شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

كيف نصنع قرارات صائبة

الدكتور شاكر عبد القهار الكبيسي

أوسلو

10-1-2023م

 

 

تُعد صحة عملية اتخاذ القرار سواء كان شخصي أو عام أهم من القرار نفسه وعلى من يتخذ القرار أن يتأكد من صحة نتائجه المتوقعة  لكي يكون القرار سديداً ومُثمراً وقادراً على إدارة الشؤون العامة والخاصة ولما كانت الحكومات هي من تتحمل قيادة المجتمع فعليها تقع مسؤولية معالجة المشاكل التي يعاني منها والوصول إلى نتائج مرضية تُسر كافة أطيافه لأن أي قرار خاطئ سينعكس سلباً على المواطنين وحياتهم وخدماتهم وعيشهم الآمن كما أنّ شرعية النظام السياسي القائم تستند هي الأخرى على صحة القرارات وأثرها على حياة الأفراد فهذه القرارات إما تحقق الرضا والقبول والشرعية أو أنها تُثقل المواطن وحياته واستقراره وسخطه.

 

 تمر عملية صنع القرار في عدة مراحل هي:

أولاً. مرحلة تحديد المشكلة: تتطلب هذه المرحلة التشخيص الدقيق للمشكلة الناجمة عن رغبات للمواطنين غير المحققة من خلال تحليل واقعها وأسبابها وظروفها وأبعادها والآثار الحالية والمحتملة وهل المشكلة شخصية أم مجتمعية أم عامة بحيث لا يمكن حلها الا عن طريق مؤسسات الدولة المركزية وعند القرار على المشكلة يتم أدراجها في جدول أعمال السياسات العامة.

 

ثانياً. مرحلة جمع المعلومات: يجب في هذه المرحلة توفير مصادر للمعلومات وهل هذه المعلومات صادقة وموثوق بها وأنها ذات خبرة ومهنية ثم يجري تدقيق المعلومات الواردة من ذوي الاختصاص من المحللين والخبراء والسياسيين وأجراء التحليل اللازم للمشكلة القائمة والاستنارة بآراء الآخرين وخاصة الأطراف المعنية أو المُستهدَفة.

 

ثالثاً. البدائل: وتتضمن هذه المرحلة الخيارات الأخرى للحل ومنافع وكلفة وإمكانيات كل بديل وما جدوى اختياره سياسياً أو اجتماعيا أو اقتصاديا ووضعه موضع التنفيذ مع مقارنة النتائج المتوقعة بالأهداف المرجوّة بعد أخذ المشورة من الجهات ذات المصلحة الحقيقية بالمشكلة موضوع الدراسة لتحديد البدائل التي تلبّي حاجات المواطنين ورغباتهم بالاعتماد على الموارد المتاحة للأهداف.

 

رابعاً. الإقرار والتنفيذ : يتم في هذه المرحلة اختيار بديل من البدائل المُقترَحَة والتي غالباً ما تكون برامج أو مشاريع أو لوائح ومسودات قانونية حيث تخضع جميع البدائل للفحص والتحميص والمناقشة داخل مؤسسات الدولة وفق قوانين السياسات المُتعارف عليها وغالباً ما تُشارِك الأحزاب السياســـية وجماعات التأييد والمساندة من الجمهور والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المختلفة ليتفاعل الجميع في اختيار واحدا من البدائل يحقق القبول لجميع الأطراف بما في ذلك الجهات المستفيدة من السياسة العامة أو من القائمين برسم حدودها  وخلال عملية التنفيذ يجري ترتيب الأولويات وتنسيق الأعمال وتوزيع النشاطات والإجراءات وتقسيم الأعمال للوصول الى توظيف الإمكانيات البشرية والمادية حتى تتحقق الأهداف ويتم التكامل .

 

خامساً. المتابعة والرقابة  : وهما من أهم  مبادئ العمل فالمتابعة والإشراف والقيادة يجب أن تكون عملية منظمَّة للتحقق من أنَّ جميع الأعمال والخطط والبرامج والتوقيتات والنشاطات تسير حسب الأهداف المرسومة لها كما أن الرقابة  لا تقل أهمية عن المتابعة للتأكد من فاعلية الإدارة وتطابقها مع بيئة العمل والقوانين حتى نتمكن من الإشراف على سلوك الفاعلين جميعاً للوصول الى الدقة في النتائج والصواب في التوجهات للتأكد من أنَّ كل شيء يسير كما هو مرسوم له وهناك نوعين من الرقابة الرسمية وغير رسمية وتُمثِّلهما شخصيات برلمانية محايدة منها ما هو داخل ضمن الجهاز الإدراج أو الأجهزة المركزية وبالتالي فأنّ من حق الجميع توجيه النقد أن تعثِّرت خطى العمل أو الأخذ بنظر الاعتبار توجيه المسائلة لمن يقصّر في عمله أو يستخدم وظيفته للأضرار بالسياسات العامة أو يعرقل إنجازاتها .

 

سادساً. مرحلة المراجعة : يجري خلال هذه المرحلة قياس مخرجات السياسة العامة بدقة واستقلالية وشفافية ومصداقية كعمل وظيفي يتضمن صياغة القرار وتنفيذه وقياس فاعليته السياسية عند التنفيذ بالاستناد الى الأهداف المأمول إنجازها وبالتالي يتم مراجعة الأداء وكفاءته وفعاليته ومقدار ما حققه من فائض مالي وإنتاجي حيث تتعاون وتتجاذب جميع الفعاليات وتغذي بعضها البعض بالمعلومات في هذه المرحلة ولهذا يُطلق عليها في الغالب مراحل التغذية العكسية لإعادة النظر في الدوائر الموجهِة للقرارات والسياسات وإعادة النظر بصياغتها في حالة وجود البدائل أو الغائها بالاستناد الى أحد البدائل المتاحة.

 

سابعاً. مرحلة التقويم: وتعني إجراء تصحيح شامل للقرارات في خططها وبرامجها وتخصيصاتها وآثارها الاجتماعية على الخدمات العامة من صحة وعمل أو تعليم وخدمات أو وفقر ورفاه أما الآثار السياسية فتنحصر في المستهدَفين من السياسة وغير المستهدَفين أيضاً وأثر ذلك على الحاضر والمستقبل بعد حساب تكاليفها المباشرة وغير المباشرة. أن من أهم معوقات التقويم هو حالات الفساد وعدم الدقة في المعلومات ونقص الموارد وصعوبة الحفاظ على الأهداف كل ذلك يقود الى مشاكل ومخاطر كبيرة ربما تقود الى خلق سياسات فاشلة وقرارات خاطئة وضياع موارد وجهود وإخفاق واضح في تحقيق الأهداف التي صُنِعَت من أجلها القرارات.

 يُعتبر وجود المشاكل الاجتماعية دافعاً لقيام الحكومة بوضع برنامج عمل يستند الى الواقعية والصواب تشترك فيه أجهزة إدارية ومؤسسات رسمية وغير رسمية معقدة التركيب ومتنوعة الوحدات تتعاون مع جميع الفاعلين في المجتمع لمعالجة المشاكل القائمة بسياسات عامة صيغت قواعدها وأطرها بدقة ووضوح ووضعت موضع التنفيذ بإجراءات فنية تحدد أطرها الحوارات والمناقشات لكي يتم اعتماد صيغة القرار السياسي كلوائح قانونية وتشريعية للوصول الى الغايات والأهداف المحددة سلفاً. أن عملية صنع القرار السياسي هي عملية إنتاج قرار من بين عدة بدائل غرضها معالجة موقف معين أو قضية معينة كما يراها واضع القرار أما القرار فهو السبيل الوحيد الّذي يحتويه برنامج العمل للوصول الى تنفيذ الأهداف المرجوّة بنجاح بعيداً عن التخبّط والانكسار.

 

 






الثلاثاء ١٨ جمادي الثانية ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / كانون الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور شاكر عبد القهار الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة