شبكة ذي قار
عـاجـل










ثورة الثامن من شباط ١٩٦٣ المعاني والدلالات

د. طارق السامرائي

 

منذ تأسيس الحزب العظيم حزب البعث العربي الاشتراكي طرح خيار النضال الجماهيري كأداة ثورية واقعية علمية ترتبط مع طبيعة مفهوم الانقلاب على واقع الأمة الفاسد والذي تسربت في أوصاله التجزئة وعوامل التخلف والنفعية والمنافع الفئوية ولكن الحزب لم يغفل عن الأدوات القادرة على تنضيج العمل الثوري والممتزج بالنضال الفكري وقوة التنظيم التي تسهم في تعجيل انطلاق الثورة وتخليص الأمة من أمراضها التي تفتك بها وتنقلها نوعياً إلى بناء مجتمع يزدهر بالكرامة والمكانة الرفيعة بين شعوب العالم ،لذلك فقد كان خيار التغيير السياسي للأنظمة السياسية المتردية يشكل مفهوما نضالياً شعبياً.

إن حزب البعث العربي الاشتراكي لم يفكر اطلاقاً باللجوء إلى الانقلابات العسكرية بل اعتمد النضال الشعبي طريقاً لتحقيق ما ينشده من تحرر وانعتاق وهيمنة تشكل توجهها النضالي للوحدة والحرية والاشتراكية.

ففي العراق كانت ثورة شباط عام ١٩٦٣هي عروس الثورات وتاج نضال البعثيين حيث تداعى البعثيون الى مقارعة النظام الدكتاتورية في العراق لكي ينجزوا عملا حقق الانعطاف النوعي للمجتمع العراقي حيث ولدت ثورة شباط بعد مخاض عسير ومؤلم غير مجرى تاريخ العراق والامة حيث حصل الالتفاف الجماهيري حول قيادة الثورة باعتبارها كانت ضرورة تاريخية ومطلب جماهيري ملح.

لم تأت ثورة شباط لكي تستلم سلطة كفاية ووسيلة وانما خلقت الثورة تلبية لإرادة الشعب ولأجل بناء مجتمع صحيح كل من فيه مثقف وتسهم في بناء البرنامج الاقتصادي الديمقراطي الشعبي والذي ينسجم مع متطلبات المرحلة التاريخية، ورغم قصر عمرها فقد أدت واجباتها الوطنية والقومية في برنامج ناجح وواقعي محلياً وقومياً ودولياً وكانت لها تجارب قيمة رغم ما اعترتها العديد من المشاكل وقدمت العمل القومي على القطري وقدمت نموذجاً حياً في الترابط العضوي بين روح ثورة شباط الوطنية القومية وبين ثورة تموز 1968.

لقد واجهت ثورة شباط عددا من المعضلات القومية ومنها الربط الجدلي بين الثورة وبين حاجات الأمة الملحة ومنها احتلال فلسطين الحبيبة والعدوان الثلاثي على مصر والغدر بوحدة العراق ومصر وسوريا ومنها استهداف الحزب وصناعة بذور الانشقاق البغيض الذي قاده حافظ الخيانة في سوريا طريقا لإجهاض المشروع القومي العريض وإعادة التجزئة للامة ونهب خيراتها وتدمير مشاريعها الوحدوية .

ان ما تشير له الدلالات في استهداف العراق لأكثر من اربعين سنة له بعديه الاقليمي والدولي من عداء مزمن للبعث ومشاريعه الوطنية القومية وما تفعيل الدور الايراني وتنصيبه مراقبا وعدوا ومعوقا لكل تقدم عربي متعدد الأغراض والمرامي فهو وكيل التعاملات الصهيونية الامريكية الغربية على حاضر ومستقبل العراق والأمة وهو الأمين المخلص الوفي لاستمرار الارهاب وتمزيق الأمة العربية من قبل الاجنبي لذلك باشر كوسيلة لتمزيق اللحمة والنسيج الاجتماعي العراقي العربي وتصدير مفاهيم دخيلة وغريبة للإسلام والعرب وهو ذات السلاح الصهيونية والامبريالية .

لقد اثبت البعث في برامجه ان روح ثورة رمضان بقيت نابضة ومشعة في ثورة تموز وانجازاتها النادرة.

ويدفعنا الفخر والزهو ان نرى في تشرين عام ٢٠١٩ منبرا وطنيا نضاليا زلزل أرض وكيان النظام السياسي الاحتلالي المهيمن من وكيلته إيران ما هو الا نتاج وعي واصرار شعبي واسع وتعبير عميق عن ارادته في صياغة مشروعه بيد الشعب واعادة الكرامة والانسانية لأبنائه، وهو بحد ذاته صورة جلية لنضال فكري ايديولوجي وطني قومي للبعث والقوى الوطنية الأخرى.

إننا إذ نستذكر ونحتفي بذكرى هذه الثورة فإننا نجدد العهد للعراق وأمتنا المجيدة ورسالتها الخالدة بأن نبقي جنوداً أوفياء مشرعة طاقاتنا للجهاد والتضحية ونمهر بالدم عهداً لشهداء الأمة  وتشرين والشهيد الشجاع الرمز صدام حسين والشهيد الراحل عزة إبراهيم، وإنَّا على ذات الطريق وتلك العقيدة لا تلهينا تجارة ولا مال عن القضية.

عاشت الأمة العربية المجيدة

عاشت فلسطين حرة عربية

عاشت ثورة تشرين وشعلتها الوطنية

وإلى الأمام ولا تراجع.






الخميس ١٨ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / شبــاط / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. طارق السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة