماية الوطن تُراباً وحدوداً وشعباً، والذَّود عن الأمة هو واجبٌ مقدس بالنسبة له في كل زمانٍ وظرفٍ وحال. وهو قد تَمَرَّن على أساليب وأفعال ومهمات خاصة بهذا الجيش خلال سنواتٍ طوال، وقد خَبِر هذا الجيش واحتَرفَ القتال بكلِّ ضَراوةٍ حتى الشهادة، فليس في قاموس الجيش العراقي شيء اسمه الهزيمة أو الاستسلام لعدوِّ العراق والأمة. فأبناء هذا الجيش البواسل قد نَذروا أنفسهم للدفاع عن العراق وأُمَّتهم العربية حتى الشهادة، فهُم على يقين أنْ لا حياةَ دون الوطن والأمة. لقد تَميَّز الجيش العراقي بكفاءته القتالية المشهودة، وحِرفيَّته ومِهَنيَّته العاليتَين، وكان له من المآثر والملاحم التاريخية والبطولات ما تُثلج صدور العراقيين وأبناء الأمة، ومنها يعرف القاصي والداني أنَّه جيشٌ قويٌّ مُقتَدرٌ، مُتَقدِّمٌ على جيوش المنطقة ويَحتلّ مَرتبةً عاليةً من حيث صلابته وقوَّته.

وعلى مرّ التاريخ شهد العراق العديد من الحروب والمعارك التي خاضها بين صَدٍّ لهجمات الغزاة والمعتدين، دفاعاً عن نفسه تارةً وفي أخرى لغرض الحفاظ على وحدة العراق الوطنية وتماسكه أرضاً وشعباً أو لطرد المعتدي، وتارةً في الدفاع عن الأمة العربية ضدّ العدوان الصهيوني في معارك العرب الكبرى. وبعد ذلك فقد اكتَسب الجيش العراقي البطل عبر تاريخه المُمتَدّ لعشرات السنين ضمن التأسيس الحديث لهذا الجيش في العام1921م، الكثير من القدرات والخبرات في القتال والصمود والتضحية والفداء، فهو يمتلك ميراثاً هائلاً زاخراً بالأمجاد والبطولات والتضحيات والانتصارات. من هنا تَمَيَّز الجَيش العِراقي بالصَبر والمُطاولة، وليس أدلّ على ذلك من صموده ومطاولته وصبره في معركة القادسية الثانية في 1980-1988م ردَّاً على العدوان الإيراني الفارسي، لأكثر من ثماني سنوات متواصلة في حربٍ شرسة دارت على جبهةٍ طولها أكثر من ألفٍ وخمسمائةٍ من الكيلومترات. وقد أثبتَت هذه الملحمة التاريخية كفاءة وقوَّة وتضحية أبناء الجيش العراقي العظيم، وعن تلاحم الشعب معه، كونه المُسانِد والمُدافِع والحَامي لحقوق هذا الشعب الأبيّ، والراعي لحياته ووجوده. 

 

الجيش العراقي الباسل في ظل ثورة 17 تموز المجيدة

شَهِدَت القوات المسلحة العراقية طفرةً نوعيةً، من خلال الاهتمام منقطع النظير وغير المسبوق من قبَل قيادة الثورة، حيث نجحت القيادة في تحقيق المستوى الراقي والمتقدم للجيش العراقي، وتحقيق قفزات هائلة في مجال التسليح الحديث والتدريب والتعبئة بما جعله في مصاف الجيوش الحديثة والكبيرة في العالم، من خلال تنويع مصادر التسليح وبناء قاعدة صناعية عسكرية تُنافِس فيها دول العالم المتقدم. وقد عملت الثورة على بناء المقاتل العراقي ضابطاً كان أم جندياً، من خلال ترسيخ منظومة القيَم الأخلاقية والسلوكية لدى أبناء الجيش العراقي، بما يجعلهم بمستوى راقٍ في سلوكهم وأخلاقهم داخل المعسكرات وخارجها، في السلم والحرب، وترصين الوعي الوطني والقومي لديهم، وتزويدهم بالمهارات الحديثة بكل أشكالها وصنوفها. وتوَّلت دائرة التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة، بإعداد الندوات والمحاضرات التي تختص بتعميق الوعي الوطني والقومي لدى أبناء القوات المسلحة. وهذا كلّه أمَدَّ أبناء الجيش العراقي بالثقة العالية بالنفس وبالقيادة والوطن، وأنَّ العراق والأمة هما أمانة في أعناقهم، كما راعت القيادة أن يكون كل أبناء الجيش العراقي من المُتَعلمين والمُتَسلحين بالعلم والمعرفة.

ومِمَّا يُشْهَد للجَيش العراقي الباسل أنَّه كان عابراً للطائفية أو المذهبية والإثنية، فهو جيش العراق بكل أعراقه وأديانه ومذاهبه، وهو جيش الأمة عابراً للحدود الجغرافية والأسلاك الشائكة بين أقطار الأمة التي وضعها الاستعمار الغربي لتجزئة أبناء الأمة وتفريقهم.

لم تَعتَنِ قيادة البعث في العراق بالصحة الجسدية واللياقة البدنية للمقاتل العراقي وحسب، بل اعتنَت بصحتهم النفسية والمعنوية ليكونوا أصّحاء في أبدانهم ونفوسهم. اضافة الى الاهتمام بطعام المقاتلين وتزويدهم بالأغذية الصحية المناسبة، وتزويدهم بالألبسة الخاصة بهم، وتوفير وسائل الثقافة والإعلام الوطنية والقومية ووسائل الترفيه في المعسكرات، ومن خلال فرق ادارة التوجيه المعنوي الجوَّالة. ونشير هنا الى أنَّه تمَّ الاحتفال بتأسيس الجيش العراقي بشكل استثنائي ولأول مرَّة في الذكرى الخمسين عام1969م، واستمرّ الاحتفال في كلّ عامٍ حتى العدوان الأمريكي البريطاني الشرير في سنة2003م واحتلال العراق، ثمَّ حلّ الجيش العراقي الباسل بُعيد الغزو مباشرة بقرار من المجرم برايمر. فقد كان العدو الأمريكي على درايةٍ بقدرات الجَيش العِراقي، وبأنَّه لن يَستَسلِم أو يَستكين حتى يَتَحرَّر العراق من براثن الاحتلال الغاشم، لذلك عمدَ برايمر هذا الى اصدار قراره المشؤوم بحلّ الجيش العراقي، وتالياً فتحَ الأبواب على مصراعيها للعصابات والميليشيات العميلة لتكون بديلاً عن جيش العراق والأمة وحتى يومنا هذا. غير أنَّهم فوجئوا بتشكيل خلايا المقاومة الوطنية الشريفة وجُلّها من أبناء القوات المسلحة ضباطاً ومراتباً، والأجهزة الأمنية والحزبية، حتى كان النصر المؤزَّر على المحتلين الأمريكان ومَن تحالف معهم.

 

تَداعيات حلّ الجيش العراقي

بعدَ حلَّ الجَيش العِراقي الوطني الباسل فقد آلت أمور العراق والأمة الى حالةٍ من الضعف والانهيار والتردي والتَشتّت. فعلى المستوى المحلي تمَّ تدمير الدولة الوطنية، وتحويل جيشها الى ميليشيات مسلحة وعصابات تَقتُل وتُدَّمِر وتَحرق وتَختَطِف أبناء العراق. ونتجَ عن ذلك احتلال أحفاد كسرى من بني فارس للعراق، والقيام بأكبر عمليات للتَغيِّير الديموغرافي في المدن العراقية، دون رادعٍ يَتصَدّى لهم، فجيش حكومة الاحتلال هو جيشٌ ميليشياويٌّ يَتمثَّل في عناصر من الأحزاب الولائية، والعصابات المجرمة. يُضافُ الى كلِّ ذلك الفساد الذي يَستَشري في كلِّ مَناحي الحياة، وما يَتعَرَّض له أبناؤنا الشباب من ثوَّار تشرين النشامى من قتلٍ واعتقالٍ وتعذيب تقوم به أجهزة الحكومة القمعية وبعض وحدات الجيش الحكومي الميليشياوي.

هذا في الجانب الوطني أو المحلي أمَّا على مستوى الأمة فقد انكشف الأمن القومي العربي أمام الصهاينة والفرس، وتَحوَّلت قضية العرب الكبرى وهي قضية فلسطين الى قضية فلسطينية صهيونية، فقد تمَّ تَحيِّيد الجيش العراقي الذي كان يُمَثِّل معادلة مهمة في الصراع العربي الصهيوني، ورقماً صعباً في المنطقة. عندها تَهافت البعض في النظام العربي لتطبيع علاقتهم بالعدو الصهيوني، وكأنَّهم كانوا ينتظرون حلَّ الجيش العراقي بفارغ الصبر ليقفوا بالرتلِ صفَّاً عند أبواب الكيان الصهيوني! وهكذا انفرد الصهاينة بشعبنا الفلسطيني الذي يقف اليوم وحيداً، يسانده الحارس الأمين والمدافع المَكين عن الأمة حزبنا المناضل حزب البعث العربي الاشتراكي، ومناضلو هذا الحزب العظيم وفي مقدمتهم قيادته القومية الرشيدة. وهكذا بعد حلّ جيش الأمة يَتَغوَّل الفرس في أرض العروبة في سورية ولبنان واليمن، والأنكى من ذلك قيام دولتَي الجوار إيران وتركيا بقطع المياه أو تقنينها بقصد الاضرار بالشعب العراقي في حياته وزروعه ومعيشته، وكذا فعلت أثيوبيا مع مصر والسودان. وممَّا تقدَّم يتبيَّن لنا أنَّ حلّ الجيش العراقي ليس المقصود به العراق وحده، بل الأمة كلّها، فهو السدّ الحصين الذي يقف بوجه المعتدين والطامعين من أرباب الشرّ في العالم.

ألفُ تحيةَ حبٍ وتقديرٍ واعتزاز بأبناء الجيش العراقي الباسل في عيدهم الأغرّ

والرحمة والخلود لشهداء هذا الجيش الباسل ولشهداء العراق والأمة والبعث الخالد.






الجمعة ١٤ جمادي الثانية ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. محمد رحيم آل ياسين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة