شبكة ذي قار
عـاجـل










٨ شباط  ١٩٦٣  ثورة قومية تحررية وحدوية تاريخية

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس

 

لأنها ثورة حملت مشروع البعث وجسدت توق الأمة ومثلت إرادة التحرر والانعتاق ورفعت رايات الوحدة العربية، فإن ثورة الثامن من شباط عام ١٩٦٣ م التي خطط لها وقاد بزوغ فجرها حزب الأمة، حزب البعث العربي  الاشتراكي، هي ثورة الوحدة والحرية والاشتراكية، هي ثورة الشعب العربي برمته، لأنها أعلنت بوضوح وشجاعة عن قوميتها قبل أن تصرح بوطنيتها، وعن وحدويتها قبل أن تعلن عن كونها مشروع انقاذ وطني عراقي، بل إنها الثورة العربية التي زاوجت بجدارة وتمكن واقتدار بين الوطنية العراقية النقية الشجاعة وبين القومية العروبية الإنسانية الأصيلة.

خطط للثورة وقادها رجال آمنوا بربهم وبوطنهم وأمتهم من قادة البعث وأبنائه معتمدين على الله ثم على مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي في الوحدة والحرية والاشتراكية، وممثلين لرسالة الأمة الخالدة وعقيدتها القومية التحررية الإنسانية.

وضعوا برنامج الثورة من صلب نظرية البعث ومنهاجه في الاقتصاد وتحرير الثروات والزراعة والخدمات، وبما يفضي إلى خلق تجربة عراقية وطنية بأفق قومي كامل. تجربة تضع تغيير حال الإنسان وتطبق مسارات بنائه بناءً وطنياً قومياً ثورياً، وتنبع من صميم واقع العراق والأمة، وتنطلق من صلب حاجات الأمة لمغادرة برك التخلف والأمية والمرض والجهل والفقر ووهن الذات وقلة الحيلة وضعف التدبير.

ثورة الثامن من شباط ١٩٦٣ م ولدت لتحقق بناء عراق متقدم مزدهر، وتؤسس لأرض عربية قومية وحدوية محررة لأن الوحدة التي ينشدها البعث هي وحدة الشعب النابعة من عقيدة الوحدة والمستلهمة لضروراتها المستعدة للتضحية من أجلها كاستعدادها لحماية الدين والعرض وحق الحياة.

لم يجر التخطيط لثورة تقلب واقع العراق رأساً على عقب بمعزل عن بيئته ومحيطه وحاضنته القومية العربية، ولم يحلم الثوار بعراق مقتدر إلا ليكون اقتداره رافداً من روافد اقتدار الأمة في دفاعها عن حقوقها وفي رد الاستعمار والاحتلال والاغتصاب.

فثورة الثامن من شباط كانت ثورة لتحرير فلسطين والأحواز، مثلما كانت ثورة لتحرير النفط العربي من يد الاحتكار الامبريالي الجشع، وثورة لإطلاق طاقات الإنسان العربي وفك قيود النكسات الناتجة عن التجزئة والقطرية البغيضة والرجعية المتخلفة القابعة في حفر وكهوف الظلام والسلبية.

بهذه الآفاق والمعاني والقواعد الشاملة قومياً وإنسانياً فإن ثورة شباط ١٩٦٣م هي ثورة تاريخية تستلهم منها الشعوب الحرة الثائرة ليس في منطقتنا وحدها بل وعلى مستوى الإنسانية، وهي ثورة تاريخية، بمعنى إنها سجل يشرق بعطاء الشهادة والشجاعة والتخطيط وقدرات الإنجاز والتنفيذ. وهي ثورة تاريخية بما أنجزته على المستويين الوطني والقومي رغم أن عمرها لم يصل إلى عام واحد تخلله كفاح مرير في مواجهة خطط إنهاء الثورة وتحجيم إنجازاتها وعطائها الثر.

الرحمة وغرف النعيم لثوار رمضان ١٩٦٣ والمجد والعز لمن لا زال منهم ينبض قلبه بحب العراق والأمة.




الاربعاء ١٧ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / شبــاط / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة